شاشات الوضوح العالي ونظم الواقع الافتراضي وشبكة الإنترنت الفضائية.. أهم التقنيات المستقبلية

تقنيات يؤمل انتشارها قريبا

TT

«التكهن بالمستقبل» من القدم بقدم الأفكار الإنسانية، وقد تمرسنا بها جيدا عبر مئات السنين، ومع ذلك ثمة أنواع من هذه التكهنات أكثر إثارة للراحة من غيرها، وتوقع المستقبل التقني هو أحدها. ويمنحنا الخيال العلمي نظرة خاطفة عن بعض المستقبل الممكن، لكن الأسلوب الأكثر جدارة وموثوقية لمعرفة ما سيأتي، هو النظر إلى ما يحدث الآن؛ فأرقام المبيعات، وتوجهات التطوير، والمعلومات والبيانات الخاصة بالمستهلكين، تزودنا بنظرة شمولية أكثر للاتجاه الذي سنسلكه.

وإذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار؛ فإليكم لمحة عن 5 تقنيات ناشئة ستكون موجودة في كل مكان عام 2020.

* شاشات مطورة

* «4 كيه»: نحن لا نتحدث فقط عن التلفزيون، بل إن الإذاعات، وبث وسائط المعلومات، والسينما، ستتقيد جميعها بمقاييس «4 كيه» العالية الوضوح والتحديد جدا (أو ما فوق الوضوح العالي «يو إتش دي» UHD) بحلول عام 2020. هذا ما توقعه على الأقل استطلاع أجرته أخيرا مشغلة الأقمار الصناعية «إنتالسات» مع المديرين التنفيذيين العاملين في وسائط الإعلام، فثلثاهم تقريبا زعموا أن «4 كيه» ستكون هي وسيلة البث الرئيسية خلال 5 سنوات من الآن. وحاليا، فإنه من الصعوبة العثور على محتويات من البرامج المعدة بتقنية «4 كيه» لكي تشاهدها على شاشة من هذا النوع أيضا.. والسبب أن المنتجين والشركات التي تقدم مثل هذه المحتويات، يخشون من المساس بالخصوصيات، وبالتالي، فهي مشغولة بتحضير مواصفات ومقاييس لأغراض الحماية. وهذا ما يفضي إلى تكلفة عالية، وكثير من التحديثات والتجديدات، إلى أن تستقر هذه التكلفة، وتبدأ بالانخفاض مع توسع تطبيقها واستخدامها.

وستصبح «يو إتش دي» من الأمور الشائعة في الخدمات العالية، مثل «نيتفليكس»، و«هيليو»، و«إتش بي كيو غو» بدعم من شركات إنتاج الأجهزة والعتاد، مثل «أبل»، و«روكيو»، و«سامسونغ»، قبل أن تشق طريقها عن طريق الكابلات، إلى خدمات «البث المنزلي المباشر» (دي تي إتش) والتلفزيون العامل ببرتوكول الإنترنت (آي بي تي في) الذي يتقدم بتثاقل حاليا، مع تحديد «720 بي» و«1080 آي».

* الواقع الافتراضي

* الواقع الافتراضي: الواقع الافتراضي ربما هو أكثر الأحلام ديمومة لدى التقنيين والناظرين إلى المستقبل، ويعود عهده إلى الثمانينات، وربما أبعد من ذلك.. لكنه حاليا شرع يأخذ شكله النهائي. ولعل الاسم الكبير في هذا المجال هي شركة «أوكيولاس»، التي تخطط لإطلاق عدة الرأس الشهيرة التي طال الحديث عنها «ريفت» في وقت ما في العام المقبل. لكن ثمة الكثير من الشركات الأخرى التي أعجبتها الفكرة وقررت الخوض فيها، ابتداء من شركات جديدة ناشئة مثل «أفيجانت»، وصولا إلى مؤسسات كبرى مثل «سوني».

بيد أن العقبة الكبرى التي تعترض اعتماد هذه التقنية على نطاق واسع، هي السرعة المطلوبة التي تحتاجها الأجهزة بغية تقديم الصور التي تواكب حركات لابس العدة هذه. غير أن المطورين يعملون حاليا بسرعة للعثور على وسيلة لخداع العين، لكي تستوعب التحديد الكامل، والتغذية الفيديوية البطيئة.

والواقع الافتراضي لا يتعلق بالألعاب فحسب، بل يمكن للقطاع الطبي استخدام هذه الأجهزة أيضا لأغراض التعليم، في العمليات الجراحية. كما يمكن للمهندسين المعماريين استخدامه لعرض المشاريع بأسلوب غامر ثلاثي الأبعاد. كذلك يمكن عن طريقه عقد الاجتماعات، وإلقاء المحاضرات من بعيد من دون الحاجة إلى الحضور. ويتفق غالبية الخبراء على أن موعد تفعيل هذا الواقع سيكون خلال 5 سنوات من الآن.

* التصوير المجسم: تعمل شركة ناشئة في كاليفورنيا تدعى «أوستيندو» على مجموعة شرائح يمكنها عرض الفيديوهات على سطح قياس 48 بوصة. ولدى جمعها معا يمكن لأجهزة العرض تشكيل صور أكثر تعقيدا. وباتت لوحات المفاتيح الخاصة بالعرض من الأمور المهمة.

وتعمل شركة «إتش بي» حاليا على واجهة تفاعل بصور ثلاثية الأبعاد خاصة بالهواتف الذكية، وثمة إشاعات تقول إن هاتف «آي فون» الجديد سيتميز بواجهة تفاعل بتصوير مجسم (هولوغرافيك). كذلك أطلقت شركة صينية منتجة للهواتف تدعى «تاكي»، شاشة عرض ثلاثية الأبعاد، تعمل عن طريق قراءة حركات العين. ويمكنها حتى التجاوب مع حركات الأصابع من دون الحاجة إلى لمسها. فقط يمكن تصور كم تكون هذه التقنية متطورة خلال السنوات الخمس المقبلة.

* نظام تشغيل موحد

* كومبيوترات متعددة بنظام تشغيل موحد. الفرق بين الهواتف، والأجهزة اللوحية، واللابتوب، بات مهزوزا ومشوشا.. فقط يمكن النظر إلى أجهزة «مايكروسوفت سيرفيس برو»، و«لينوفو يوغا»، ومجموعة «أغسوس ترانسفورمر» التي هي هواتف بحجم الأجهزة اللوحية، أو أجهزة لوحية بحجم الهواتف تقوم بعمل اللابتوب.

ولكون جميع الأجهزة الجوالة في طريقها حاليا لتصبح جهازا واحدا، فإن من المنطقي أن تقوم «مايكروسوفت» بتوحيد نظامها المقبل للتشغيل (ويندوز 10) ليعمل على جميع أجهزتها، بما فيها «ويندوز»، و«ويندوز فون»، و«إكس بوكس». وستعمل كل الأجهزة المحمولة مثل «دماغ» لبيئة كومبيوترية واسعة.

وكانت «أبل» أكثر من مترددة في دمج نظام «أو إكس» للأجهزة المكتبية (أو إكس إكس) بمنصة «آي أو إس» للأجهزة الجوالة. لكن هذا الأمر لم يمنع الشركة من القيام بخطوات تقاربية، ومن ثم تسهيل التطور والتقارب عبر المنصات. فمزية «كونتيويتي» التي تظهر في «أو إس إكس 10.10 يوسمتي» على سبيل المثال، تتيح لمستخدمي «ماك» الذين يملكون هواتف «آي فون»، وأجهزة «آي باد» بأن يشاهدوا الملاحظات والإخطارات الواردة، ويستجيبون لها من جهاز الكومبيوتر المكتبي.

وتقدم «آندرويد» بصورة مشابهة إمكانية تحويل بسيطة من الأجهزة الجوالة المحمولة إلى الأجهزة المكتبية، ولكن فقط إذا كنت من مستخدمي نظام تشغيل «كروم أو إس». أما بالنسبة إلى الراغبين في الحصول على سلوك مشابه بين هاتف «آندرويد» و«أو إس إكس»، أو أجهزة «ويندوز» المكتبية، فيعتبر «بوشبوليت» بديلا مناسبا، إلى أن تتمكن «غوغل» من تنظيم أعمالها نهائيا.

كل هذه الأمور تضيف إلى الواقع بأن الكومبيوتر الشخصي في عام 2020 لن يجر تحديده على أساس حجمه، أو نظام تشغيله، أو نوع تواصله مع الإنترنت، بل ستعمل الأجهزة الجوالة في المستقبل على أنها «أدمغة وعقول» امتدادية لبيئات كومبيوترية واسعة، حيث الهاتف، واللابتوب، والجهاز اللوحي أجزاء متساوية في كل الأمور.

* الإنترنت العالمي الفعلي: إذا ما قررت الإعلان بأن الإنترنت هو من الحقوق الإنسانية الأساسية، إذن فأنت بحاجة إلى توسيع وتنويع الأساليب التي يمكن بها للأشخاص الوصول إليه. وحاليا هنالك أسلوبان كلاهما يحدد وصوله إلى المناطق الريفية الفقيرة النائية، نظرا للحاجة إلى إقامة بنية تحتية متينة.. إذن لماذا لا يجري بث الإنترنت إلى هذه المناطق النائية للوصول إليه؟

تخطط «غوغل» من جهتها لإطلاق كوكبة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، وتبث الإنترنت إلى الأقطار النامية. قد يبدو ذلك ضربا من الخيال العلمي، لكنه ليس كذلك، فهو قادر على تسليم إنترنت لاسلكي بسرعة «3 جي» إلى المناطق النائية من هذا الكوكب، عن طريق مشروع «بروجيكت لوون» الذي يشمل إطلاق مناطيد عالية التحليق، حتى ارتفاع 20 ميلا في الجو، ومن ثم تأسيس شبكات لاسلكية جوية. كما تخطط الشركة أيضا لإطلاق 180 قمرا صناعيا تدور حول الأرض وتبث الإنترنت إلى الأقطار النامية. وتعمل شركة «سبايس إكس» لصاحبها ألون مسك على مشروع مشابه. والمشروع الأكثر غرابة هو ذلك العائد إلى «فيس بوك» التي قررت خلال السنوات المقبلة، نشر طائرات من دون طيار، تعمل بالطاقة الشمسية لشهور عدة وحتى سنوات لتغطي الأرض بالإنترنت.

* مشاريع واعدة

* في الأفق القريب: الطباعة الثلاثية الأبعاد أمر كبير، وقد شرعت مسبقا في إقلاق وإثارة الاضطراب في بعض الأسواق، لكن إمكاناتها المستقبلية تشمل إنتاج الأشياء المحببة للجميع في المنازل، مثل فناجين القهوة، وقطع المحركات. وقد لا يحدث هذا قبل 10 سنوات من الآن، فالتقنية هنا معقدة، والطلب عليها لا يزال قليلا.. ثم هنالك السيارات الذاتية القيادة، كسيارة «تيسلا» الجديدة «برليانت»، التي نأمل أن تعمل كما جرى الإعلان عنها، لكنها لن تكون قيد الخدمة الشاملة في عام 2020.. ولا ننسى المعدات التي سنرتديها، أو نضعها على أجسامنا، مثل «فتبت»، أو «بيبل ستيل»، أو نظارات «غوغل غلاس».. لكن هذه كلها أمامها طريق طويل قبل أن تصبح شائعة الاستخدام. فخلافا لكل ما سبق، فإن الأجهزة التي سنضعها على أجسامنا ستلاقي حاجزا، أو عقبة ثقافية.. فالساعة الذكية، والسيارة الذاتية القيادة شيء، والكومبيوتر الذي سيوضع على الوجه شيء آخر.

يبقى الحديث عن البطارية الطويلة الأمد، فبطاريات اللثيوم - أيون منها خدمت جيدا، لكننا بحاجة إلى بطارية جديدة لا تزود الكاميرات والهواتف فحسب بالطاقة، بل الأشياء الأخرى أيضا، التي أملتها ندرة المصادر، وتغير الأحوال، والتلوث، وازدياد عدد السكان، كالسيارات الكهربائية ذات الشعبية المتزايدة، وانتشار إنترنت الأشياء، التي ستتطلب كلها حاجة ملحة لطاقة مكثفة، ويبدو أن الباحثين لديهم سلفا بعض الأفكار الجيدة بهذا الخصوص.