ذراع «بيونية».. يتحكم فيها المخ

الأولى من نوعها في أوروبا منحت شخصا شعورا كاملا لقيادة السيارة

TT

طراز جديد من ذراع صناعية منح شخصا فقد ذراعيه الاثنتين شعورا كافيا باللمس، بحيث تمكن من اجتياز اختبار قيادة السيارات. والعضو الصناعي المزروع هذا الذي طورته «أوتو بوك هيلث كاير» (Otto Bock HealthCare) الألمانية، أتاح لكريستيان كاندلبوير تشغيل وإدارة مؤشري الاتجاه في السيارة، وبوقها، وجميع الأجهزة الأخرى المتعلقة بالسلامة.

وقد أتاحت هذه الذراع «البيونية»، أي البيولوجية الإلكترونية، التي تدار بواسطة المخ، شعورا جديدا بالاستقلالية لهذا الشخص النمساوي، 23 سنة، الذي فقد ذراعيه، بحيث أتاحت له حتى قيادة السيارة، كما أعلنت ذلك مؤخرا الشركة المنتجة للذراع. لا، بل إنها أتاحت له حتى اجتياز امتحان القيادة بدرجة جيدة جدا، مما سمحت له بقيادة سيارته مسافة سبعة كيلومترات يوميا، وهي المسافة التي تفصل منزله عن مقر عمله، من دون أي مساعدة.

ذراع يحكمها المخ

* والذراع هذه هي أول عضو صناعي مزروع في أوروبا يمكن التحكم بها عن طريق المخ، بعدما تعرض صاحبها لصعقة تيار كهربائي عالي الجهد في عام 2005، أدى إلى بتر ذراعيه الاثنتين.

وحلت محل ذراعه اليمنى ذراع صناعية «ديناميك آرم» (DynamicArm) تعمل بالنبضات الكهربائية التي تبثها العضلات التي باتت تدير الآن عجلة القيادة، عندما يقود سيارته «سوبارو إمبريزا» التي عدلت خصيصا له من قبل شركة «بارافان». أما الذراع اليسرى الثانية المبتورة فقد حلت محلها الذراع الصناعية ذات المفاصل السبعة التي يتحكم بها في الزمن الحقيقي عن طريق استخدام أفكاره. وهو يستخدم هذه الذراع حاليا للتحكم في إشارات الاتجاه، والبوق، وجميع الأجهزة الأخرى المتعلقة بالسلامة.

ويعتمد عمل العضو الصناعي المزروع على إعادة ربط الأعصاب في العضلة المستهدفة، (Targeted Muscle Reinnervation)، وهي عملية يجري بموجبها إعادة العثور بشكل منهجي على الأعصاب الأربعة الأساسية الخاصة بالذراع وتحديد مكانها، والممتدة إلى المجموعة العضلية الصدرية. وحالما تتم عملية ربط الأعصاب التي قد تستغرق سبعة أشهر، يشكل سطح الصدر واجهة تفاعل بالنسبة إلى دماغ المريض.

وفي الواقع يمكن أخذ عينات للنبضات العصبية الكهربائية التي مصدرها هذه المنطقة، وبالتالي معالجتها بواسطة أقطاب سطحية، استنادا إلى «أوتو بوك». وهنا تقوم أجهزة التحكم المكروية الصغيرة القوية الموجودة في العضو الصناعي بحساب الأوامر الحركية الموجودة ضمن النبضات في الزمن الحقيقي، ومن ثم توليد أوامر تحكّم مساوية بالنسبة إلى الذراع.

وهذا حلم تحول إلى حقيقة بالنسبة إلى كاندلبوير الذي يعمل في مرأب للسيارات. وقد حصل على رخصة قيادة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهو يتنقل منذ ذلك الوقت بانتظام بين عمله ومقر سكنه.

نبضات عضلية كهربائية

* المدهش في ما يخص هذه التقنية هو الأسلوب الذي أعادوا بموجبه إحياء النظام العصبي لجعل الذراع الصناعية مفيدة وفعالة أكثر، على حد قول جيمس كافيوتو محرر «نيوتريك ريبورتس»، الذي أضاف أن هذه الابتكارات من شأنها أن تنمي أسواق الأعضاء الصناعية المتحركة في السنوات المقبلة.

وفي الواقع إن الذي يتعقب عشر سنوات من العمل الرائد في هذا المجال ليدهش من رؤية هذا المصدر الجديد الواعد من إشارات السيطرة والتحكم التي يجري تطبيقها على الأعضاء الصناعية التجارية والطبية المزروعة، كما يعلق موافقا جيرالد لويب أستاذ الهندسة الطبية الإحيائية في جامعة ساوثرن كاليفورنيا، لمجلة «تكنولوجي ريفيو».

ويضيف لويب بالقول: «ليس واضحا ما إذا كان الأمر فعلا عملية تحكم بواسطة المخ، لا سيما أن باحثين آخرين يعملون من دون نجاح كبير على إمكانية قراءة إشارات التحكم مباشرة من الدماغ، وهذا تعبير ملائم أكثر».

بيد أن مبدأ عمل هذه اليد هو امتداد مهم للمبدأ الأصلي للتحكم عن طريق النبضات العضلية الكهربائية، لأنها تمكن مستخدميها من تشغيل درجات متعددة من الحرية الشخصية بطريقة أكثر طبيعية وحدسية مما سبق على حد توضيحه.

وأضاف: «إن مثل هذا النوع من القدرة على التحكم والسيطرة ضروري للاستفادة من السواعد والأذرع الميكانيكية - الالكترونية المعقدة التي يجري تطويرها من قبل الكثير من المجموعات التجارية، بما فيها (أوتو بوك). وتعمل الأخيرة أيضا على تطوير (إبهام عالي التقنية) لكاندلبوير يمكنه من تحسس الحرارة، والتمييز بين الأسطح الخشنة والناعمة، والشعور بقوة المصافحة».

و«سيجري دمج المستشعرات المكروية الدقيقة التي تسجل الحرارة، وتتحسس خواص أسطح الأجسام والشعور بلمسها، بصورة متكاملة مع رأس الإبهام باليد الصناعية هذه»، كما يوضح هيوبرت إيغر رئيس مشروع الذراع التي تدار بالعقل، أو الفكر.

على أي حال فإن هذه الذراع ومسألة الاستشعار بها لا تزالان في طورهما الأول، أو النموذج الأولي. وقد تستغرق عمليات التطوير نحو أربع سنوات أخرى قبل أن يتمكن كاندلبوير من استخدام ذراعه في جميع أعماله اليومية، كما تقول «أوتو بوك».