«وايف» خدمة «غوغل» التجريبية.. لا تزال قيد الاختبار

واجهة عرض هجين تجمع بين الكثير من التطبيقات معا

TT

يبدو أنه ما من شيء أكثر من خدمة «وايف» Wave التي قدمتها «غوغل»، ولّد مثل هذا القدر الكبير من الاهتمام.. والاضطراب أيضا. حتى إن محاولة وصفها للآخرين يرغمك على اختيار كلماتك بعناية، فهي ليست بريدا إلكترونيا، أو خدمة رسائل فورية، أو نظاما للدردشة على الشبكة، أو لوحة لتعليق الرسائل، أو نظاما تعاونيا للمستندات والوثائق، بل إنها نظام هجين من جميع مميزات ما ذكرنا.

وعبارة «في طور التجارب والاختبارات» هي العبارة الجامعة الأكثر وصفا لخدمة «وايف» في معناها السلبي والإيجابي معا. ويعتقد ميتش واغنر أن «وايف» هي واحدة من منتجات «غوغل» النموذجية المستقبلية التي هي عبارة عن واجهة عرض لمجموعة من التقنيات التي من شأنها بنهاية المطاف الانضواء تحت أشكال وأنماط أخرى.

وقد سلط تحليل نشرته مجلة «إنفورميشن ويك» الأضواء على «وايف»، الخدمة التي تحمل في طياتها عددا من الأمور الأخرى التي من المفترض أن نكون مطلعين عليها، كالبريد الإلكتروني، و«ويكي»، والمدونات، والرسائل الآنية، والتطبيقات التعاونية على الشبكة، وغيرها الكثير، وفي بعض الحالات تحل «وايف» تماما وبكفاءة مكان بعض هذه الخدمات.

* البريد الإلكتروني

* إذا وما وصفت «وايف» بوصف واحد فهي من دون شك «القاتل للبريد الإلكتروني» لأنها تنقله إلى عالم جديد، وهي من نواحٍ كثيرة، ومن النظرة الأولى أيضا، تشبه البريد الإلكتروني على صعيد وجود صندوق للبريد الوارد، وملفات، ورسائل تشبه الرسائل البريدية المرتبة حسب مجموعات الحوار التي تتشارك باهتماماتها بمواضيع معينة.

ومثل هذا التشابه المتناظر هو متعمد، لأن غالبية الناس تجد صعوبة في العمل مع أمر لا يشابه ما يعرفونه سابقا، وإذا كانت هناك بيئة واحدة مألوفة، حتى بالنسبة إلى غير الفنيين، فهي البريد الإلكتروني حتما، من هنا شبه الآخرون «وايف» ببرنامج «مايكروسوفت أوتلوك» للبريد الإلكتروني مثلا، خاصة أنها تعرض أكثر بكثير من البريد فقط، فهي تعرض إدارة عناوين المتصلين أيضا، إلى جانب التقويم اليومي، وتسجيل الملاحظات وغيرها.

ولكون «وايف» هي بروتوكول يعمل عن طريق الدعوات فقط، على الأقل في شكله الحالي، فهذا يجعله أكثر أمانا من البريد الإلكتروني. فالأحاديث المتبادلة ممكنة بين الرفاق الموثوق بهم فقط. لكن المفقود هو الشعور بأن «وايف» يمكن أن تكون تقليدية، ومثال على ذلك هو أنه لا يمكن أخذ البريد العادي ووضعه، أو دمجه في «وايف»، لأن الاثنين مختلفان، ولو قليلا في المرحلة الحالية، لأنه من غير المقصود أن تقوم «وايف» بحجب النظم الأخرى الأكثر قبولا من الجمهور.

ومن المجازات الأخرى الشائعة التي تحاول خدمة «وايف» محاكاتها هو مجالس، أو مجموعات الحوار، مثل مجموعة «يوزنيت»، لكن بمقدور الأشخاص المشاركة هنا فقط عن طريق الدعوات الصريحة، ولا يكفي أن يكون للشخص الآخر متصفح للشبكة لكي يفعل ذلك، بل يحتاج أيضا إلى أن يكون له حساب «وايف» مسجل باسمه.

ومن الأمور الأخرى التي تضيفها «وايف» إلى مجازية مجالس النقاش التي هي غير متوفرة حاليا، والتي تضيفها للكثير من الجوانب الأخرى الكثيرة الخاصة باستخداماتها أيضا، هو إمكانية إصدار الأمر بـ«إعادة العرض»، فعن طريق ذلك يمكن رؤية كيفية إضافة الرسائل، وتغييرها، أو شطبها، كما لو أنك تقوم بكبس أزرار «شغل»، و«انقل إلى الأمام»، و«العودة إلى الخلف» الموجودة عادة على مسجلات الفيديو الكاسيت منها، والرقمية. والواقع أنه أسلوب مثير لرؤية كيفية تطور مجموعات النقاش عبر الزمن، والمنحى الذي أخذته الأحاديث والنقاشات.

ومرة أخرى، ينبغي القول إن ما تقدمه «وايف» حاليا لا يشكل بديلا حتى الآن للخدمات الأخرى من هذا النوع، ولكن مما تمكنا من مشاهدته، فإن الهدف هو توفير وسائل أخرى متناظرة مشابهة لها لإتاحة المجال أمام الأشخاص لكي يتأقلموا مع أسلوب «وايف» في تنفيذ الأعمال.

* «ويكي»

* ومثال آخر على مثل هذا النوع من العمليات والمهمات المتناظرة، الأسلوب الذي يمكن استخدام «وايف» بموجبه كنوع من «ويكي»، ولكن ليس بمعنى أن «وايف» تقوم بدعم صيغة ونسق «ويكي»، بل بالمعنى العام كمكان لتخزن وإيداع المعلومات التي يمكن تحديثها بسرعة من قبل جميع المشاركين.

ولكن العيب الكبير في استخدام «وايف» كـ«ويكي» هو النقص الكبير في النسخ المتعددة التي نعهدها في ساحة «ويكي»، وكنا قد ذكرنا كيف تعمل مهمة «إعادة التشغيل» بالنسبة إلى الأحاديث، وهي هنا لها المهمة ذاتها، والقيود ذاتها، لدى التعامل مع الأحاديث والمناقشات التي تستخدم كمخزن للمعلومات العامة الشاملة، فهنا لا توجد مهمات مختلفة، كالتي قد يجدها المرء، حتى في عدد وأدوات «ويكي» الأولية البدائية، والأسلوب الوحيد لتجاوز ذلك حاليا هو إضافة وتركيب عدد وأدوات خارجية، لكن مثل هذا الأمر يلغي مبدأ استخدام «وايف» بالدرجة الأولى، حيث جميع العدد والأدوات ينبغي أن تكون أمامك.

لكن الشيء الوحيد الذي تضفيه صيغ «وايف» إلى إدارة المعلومات حسب أسلوب «ويكي»، هو الشعور المتوارث لتنظيم المحادثات والمناقشات حول مادة ما، فأي شخص يحاول المشاركة في صفحة «توك» (الكلام) بالنسبة إلى مقالة في «ويكيبيديا» سيفهم بسرعة الصعوبة في تتبع وملاحقة المناقشات، لكون صيغة هذه الأمور هي حل لم تفرضه برمجيات «ويكي» ذاتها، لذلك فإن المناقشات في «وايف» تأتي في صيغتها الطبيعية الأصلية أوتوماتيكيا بحيث يكون كل من الوثيقة والنقاش الدائر حولها متناسقين ومنسجمين.

وتتيح «وايف» إدخال الوسائط المتعددة مباشرة إلى أي حديث أو نقاش دائر، مما يتيح بدوره إدخال كمية كبيرة من المواد، وليس فقط النصوص الصريحة والنشطة HTML.

* التراسل الفوري

* الكثير من الأشخاص لهم خبرة واسعة مع التراسل الفوري، حتى قبل ظهور «غوغل توك» مثلا، ولكن بين ظهور الأخير، والخدمات الجديدة، كالدردشة على «فيس بوك»، فإن مبدأ التراسل الفوري عبر متصفح الشبكة بات من الأمور العادية، ولا تعتبر «وايف» بديلا لتطبيقات التراسل هذه، لكنها تعتبر أكثر، فهي وسيلة موازية لعملية النقاش في الزمن الحقيقي.

وتماما مثل التراسل الفوري يجري تدوين وتسجيل النقاشات حال حصولها، كما أن الشخص الآخر الذي يطبع، يمكنه أن يسجل المعلومات على شاشتك في الزمن الفعلي أيضا، ولكن في «وايف» فإنك غير مرغم على الإجابة فورا على ما أرسل إليك مؤخرا، وبالتالي يمكن لـ«وايف» فرض نوع من النظام، بدلا من الفوضى والتشعب في الحديث الدائر مع آخرين في الوقت ذاته.

* حقيقة «وايف»

* ولكن ما هي «وايف» في الحقيقة؟ عندما طرحت الخدمة للاستخدام لأول مرة ذكر أنها ستحل محل الكثير من الخدمات والتطبيقات الأخرى، وعلى رأسها البريد الإلكتروني، وهي تملك قدرا كبيرا من تطبيقات الأمن الموضوعة في داخلها خلافا للبريد الإلكتروني العادي، ومع تزايد عدد الأشخاص الذين استطاعوا العمل عليها، بات واضحا أن المقصود منها ليس بديلا للكثير من التطبيقات، ولا ملحقا أو مساعدا لها، بل من الممكن أن يكون أحد أمرين: الأول أمر متناظر أو متماثل أشبه بسيارة نموذجية مستقبلية كما ذكرنا آنفا. والثاني أكثر تعقيدا في أن يكون تجربة أو اختبارا موسعا للكثير من المجازيات الاستخدامية التفاعلية الشائعة كالبريد الإلكتروني، ومجموعات النقاش، والتراسل الآني، وغيرها، وبالتالي إعادة تنفيذها، أو تشغيلها بأساليب جديدة. وكان أحد الخبراء من المبرمجين قد وصف «وايف» بأنها «مشروع بحث في التفاعل بين الإنسان والكومبيوتر»، وهذا قول منطقي عن طريق إيجاد شيء يرغب الكثيرون في تجربته بحماس بالغ من دون معرفة أي جزء من هذا البروتوكول سيكون جديرا بالتطوير، أو الإهمال، خاصة أنه لا يزال هناك الكثير من النواقص التي ينبغي معالجتها، و«غوغل» بعد كل ذلك مشهورة، بطبيعتها منذ زمن بعيد، بتأسيس اسم لها كشركة تنتج تطبيقات تجريبية، تظل زمنا طويلا قيد الاختبارات والتمحيص.