كيف تجني المواقع الإباحية على الشبكة.. أرباحها؟

الاستيلاء على كومبيوترات الآخرين وتسخيرها أهم هذه الوسائل

TT

لأول مرة يكشف محللو قطاع الأعمال الإباحية والخليعة على الإنترنت، الاقتصاديات، إضافة إلى المخاطر الكامنة في العالم المشبوه المرتبط بالوسائط التي تتعامل في مسائل الجنس. ولكي نتعرف على خبايا هذه الصناعة علينا أن نصبح جزءا منها. وهذا ما فعله خمسة باحثين أمنيين من جامعات فيينا الفنية، وصوفيا أنتيبوليس، وسانتا باربرا في الولايات المتحدة، لمعرفة كيف تجني مثل هذه الصناعة المال على الشبكة، ووجدوا أنها تعرض الجميع، الذين يقعون في حبائلها، لمستويات للعدوى بالبرمجيات الضارة لم يشكوا فيها سابقا.

ثغرات إباحية

* قالت مجلة «تكنولوجي ريفيو» الإلكترونية، إن الباحثين، وعن طريق نصب مواقعهم الإلكترونية الخليعة الخاصة بهم، اكتشفوا أن نحو 43 في المائة من نقرات الزيارات إلى مواقعهم على الشبكة، تخص مستخدمين تكون متصفحاتهم عادة عرضة لنوع من الاستغلال المعروف؛ سواء كان في «أدوبي فلاش»، أو لدى استخدام «مايكروسوفت أوفيس»، أو مستندات من نوع «أدوبي بي دي إف». وسوف يقدم الباحثون تقاريرهم في السابع من شهر يونيو (حزيران) المقبل في الندوة المنعقدة في جامعة هارفارد، بعنوان: «المشغل التاسع لاقتصاديات أمن المعلومات».

وقام غيلبيرت وندراسيك، كبير هؤلاء الباحثين، وزملاؤه بإنفاق ما مجموعه 160 دولارا للحصول على 47 ألف نقرة من بائعين مروجين للمواد الخليعة، الذين يعرفون في عالم الصناعة بـ«سماسرة الترويج»، بينها 20 ألف نقرة يمكن استغلالها لتشييد شبكة واسعة من كومبيوترات الآخرين المستعبدة التي جرى الاستيلاء عليها (بوتنت botnet). واكتشفوا أن بمقدورهم بسهولة أن يضخموا هذا الاستثمار، وجني أرباح كبيرة عن طريق العمل كموجهين لبرنامج الانتساب إلى الشبكة المستولى عليها هذه «باي - بير إنستول» Pay - Per Install الذي قدم في وقت ما 130 دولارا لكل 1000 عملية تركيب لإسقاط، أي إدخال، الرموز الخبيثة في الكومبيوترات المستغلة، أو المستولى عليها.

برمجيات ضارة

* ولتقدير كمية الرموز الضارة التي يجري حقنها لمتصفحات المستخدمين، عن طريق مواقع الشبكة الخليعة، قام وندراسيك بتشييد زاحف أوتوماتيكي على مواقع الشبكة، حسب مواصفاته التي وضعها هو، لتنزيل محتويات نحو نصف مليون عنوان موقع إنترنت URL انتشرت عبر آلاف المواقع الخليعة. ووجد أن 3.23 في المائة من هذه الصفحات من شأنها أن تطلق سلوكا ضارا، مثل تنفيذ الترميز الخبيث، وتغيير التسجيل، وتنفيذ عمليات التنزيل، التي تزيد خمسة أضعاف على البرامج الضارة السائدة التي اكتشفت في أبحاث سابقة حول هذا الموضوع.

وبحساب سريع قمنا بضرب نسبة 3.23 في المائة في نسبة مستخدمي الإنترنت الذين يزورون المواقع الخليعة وهي 42.7 في المائة، أو فقط ضرب نسبة الأشخاص الذين يزورون هذه المواقع أثناء العمل، وهي 20 في المائة، مع عدد مرات هذه الزيارة في اليوم الواحد لنجد أن عمليات النشر الإباحي على الإنترنت هي وسيلة رئيسية لإصابة الأجهزة المعرضة لخطر العدوى.

والتفسير الوحيد حيال النسب العالية من البرمجيات الضارة في المواقع الإباحية هو الغياب الكامل لمراقبة السماسرة، الذين يروجون المواد الخليعة بين مواقع الشبكة، أو فرض القانون عليهم. واستنادا إلى تحليل وندراسيك حول اقتصاديات مواقع الشبكة الإباحية، فإن 9 مواقع من أصل 10 هي مواقع «مجانية» تستضيف صورا، أو غاليريات من الفيديو لتجني أرباحا عن طريق ترويجها لمواقع مدفوعة الأجر، أو بعضها لبعض. ويقوم السماسرة بتمويل عمليات الترويج هذه بحيث لا يقوم غالبيتهم بتاتا بزيارة هذه المواقع عبر الشبكات التي انتسبوا إليها، أو التي انضمت إليهم، وذلك وفقا للتجارب والاختبارات التي أجراها الباحثون.

وخلافا للإعلانات على الشبكة، التي تنشرها «غوغل»، ومشروعات التسويق التي تنفذها «أمازون»، فإن المواقع الإباحية لا تعتمد على الرموز التي تكمن في المواقع التي يرسل لها مواد من شأنها التأكيد على أنها من إنتاج البشر، وليست نقرات احتيالية خاصة بالاستيلاء على الأجهزة. ونتيجة لذلك وجد الباحثون أنه من السهل خداع، ليس المستخدمين فحسب، بل سماسرة الترويج والمواقع الخليعة المدفوعة الأجر أيضا التي تدعم البيئة الواسعة من مواقع الوسائط الإباحية المجانية.

وتوسعت تعقيدات هذا النظام المحكم لعملية الترويج الموزونة هذه لتتعدى نطاق التحليل، لكن من الممكن لبقية الوسائط المتعددة أن تتعلم أمرا أو أمرين حول الأسلوب الذي اعتمدته المواقع الإباحية المدفوعة الأجر، لكي تجني أرباحا مستمرة من الزيارات والنقرات. لكن من الناحية الأخرى، فقد لا ينفع هذا الأسلوب بالنسبة للوسائط التقليدية، لأن المستخدمين لا يكونون مدفوعين إلى قراءة الأخبار، مثلما يكونون مدفوعين عادة للبحث عن المواقع الإباحية.