هواتف جوالة.. تحل محل الأجهزة الملاحية

هاتف «أندرويد» وتطبيقاته يعوضان جهاز «جي بي إس»

اختبار هاتف «أندرويد» مع جهاز «جي بي إس» داخل السيارة
TT

كنت في طريقي إلى إحدى دور السينما المفضلة لي، التي تبعد بنحو 15 دقيقة بالسيارة. وعلى الرغم من أنني أذهب إلى هناك ما بين 3 و4 مرات سنويا، فإنني دائما ما أنسى أي مخرج علي اتخاذه. ولحسن الحظ، لم يكن لدي جهاز «جي بي إس» واحد فقط، بل اثنان على لوحة القيادة: موديل معروف من صنع «غارمين» وهاتف «أندرويد» ذكي.

ما أدهشني في طريقي إلى هناك هو أن الهاتف الذكي بدا وكأنه يعمل كجهاز الـ«جي بي إس». لكن ما أذهلني أيضا هو أنهما أحيانا ما وفرا لي الفائدة تماما كما لو كنت أطل برأسي من النافذة وأطلب النصيحة من شخص غريب.

خدمات ملاحة هاتفية

* لقد تمكن هاتف «أندرويد» الذكي من العثور على الاسم الفعلي للسينما، لكنه حدد موقعها على أنه يبعد بمسافة 75 ميلا وتفصلني عنه 90 دقيقة بالسيارة. بدا جهاز الـ«جي بي إس» وكأنه قد حدد الموقع الصحيح؛ فقد تعرفت على المخرج الذي وجهني إليه وسرت فيه. بعدها، وباتباعي توجيهات نظام الإرشادات الاتجاهية (turn-by-turn navigation)، وجدت نفسي بعيدا بمسافة عدة مبان في وسط شارع سكني، ولم أبصر أي سينما.

وبسببهما، ضاعت علي أول 20 دقيقة من الفيلم.

مثلما سيثبت معظم المستخدمين، فإن جميع أجهزة «جي بي إس» تقع في أخطاء، سواء أدفعت 2000 دولار مقابل نظام إرشاد وتوجيه ملحق السيارة أو عشر سعر شراء جهاز نقال مزود بالمميزات نفسها. والآن، يجب أن يسأل كل سائق نفسه: لماذا يتعين علي دفع حتى 200 دولار مقابل شراء جهاز «جي بي إس» أحيانا ما يقع في أخطاء، في الوقت الذي يمكن أن يقوم فيه هاتف ذكي بالمهمة نفسها؟

يجد أصحاب الهواتف الذكية التي تعمل بنظام تشغيل هاتف «أندرويد» مبررا أفضل، ألا وهو أن خدمة الإرشاد والتوجيه على هاتف «أندرويد» مجانية.

يشمل تطبيق «مابس» المجاني الخاص بـ«غوغل»، الذي يأتي مع هواتف «أندرويد» الذكية، تعليمات صوتية ونظام الإرشادات الاتجاهية، تماما كالأجهزة المستقلة بذاتها (هذه فئة تتفوق فيها هواتف «أندرويد» بشكل واضح على «آي فون». لا يوفر تطبيق «غوغل مابس» في «آي فون» هذه السمات).

مقارنة الأجهزة

* لكن هل تطبيق الهواتف الذكية المجاني بنفس كفاءة جهاز مصمم خصيصا للإرشاد والتوجيه؟ أردت أن أتحقق من ذلك من خلال اختبار الجهازين جنبا إلى جنب؟

يرى مصنعو أجهزة الإرشاد والتوجيه، الذين قد شهدوا انخفاضا في مبيعات الأجهزة القائمة بذاتها بنحو 20 في المائة عن ذروة الارتفاع التي شهدتها في عام 2008، أنه يمكن الجمع بين تطبيقات الإرشاد والتوجيه المضمنة بالهواتف الذكية منخفضة التكلفة وبين الأجهزة المستقلة بذاتها. فكل منهما يلائم نوعا مختلفا من الأشخاص. فالأشخاص الأصغر سنا ينجذبون إلى التطبيقات، في حين يفضل السائقون الأجهزة المستقلة بذاتها التي تشتمل على شاشات أكبر، بحسب بيل ستراند، مدير قسم تسويق المنتجات بشركة «ماجلان». وللتأكد من مدى صحة هذا الافتراض، وضعت جهاز «غارمين نوفي»، موديل 2350LMT (بسعر 185 دولارا) وأحدث هاتف «أندرويد» من شركة «موتورولا»، وهو «درويد إكس 2» في لوحة القيادة بسيارتي «أودي» (ثمة مئات من موديلات «جي بي إس»؛ لكني اخترت «غارمين» نظرا لشعبيته)، ومعتمدا على كل هذه الأجهزة، توجهت بصحبة الأطفال إلى طريق فينتورا السريع المختنق مروريا في لوس أنجليس، ثم إلى ديزني لاند.

ويصمم جهازا «درويد» و«غارمين» بشاشة مقاس 4.3 بوصة. كانت شاشة «درويد» أكثر نقاء، وبسبب سطحها العاكس، بدت درجة حدة الصورة شديدة.

كتبت «ديزني غراند كاليفورنيا هوتيل آند سبا»، وأتاحت لي الذبذبة البسيطة معرفة الوقت الذي تم فيه تسجيل الضغطة الأساسية. بالمقارنة، عادة ما كنت أضغط الزر الخاطئ بجهاز «غارمين».

كان من السهل متابعة الخرائط بكل جهاز وقراءتها؛ ويأتي نمط الرسوم البيانية وفقا للتفضيلات الشخصية. لكن إذا أردت أخذ صورة عامة لرحلاتك، يوفر «غوغل» فقط صورة بالقمر الصناعي لطريقك، تشبه تماما صورة بالقمر الصناعي على خريطة «غوغل» على جهاز كومبيوتر. وتعمل الخرائط البيانية بشكل جيد بالمثل، لكني وجدت شيئا مرضيا فيما يتعلق بمشاهدة ما يحدث هناك بالفعل.

حينما تصل لوجهتك المقصودة، يتحول تطبيق «غوغل مابس» (خرائط غوغل) بشكل مؤتمت إلى عرض الشارع المعتاد، معطيا لقطة على مستوى الشارع للمكان الذي ترغب في أن تكون فيه. وباستخدام «غوغل مابس» في العثور على طريقي إلى المنزل، وجدت أن من المربك أن أفاجأ برؤية صورة لمنزلي، التي لم ألتقطها، بينما أنا أقود متجها إليه.

«خرائط غوغل»

* وفي الإرشاد والتوجيه، يمكن أن تعني الثواني الاختلاف بين الاتجاه إلى المخرج الصحيح على الطريق السريع أو القيادة لمسافة 10 أميال أو 20 ميلا إضافية إلى المخرج التالي. كان تطبيق «غوغل مابس» بشكل عام أسرع؛ ففي بعض الأحيان، أتت أوامره الصوتية أسرع بثلاث ثوان، مما يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في حالة ما إذا لم تكن انفعالاتك سريعة.

احتل «غوغل مابس» أيضا المركز الأول حينما تعلق الأمر بالبحث عن مكان معين. استغرق البحث عن أقرب فرع لمقهى «بييت» على جهاز «غارمين» 27 ثانية، ولم يتمكن مطلقا من العثور على أقرب مقهى لمنزلي. لم يتمكن «غارمين» من العثور عليه حتى عندما وقفت بسيارتي أمام فرع المقهى. ربما يكون مزود الخرائط في جهاز «غارمين» أحد المعجبين بسلسلة «ستاربكس».

للأسف لا تترجم السرعة دائما في صورة دقيقة. فلم يكن أي من الجهازين دقيقا بشكل كامل، سواء في تحديد أقصر الطرق أو تحديد موقع عنوان.

وفي الوقت الذي عادة ما يمكنك فيه تغيير الأصوات على أجهزة قائمة بذاتها، متحولا إلى صوت نسائي باللهجة البريطانية، على سبيل المثال، بدلا من صوت باللهجة الأميركية، استخدم هاتف «أندرويد» الذكي حديثا مركبا صناعيا يولده الكومبيوتر فقط. غير أنه كان من السهل جدا الفهم وعدم الوقوع في عدد من أخطاء النطق تفوق تلك التي يقع فيها أي من الأجهزة المنافسة له.

في رحلتي إلى ديزني لاند في أناهايم، ابتعد تطبيق «غوغل مابس» عن الموقع الصحيح لفندق «ديزني غراند كاليفورنيا هوتيل آند سبا» بنحو ميل، موجها إياي للوقوف أمام فندق صغير رخيص. لكن عندما يكتشف أحد مستخدمي تطبيق «غوغل مابس» خطأ، مثل ذلك المتعلق بفندق «ديزني»، يمكنه الإبلاغ عنه مباشرة من الهاتف الذكي. وبإمكان مستخدمي الأجهزة المستقلة بذاتها الإبلاغ عن الأخطاء فقط عن طريق إرسال رسالة بريد إلكتروني أو زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة. ولا يزود الهاتف الذكي النظام بتقرير تقييمي أسرع فحسب، وإنما يزيد أيضا احتمالية أن يبلغ المزيد من الأشخاص عن أخطاء. عادة ما تقوم شركات إنتاج أجهزة الـ«جي بي إس» بتحديث الخرائط مجانا، لكن خدمة «غوغل» تقوم بهذه المهمة على الفور من دون أي مجهود خاص. ولا يجب توصيل جهاز «غارمين» والكثير من أجهزة «جي بي إس» الأخرى بجهاز كومبيوتر لتحديث الخرائط بها، لكن بعض الأجهزة، مثل تلك التي تصنعها «ماجيلان»، لا تعمل إلا مع نظام «ويندوز».

حركة المرور

* وفيما يتعلق ببيانات حركة المرور وإعادة التوجيه الحية - كنت أقود أثناء عطلة نهاية الأسبوع في «كارماغيدون»، حينما تم إغلاق طريق 405 - كان هناك ارتباط.

وبينما كانت جميع الأجهزة دقيقة إلى حد ما في الإبلاغ عن الحوادث والإبطاءات، يشير نظام الطريق السريع هنا إلى أنه دائما ما يكون مجرد البقاء في المكان نفسه أسرع من محاولة السير في الشوارع الجانبية، وهو ما أشار إليه كل جهاز بينما كنت أتقدم ببطء في الطريق السريع.

لكن نظرا لأن البيانات الخاصة بحركة المرور يتم نقلها عبر إشارة راديو «إف إم» لأجهزة «جي بي إس» القائمة بذاتها، فإنها لا تكون متاحة إلا عندما يتم توصيل الجهاز بموصل الطاقة بالسيارة بدلا من استهلاك بطاريته الداخلية. يقوم هاتف «أندرويد» الذي يشغل تطبيق «غوغل مابس» بجمع معلومات عن حركة المرور حتى عند تشغيله بقوة بطارية.

إذا كنت تخطط لاستخدام تطبيق «غوغل مابس» بشكل معتاد، فربما يفيدك أن تكون لديك خطة بيانات غير محدودة، حيث إن تطبيقات الإرشاد والتوجيه عادة ما تكون مكتظة بالبيانات.

إذن، أيهما سأستخدم وأيهما سأحتفظ به في خزانتي مع أقراصي المرنة؟

إذا كان بإمكانك تحمل فكرة عدم حمل هاتفك الذكي بين يديك أثناء قيادتك وعدم الاستماع لأغنياتك المفضلة، يأتي جهاز «أندرويد» في الصدارة. فمميزاته تماثل المميزات المتوفرة في أي جهاز قائم بذاته وعادة ما تتفوق عليها. وبالطبع يسير السعر في الاتجاه الصحيح.

* خدمة «نيويورك تايمز»