برنامج لاستقراء ملامح المستقبل وتوقعاته

أداة بحث على الإنترنت تجمع وتحلل المعلومات في الزمن الحقيقي

TT

طورت شركة ناشئة تدعى «ريكورديد فيوتشر» أداة لجمع المعلومات من الإنترنت في الزمن الحقيقي لاستقراء الملامح التي قد تحصل في المستقبل. وتقوم أداة هذه الشركة بعرض النتائج في خط زمني يمتد إلى المستقبل والماضي أيضا.

وكانت الشركة هذه البالغ عمرها 18 شهرا قد استقطبت اهتماما واسعا أوائل العام الحالي بعدما تلقت أموالا من كل من «غوغل» ووكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه). والآن قدمت الشركة تلميحات حول كيفية عمل هذه التقنية.

* بحث دقيق

* في العادة تعمل محركات البحث التقليدية مثل «غوغل» عن طريق استخدام الروابط لتصنيف ووصل صفحات الشبكة معا. لكن برنامج «فيوتشر» Future يذهب خطوة أعمق عن طريق تحليل محتويات الصفحات لتعقب العلاقات «غير المرئية» أو «الظاهرة» بين الأشخاص والأماكن والأحداث الموصوفة على الشبكة.

«وهذا ما يجعل من السهل البحث عن أنماط معينة، كالمنتجات المتوقعة من (أبل) مثلا في المستقبل القريب، أو تحديد متى ستخطط الشركة في الاستثمار أو التوسع نحو الهند مثلا»، كما يقول كريستوفر أهلبيرغ مؤسس هذه الشركة التي مقرها بوسطن في الولايات المتحدة.

والبحث عن معلومات حول شركة «ميريك» مثلا تسفر عن خط زمني لا يظهر الأخبار الأخيرة عن عائداتها فحسب، بل متى سيجري الانتهاء أيضا من اختبارات أدويتها المتنوعة في الأعوام المقبلة التي تم تسجيلها على موقع clinicaltrials.gov. وبحث آخر كذلك كشف متى ستتوقع مواقع الأخبار بأن يقوم «فيس بوك» بعرضه الأولي العام.

ويتم هذا عن طريق استخدام مؤشر يجري تحديثه بشكل منتظم وثابت، الذي يسميه أهلبيرغ «البيانات والمعلومات المبثوثة حيا» بما فيها المقالات الإخبارية، والملفات المرفوعة إلى منظمي الحكومة، وتحديثات «تويتر»، ونصوص العائدات والمداخيل، والخطابات السياسية والاقتصادية.

وتستخدم «ريكورديد فيوتشر» الحلول الحسابية الخوارزمية للتعريف بأحداث معينة مثل موعد إطلاق المنتجات الجديدة، وعمليات دمج الشركات، والكوارث الطبيعية، وتاريخ حدوثها، والكيانات المتعلقة بها، مثل الأشخاص، والشركات، والأقطار. وبمقدور هذه الأداة تعقب وجهات نظر التغطية الإخبارية حول الشركات وتصنيفها، إما جيدة أو سيئة.

وتبلغ قاعدة زبائن «ريكورديد فيوتشر» حاليا أقل من 100 كما يقول أهلبيرغ. وهي تشمل خليطا من الشركات المالية والمحللين الحكوميين والإعلاميين الذين يسددون رسومات شهرية للوصول إلى الأدوات على الشبكة. و«يبدو أن المحللين الحكوميين مهتمون بتعقب الأشخاص والأماكن، في حين ترغب الخدمات المالية الكشف عن أحداث خاصة بشركات معينة» استنادا إلى أهلبيرغ.

إلى جانب كل ذلك تقدم «ريكورديد فيوتشر» نشرات مجانية بالبريد الإلكتروني التي تفيد المستخدمين في ما يخص توقعاتهم حول مسائل معينة. كما تمكن الزبائن كتابة برمجيات تنسحب على بيانات الأداة هذه وتحليلاتها عبر واجهات تفاعل لبرمجيات تطبيقاتية.

* توقعات مستقبلية

* وهذا مع الوقت يؤدي إلى تطوير تطبيقات تستهدف المستهلكين، كما يشير أهلبيرغ. «فأنا إن كنت على وشك شراء هاتف (آي فون)، فقد أرغب معرفة ما إن كنت سأبدو أحمق، نظرا لأنهم في (أبل) قد يستعدون إلى إطلاق هاتف جديد في الأسبوع المقبل، أو ما هي الفترة المطلوبة عادة للشركات المنافسة لإطلاق منتجات منافسة بعد إطلاق (أبل) الجديد. ويقوم المحللون الماليون سلفا باستخدام تطبيقات الشركة لتغطية، أو حتى دمج بيانات (ريكورديد فيوتشر)، مع نماذج تطبيقاتهم الخاصة بهم».

ويقول أهلبيرغ «لقد أثبتنا أنه يمكن لبياناتنا الخروج بتوقعات قوية». وهو يأتي على ذكر دراسات تقارن بين نتائج «ريكورديد فيوتشر» مع التغيرات في حجم الفعاليات والنشاطات الخاصة بأسهم مالية معينة. وأضاف «لقد وجدنا أن مقياسنا للزخم الذي يبين قوة هذا النشاط الخاص بحدث معين أو كيانه، مع الأحداث المستقبلية، تترابط مع حجم نشاط السوق».

ويمكن استخدام أداة هذه الشركة لمعرفة أي مصادر المعلومات التي تعطي أفضل القرائن في ما يتعلق بالأحداث المستقبلية. وأظهر تحليل أخير أن أحد المنشورات على مدونة «فاينانشيال تايمز» هي أفضل من المصادر الإخبارية الأخرى في ما يخص «توقعات وأداء» الشركات على أساس مؤشر الأسهم والحصص «إس أند بي 500».

«الذي يحصل هنا فعلا هو تحديد البيانات التي صدرت وربطها بالتوقعات حول المستقبل»، كما يقول ستيفن سكيانا من جامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك. فقد قام سكيانا بتطوير تقنية مشابهة مستخدمة من قبل شركة ناشئة أخرى هي «جنرال سينتيمينت» للتنقيب عن المواد من الأخبار والمدونات. «وبذلك يمكن للمحلل استخدام هذا الأمر لإغناء توقعاته، وهذا أقل خطورة من (ريكورديد فيوتشر) وتوقعاتها» كما يضيف.

ويقول باناغويتس إبيروتس من كلية «ليونارد ستيرن للأعمال» في جامعة نيويورك، إن العدد والأدوات المختلفة قادرة على استخلاص الأحداث والأشخاص والشركات من النصوص، لكن ترتيب هذه المعلومات وتصفيفها حسب الوقت هي المهمة الصعبة. وبينت أبحاث إبيروتس كما من البيانات المهمة اقتصاديا يمكن التنقيب عنها من المصادر الإخبارية على الشبكة والوسائط الاجتماعية. «فتحليل تسلسل الأحداث هو مهم للغاية، ولم يجر استغلالها واستثمارها بعد على صعيد الأبحاث وآدابها»، على حد قوله.

ويبدو أن «ريكورديد فيوتشر» هي على وشك توسيع خدماتها لتشمل المصادر العربية والصينية. فتكبير مؤشراتها وتضخيمها تأتي في المرتبة الأولى. «فأنا راغب في الاطلاع على كل قطعة معلومات وبيانات مبثوثة على هذا الكوكب» وفقا إلى أهلبيرغ.

ويضيف سكيانا أنه مع تنامي كل قواعد البيانات التي تغطيها «ريكورديد فيوتشر» و«جنرال سينتيمينت» وغيرها، بات بالإمكان الحصول على أنواع أقوى من التحليلات، «فأنا أعمل حاليا مع علماء اجتماع على أساليب لتوقع احتمالات أن يصبح شخص يجري ذكره قليلا اليوم، من المشاهير في المستقبل على حين غرة، وذلك عن طريق استعراض بياناته الماضية عبر السنين».