فنون من التصوير الفوتوغرافي.. باستخدام «آي فون»

أنماط جديدة يمارسها فنانون هواة متجولون في المدن الأميركية

TT

إنهم يبدون للوهلة الأولى وكأنهم وفد من السياح المتجولين في الحي الصيني في سان فرانسيسكو، لكن ما يميز هذه المجموعة هو أن جميعهم كانوا يلتقطون صورا فوتوغرافية من دون آلة تصوير رقمية. ولم يكن أحد يحمل كاميرات رقمية عكسية مفردة العدسة حول رقبته أو كاميرات تصوير تتدلى بحبل من معصمه، بل يحملون جهاز «آي فون» ويلتقطون صورا سريعة بحماسة كبيرة. كان أكثرهم من سكان سان فرانسيسكو الذين تجمعوا في الحي الصيني في صباح يوم سبت دافئ للمشاركة في إحدى الفعاليات التي تضم محبي التصوير عن طريق جهاز «آي فون» الذين يعرضون ما يلتقطونه من صور عبر خدمة «إنستا غرام» Instagram التي يتيحها «آي فون»، وهي عبارة عن شبكة تضم أكثر من 7 ملايين مستخدم.

* تطبيقات التصوير

* يقوم براين روبرتس بدور المرشد خلال هذه الجولات ويعرف بين معجبيه باسم «الدكتور الشعبي». بفضل ذلك التطبيق، رسخت الصور التي التقطها روبرتس مكانته كمبتكر يستخدم «آي فون» باعتباره وسيلة فعالة للتعبير الإبداعي أكثر منه لعبة في حجم الجيب. يحدث الجزء الأهم من هذه الجولات التي ينظمها في ما بعد عندما يتجمع المشاركون في مقهى بالحي الصيني لتناول مشروبات ومشاهدة الصور. يسأل روبرتس البالغ من العمر 34 عاما ومدير التواصل في «بوست غرام»: «هل جربت تطبيق «سينث كام» Synthcam؟ إنه نتاج جهد مجموعة من الأساتذة في جامعة ستانفورد، ورائع في عمل عمق بسيط». ويقود هذا إلى نقاش يتضمن المقارنة بين أفضل التطبيقات في تعديل الصور على الهاتف الجوال.

وقال روبرتس في مقابلة في وقت لاحق: «هناك شكل جديد من الفن في طريقه إلى الظهور. لقد اعتدت أن أرد بطريقة سيئة على الذين يطلقون عليه التصوير بهواتف (آي فون) لأن ذلك يبدو مصطنعا. لكن بمرور الوقت أشعر أن هذا النوع من التصوير الفوتوغرافي فن مميز مستقل بذاته».

وساعدت آلاف تطبيقات التصوير الفوتوغرافي منخفضة التكلفة التي يوفرها متجر «آبل» على ازدهار وانتشار هذا النوع من التصوير. وتوفر كذلك متاجر «آندرويد» تطبيقات خاصة بالصور. وأصدر مبتكرو التطبيقات مجموعة رائعة من الوسائل التي يمكن استخدامها للقيام بمهام أساسية في تحسين الصورة مثل تعزيز قوة الإضاءة أو الوضوح أو التضاد أو القيام بخدع أكثر تعقيدا مثل دمج الصور معا أو تحليل صورة إلى أشكال وألوان.

على سبيل المثال يحول برنامج «بيركولاتور») Percolator 1.99 دولار) الصور إلى فسيفساء ملونة تبدو مثل زجاج ملطخ. ويربط تطبيق آخر هو «إنترليسر» Interlacer (99 سنتا) صورتين معا لعمل صور تبدو وكأنها معروضة على شاشة تلفزيون ملون قديم بحاجة إلى إصلاح.

* فعاليات مصورة

* حول المبشرون بالتصوير عن طريق جهاز «آي فون» الهواة مثل روبرتس وحماستهم تجاه هذه التطبيقات إلى فعاليات تحث المصورين المبتدئين والقدامى على مناقشة ملاحظاتهم وتقنيات التصوير والتعارف أثناء التقاط صور. يتم الإعلان عن هذه الفعاليات التي أقيمت في أماكن مختلفة مثل هونغ كونغ ونيويورك وسياتل وأوستين وتكساس من خلال موقع «تويتر» و«فيس بوك» والمدونات وتطبيق «إنستا غرام».

أشرف أليكس سواريز، الذي يعمل فنيا في مجال تكنولوجيا المعلومات في أوستين، لسنوات على فعاليات تقليدية خاصة بالمصورين، لكنه بعد تنظيم أول فعالية لمصوري «آي فون» في يوليو (تموز) الماضي لاحظ أنه جذب مجموعة مختلفة من الناس. يقول سواريز: «تتخذ فعاليات السير التقليدية طابعا جادا، على عكس فعاليات التصوير (آي فون) التي تجذب مجموعة مختلفة من المهتمين بالتصوير، فهي تتخذ طابعا أكثر اجتماعية حتى إن بعضهم يحضر أطفاله معه».

يقول تايسون ويتلي، محرر صحافي أميركي يعيش في هونغ كونغ ونظم العديد من فعاليات التصوير هناك: «إن الهدف هو الاستمتاع والتقاط الصور. نحن نحاول اختيار المواقع التي يمكن أن يستمتع عدد كبير باكتشافها والتجول فيها بحرية دون أن يضلوا الطريق. لا يوجد برنامج محدد، لكن غالبا ما يتجه الحديث نحو إسداء النصائح والتقنيات والتطبيقات المفضلة. وكثيرا ما نختتم الفعالية بتناول غداء أو مشروبات».

تجعل الشبكة الاجتماعية مع مرشحات الصور وأدوات تحسين الصور من السهل عرض الصور على الهواتف الذكية. ويؤدي تقاسم الصور إلى انتشارها من خلال عرض الصور على مجموعة متنوعة من الصور التي يمكن عملها باستخدام أجهزة «آي فون» التي يحملونها في جيوبهم.

تأتي لحظة المفاجأة بالنسبة إلى الكثير من مستخدمي الهواتف الذكية عندما يدركون أن الجهاز به إمكانات تفوق مجرد التقاط لقطات سريعة لقطط أو صور لأطباق من الطعام. ويقول روبرتس: «يحدث التحول الكبير عندما تنتقل من استخدام الكاميرا في الحياة اليومية إلى النظر إليها كوسيلة للتصوير».

* صور غير عادية

* لقد جاء ويتلي الإلهام عندما بدأ يعدل الصور على جهاز «آي فون» الخاص به كنوع من شغل وقت الفراغ خلال رحلته بالقطار من سان فرانسيسكو إلى سيليكون فالي التي تستغرق نحو الساعة عندما كان يعمل مصمم ألعاب فيديو. وأثناء تجربته بعض التطبيقات الخاصة بالصور، كان يعمل على عمل بصمة له في مجال التصوير باستخدام جهاز «آي فون». وكان يقوم بتعديل الصورة باستخدام عدة تطبيقات بترتيب محدد بدلا من الاكتفاء بتطبيق واحد. وكانت هذه العملية تنتج صورا غير عادية لا يتضح بها كثيرا أنها مصنوعة على هاتف جوال.

وقد أخذ لقطتين في إحدى الصور للأفق في سان فرانسيسكو، ثم استخدم تطبيق «ديسيم 8» Decim8 (99 سنتا) لتكسير أنساق الصور وتطبيق «سترايب كام» StripeCam (99 سنتا) لتحسين الخطوط الرأسية للمباني. لقد استخدم تطبيق «ترو إتش دي آر» TrueHDR (99 سنتا) أخيرا لتجميع الصورتين وإحداث تأثير «شبحي».

كانت هذه التقنية الخاصة بالتعديل التسلسلي امتدادا طبيعيا لتجربته. ويوضح ذلك بقوله: «لقد كنت أرى التطبيقات كمجموعة من الحيل التي ترتبط معا لتكون مركبا». وكثيرا ما كان يلحق بصوره ملاحظات إنتاجية على «إنستا غرام» لإرشاد المعجبين ومن يرغب في محاكاته. ويعد التصوير باستخدام تطبيق كاميرا ثم العمل عليها من خلال تطبيق «ديسيم 8» والدمج بتطبيق «ترو إتش دي آر» من أشهر النماذج.

* كاميرا «آي فون»

* هذه النصائح الخاصة بالتطبيقات لا تقدر بثمن لأن أجهزة «آي فون» الذي يبدأ سعر الواحد منها بـ199 دولارا تعد وسيلة للتصوير تطبق مبدأ المساواة. كثيرا ما تتطلب التقنيات المتقدمة في الكاميرات التقليدية معدات باهظة الثمن مثل العدسات والمرشحات المتخصصة وإضاءة خاصة. وبالنظر إلى أجهزة الكومبيوتر الشخصية وبرامج تعديل الصور التي يمكن أن يتعدى سعرها 600 دولار والتصوير بكاميرات رقمية عكسية مفردة العدسة، يمكن أن يصبح التصوير هواية مكلفة للغاية.

على العكس من ذلك، يعد جهاز «آي فون» وسيلة ذات تكلفة معقولة للمصورين الطامحين، لأن تكلفة أكثر التطبيقات لا تزيد على دولار أو اثنين. لكن هذا بطبيعة الحال يعرض مجال التصوير بأجهزة «آي فون» لانتقاد بأنها ليست تصويرا فوتوغرافيا، بل أشبه بلعبة فيديو. لكن روبرتس لم يلق بالا لهذا الانتقاد.

وقال روبرتس: «كان يتردد كثيرا منذ خمس سنوات أن التصوير الرقمي ليس فنا حقيقيا. هناك صراع دائم بين النهج التقليدي والتجديد».

*خدمة «نيويورك تايمز»