تقنية «إكس إم بي بي».. تحول الإنترنت إلى شبكة فورية

توصل المعلومة بالصوت والصورة فور تحديثها

ستصلك المعلومة فور تحديثها بفضل تقنية «إكس إم بي بي»
TT

كم مرة زرت موقعا وحدّثت صفحته مرارا وتكرارا للحصول على معلومات جديدة؟ قمت بذلك، على الأغلب، في مواقع الأخبار، وللحصول على معلومات حجوزات الطيران، أو حتى لمعرفة نتائج الاختبارات المدرسية أو الجامعية، وعانيت من تكرار المحاولة وعدم الحصول على معلومات جديدة، أو اعتذار الموقع عن خدمتك نظرا لشدة الضغط عليه وكثرة زواره في ذلك الوقت. ولكن تغييرا قادما في البنية التحتية لشبكة الإنترنت من شأنه التخلص من هذه العقبات، وغيرها، إن اعتمد بالشكل الصحيح، وذلك من خلال تقنية اسمها «إكس إم بي بي» eXtensible Messaging and Presence Protocol XMPP.

ولتوضيح هذه التقنية، يجب معرفة آلية عمل التقنية الحالية المتمثلة فيما يعرف بـ«إتش تي تي بي» HyperText Transfer Protocol HTTP التي تقدم المعلومات عندما يطلب منها ذلك، ولكنها تصبح هشة بشكل كبير عندما يطلب منها الكثير من المستخدمين المعلومات في آن واحد، الأمر الذي ينذر بخطر وشيك نظرا للتوسع الكبير لمستخدمي الإنترنت وازدياد أعدادهم بعد دخول مستخدمي الهواتف الجوالة والمشغلات الموسيقية إلى الإنترنت بسهولة، وانتشار الكومبيوترات المحمولة، وغيرها من العوامل التقنية والاقتصادية.

ضخ معلومات جديدة

* وعلى الرغم من أن اسم التقنية الجديدة معقد بعض الشيء، فإنها تقوم بعمل بسيط جدا، حيث إن المستخدم يطلب المعلومات (من الممكن أن تكون هذه المعلومات نفسها، أو معلومات جديدة) من الموقع عبر بروتوكول «إتش تي تي بي»، بينما تخبر تقنية «إكس إم بي بي» الجميع عن وجود معلومات جديدة.

وهذه التقنية ليست جديدة، بل موجودة منذ عام 1999، ولكنها بدأت بالانتشار أخيرا، وأثبتت تطبيقاتها جدارتها في مجالات مختلفة. ويجب التنويه إلى أن هذه التقنية لن تستبدل تقنية «إتش تي تي بي»، بل ستكون موجودة إلى جانبها، وفقا لغرض الموقع وعدد المستخدمين المتوقع.

التقنية مفتوحة للجميع، أي أنها أشبه بخدمة البريد الإلكتروني، بحيث إنه يمكن لأي شخص لديه موقعه الخاص على الإنترنت استخدامها من دون الحاجة إلى الاتصال بموقع مركزي واحد لتبادل المعلومات. وعندما يريد أحد الدردشة من نطاقه الخاص مع شخص آخر في نطاق آخر، فإن التقنية سترسل المعلومات من الشخص الأول إلى جهازه الخادم، ومن ثم من ذلك الجهاز الخادم إلى الجهاز الخادم للطرف الثاني، ومن ثم إلى الطرف المستلم (إن كان متصلا بالإنترنت في ذلك الوقت). ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات المرتبطة من الموقع الرسمي للتقنية http://xmpp.org.

تطبيقات مختلفة

* وقد اعتمدت شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» هذه التقنية لتقديم خدماتها لمجموعات المسافرين الخاصة، لتصل معلومات الرحلات إلى هواتف المسافرين فور تحديثها، حيث ترى الشركة أن هذا النوع من المعلومات يجب أن يذهب إلى المستخدم من تلقاء نفسه، وليس بالعكس. وتستخدم خدمة «موجة غوغل» Google Wave هذه التقنية في عملها، مع تبني شبكة «فيس بوك» لها في بعض الصفحات، ووجودها في شبكة «أوفي» Ovi للدردشة الخاصة بـ«نوكيا»، مع اعتماد أعداد متزايدة من الشبكات الاجتماعية الأخرى لها. واستخدمت «غوغل» هذه التقنية عام 2005 أيضا عندما طرحت خدمة «غوغل توك» Google Talk للدردشة الصوتية والنصية.

وتستخدم هذه التقنية في آلاف الأجهزة الخادمة اليوم، واستخدمها أكثر من 10 ملايين مستخدم عام 2003، وفقا للموقع الرسمي لها، وتوجد حاليا الكثير من البرامج التي تعمل في بيئات مختلفة تدعم هذه التقنية، مثل الهواتف الذكية («آندرويد»، و«آي فون»، و«سيمبيان»، و«ويندوز موبايل»، و«بالم أو إس»)، ونظم التشغيل الخاصة بالكومبيوترات («ويندوز»، و«لينوكس»، و«يونيكس»، و«ماك أو إس إكس»)، بالإضافة إلى وجود الكثير من آليات اعتماد هذه التقنية في الأجهزة الخادمة.

تغيير جذري

* وستؤثر هذه التقنية بشكل كبير جدا على أمر يقوم به غالبية مستخدمي الإنترنت اليوم: البحث. وتعتبر «غوغل» من أكبر المهتمين بهذه التقنية لأنها تعلم أن الطريقة الحالية للبحث لن تكون صالحة في المستقبل القريب عندما تتحول الإنترنت إلى مواقع تفاعلية فورية. ويجب معرفة أن الآلية الحالية لـ«غوغل» تبحث عن المعلومات في جميع مواقع الإنترنت عدة مرات في اليوم، وتسجلها وترتبها. وإن استخدمت «غوغل» هذه التقنية الجديدة، فإنها لن تصبح مضطرة إلى عمل ذلك، إذ أن المواقع سترسل إلى «غوغل» التغييرات التي حدثت فيها، وبشكل فوري، عوضا عن انتظار بحث «غوغل» في الموقع.

ومن الممكن للمحللين الاستفادة من هذه التقنية أيضا، وذلك عن طريق مراقبة تزايد أو نقصان ظاهرة ما، مثل رسائل «تويتر» المخصصة لموقع ما، أو ازدياد التعليقات في منتدى الدعم الفني لشركة ما، الأمر الذي ينذر بوجود مشكلة حالية. ومن الممكن ربط هذه التقنية بتقنيات أخرى كثيرة، بحيث ترسل رسالة إلكترونية مثلا إلى بريد أو هاتف مدير الدعم الفني لشركة ما، أو لمشتركي الموقع، تخبرهم بحدوث التغيير. ويمكن أيضا استخدام هذه التقنية للدردشة مع عدة أطراف، أو لإجراء محادثات بالصوت والصورة.

ومع ازدياد أعداد المستخدمين، والارتفاع الكبير في كمية وسرعة تحديث المحتوى للمواقع المتزايدة في العدد أيضا، ستكون تقنية «إكس إم بي بي» جوهرية وأساسية في تسهيل تواصل المستخدمين مع المواقع، وستغير وجه الشبكة الحالية، خصوصا مع الانتقال من الشبكات الاجتماعية إلى إنترنت اجتماعية، وستصبح المعلومات فورية لدرجة أنه بعد بضعة أعوام، لن يستطيع أحد تخيل استخدام الآليات الحالية للإنترنت، وستكون حقبة أشبه بعصر رقمي جديد.