نظم مؤتمرات الفيديو.. تجاهد لتحقيق النجاح

نظام جديد يتواصل مع عدد كبير من الشاشات

بانوراما نظام فيديو
TT

أن تفهم التفاعل الإنساني ليس سهلا، فنحن نميل إلى أن نكون معقدين ومختلفين تماما. والسبب الذي لا يجعلنا نعقد مؤتمرات الفيديو بشكل منتظم، يعود جزئيا، لا إلى أن هذه النظم لا تتفاعل، بل لأنها لا تحتضن الأسلوب الذي نرغب أن نتواصل عبره.

يقول روب إندرلي في مجلة «تك نيوز وورلد» الإلكترونية إنه شرع في تغطية منتجات المؤتمرات الفيديوية منذ أواخر الثمانينات، وشاهد أول الأعمال في أواسط الستينات، كطفل في ديزني لاند. وخلال السنوات نزلت إلى الأسواق موجات من المنتجات التي تعهدت بأنها ستكون الإنجاز الكبير في عالم الاتصالات، لنكتشف أنها لا تلبي حتى أقل التوقعات منطقية بعد طرحها في الأسواق، حيث يصل عدد المستخدمين إلى المليارات.

وفي الواقع نحن نملك أجهزة لابتوب، وأجهزة لوحية، وهواتف ذكية، قادرة جميعها على عقد مؤتمرات الفيديو، لكن نسبة قليلة منها تستخدمها، والأقل منها حتى تقوم بذلك بشكل منتظم. والمشكلة هنا ليست التقنية، ولا في توفرها، أو حتى الكلفة، بل في الأشخاص أنفسهم. وأخيرا قد يصبح منتج يدعى «فيديو - Vidyo» أفضل نظام لمؤتمرات الفيديو في العالم.

* نظرة تاريخية

* أول منتج لمؤتمرات الفيديو كان في منتصف القرن الماضي. وكان غير عملي إطلاقا، نظرا لأن الشبكات لم تكن حينذاك رقمية. لكنه كان يتم عن طريق دخول أحد الاكشاك في ديزنيلاند، والتحدث مع شخص أخر في كشك أخر يراه على الكاميرا. ولكون الاكشاك كانت قريبة الواحدة من الأخرى، فإن الأمر لم يكن مذهلا كتقنية اتصالات، لكن الجميع إتفق على إنها خطوة إلى الأمام.

وفي أواخر الثمانينات ظهرت موجة من الشركات، التي توفر نظم المؤتمرات التي تجري بين الغرف، واستمرت عبر التسعينات قبل أن تختفي. أما الوعد في الاقتصاد في كلفة السفر وتوفير مبالغها، بإحلال محلها غرف صغيرة مليئة بأجهزة لا تعمل جيدا، فإنه لم يتحقق بتاتا.

وفي العقد الماضي شاهدنا ولادة نظم مؤتمرات الفيديو العالية الوضوح، لأن صانعي الأجهزة فسروا المشكلة بأننا لا يرى بعضنا بعضا بشكل واضح. لكنهم عالجوا بعضا من المشكلات الأكثر جدية، لكن بقيت مشكلة واحدة معروفة، وهي أن النظم والأجهزة هذه لا تتفاعل، مما جعلها تستبعد عن الاستخدام، باستثناء عقد اجتماعات موظفي الشركة ذاتها عليها.

ومع الكلفة العالية للأجهزة الجيدة منها التي قد تصل إلى نصف مليون دولار، فإنها جعلت الشركات الصغيرة البعيدة غير قادرة على اقتنائها، بيد أنه في العام الحالي ظهر واحد من أفضل هذه الأنظمة، الذي أثار الأسواق، فقد بيعت حلوله إلى شركة «بوليكوم» التي قد تتحول إلى واحدة من أكبر مقابر أجهزة مؤتمرات الفيديو.

ويبدو أن المشكلة الكبرى التي لا يود أحد مواجهتها هي أننا عموما لا نرغب في التحدث فترة طويلة ونحن ننظر في عيني وجه شخص آخر. وبشكل عام، وخصوصا بالنسبة إلى الأشخاص، فإن هذا ليس غير مريح فحسب، بل إنه يؤدي أيضا إلى سلوك تواجهي. قد يكون هذا الأمر مقبولا لعدة دقائق، لكنه غير مريح إذا تعدى تلك الفترة.

والاختبار الكبير هنا هو ما إذا كان الأشخاص يستخدمون هذه النظم طبيعيا عندما يمنحون هذه الفرصة، وغالبيتهم لا يفعلون ذلك. وعلى الرغم من أن السفر بالطائرات هذه الأيام هو أمر غير مريح، فإنه يجري تفضيله على استخدام غرف مؤتمرات الفيديو. والحل الوحيد هنا هو قيام الشركات بتقييد السفر الجوي، وإرغام موظفيها على استخدام هذه الغرف.

والمشكلة هنا التي فاتت الجميع هي أنه يتوجب إرغام الأشخاص على استخدام هذه النظم، وهو الأمر الذي لم يحصل مع أجهزة الهاتف، أو غرف المؤتمرات الصوتية، وهذا ليس لأن الأشخاص لا يرغبون في التحدث بعضهم إلى بعض، بل لأنهم لا يودون التحديق في وجوه بعضهم بعضا لفترات طويلة.

وعبر السنوات برزت مشكلات أخرى باتت واضحة، وهي أن الأشخاص البعيدين أضحوا ينجذبون ويتوقون إلى الحلول الفيديوية، لكن الذي يحتاجون إليه هو الشعور بأنهم مرئيون في الاجتماعات، من دون أن يكونوا هم محط الأنظار. وبعبارة أخرى فهم يرغبون أن يكونوا جزءا من الاجتماع الذي يشاركون به، من دون أن يكونوا المعرفين به أنفسهم، إذ يستبد القلق بالموظفين هنا في أن يكون مديروهم يستخدمون نظم مؤتمرات الفيديو لمراقبتهم عن كثب وبشكل سري، وهذا ما يقلق النساء عموما اللواتي يشعرن بالانزعاج من قيام بعضهم برؤية وجوههن، قبل أن يتسنى لهم الاطلاع على زيهن. فالكاميرا هنا تركز على المتكلم، وليس على ما يقوله أو يشاهده، خصوصا في ما قد يتعلق ببعض عيوب الوجه أو شكله.

* تسع شاشات

* بعد سنوات من محاولات اختيار أفضل منتجات مؤتمرات الفيديو المتوفرة في السوق، يقول أندرلي إنه اختار هذه المرة منتج «فيديو» (Vidyo)، والسبب هو قابلية تطويره وتوسيعه من كومبيوتر «بي سي» لأحد الزبائن في الجانب المتدني من النظام هذا، ليتدرج صعودا إلى نظام بتسع شاشات لتسعة أشخاص. والعدد الأكثر من ذلك بمقدوره المشاركة عن طريق الصوت فقط. والنظام الأخير هذا مثير للاهتمام تماما، لأن التلفزيونات العالية الوضوح رخيصة السعر نسبيا، إذ تستخدم «فيديو» (Vidyo) تلفزيونات عادية من هذا النوع متوفرة في رفوف المحلات، على الرغم من أن بعضها يصل ثمنه إلى 30 ألف دولار.

ويعمل هذا النظام بالبريد الإلكتروني، إذ يجري إرسال رسائل إلى الأشخاص المعنيين للنقر على روابطهم التي يمكن وضعها على التقاويم والمواعيد اليومية قبل عقد جلسات الاجتماع، مما يسهل العملية برمتها.

والجانب العالي من نظام «فيديو» (Vidyo) هذا الذي يدعى «بانوراما»، يستوعب حتى 20 شاشة، ويكلف 40 ألف دولار، التي هي كلفة متدنية مقارنة بما هو متوفر من فئته، كما أنه لا يتطلب أي شبكة مكرسة لذلك. وتعمل «فيديو» (Vidyo) حاليا على توفير هذه الخدمة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.