خطط سيرة حياتك.. بالخرائط والرسوم البيانية

خدمات متعددة تتناول جميع نشاطاتك العملية والرياضية والغذائية

مخطط بياني إلكتروني يظهر نشاطات الرئيس الأميركي باراك أوباما ولقاءاته
TT

خطرت لنيكولاس فيلتون قبل خمس سنوات فكرة لطيفة، ألا وهي تدوين تقرير سنوي عن حياته مليء بالخرائط والرسوم البيانية الخاصة بالمطاعم التي زارها، والأيام التي سافر خلالها، يكون شبيها بالتقارير السنوية التي ترفعها الشركات عادة، لكنها تكون هنا بتفاصيل شخصية. وأدت هذه الفكرة إلى تأسيس شركته الخاصة «دايتوم دوت كوم» Daytum.com التي تقوم بإنتاج برنامج يساعد الأشخاص على تبويب كل ما يفعلونه، وتحويله إلى خريطة بيانية هي وصف، أو تصوير مرئي لكل الأمور، من قياس مستويات سكر الدم، إلى عدد أقداح المشروبات التي تم تناولها. ويقول فيلتون إنه رأى سيدة تستخدم هذه الخدمة لتعقب مخاوفها غير العقلانية.

مواقع وخدمات

* لكن لـ«دايتوم» هذه الأيام مواقع منافسة عديدة تقدم خدماتها لمساعدة الأشخاص على تسجيل بياناتهم ومعلوماتهم عن حياتهم الخاصة على شكل رسوم بيانية. وهي جميعها تحاول الاستفادة من رغبة الناس في استغلال عصر المعلوماتية والإنترنت والتقنيات الأخرى، مثل تطبيقات الهواتف الذكية.

والكثير من هذه الخدمات هي ببساطة مميزات جديدة تضاف إلى الخدمات الحالية. ومثال على ذلك قيام «لينكدلن»، الشبكة الاجتماعية الخاصة بالتواصل بين رجال الأعمال المحترفين، أخيرا بطرح أداة يمكنها رسم شبكة للأصدقاء، والزملاء، والمعارف. وبينما تبدو خطوط الصلات بين هؤلاء من النظرة الأولى أشبه بطبق من «السباغتي»، فإن رموز البرامج الإلكترونية تعمل على جمع الأشخاص الذين يعرفون بعضهم البعض، بحيث تبدو الصور كما لو أنها كتل، أو عناقيد تبين المدارس التي قد يعرفها عدد من الأصدقاء، ومن هم المهنيون منهم.

ويقول علي إمام كبير علماء البيانات إنه وجد أن الأشخاص يومئون برؤوسهم تأدبا مع ابتسامة عندما كان يريهم صورة شبكته، لكنهم كانوا يبدون اهتماما أكبر عندما كانوا يستطيعون النقر على زر لرؤية شبكاتهم الاجتماعية الخاصة، «إذ لم يكن يبدو عليهم الحماس ما لم تريهم شبكتهم، وهذا هو العامل المهم أي عندما يتمكنون من تلاوة سيرتهم الخاصة» على حد قوله.

فهم العلاقات

* وتقول جولي إنويي إحدى أعضاء فريق التسويق في «لينكدلن» إن الخدمة هذه وفرت للأشخاص القدرة على فهم الاتصالات بين الأصدقاء، «إذ إنك قد ترغب في إعادة العلاقات مع بعضهم، أو تتأكد من أنك تشرب القهوة بانتظام مع أشخاص معينين، لأنك ترتبط بهم بعلاقة وثيقة». ولدى مستخدمي «فيس بوك» أداة أيضا لرسم البيانات الخاصة بالمعلومات الشخصية. وكانت قد شيدت كمحاولة تجريبية من قبل «تاتش غراف»، وهي شركة مقرها مدينة نيويورك متخصصة في الأدوات المرئية.

ويقول ألكسندر شابيرو كبير المديرين التنفيذيين في «تاتش غراف» التي لا تملكها «فيس بوك»، «لقد شرعنا ببراءات الاختراع والمستندات الطبية، وكنا ننظر إلى كيفية قيام الشركات المختلفة بالنظر إلى الأخرى، وإلى كيفية قيام المخترعين بالعمل سوية، وإلى كيفية قيام العلماء بالتشارك في كتابة المواد والتقارير الطبية وتأليفها. لقد رغبنا في تطبيق برنامجنا في فيس بوك كوسيلة فقط لإظهار قدراتنا».

وتتطلب تجربة هذه الأداة في «فيس بوك» مشاركة شبكة «فيس بوك» مع «تاتش غراف» عن طريق وصل حسابك المسجل هناك، مع موقع الشبكة في touchgraph.com/facebook. وتعرض هذه الأداة شبكة الشخص فقط إذا سمح هو بذلك.

يوضح شابيرو أن هذه الأداة أتاحت للأشخاص فهم الشبكة بلمحة بصر، وقدم مثالا على ذلك بشخص يعمل في تشغيل الموسيقى (في محطات الراديو وما شابه) يرغب في إدارة مجموعة من المعجبين، «فقد يلاحظ هذا الشخص أن بعضهم ليسوا على اتصال بالآخرين، ولا بد من استغلالهم لجمع المزيد من الجموع الغفيرة»، على حد قوله.

خرائط الأماكن

* الخدمات الأخرى من هذا النوع تعمل كمكتبة للبيانات. ومثال على ذلك «جيو كومونز» GeoCommons التي أسستها «جيو آي كيو» التي تتيح للأشخاص تخزين المعلومات المتعلقة بالموقع والمكان، وبالتالي تخطيطها على شكل خريطة. وأظهرت «جيو آي كيو» في عرض لهذه الخدمة، كيف بمقدور الناس إدخال المعلومات حول المكان، مثل مكان حوادث الدراجات الهوائية في مدينة فانكوفر، مما يسمح للمستخدمين الآخرين للخدمة، رؤية الشوارع الخطرة في المدينة.

وأظهر عرض آخر نتائج تفتيش المطاعم في مدينة سان فرانسيسكو، مما يسمح لأي شخص برؤية المطاعم ذات المستويات العالية، أو المتدنية، حسب تقديرات الجيران.

وقد شيدت هذه الخدمة لكي تكون مفتوحة قدر الإمكان. إذ بمقدور أي كان النظر إلى الخرائط، إذا وافق بالمساهمة ببياناته فيها. إذ يجري تحليلها من دون أي تكلفة، شرط الموافقة على إعلانها للجمهور. أما المستخدمون غير الراغبين في نشرها وتعميمها، فعليهم تسديد الأجر. يقول سيم غورمان مؤسس «جيو آي كيو» الواقع مركزها في أرلينغتون في ولاية فيرجينيا ألأميركية، إن الموقع قد يعرض أكثر من 500 ألف تفصيل عن مواقع العالم. كما أن بالإمكان دمج الخرائط البيانية سوية، ومثال على ذلك إذا أدخل أحدهم عدد إصابات ركوب الدراجات في مدينة سان فرانسيسكو، ورغب في معرفة علاقة هذه الأحداث بنتائج تفتيش المطاعم، فإنه بمقدوره أن يفعل ذلك بنقرة زر. فقد تكشف الصورة الجديدة نمطا معينا، ربما سببه قيام أصحاب المطاعم بتسليم الطلبات الخارجية عن طريق الدراجات. وقد لا تكشف الصورة عن أي شيء على الإطلاق.

والكثير من مستخدمي «جيو آي كومنز» يعملون حاليا في فرق الإغاثة في اليابان وهايتي، كما يقول غورمان. وأشار إلى أن «الأشخاص يقومون بتسجيل النشاط الزلزالي وأماكن الفيضانات والطرق المقطوعة، حيث استعان هؤلاء ببيانات النظام العالمي لتحديد المواقع (جي بي إس) التي استمدوها من أجهزة الاستشعار لتحديد الطرق السالكة». ومثل هذه المعلومات قد تهم أي شخص يزور اليابان، ولا يرغب في انتظار السلطات الحكومية لكي توفر له مثل هذه المعلومات.

ويمكن العثور على خرائط أخرى في مواقع مثل «رادييشن دوت كراودماب دوت كومب» Radiation.crowdmap. com، أو Rdtn.org. وتقوم مثل هذه المشاريع بجمع المعلومات من المستخدمين الأفراد والمنصات الكبيرة مثل Paachube.com، وهي شركة تصف نفسها على أنها «سمسارة للبيانات بالزمن الحقيقي لأمور الإنترنت». ويقوم موقع الشركة هذه بربط شبكة من المستشعرات وغيرها من الأجهزة، مثل عدادات «غايغر»، لتعقب توزع الإشعاعات على سبيل المثال.

ويقول عثمان حق مؤسس الشركة «إن الكثير من الأشخاص باتوا يوفرون بيانات عن الإشعاعات في الزمن الحقيقي بغية المشاركة بها، لنقوم نحن بدورنا بإدارة هذه المعلومات وتحويلها لخدمة هؤلاء».

خدمات رياضية

* وثمة خدمات أخرى مثل Runnerplus.com, Dailymile.com, FitnessJournal.org, RunKeeper.com التي تجمع المعلومات من شبكة واسعة من المستشعرات، مثل مقاييس الحركة والتسارع في الهواتف الجوالة، أو الأحذية. وبمقدور المستخدمين تخطيط هذه البيانات على شكل خرائط، كالمسافة المقطوعة في الجري، أو المشي يوميا، وبالتالي الاطلاع على خريطة لمعرفة ما إذا كانوا يلبون أهدافهم في الرياضة واللياقة البدنية.

يقول جايسون جاكوبس المدير التنفيذي لـ«رن كييبر» الذي يقوم بوضع مخططات للمعلومات التي تتعلق باللياقة البدنية، إن شركته تعمل على توسيع نطاق هذه المجموعة من البيانات إلى ما وراء السرعة والمسافة التي تقطعها هذه التمارين. وثمة جهود أخرى من شأنها جمع البيانات موازين قياس الوزن التي توضع عادة بالحمامات، ومقاييس النوم التي تعمل كلها بواسطة شبكات «واي - فاي»، بحيث يمكن للذين يمارسون رياضة الجري رصد ومراقبة سرعاتهم مقابل قياس أوزانهم وأسلوب نومهم.

ويضيف جاكوبس أنه «ستظل هنالك استمرارية بالابتكارات الخاصة بالبيانات الجديدة والشديدة التأثير حول ترميم صحة الجسم البشري. فالذي شرع الكل يدركونه، أنه من المهم جمع المعلومات، لكن ثمة حاجة ماسة إلى طرف يقوم بتحويلها إلى أمور مفهومة وعقلانية».

* خدمة «نيويورك تايمز»