تطويرات «آبل» غيرت عقلية المستخدمين ونظرتهم إلى المستقبل

لوحة المفاتيح العادية ستختفي وجميع الأجهزة ستعمل باللمس بتطبيقات من الشبكة

TT

شركات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية تواجه دوما تحديات تطوير تصاميم جديدة أولا، ومن ثم تعويد المستخدمين عليها، أو تحويلها إلى مواقع جذب شديدة لهم، على الرغم من أنه من الصعب إقناع المستهلكين بقبول التغيير.

* تطويرات باهرة

* وتعتبر «أبل» إحدى الشركات ذات الرؤية البعيدة، إذ إنها تقدم أفضل الأفكار لتنفيذ التطويرات التي لها صلة بالكومبيوتر والوسائط المتعددة. فهي تعلمنا كيفية اختراع وصنع المنتجات. كما أنها نجحت في تخطي المشكلة الكبيرة التي تتمثل في إقناعنا باستخدامها. وعلى الطرف الآخر، فقد نجحت «غوغل» في الإلحاح علينا وتحريضنا على قبول القليل من الخصوصية بهدف الحصول على أفضل النتائج.

ومنذ بزوغ عصر الكومبيوتر، برز عدد كبير من «الأفكار الجيدة» للقيام بهذه التطويرات، لكنها انمحت وزالت بسبب عدم مبالاة المستهلكين. فلوحات المفاتيح مثلا هي سوق خطرة بشكل خاص. فالكل يتفق على أن لوحات المفاتيح «كويرتي» العادية لا معنى لها، ولا بد أن هناك أسلوبا أفضل. وكانت قد نشأت مئات بل آلاف الشركات الصغيرة عبر العقود الماضية لحل هذه المعضلة. لكنها مع ذلك فشلت جميعها. لماذا؟ لأننا جميعا تعودنا على استخدامها بشكل جيد، ولن نتغير.

وإليكم بعض التطويرات التي نجحت فيها «أبل»، كما يتصورها خبراء «بي سي وورلد»، وهي التطويرات التي أخذت تحول الناس وتتغلب على اعتراضاتهم، فيما يتعلق بمستقبل الأجهزة والمعدات التي تعدها وتهيئها لنا.

* كتابة افتراضية

* لوحات مفاتيح افتراضية. يكره الناس فكرة التخلي عن لوحات المفاتيح المعتادة لصالح اللوحات الافتراضية الموجودة على الشاشة. لكن الخبراء يعتقدون أن «أبل» راغبة في نقلنا إلى لوحات المفاتيح الموجودة على الشاشة، ليس بالنسبة إلى الهواتف فحسب، بل بالنسبة إلى الأجهزة الجوالة أيضا والكومبيوترات المكتبية. فلو رغبت «أبل» اليوم في إدخال كومبيوتر مكتبي (بي سي) يعمل كليا على الشاشة، لكان الجمهور رفضها كلية. ولكن خلال سنوات قليلة، سنكون جميعنا واقفين في صفوف لشرائها. فكيف ستفعل «أبل» ذلك؟

كانت «أبل» قد قادت الموجة الأولى من الهواتف الجوالة التي تعمل كليا من الشاشة مع إطلاقها هاتف «آي فون» قبل سنتين ونصف. لكن الجميع تذمر من ازدحام لوحة المفاتيح الموجودة على الشاشة. وقد توقع أغلبنا في تلك الأيام الأولى أن يقوم أحدهم بطرح لوحة مفاتيح عادية تعمل لاسلكيا تشكل محطة طرفية لـ«آي فون». وما زلنا في انتظار ذلك. فأين هي؟! ويمكن حاليا شراء جميع ملحقات «آي فون» من جميع الأنواع والأوصاف، ابتداء من المواقد الحطبية التي تلائم هذا الجهاز، إلى الألعاب المختلفة وعدسات تكبير الصور. ولكن الذي لا تستطيع شراءه هو لوحة مفاتيح «بلوتوث» يمكن طيها، والتي تعتبر من الإضافات بالنسبة إلى الهواتف الأخرى.

وقد تكون سمعت بلوحة المفاتيح الكاملة الحجم «آي تايب» المخصصة لاستخدامات «آي فون» التي من المقرر نزولها للأسواق في وقت لاحق من السنة الحالية. ولكن الذي لم تسمع به هو أنه لا يمكن استخدامها مباشرة على تطبيقات هذا الهاتف. إذ يمكن فقط استخدام تطبيق «آي تايب» للقيام بعملياتك الطباعية، عندئذ يمكنك إجراء عملية نسخ النص ولصقه على تطبيق آخر، أو كبس الزر لإرسال البريد الإلكتروني. ولا يمكن استخدامها لطباعة عناوين المواقع على الإنترنت URLs)) أو تعبئة الطلبات على الشبكة، أو طباعة رسالة للبريد الإلكتروني، أو طباعة الوثائق والمستندات مباشرة على طلبات أولية خاصة ببعض الكومبيوترات، أو إضافة بنود إلى التقويم اليومي الخاص بك، أو حتى أي مهمة أخرى تنطوي ببساطة على استخدام لوحة المفاتيح العادية مع هاتف «آي فون».

ولا ينبغي هنا وضع اللوم على «أيون» الشركة الصانعة للوحات المفاتيح التي تحاول إرضاء الطلبات على لوحات المفاتيح العادية الخاصة بـ«آي فون»، بل ينبغي لوم «أبل»، الشركة التي حادت عن طريقها لمنع لوحات المفاتيح العادية أن تغزو الأسواق.

والاعتقاد السائد هو أن «أبل» تحاول سد الطريق على لوحات مفاتيح «آي فون» كجزء من مشروع تحويل عقلية المستخدم عن طريق إرغام البعض منا الراغب في استخدام «آي فون»، القبول بلوحة المفاتيح الموجودة على الشاشة. وإن جرى شحن أجهزة «أبل» اللوحية العاملة باللمس، فسيكون الجميع سعداء بالنسخة الجديدة الكبيرة للوحة المفاتيح العاملة على الشاشة.

ومع امتداد لوحة المفاتيح، ربما على كل قياس الشاشة شاشة اللمس، الأمر الذي سيثير السرور لدى المستهلكين.

* خدمات أغان وأفلام

* انتهاء عصر علب استقبال تلفزيون الكابلات ومسجل الفيديو الرقمي. آلاف الأشخاص الذين يملكون حاليا تلفزيونات كابلية، أو يستخدمون التلفزيونات التفاعلية، أو مسجلات الفيديو الرقمية، متعودون على كل هذه الأجهزة الموجودة عليها، أو المعلقة على الجدران. وهي علب كبيرة قبيحة المنظر تبدو مثل بضاعة المحلات الرخيصة، ولكننا لا نعرف شيئا أفضل.

لكننا في المستقبل سنستخدم هواتفنا الجوالة، وأجهزتنا اللوحية لتصفح وبحث وتسجيل وجدولة كل البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية، وغالبا لمشاهدتها على مثل هذه الأجهزة الجوالة، أو على الشاشات التلفزيونية العملاقة المسطحة. وحين لا نستخدمها في مشاهدة هذه العروض، سنستخدمها للتحكم وإدارة وتخزين هذه الوسائط والبرامج.

وكانت «أبل» قد قادت المسيرة نحو القضاء على أقراص «سي دي» الخاصة بالتسجيلات الصوتية، مرغمة إيانا على البحث عن الموسيقى في «آي تيونز»، بدلا من البحث عنها في محلات الموسيقى. كذلك ستقود أجهزتها اللوحية هجوما مماثلا في ما يتعلق باستئجار الأفلام من «بلوكباستر». إذ بدلا من ذلك سنقوم بتنزيل الأفلام من مواقع «نيتفليكس» و«آي تيونز» عبر أجهزتنا اللوحية. كذلك من المعتقد أن تدفع «أبل» بثورة الـ«هيليوزيشين» (Huluization) (حيث يجري البحث عن البرامج والأفلام التلفزيونية من قواعد معلومات على الشبكة) إلى الأمام، حيث تكون العروض أمرا يمكن الاشتراك فيه.

طلبات عبر الإنترنت تطبيقات حسب الطلب. بالتأكيد، لقد تعودنا على قبول فكرة شراء البرمجيات من الشبكة، وبالتالي تنزيلها. ولكن في «آي فون»، وبعد ذلك في الأجهزة اللوحية، ستتغير نظرتنا إلى البرمجيات أكثر فأكثر. فبدلا من التفكير بالتطبيق المبرمج كمنتج كبير، يستطيع القيام بكل الأمور، سننظر إلى البرمجيات كتطبيقات، أو معدات، أو أدوات، أو حتى كمميزات وخصائص صغيرة رخيصة يمكن توفرها في جميع الأوقات.

ونحن نختبر ذلك سلفا مع «آي فون»، فقد وصلنا إلى المرحلة، حيث بات تنزيل التطبيق أسهل من عملية العثور على تطبيق مركب سلفا على جهاز الهاتف. ومن شأن هاتف «آي فون»، والجهاز اللوحي أن تجعلنا «أبل» نتأقلم مع هذين الجهازين الجديدين، بل وحتى تفضيلهما على الكومبيوترات المكتبية.

وبعد خمس سنوات من الآن سيصبح جهازك الكومبيوتري (بي سي) يعمل كليا باللمس من دون لوحة مفاتيح كبيرة، وليحل محل علبة الكابلات الكبيرة ومسجل الفيديو الرقمي، فضلا عن تسهيل تنزيل وتركيب البرمجيات كمميزات وخصائص صغيرة تتوالى تباعا.