أجهزة جوالة وسطى.. تتواصل مع الإنترنت

بين الهاتف الذكي و«نتبوك» صغير الحجم

جهاز «إن900» من «نوكيا» يعتبر أحد أجهزة «ميد» الوسيطة
TT

هل حكم على الأجهزة الالكترونية الجوالة الجديدة الموصولة بالإنترنت بالموت سلفا؟ وهل لم يتمكن الجهاز الوسطي (الذي يوصف عادة بأنه أكبر من الهاتف الذكي وأصغر من «نتبوك» دفتر الانترنت) الذي يطلق عليه أحيانا «أجهزة الانترنت الجوالة» Mobile Internet Devices (MID) أو «ميد»، الموصول إلى الشبكة من اللحاق بعد بالركب؟

الجواب على هذه الأسئلة معقد بعض الشيء ويعتمد على من من الخبراء يجري التحدث معه وكيفية تفسيره لهذه الفئة من الأجهزة. فاستنادا إلى البعض فإن «ميد» لم يمت بعد، وانه في الواقع عاود الانتعاش.

شركة «غارتنر» مثلا تعتبر «آي فون» و«آي بود» مثلين يجسدان أجهزة «ميد» رغم أن الأول يدعى هاتفا ذكيا. فإذا أخذنا في الاعتبار أن هذين الجهازين من «أبل» ناجحان جدا، بيع منهما أكثر من 50 مليون وحدة على نطاق العالم كله في أقل من ثلاث سنوات، يمكن عندئذ اعتبار فئة أجهزة «ميد» في وضع صحي جيد. وتأخذ «غارتنر» في الاعتبار أيضا أجهزة القراءة الالكترونية الموصولة إلى الانترنت.

متاعب التصميم

* لكن أجهزة «ميد» الأخرى ظلت تسعى إلى احتلال موقع لائق لها في سوق الأجهزة الجوالة، وبعضها كأجهزة «أو كيو أو» فشلت قبل أن يتسنى لها أن تنمو وتترعرع. وهكذا مع مثل هذا الماضي الحافل بالمتاعب، هل هناك مستقبل ما لهكذا فئة إنتاج ضعيفة؟ لقد كان مصطلح «ميد» متداولا منذ خمس سنوات على الأقل. ويرجع فضل شيوع ذلك إلى شركة «إنتل» التي استثمرت جدا في هذا المجال، وكشفت عن العديد من النماذج الأولية التي تعمل بمعالجها «أتوم»، في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في المعرض العالمي للالكترونيات الاستهلاكية.

وكان مدير «إنتل» كريغ بارنيت قد عرض أثناء كلمته في المعرض طراز 2+ من «أو كيو أو»، وهو جهاز «ميد» كان سيكون متوفرا في النصف الأول من العام الحالي بمبلغ 999 دولارا، ومجهزا بشاشة قياس خمس بوصات مع لوحة مفاتيح طبيعية عادية يمكن تزليقها إلى الخارج تتضمن 58 مفتاحا وتعمل على معالج «أتوم»، وذات قدرة تخزينية تبلغ 60 غيغابايت، وتعمل على نظام «ويندوز فيستا»، أو «إكس بي».

لكن هذا الأمر لم يتحقق، فقد أغلقت شركة «أو كيو أو» التي تأسست في سان فرانسيسكو عام 2000 أبوابها مطلع العام الحالي من دون أن تطلق طرازها 2+ المذكور، على الرغم من أن موقع الشركة الالكتروني لا يزال يروج له. وثمة تكهنات قليلة ترغب في التكهن عن أسباب فشل الشركة، لكن محلل «غارتنر» فإن بيكر ذكر أن أجهزتها جاءت بلوحات مفاتيح عادية، لكنها كانت صغيرة جدا لمستخدميها الراغبين في طباعة وثائق طويلة. كما جرى تسويق الجهاز على أنه يمكن وضعه في الجيب، لكن طرفه الطويل البالغ، 6.5 بوصة هو غير قابل لمثل هذا الوضع. ويقول بيكر إن الشاشة تقع في منطقة وصفها بالرمادية، مشيرا إلى أن الشاشات من قياس خمس بوصات وتسع بوصات لا يجري تسويقها جيدا في الأسواق. والأكثر من ذلك كان على طراز 2+ البالغ سعره 999 دولارا أن يأتي مع نظام تشغيل «ويندوز» كامل داخل رزمة، أو حزمة صغيرة، مما جعل المشترين المحتملين يدركون أنهم يفضلون جهاز لابتوب «ويندوز» كامل الحجم بالسعر ذاته، أو أقل، مع لوحة مفاتيح يبلغ حجمها 90 في المائة من الحجم الكامل، وليس 25 % منه. فمع دفاتر ملاحظات بسعر 399 دولارا لماذا يتوجب إنفاق المئات من الدولارات أكثر مما يجب للحصول على مثل هذا الجهاز الصغير كما يتساءل في حديث لمجلة «بي سي وورلد» الالكترونية، جاك غولد كبير المحللين في «غولد أسوشيتس» في نورثبورو في ولاية ماساتشوسيتس. أجهزة «وسطى»

* لكن ما هو جهاز «ميد» بالضبط؟ يتفق جميع الصانعين والمحللين على القول إنهم يمقتون تعبير أو اصطلاح «ميد»، لأنه يوجد العديد من الأجهزة المتنوعة ضمن الفئة الإنتاجية هذه ذاتها.

ومثال على ذلك أن من الواضح أن «ميد» تقع بين غالبية الهواتف الذكية ودفاتر «نتبوك» على صعيد الحجم. لكن بعض أجهزة «ميد» تدعم الصوت، في حين يدعم البعض الآخر البيانات والمعلومات. أما الشاشة العاملة باللمس فهي عادية قياسية، لكن بعض هذه الأجهزة لا تزال تعتمد فقط على الشاشة لإدخال المعلومات، في حين تملك الأجهزة الأخرى أيضا لوحة مفاتيح طبيعية يمكن طيها أو تزليقها إلى الخارج للكشف عنها. وهذه الأجهزة تختلف عن بعضها البعض أيضا في سعة التخزين.

ومما يزيد الطين بلة انه ظهرت اصطلاحات وتعابير متعددة لوصف الأجهزة المختلفة مثل «الكتب» أو «الدفاتر الذكية»، والأجهزة اللوحية الإنترنتية IT، والأجهزة اللوحية لوسائط الانترنت IMT، وجهاز «بي سي» الجيبي، و«بي سي» المحمول الخفيف الوزن جدا UMPC التي تستخدم أحيانا لوصف «ميد» وبالعكس.

تصاميم جديدة

* لكن شركة «إلكتروبيت» الفنلندية تبحث عن تصميم أولي لجهاز «ميد» يكون موصولا بالطاقة دائما، ويمكن وضعه في الجيب، وبذلك تجعل فكرة هذا الجهاز مختلفا عن أجهزة الهاتف الذكية بالحجم ذاته. ويصف مسؤولو هذه الشركة أن على أجهزة «ميد» أن تدعم الانترنت أولا، مع إضافة الصوت ربما، بينما تدعم الهواتف الذكية الصوت أولا والانترنت ثانية.

وكانت «سامسونغ» قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي عن جهاز «ميد» دعته «موندي» يعمل على شبكة «واي ماكس» من «كليرواير». وحتى «نوكيا» أكبر صانعة للهواتف الجوالة في العالم تصنع حاليا كومبيوترات جوالة التي تصفها «غارتنر» وغيرها بأنها أجهزة «ميد»، مثل «إن 97» و«إن 900» مع متصفحه الجديد «ميامو» الذي سيباع بمبلغ 649 دولارا في الولايات المتحدة. وسيعمل «إن 900» على معالج «أرم» وليس على «إنتيل أتوم».

ومن المثير أن «نوكيا» تقول إنها لا تبيع أجهزة «ميد» على الرغم من أن العديد من زبائنها يرون في «إن97» وجهاز «إن900» المقبل أجهزة من هذا النوع، إذ ذكر ناطق بلسانها أن شركته لا تصنع «ميد»، بل فقط كومبيوترات جوالة وهواتف ذكية. لكن أعضاء منتدى «نوكيا إن97» على الشبكة يصرون على أن الجهاز هذا هو «ميد» الذي يحظى بشعبية كبيرة. وتقول «نوكيا» إنها شحنت مليونين من «إن97». ومن الواضح جدا أن «إنتل» لا تزال تؤمن بأجهزة «ميد»، إذ ذكر ناطق باسمها أن إخفاق «أو كيو أو» قد يكون مرده إلى تركيز الشركة على المستخدمين من رجال الأعمال والشركات والطلاب، بينما يكمن النجاح الفعلي لهذه الأجهزة في القطاع الاستهلاكي كوسط رئيسي. وتشمل إستراتيجية «إنتل» بالنسبة لهذه الأجهزة إضافة موصلية الانترنت إليها بالنسبة إلى المستهلكين، مع بعض القدرة الكومبيوترية، كتشغيل الوسائط المتعددة أثناء الحركة والتجوال، فضلا عن ممارسة الألعاب، ودعم «جي بي إس» لأغراض الملاحة، مع العمل كقارئات الكترونية أيضا.

ويميل عدد من المنتجين، إضافة إلى «إنتل» إلى الجانب الاستهلاكي. فـ«سوني» من جهتها تخطط لإنتاج مجموعة واسعة من الأجهزة الالكترونية الاستهلاكية التي تعتقد «غارتنر» انه يمكن تصنيفها كأجهزة «ميد». فالجهاز اللوحي المشغل للوسائط والانترنت «أرغوس5» هو جهاز استهلاكي آخر الذي بات يدخل في بيئة «ميد». كذلك أعلنت «إيريكسون» عن جهازها الجوال الأخير C 360 7w ذي النطاق العريض الذي يمكن اعتباره من فئة الأجهزة الالكترونية الاستهلاكية الذي سيجري طرحه العام المقبل. وهو ثلث حجم وحدات «إريكسون» السابقة، ويستخدم اقل من ثلث طاقتها. وهو يدعم سرعات وصل لاسلكي تبلغ 5.7 ميغابت في الثانية، ويعمل مع «أرم» وشرائح «أتوم» من بين مميزات أخرى، كما يقول جون باكمان مدير التسويق الذي أوضح انه سيكون هناك سوق لأجهزة «ميد» خاصة بالأعمال والإنتاجية، لكن نقطة البداية ينبغي أن تكون في توفير وصلات لاسلكية أسرع بالنسبة إلى الأجهزة الاستهلاكية، مثل قارئات الكتب الإلكترونية.

شبكات جديدة

* إن مجيء شبكات الجوال السريعة مثل «إل تي إي» المقررة من قبل الشركات الأميركية لخدمة العديد من الأسواق في العام المقبل من شأنه أن يزيد من قيمة أجهزة «ميد» التي كانت تتواصل عادة في الماضي مع شبكات «واي ـ فاي». وتعتقد «غارتنر» أن حلم اتصال مجموعة من الأجهزة الاستهلاكية بالانترنت سيتحقق من قبل بعض المنتجين في القريب العاجل جدا. ف«سوني» من جهتها قد التزمت بأن تكون 90 في المائة من الكترونياتها الاستهلاكية تدعم الانترنت في نهاية العام المقبل. ومع بيع هواتف «آي فون» بدعم مادي من «إيه تي أند تي» في الولايات المتحدة، بات يمكن الحصول عليها ارخص بمئات الدولارات، من العديد من أجهزة «ميد» التي تعرض حاليا.