وداعا لحافظة النقود.. أهلا بالهاتف الذكي

أحدث أسلوب لتسديد الحسابات ينتشر في الولايات المتحدة

TT

كثير من الأشياء التي كنا وما زلنا نقوم بها، التي تجعل أحفادنا يقهقهون من الضحك، التوجه مثلا إلى أحد المخازن لاستئجار فيلم سينمائي، وغيره من الأعمال، يخالف حال العام الحالي 2012، الذي أطلق عصر بطاقات الائتمان، فهو العام الذي شهد لأول مرة تسديد ثمن الأشياء والمشتريات عن طريق ذكر الاسم فقط لأمين الصندوق.

لكن إليك شيئا من التاريخ أولا.. ففي عام 2010 مثلا، اخترعت شركة تدعى «سكوير» قارئة للبطاقات على شكل مربع بلاستيكي صغير أبيض يمكن وضعه في هاتف «آي فون»، أو «أندرويد»، أو الجهاز اللوحي ليتمكن من قراءة بطاقات الائتمان. وفجأة بات الجميع أيضا مستعدا لقبول مثل هذه البطاقات، ابتداء من سائقي التاكسيات، وصولا إلى الباعة في الأسواق الشعبية.

* مدفوعات بالهاتف

* وكانت «سكوير» تتقاضى 2.75 في المائة عن كل عملية بيع وشراء. خلافا لبطاقات الائتمان العادية التقليدية، إذ لا توجد معها أي رسوم شهرية، أو نسب مئوية تتراوح بين الحين والآخر. كما لا توجد تكلفة معدات، لأن القارئة هذه الموجودة في الهاتف مجانية. وانتشرت عدوى «سكوير» في كل مكان كعدوى الفيروسات. واليوم تقول الشركة إن هناك مليوني أميركي سعداء باستخدامها.

وحيث يكون نجاح، يأتي من يقلده! فالقطعة البلاستيكية المركبة بالهاتف باتت في كل مكان، مع اختلاف طفيف بالأسعار والأسواق التي تستهدفها. وتقدم شركة «إنتويت» شيئا يدعى «غو بايمنت» GoPayment التي هي أداة كبيرة ملحقة بالهاتف، وذات تركيب معقد للأسعار. وتستهدف شركة أخرى تدعى «إم باور» الشركات الكبرى الراغبة في تدفق الأموال مباشرة إلى حساباتها، من دون إيداعها أولا في حسابات محجوزة، مثل «سكوير» و«إنتويت» وغيرهما. وتعتبر «باي أنيوير» مزية كبرى لأنه تستحصل على نسبة أقل من الجميع مقدارها 2.69 في المائة.

وأخيرا هناك شركة «باي بال» العملاقة التي داهمت الجميع، فالنسبة التي تتقاضاها هي أدنى من نسبة «سكوير» (2.7 في المائة) وقارئتها هي على شكل مثلث بدلا من مربع. وهي أكثر ثباتا من «سكوير» لدى مسح بطاقة الائتمان داخلها، لكنها كبيرة الحجم نسبيا.

* الدفع «الناطق»

* الآن، وبعد أن تبنت لنا فكرة عما هو موجود، لنشرح كيف تعمل «سكوير» عن طريق أسلوبها «ادفع بواسطة سكوير». فإذا دخلت إلى محل، أو مقهى يدرك أمين الصندوق أنك أصبحت داخل المحل، لأن اسمك وصورتك الصغيرة تظهر على شاشة «آي باد» الخاصة به. ويقوم بإدخال ما اشتريته على جهاز «آي باد» هذا. والآن حانت اللحظة السحرية. فلكي تسدد ثمن ما اشتريته، انطق فقط باسمك. فيقوم أمين الصندوق بمقارنة وجهك بالصورة الموجودة على شاشة «آي باد»، قبل أن يضغط على «O.K.» لإتمام الصفقة. فلا توجد هنا مبالغ نقدية، ولا تواقيع وإمضاءات، ولا حتى ضرورة إخراج الهاتف من الجيب.

ويجري تركيب التطبيق عن طريق اختيار الصورة وربطها ببطاقة الائتمان. وعن طريق استخدام نظام «جي بي إس» يقوم التطبيق أوتوماتيكيا بإدراج أسماء المحلات والمقاهي القريبة من مكان وجودك، التي تستخدم مثل هذا النظام. وإذا قمت بإدارة الهاتف 90 درجة، ترى هذه المحلات كدبابيس ظاهرة على الخريطة. وتقول «سكوير» إن نحو 75 ألف محل تجاري بات يستخدم هذا النظام.

وأخيرا قامت «سكوير» بتحديث خدمتها هذه لجعلها أكثر إغراء للزبائن، بحيث يتمكن البائعون والتجار من تقديم خصما للزيارة الأولى، وخصما بعد الزيارة العاشرة، وغيرها من المكافآت. وهي تظهر على تطبيق الهاتف على لائحة المحلات القريبة.

لكن ثمة بعض الصعوبات والمآخذ. ومثال على ذلك أن بعض التجار من حجم معين هم الذين سيستفيدون من النظام، لأنه يتطلب إدراج كل السلع المعروضة للبيع على الجهاز اللوحي الذي يعمل في هذه الحالة كمسجل. لذلك فإن الشركات التي تبيع آلاف السلع المختلفة تجده غير عملي تماما.

وعلى الرغم من راحة بعض المحلات باستخدام النظام هذا، فإن البعض يشكو من أن بعض الزبائن يضعون صور حيواناتهم الأليفة، أو صور لعبة «سبونج بوب» محل صورهم، الذي من شانه تعطيل آلية الأمان الأساسية في النظام. كما أنه على الرغم من قلة مستخدمي النظام حتى الآن (75 ألف محل)، فإنه يعتبر نظاما جيدا وبسيط الاستخدام، سواء بالنسبة إلى البائع أو المشتري.

ونسخة «باي بال» من هذا النظام يدعى «باي بال لوكال» التي تعمل مع قارئ بطاقات الشركة، ومع المسجلات التجارية الإلكترونية الأخرى، فهي من إنتاج شركات مثل «ليبسيت»، و«شوب كيب»، و«فيند»، و«إيربلي».

وليس من المستغرب أبدا معرفة أن النظام هذا يكشف آخر ما تبقى من الخصوصيات للشركات التجارية، كعدد مرات ترددك على المحلات، وأي البضاعات والمأكولات التي ترغبها، واللون والمذاق اللذين تفضلهما. لكن مع ذلك، فإنه يسلط نظرة إلى المستقبل، بحيث سنستغني يوما عن المحفظة، ليقوم الهاتف مقامها، وبذلك سنحمل في جيوب ستراتنا قطعة واحدة، وليس قطعتين.

* خدمة «نيويورك تايمز»