كومبيوترات تتولى عبء العمل عنك

لدى ملاحظتها علامات التعب وتشتت الذهن

TT

الأحاديث بين البشر لا تشمل الكلمات فحسب، بل تتضمن كل أنواع التلميحات البصرية والسمعية التي تنم عن حالة الذهن آنذاك، والتي تساهم في عملية التفاعل المنتج. لكن كل تقطيبات الحاجبين، وتجعيدات الجبين، وحركات اليدين، والابتسامات، تضيع في الكومبيوتر. ومع هذا شرع الباحثين في معهد ماساتشوستس للتقنيات (إم آي تي)، وجامعة «تفتس»، بإجراء تجارب تتعلق بالأسلوب الذي يجعل أجهزة الكومبيوتر تكتسب قليلا من البصيرة الخاصة بالعالم الداخلي.

* بين الدماغ والكومبيوتر

* ويدعى هذا النظام «براينبوت» Brainput، وقد صمم للتعرف على ما إذا كان عبء العمل ثقيلا، ليقوم تلقائيا بتعديل واجهة تفاعل الكومبيوتر لتسهيل الأمور. ويستخدم الباحثون تقنية خفيفة وجوالة لرصد الدماغ، تدعى «التحليل الطيفي العملي القريب من الأشعة تحت الحمراء» fNIRS، الذي يقرر ما كان الشخص يقوم بأعمال متعددة في الوقت ذاته. وتجري عند ذاك تغذية تحليلات بيانات مسح الدماغ، في نظام يقوم بتعديل عبء العمل الخاص بالمستخدم في أوقات مثل هذه. وبعبارة أخرى يتمكن النظام الكومبيوتري المزود بـ«براينبوت» أن يتعلم كيف يوفر لك فرصة للاستراحة.

وثمة أساليب أخرى يستطيع الكومبيوتر من خلالها تحري متى يصبح عبء العمل العقلي الخاص بالشخص ثقيلا جدا، بحيث تستطيع مثلا تسجيل الأخطاء أثناء الطباعة، أو سرعة الضربات على المفاتيح، كما يمكن أيضا استخدام رؤية الكومبيوتر لمراقبة تعبيرات الوجه، إذ يحاول «براينبوت» الاقتراب من المصدر عن طريق النظر مباشرة إلى النشاط الدماغي، كما تقول إيرن تريسي سولوفي التي تجري أبحاثا ما بعد شهادة الدكتوراه في «إم آي تي». وكانت قد قدمت نتائج أبحاثها إلى مؤتمر التفاعلات ما بين البشر والكومبيوتر، الذي انعقد أخيرا في أوستن بولاية تكساس في أميركا.

وعلى سبيل التجربة، قامت سولوفي وفريقها بتضمين «براينبوت» في روبوتات افتراضية مصممة للتأقلم مع الوضع العقلي للأشخاص هؤلاء الذين يتحكمون بها. وكان الهدف الأساسي لكل مشغل منهم، الذي كان يعتمر على رأسه جهاز fNIRS، توجيه اثنين من الروبوتات المختلفين عبر متاهة للعثور على موقع، حيث إشارة «واي - فاي» قوية بما فيها الكفاية لإرسال رسالة. لكن الصعوبة هنا كانت في مواظبة المشغلين على التحول بين الروبوتين، محاولين تعقب مكانهما، وجعلهما يتفاديان الاصطدام بالجدران.

* تحسن الأداء

* وبينما كان أفراد فريق البحث هذا يقودون روباتاتهم نحو مكان إشارة «واي - فاي» القوية، كانت مستشعراتها fNIRS تبث معلومات حول وضعها العقلي. وكانت الروبوتات من جهتها مبرمجة للتركيز على الحالة الذهنية التي تدعى «التشتت»، عندما يكون الشخص يعمل في الوقت ذاته على هدفين، ويتطلب منه تركيزا شديدا. ولدى تحسس الروبوتات بـ«تشتت» ذهن مشغليها، تولت هي عملية الملاحة بنفسها.

وعندما وجد الباحثون انطلاقة استقلالية الروبوتات في مهمتها، تحسن أداء فريق البشر والروبوت معا. وبدا أن المشغلين لم يصابوا بخيبة، أو يلاحظوا خطأ في التصرف الاستقلالي، أو الذاتي للروبوتات، لدى قيامها بالأعمال المتعددة في الوقت ذاته.

ويقول دينسي تان، الباحث في قسم الأبحاث التابع لـ«مايكروسوفت»، إن «جزءا كبيرا من أبحاث التفاعل بين البشر والكومبيوتر في هذه الأيام تركز على إعطاء الأخير إحساسات أفضل بحيث يمكنها صراحة أو ضمنا، تعزيز ذكائنا للمساعدة في القيام بأعمالنا». وأضاف «إن العمل هذا خطوة رائعة نحو تفهم حالتنا الذهنية المتغيرة، وبالتالي تصميم واجهات تفاعل تقوم بشكل ديناميكي بتفصيل ذاتها لجعل النظام البشري - الكومبيوتري فعالا قدر الإمكان».

وتقول سولوفي إنه يمكن استخدام مثل هذا النظام لمساعدة السائقين والطيارين والمشرفين على المركبات الجوية غير المأهولة، كما وأن الأعمال المستقبلية من شأنها تقصي الحالات الإدراكية الأخرى التي يمكن قياسها بشكل موثوق عن طريق استخدام fNIRS.