«غوغل» و«مايكروسوفت» تتنافسان لتطوير مبادئ بحث جديدة

محركات البحث توفر جوانب معرفية إضافية عن الأشخاص والأحداث

TT

للمكتبات عادة ما يسمى «دليل، أو فهرس البطاقات»، وكل من هذه البطاقات تبلغك أي رف يتضمن الكتب، أو المجلدات المطلوبة، لكن يتوجب عليك الذهاب بنفسك لإحضارها. أما اليوم فيجري التفتيش عن الكتاب في المكتبة، عن طريق شاشة الكومبيوتر، لتقوم على الأغلب على قدميك أيضا بإحضاره بنفسك. وهو الأمر ذاته الذي ينطبق لدى التنقيب في الشبكة، فقد تفتش عن طريق «غوغل» مثلا، لكن يتوجب عليك كذلك إحضار الكتاب بنفسك.

* معلومات إضافية

* لكن هذا الأمر سرعان ما سيتغير. فقد أضافت كل من «غوغل» و«مايكروسوفت» أخيرا مميزات جديدة في محاولة لتجنيبك القيام بالإجراء الأخير. فلدى قيامك بالبحث في «Google.com» أو «Bing.com»، فأنت لا تحصل على لائحة بصفحات الشبكة فحسب التي تناسب بحثك، بل تحصل أيضا إلى اليمين، حيث يوجد فراغ في صفحة النتائج، على معلومات حول الموضوع، مجهزة بعناية في إطار جديد موجز وجذاب.

وتسمي «مايكروسوفت» هذه اللوحة «اللقطة السريعة» Snapshot، أما «غوغل» فتسميها «الرسم البياني المعرفي»Knowledge Graph.

وفي «غوغل» مثلا تقوم لوحة، أو إطار Graph بعرض ملف صغير مستمد على الأرجح من «ويكيبيديا». ولدى البحث عن شخصية معروفة، تحصل عادة على تاريخ ولادته ووفاته، واسم زوجته وأولاده، وثقافته، وعلى وصف لأعماله والمناصب التي تقلدها، ومؤلفاته وغيرها من المعلومات.

وقد تحصل على لوحات معلومات مشابهة لدى البحث عن اسم كتاب، أو فيلم سينمائي، أو قطعة موسيقية. والمعلومات هذه مستمدة، كما قلنا، من «ويكيبيديا»، أو كتاب الحقائق العالمية الذي تصدره وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في أميركا، أو «فريبايس»، أو «كتب غوغل». وتقول «غوغل» إن قاعدة المعلومات بـGraph بشكل عام، تتضمن موجزا لنحو 500 مليون إدخال.

وقد يبدو هذا عملا هائلا، لكن «غوغل» محقة بقولها إن هذا العمل هو «خطوة صغيرة». ومثال على ذلك فإن اللوحة هذه لا تظهر لدى البحث عن الفنادق، أو المطاعم، أو الشركات، أو الأحداث، أو الشخصيات الخيالية، مثل «علي بابا».

ولدى ظهور لوحة الرسم البياني المعرفي (غراف) ، فإنها تخدم غرضين نافعين جدا. الأول أنه يظهر لدى البحث عن شيء له معان عدة مختلفة، ككلمة «شيكاغو» مثلا، فهل هي المدينة الأميركية المعروفة، أم اسم الفرقة الموسيقية الشهيرة؟

الأمر الثاني كما يقول ديفيد بوغ في «نيويورك تايمز»، يكشف أسفل اللوحة البحوث المشابهة التي قد تثير اهتمامك، والتي تقوم على السلوك البحثي للأشخاص المتعاطفين مع «غوغل». فإذا كنت تبحث في برنامج تلفزيوني كوميدي معروف، فقد يقودك بحثك هذا إلى آخرين قد تعجب بتعليقاتهم.

وكانت «مايكروسوفت» قد طرحت أخيرا أيضا شيئا مشابها هو لوحة «اللقطة السريعة» Snapshot، كما أسلفنا سابقا. وهنا أيضا تظهر اللوحة إلى يمين لائحة النتائج العادية. وهي تشبه لوحة «غوغل» ولكن بتركيز مختلف. فهي تظهر فقط لدى البحث المرتبط بالإنفاق، أو صرف بعض المال. لذا فهي تبرز فجأة فيما يخص المطاعم، ودور السينما، والفنادق، والفعاليات المختلفة، وغيرها.

* تفاصيل متكاملة

* وتظهر هذه اللوحات السريعة أحيانا مكتملة تماما، بتفاصيل ذات علاقة ببحثك، وأحيانا أخرى يتوجب عليك التوجه إلى الإشارة «>» التي تظهر إلى جانب البند في لائحة نتائج البحث الرئيسية. لكن بحث «بنغ» Bing هذا ليس مثيرا للحماسة لدى البحث عن أمور لا تتعلق بالإنفاق والصرف. ومثال على ذلك فإن البحث المتعلق بشخصية معروفة، قد ينتج عنه فقط تاريخ الولادة، وعدد متابعيها على «تويتر»، ولكن من دون صورة، أو المناصب التي تقلدتها.

ولكون «بنغ» لا تملك لوحة بالمعلومات المفصلة، فإنها تملأ الحيز المخصص لها بالإعلانات. ومع ذلك عليك أن تحاول استخدام «بنغ» بدلا من «غوغل» لمدة أيام قليلة لسببين؛ الأول هو أنه قد تطور وتحسن كثيرا منذ إطلالته قبل ثلاث سنوات، إذ تؤكد «مايكروسوفت» أن الجمهور في الاختبارات العشوائية التي قامت بها، يفضلونه على «غوغل» لأول مرة خلال العام الحالي.

أما السبب الثاني، وهو الأهم، هو ميزة «سايدبار» الجديدة التي هي عبارة عن شريط جانبي عبارة عن لوحة نحيفة رمادية تتضمن لائحتين: الأولى هي «الأصدقاء الذين قد تعرفهم» من «فيس بوك»، الذين قد يعرفون الإجابة عن أسئلتك معتمدين على مكان إقامتهم، والصور التي نشروها، ومواد «فيس بوك» التي أعجبتهم.

الثانية: «الأشخاص الذين قد يعرفون الإجابة» وهم أشخاص «تويتر»، و«فيس بوك»، و«غوغل بلاس»، والمدونات الذين نشروا علانية ما يتعلق بالموضوع المهتم به أنت. وتقول «مايكروسوفت» إنها ستقوم قريبا بإضافة «لينكيد إن»، و«فورسكوير»، و«كيورا» للائحة الثانية.

ويبدو أن هذه الفكرة شرعت تنمو وتنمو بشكل كبير، لأن الأفراد أذكياء جدا، أكثر بكثير من آلات البحث الأوتوماتيكي. فالأشخاص قادرون على الإجابة لأنهم عاشوا حياتهم وطوروا أفكارهم وخبراتهم، خلافا للمواقع الروبوتية على الشبكة التي لا تملك خبرة مذاقية مثلا بالمطاعم. وإذا بحثت في «بنغ» عن «دهانين للأبنية في نيويورك»، فقد يسمي أصدقاؤك بعض الذين يعرفونهم ويوصون بهم. لذا فإن مبدأ «سايدبار» في هذا الإطار هو أشد فعالية وتأثيرا.

إن التطورات الجديدة الصغيرة هذه التي حصلت أخيرا مرحب بها ومفيدة جدا، ولا توجد نواحٍ سلبية فيها، باستثناء بعض القليل. وتؤكد «مايكروسوفت» و«غوغل» أن مثل هذه الخطوات ما هي إلا مقدمة جميلة لمستقبل مشرق، حيث إن صفحات البحث تدرك تماما ما تعنيه وتبحث عنه، كل ذلك عن طريق نقرة واحدة، بحيث تقوم أيضا بإنجاز الأعمال لك. فهاتان الشركتان لا تكتفيان فقط بفهرسة بطاقات معلومات الشبكة لك، بل ترغبان أيضا بجلب الكتاب لك ووضعه تحت تصرفك.