العمليات السحابية.. هل ما زال من المبكر جدا اعتمادها؟

تفاوت آراء الخبراء حول سلامتها

TT

خلال السنة الأخيرة افتتن عالم التقنيات بإمكانيات الانتقال إلى عالم السحاب. وهذه هي آخر الاتجاهات في دنيا الكومبيوترات التي تمكن المستهلكين من تناسي مسألة تخزين برمجياتهم ومعلوماتهم وحفظها في أقراص صلبة محلية، حيت تكون معرضة للتأثيرات الكهربائية، وانسكاب القهوة والمرطبات عليها، وتحويل القلق عليها إلى شركات مثل «أمازون»، و«غوغل»، و«مايكروسوفت» التي تقوم بالمحافظة بأمان عليها في شبكات من الخوادم البعيدة.

ومبدأ العمليات الكومبيوترية السحابية هو من الأغراء، حيث إن مدينة لوس أنجليس تفكر حاليا في إبطال نظامها الحالي من البريد الإلكتروني واستبدال عرض من «غوغل» به، لاعتماده على جانب أكثر من مليوني رجل أعمال يستخدمون سلفا نظام هذه الشركة.

بيد أن سلسة من الحوادث التي انطوت على عمليات كومبيوترية سحابية خلال الشهور الأخيرة قد تركت فجوات كثيرة في هذه الفقاعة الكبيرة، مما أدى إلى طرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية الاعتماد عليها، وما إذا كانت جاهزة بعد لاستخدامها من قبل مجموعة واسعة من العمال ورجال الأعمال. فقبل أسبوعين حدث خلل كومبيوتري قطع الكثير من مستخدمي جهاز «سايدكيك» الجوال عن كمية كبيرة من معلوماتهم وبياناتهم الشخصية، بما فيها أسماء وعناوين أشخاص، وتقاويم وسجلات يومية، والملاحظات التي كانت مخزنة كلها في خادمات «مايكروسوفت». فشركة «مايكروسوفت»، و«تي ـ موبايل» هما صانعتا هذا الجهاز والمزودتان لخدماته.

مشكلات الخزن «السحابي»

* وكانت «مايكروسوفت» قد أعلنت في وقت لاحق أن العطل كان محصورا في شبكة صغيرة تديرها شركة «داينجر» المتفرعة عنها التي تنتج «سايدكيك»، وأن الكثير من هذه المعلومات ستكون متوفرة مجددا في نهاية المطاف. لكن الشركة ذكرت أيضا أنه ليس قاعدة المعلومات الأساسية الخاصة بـ«داينجر» التي تعطلت فحسب، بل تعطلت نظم دعم هذه المعلومات أيضا، وأن إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قد تستغرق أسابيع.

وفي الشهر الماضي توقف زوج من عمليات «غوغل» المتعلقة بنظام بريدها الإلكتروني السحابي، دام توقف إحدى العمليتين نحو ساعتين تقريبا بعدما ارتكبت الشركة خطأ أثناء تحديث نظمها.

وفي أغسطس (آب) الماضي أطاح هجوم يعتقد أن مصدره أوروبا الشرقية بموقع «تويتر» لمدة ساعات، لكن خدمات التراسل لم تعد إلى طبيعتها وتستعيد صحتها تماما إلى بعد أيام.

ويقول جون بيسكاتور، المحلل في أمن الإنترنت في شركة «غارتنر» للأبحاث، «إن هذه الخدمات لا تزال في أطوارها الأولى» ملاحظا أن عروض «غوغل» مثل «جيمايل»، و«هوتمايل» من «مايكروسوفت» بدأت كمنتجات مجانية للمستهلكين. لكن كلا الشركتين شرعتا الآن تروجان لخدماتهما على الشبكة لتقديمها إلى الحكومات والجامعات والشركات الكبيرة.

ويضيف بيسكاتور معلقا «أنه مع شروع مثل هذه المنتجات في تسويق ذاتها للشركات والمؤسسات مقابل المال، فإنه سيجري حتما تعزيز أمنها وإمكانية الاعتماد عليها». لكن الوصول إلى المستوى الضروري من التعقيد قد يستغرق من هذه الشركات الكثير من السنوات.

ومع استمرار التراسل بالبريد الإلكتروني، ومعالجة الكلمات، وتخزين المعلومات، في الانتقال من كومبيوترات المستخدمين إلى الشبكة، يتوجب على الشركات تحصين خوادمها ضد الكثير من الأخطار والكوارث المحتملة، طبيعية كانت أم من صنع الإنسان، وذلك لضمان أن المعلومات وتطبيقاتها المختلفة يمكن الوصول إليها في جميع الأوقات.

كوابيس محتملة

* وتدرك الشركات مثل «غوغل»، و«مايكروسوفت»، اللتين تؤيدان العمليات الكومبيوترية السحابية، الأخطار المترتبة من جراء ذلك. وهي بسبب الأحكام والنظم المعمول بها، عليها أن تكشف عن ذلك قانونيا، وما يترتب على ذلك من مسؤوليات أمام المساهمين. وفعلا كشفت «غوغل» و«مايكروسوفت» عن الكثير من الكوابيس المحتملة. ووفقا للشروط والأحكام المفروضة على «غوغل» من قبل لجنة مقايضة وتبادل السندات، تقر الشركة هذه بأن «نظمنا معرضة للتلف، أو التوقف نتيجة الزلازل والكوارث الطبيعية، كالفيضانات، والحرائق، وانقطاع الاتصالات، والتيار الكهربائي، والفيروسات، التي تصيب أجهزة الكومبيوتر، أو من جراء العمليات الإرهابية، أو النشاطات التخريبية والسرقات». أما الشروط والأحكام المفروضة على «مايكروسوفت» فهي مشابهة أيضا، التي من شأنها أن تعطل الأعمال التجارية أيضا، أو تصيبها بكارثة كبيرة. وعلى الرغم من أن احتمالات ذلك ضعيفة جدا، إلا أن سلسة الأحداث الأخيرة التي حصلت قد أظهرت أن العاملين في السحاب معرضون لذلك.

وفي ما يتعلق بمسألة مدينة لوس أنجليس، فإن الخوف من حصول ذلك، وبالتالي حماية المعلومات والبيانات الحكومية قد حفزت «غوغل» على الإعلان عن تطوير «سحابة حكومية»، بحيث يجري تخزين المعلومات الحكومية بشكل منفصل عن تخزينات مستخدمي «غوغل» الآخرين، مع فرض شروط أمنية أكثر شدة وصرامة. وغالبا ما يشير مناصروا العمليات السحابية إلى العمليات المصرفية وبطاقات الائتمان، التي يجري تخزين الكثير من المعلومات المالية على الشبكة. وأثبت هذا القطاع أنه عمل بسلاسة كبيرة نسبيا خلال السنوات الأخيرة، بحيث كان الخوف والقلق أقل حدة بكثير. وعلى ذلك تعلق راندي ليفن كبيرة التقنيين في لوس أنجليس التي طالبت بشدة اعتماد نظام البريد الإلكتروني السحابي في «غوغل» بالقول: «إن المشكلة قد حلت بأساليب أخرى في ما يخص الصناعات الأخرى. فعندما تكون هناك شركات مثل (غوغل) و(مايكروسوفت)، اللتين تملكان الموارد اللازمة لمعالجة مثل هذه المشكلات، فإنهما ستأتيان حتما بالحلول اللازمة». وأضافت: «إن الحلول ستكون ناجحة بنسبة مائة في المائة، وقد يأتي اليوم الذي قد تبرز فيه مسألة ما، ولكن أين هي الأمور التي لا توجد فيها مشكلات»؟

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»