الواقع المعزز.. يعرّفك بالعالم حولك

يكشف لك كل جوانب الحياة المحيطة بك أينما كنت

TT

الكاميرات في بعض الهواتف الجديدة لا تظهر العالم كما نعرفه. فبدلا من مشاهدة المناظر العادية والأشخاص والأماكن على شاشات هذه الهواتف، فقد نرى دوائر ومربعات وأيقونات تعوم على سطح الشاشة. انقر على واحدة منها لعرض معلومات من الإنترنت في ما يوجد وراء هذه العلامة. وفيما أنت تدور بناظريك تتغير المشاهد أيضا على شاشة الهاتف وفقا لذلك، عارضة لك معلومات موجزة عما تعرفه الشبكة الإلكترونية عن هذا المحيط.

هذا المبدأ يُدعى «الواقع المعزز» (augmented reality). وقد بدأ يبشر وبهدوء، بواحد من أكبر الآمال المعلقة على الإنترنت، وتأمينها للمشاهدين. ولكن هل تتذكرون كل الفورة والهياج اللذين رافقا الواقع المعزز الذي من أجله ابتكرنا مناظير وأجهزة للرأس بغية الدخول في عالم شبيه بعالم «ستار تريك»؟ يبدو أن الواقع المعزز قد حول ذلك من الخيال العلمي إلى شيء يمكن اختباره عن طريق الإمساك بالهاتف الذكي أمامك على مستوى العينين، دون مناظير أو خوذ أو ما شابه. تصاميم مطورة

* ولكي يحصل ذلك يتوجب على الهواتف الجوالة اكتساب بعض القدرات اللازمة، مثل التواصل السريع مع الإنترنت، وشاشة عالية التحديد والوضوح، ونظام عالمي شامل لتحديد المواقع (جي بي إس)، وبوصلة. وبكلمات أخرى يتوجب على الهاتف أولا البحث عن الأشياء في الإنترنت، وبالتالي التمكن من عرضها عليك، ومن ثم تحديد موقعه هو على الخريطة، وأخيرا يتوجب عليه أن يتأقلم مع الفضاء ثلاثي الأبعاد. ونتيجة لكل ذلك فإن برامج «الواقع المعزز» لم تبدأ بالظهور كأجهزة استهلاكية، إلا في العام الماضي، ومع ذلك فإن الكثير من الهواتف الذكية لم تتمكن من تشغيل ذلك، كجهاز «آي فون» الأصلي، و«آي فون 3 جي»، و«بري» من «بالم»، و«بيكسي»، لأن ما كان ينقصها هو البوصلة. وكان أول البرامج التي جربتها تطبيقا مجانيا من «غوغل أندرويد» يُدعى «ويكيتيود» Wikitude. وهذا البرنامج منذ إطلاقه لخدمة «آي فون» أيضا، يتيح تصفح دائرة المعارف «ويكيبيديا»، والدليل السياحي و«يكيترافل» Wikitravel من بين العديد من مصادر الشبكة الأخرى. وكنت قد أمسكت بهاتف «جي1» بخدمة من «تي ـ موبايل» وأنا واقف أمام منزلي لأوجهه ببطء نحو الأماكن المجاورة، فلاحظت «ويكيتيود» لا تشير إلى المخازن القريبة والمطاعم فحسب، بل إلى قلاع الحرب الأهلية والمعالم التاريخية الأخرى أيضا، ليبدو أمامها دليل الهاتف القديم المطبوع، شيئا من الماضي السحيق.

ولكن منذ ذلك الحين يبدو أنه جاء من يرافق «ويكيتيود»، ألا وهما برنامجان شعبيان من «آي فون» هما «يلب» Yelp و«يوربان سبوون» UrbanSpoon اللذان أضافا واجهات تفاعل إضافية للواقع المعزز بالنسبة إلى مستخدمي «آي فون 3 جي» خلال الصيف الحالي. ويقوم «مونوكول» من «يلب» بتوجيهك إلى المخازن والمطاعم القريبة عن طريق المربعات التي تظهر اسم كل منها، ونوعها، والمسافة إليها، مع تقدير جودتها من نجمة إلى خمس نجوم. أما «سكوب» من «يوربان سبون» فيعرض دوائر تشير إلى شعبية هذه المطاعم بحيث يمكن النقر على واحدة منها لمشاهدة التفاصيل مثل اسم المكان، والمسافة للوصول إليه، وأسعاره. فقط تطبيق «سكاي ماب» في هاتف «أندرويد» من «غوغل» يستغني عما تشاهده الكاميرا ليعرض الكواكب والنجوم والمجرات التي تبدو في اتجاه معين بغض النظر عن الحواجز والعوائق التي تسد الطريق إلى ما يشاهده الهاتف. سدد الكاميرا نحو الأرض لتظل مع ذلك ترى أين يقع «المصلب الجنوبي».

مصادر معلوماتية

* لكن واجهة التفاعل الأكثر شمولا وإنتاجية للواقع المعزز تأتي من برنامج يدعى «لييار» Layar يتيح لك فرض المعلومات المستمدة من 232 مصدرا مختلفا. وتشمل هذه المستويات، أو الطبقات المتعددة من المعلومات، معلومات عن المطاعم العادية، والمقاهي، ودور السينما، فضلا عن الكثير من الأمور الأخرى المهمة. ومثال على ذلك يمكن البحث عن الصور المنشورة في موقع «فليكر» التي التُقطت في الأماكن حولك، والعثور على المواقع القريبة التي توفر لقاحات ضد الإنفلونزا، أو رؤية تحديثات «تويتر» التي أُرفقت ببطاقات تبين المواقع الجغرافية. وكانت المجموعة الحكومية الأميركية «صن لايت فونديشن» قد أطلقت في الشهر الماضي طبقة جديدة تبين العقود المبرمة بموجب «قانون إعادة النشاط والاستثمار الأميركي». ولا تساعد جميع هذه البرامج كثيرا، فعندما أطلقت تطبيق «يلب» على هاتف «آي فون» في وسط العاصمة فيينا أطلق الكثير من الروابط التي لم توصلني إلى أي مطعم، حتى الذي كان موجودا على مسافة أمتار. لكن احتمالات النجاح تبقى قوية، لا سيما إذا افترضنا الأمور الأخرى التي تقوى عليها الهواتف الذكية، مع إضافة المزيد من قدرة المعالجة.

ويشير بين شنيدرمان أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة ميريلاند الأميركية إلى بعض الإمكانيات الجديدة، منها مثلا التعرف على اللوحات الفنية في المتاحف، مع أسماء رساميها وتاريخ حياتهم، والتعرف أيضا على أسماء الأزهار والورود والأشجار والنباتات خلال رحلة وسط الطبيعة، وحتى التعرف على أسماء القاطنين في الجوار من الأشخاص.

يبقى القول إنه قد يبرز برنامج آخر للواقع المعزز يظهر قاعدة معلومات خاصة بأعمدة الإضاءة في الشوارع، وأماكن توقيف السيارات، وغيرها من الأماكن لتحذير المارة منها، إذا ما شردت أفكارهم وعقولهم مع هذه التقنيات المذهلة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»