تعامل مع الكومبيوتر.. وأنت واقف

لإراحة الجسم وتحسين طريقة العمل

مكتب من شركة «غيك ديسك»
TT

قد تحتاج إلى بعض الشجاعة لكي تعمل وأنت واقف على قدميك. وأنا لا أتحدث هنا جزافا، لأن من الصعب فعلا العثور على طريقة للعمل واقفا أمام مكتبك بدلا من الجلوس قبالته.

وأنا مدرك لهذا الكلام بعد ما قضيت أسابيع للعثور على الأسلوب الصحيح للعمل على جهاز الكومبيوتر خاصتي من دون كرسي. والبحث هنا ليس عملية وهمية لا أساس لها من الصحة، فقد أشارت الأبحاث الطبية إلى أن الأشخاص الذين يعملون واقفين هم أكثر صحة من الجالسين، مما أدى إلى ظهور نوع من الكتابات على الشبكة التي حرضت بعض المتحمسين لها، الذين باتوا يقسمون إن التخلص من الكرسي سيغير من نوعية الحياة كلها.

تحسين طريقة العمل

* ولكنني لم أكن أبحث فقط عن الصحة الجيدة، بل كنت آمل أيضا في تحسين طريقة عملي. فقبل سنوات كنت أقرأ أن الروائي فيليب روث كان يكتب على كومبيوتر موضوع على مقرأة، أي مسند للقراءة، التي توضع عادة أمام المحاضرين لوضع أوراقهم عليها. وقد استعنت بهذا الأسلوب كعلاج بين الحين والآخر لدى كتابة مدوناتي. فقد كنت أضع كومبيوتري على طاولة المطبخ وأعمل عليه كما لو أنني أقود فرقة موسيقية. وقد ساعدني ذلك، فقد امتص ذلك بعض طاقتي الزائدة عن الحد، وأتاح لي التركيز أكثر فأكثر على العمل أمامي.

وطاولة المكتب ليست متينة بما فيه الكفاية، ولا هي مصممة للعمل المكتبي، مما جعلني بعد فترة قصيرة أعاني من آلام في رقبتي بسبب النظر إلى الشاشة في الأسفل. لكن في السنوات الأخيرة قامت الكثير من شركات تجهيز المكاتب ببيع مكاتب مرتفعة بما فيه الكفاية لجعل شاشة الكومبيوتر بموازاة العينين في حالة الوقوف.

مكتب «جلوس وقوف»

* لكنني كنت بحاجة إلى مكتب أكثر مرونة عندما اكتشفت مكتبا يمكن تعديل ارتفاعه، وهو يدعى «مكتب جلوس/وقوف» ومجهز بمحرك كهربائي لتعديل درجة الارتفاع بكبسة زر، لكن لسوء الحظ فهو يعتبر من المفروشات الخاصة، وسعره مرتفع، إضافة إلى صعوبة العثور عليه، كما أنه ليس من السهل تجربته على الأشخاص. لكنني وضعت يدي على مكتب يمكن تعديل ارتفاعه، قبل فترة قصيرة، ولا أستطيع منع نفسي من الحنين إليه دائما.

والطراز هذا الذي جربته مصنوع من قبل «غيك ديسك» GeekDesk، وهي شركة للمفروشات قام بتأسيسها دونوفان ماك نت وهو مبرمج كومبيوتر.

وكان نت، 44 سنة، قد تعرض في مراهقته إلى حادث خلف له ظهرا معطوبا. كما أن آلاف الساعات من الجلوس أمام الكومبيوتر ضاعفت من المشكلة. وخلال كل هذه السنوات جرب نت الكثير من الأوضاع التي تلائم جسمه، والتي وصفها له الخبراء، لكن لم يتمكن أي منها حل مشكلته.

لكن الحل كما كان جسمه يردد له، حسب قوله، هو «تغيير الوضع باستمرار بين الحين والآخر». وقام بصنع نماذج أولية ووجد أنها تناسب فرضياته الأساسية. وعلى الرغم من أن الوقوف طوال اليوم كان يبدو الأفضل بالنسبة إلى ظهره من الجلوس، فإن الراحة التامة كانت في إمكانية تغيير وضع الجسم على مدى ساعات اليوم. ويسر المكتب المتحرك هذا الأمر له، فكلما شعر أن جسمه قد تيبس في وضع ما، كان يغير ذلك إلى وضع جديد. وكان في أي يوم من الأيام يقضي نحو 20 إلى 40 في المائة من وقت العمل واقفا.

اختبار النماذج

* وقد قمت بتجربة النموذج الأصغر من النموذجين الاثنين الأساسيين من «غيك ديسك» المزود بمكتب عرضه 45 بوصة الذي يباع بـ749 دولارا. وأقر أن الأمر قد استغرق أياما قلائل قبل الاعتياد عليه. وفي البداية لم أستطع التقرير متى أقف ومتى أجلس. كما كنت أنسى أنني أستطيع تغيير وضعي إلى أن تحين نهاية يوم العمل حينها أتذكر أن مكتبي هو من النوع المتحرك.

وعلى الرغم من أن الانتقال من حالة الوقوف إلى الجلوس، وبالعكس، كان لا يتطلب جهدا باستثناء النقر على مفتاح لإنزال المكتب أو رفعه، فإن تقرير الارتفاع المناسب بالنسبة إلى كل وضع تطلب القليل من التمرين. لكن الحل الذي وجدته كان في تعديل المكتب بحيث تكون شاشة الكومبيوتر بمحاذاة أعلى رأسي. وهذا ما أتاح لي النظر مباشرة، وبخط مستقيم على عملي، سواء كنت واقفا أو جالسا.

وبعد أيام من التمارين ووسائل الإحماء استقر رأيي على روتين الوقوف والجلوس. ولأنني وجدت أن من الصعوبة تناول القهوة، أو تناول الفطور على مكتبي وأنا بحالة الوقوف، فقد كنت أبدأ غالبية أيام الصباح جالسا، قبل الوقوف بعد انقضاء ساعة على ذلك. وإذا توجب علي كتابة مقال، فقد كنت أظل واقفا غالبية اليوم. ولكن إن كنت أنوي قضاء وقت طويل على أعمال تتطلب مني تركيزا أقل كتصفح الشبكة مثلا، أو إجراء المكالمات الهاتفية، أو مشاهدة الفيديو، كنت أتحول ثانية إلى وضع الجلوس في فترات الغذاء.

وكانت نيكول ستتزمان مديرة قسم الأثاث الملائم والصديق لجسم الإنسان في شركة «أنثرو» التي تصنع تشكيلة واسعة من المكاتب إلى يمكن تعديل وضعها قد اكتشفت نمطا مشابها لهذا الأمر في مكتبها، إذ يميل الأشخاص إلى الوقوف عندما يرغبون في إنجاز عمل ما.

* خدمة «نيويورك تايمز».