نظارات جديدة.. لتطبيقات «الواقع المعزز»

تمزج المعلومات الافتراضية مع العالم الحقيقي في الزمن الحالي

TT

امسك بقطعة مربعة من الورق المقوى الأسود والأبيض في يدك، لتشاهد وحشا بحجم الكلب الصغير يظهر في أعلاها يعوي في وجهك، أو شاهد كرة أرضية صغيرة تدور حول علبة مشروب غازية، أو كرات افتراضية تسقط عبر فجوة رقمية على طاولة، كما يمكنك أن تشاهد إنسانا افتراضيا بالحجم الطبيعي يجلس على كرسي فارغ.. كل ذلك بتوظيف أداة جديدة توضع على العينين.

ما الذي يجعل هذه المؤثرات الخاصة المؤثرة ممكنة؟ إنها زوج من نظارات «الواقع المعزز» augmented reality (AR)، وخاصة نظارات «راب 920 إيه آر» Wrap 920AR من شركة «فيوزيكس». وبينما يظهر الواقع الافتراضي للمشاركين به على شكل مشهد رقمي فقط، فإن الواقع المعزز يقوم بمزج المعلومات الافتراضية كالنصوص، أو الصور مع ما تراه وتشاهده في العالم الحقيقي وفي الزمن الحقيقي.

* مزيج واقعي

* وخلال السنوات الماضية شرعت تقنيات الواقع المعزز في الظهور على الهواتف الذكية. وفي هذا السياق يقوم البرنامج بتركيب المعلومات فوق ما تشاهده من هذا العالم عبر شاشة الجهاز. لكن نظارات الواقع المعزز التي تؤمن تجربة مثيرة غامرة تظل حتى الآن وقفا فقط على البحث الأكاديمي والتطبيقات المهمة الخاصة بالتدريب الطبي والعسكري. وهذا عائد إلى أن تجهيزات الواقع المعزز وعتاده ضخمة الحجم وتكلف آلاف الدولارات.

ونظارات «راب 920 إيه آر» من «فيوزيكس» الواقعة في روشستر، نيويورك تكلف نحو 1995 دولارا، وهي نصف سعر نظارات الواقع المعزز الأخرى ذات الوضوح والتحديد المشابهين. وتأمل الشركة أن تجد هذه النظارات طلبا من قبل ممارسي الألعاب، ومعدي الرسوم المتحركة، والمهندسين المعماريين، ومطوري البرامج، كما طورت الشركة برنامجا لتشييد بيئات خاصة بهذا الواقع التي تسوق مع النظارات.

* نظارة معززة

* ويعني ارتداء نظارات «راب 920 إيه آر» النظر إلى العالم الخارجي عبر زوج من شاشات الفيديو العاملة بالبلور السائل (إل سي دي)، وهي أثقل من زوج عادي من النظارات، لكنها أخف من شاشات الواقع الافتراضي الأخرى التي تركب على الرأس. وتوصل هذه الشاشات إلى كاميرتي فيديو كامنتين خارج النظارتين أمام العينين. وتقوم كل شاشة بإظهار العالم بشكل مختلف قليلا بالنسبة إلى كل عين، مقلدة النظر البشري الطبيعي الذي يؤمن عمقا إدراكيا. وتقوم مقاييس التسريع (الحركة)، والمستشعرات الجيروسكوبية، والمقاييس المغناطيسية بتعقب الاتجاه الذي ينظر إليه مرتدي الجهاز. كذلك تأتي النظارات بفتحات تتيح للمستخدمين وصلها بهاتف «آي فون» للحصول على الطاقة وأدوات التحكم اللازمة، مثل تحميل جسم خاص بالواقع المعزز، أو بالبيئة المحيطة.

ويمكن لبرنامج «فيوزيكس» التعرف على العلامات المرئية وتعقبها (كالقطعة البيضاء والسوداء للوحة الكارتون مثلا التي يحملها المستخدم)، أو الإمساك بجسم، أو لون معين (كعلبة مشروبات غازية).

وتنفذ عملية التعقب بشكل جيد جدا طالما كان النمط أو الجسم الذي يجري تعقبه لا يزال مرئيا من قبل الكاميرات، لكن إمالة نمط التعقب زيادة عن اللزوم من شانه أن يسبب تذبذب الصورة الافتراضية. وعن طريق تعقب حركات الرأس يمكن للبرنامج التأكد من أن الأجسام الافتراضية هي واقعة بشكل جيد ومنظم فوق العالم الواقعي.

ويقول ستيف فينر أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة كولومبيا في نيويورك، وأحد الباحثين البارزين في ميدان الواقع المعزز منذ التسعينيات إن «ثمة أشخاص آخرين يصنعون هذه التقنيات المجسمة، لكن لا يوجد أي كان يستطيع مقاربة أسعار «فيوزيكس»؟ وأضاف في حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفية» الأميركية أن التكامل بين الكاميرات ومستشعرات الحركة على صعيد العرض يجعل النظارات أصغر حجما.

ويلاحظ بلير ماكلينتر الأستاذ المساعد في معهد جورجيا للتقنيات، الذي يعمل أيضا على ألعاب الواقع المعزز، أن غالبية الباحثين والشركات يركزون على الهواتف الذكية. وقال «إن قلة من الناس يقومون بتطوير شاشات عرض أمام الرأس للأغراض الاستهلاكية منذ أن أصبحت الهواتف الذكية قوية جدا». بيد أنه يلاحظ أيضا أن نظارات الواقع المعزز لا تزال أكثر عملية من الهواتف في الكثير من المواقف. «فأي شيء يتعلق بالأدوات، والطب، والشؤون العسكرية، والتصليحات الخاصة بالصيانة، تتطلب شاشات تُرتدى، أو تركب على الرأس»، كما يقول، لأن أيادي الأشخاص بحاجة إلى أن تكون حرة للقيام بأعمال كهذه. ويشير ماكلينتر أيضا إلى أن اكتشاف المعلومات المتعلقة بالعالم عن طريق استخدام الواقع المعزز، يتطلب النظر عبر جهاز بشكل مستمر، وهو أمر ثقيل وكبير لا يتم عبر الهاتف.

* تطبيقات جديدة

* ولكي تصبح نظارات الواقع المعزز شعبية جدا، كما يقول ماكلينتر، عليها أن تصبح خفيفة الوزن، وأجمل منظرا، وبحاجة أيضا إلى تطبيقات جديرة بها. «فما من أحد مستعد أن يدفع حتى 100 دولار إذا لم يكن هنالك تطبيق جيد»، كما يقول. ويعتقد ماكلينتر أن الألعاب قد تكون تطبيقا قاتلا بالنسبة إلى الواقع المعزز، إلا أن تطبيقات الأعمال والوسائط الاجتماعية قد تكون أكثر شعبية. وأشار إلى أن نظارات «فيوزيكس» قد تكون خطوة متوسطة، «فقد لا يكون هنالك مليون شخص يقومون بشرائها، لكنني أعتقد أنها ستكون قريبة مما نحتاجه من أي شيء أخر حتى الآن».

وفي النهاية، قد يكون عمليا جدا وضع الواقع المعزز ضمن النظارات من دون الحاجة إلى شاشات عرض كبيرة عن طريق تركيب الصورة على العدسات، ومن ثم استخدام الأجزاء والمكونات البصرية، «فالنظارات فكرة قديمة جدا يعود عهدها إلى الأيام الأولى من الواقع المعزز» كما يقول فينر. لكن من الصعب تعقب الصورة التي يراها الشخص، وبالتالي تركيب الأجسام الافتراضية بدقة كبيرة على الشاشة الفارغة. كما أن الشاشات البصرية تواجه أيضا صعوبة في منافسة الضوء المحيط.

ويعتقد ماكلينتر أنه حتى أولئك الذين لا يضعون عادة نظارات زجاجية، قد يجدون في النهاية أن نظارات الواقع المعزز أمر يستقطب الاهتمام، «فقبل عشر سنوات، لو حدث وأبلغت الجميع بأنه سيمكنهم وضع شيء كبير الحجم على الأذنين يغمز ويومض لما صدقوا»، وهو يشير بذلك إلى سماعة «بلوتوث» التي تركب على الرأس، «فقيمة الشيء تبز النقص في سهولة الاستخدام والناحية الجمالية أيضا» على حد قوله.