ثلاثة تحديات رئيسية تواجهها أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط

كريس هاريس المدير العام لشركة «مايكروسوفت غريت بلينز» يتحدث عن دور الأنظمة البرمجية داخل مؤسسات المنطقة

TT

يسود اعتقاد لدى كثير من الناس أن إدارة الأعمال إلكترونياً لا تزيد في الواقع عن استخدام البريد الإلكتروني في التبادلات الداخلية في المؤسسة، والاعتماد على الإنترنت في تحقيق التواصل بين مختلف فروع المؤسسة. ومع أن الاعتماد على البريد الإلكتروني في تحقيق العمليات الاتصالية داخل المؤسسات يندرج بالفعل تحت الإدارة الإلكترونية للمؤسسة، إلا أنه في الواقع لا يمثل سوى 10 في المائة فقط من الإدارة الإلكترونية الفعلية للمؤسسة. إذن، ما هي الإدارة الإلكترونية الفعلية للمؤسسة؟ للإجابة عن هذا التساؤل الحيوي التقت «الشرق الأوسط» مع السيد كريس هاريس، المدير العام لشركة مايكروسوفت «غريت بلينز» في منطقة الشرق الأوسط، لالقاء مزيد من الضوء حول هذا المفهوم الهام.

* ما المقصود بالإدارة الإلكترونية للأعمال؟ وما الدور الذي تلعبه الأنظمة البرمجية في دورة العمل الكبرى داخل المؤسسات؟

ـ يكمن أساس الإدارة الإلكترونية للمؤسسات، الصغيرة والمتوسطة والكبيرة منها على حد سواء، في الحصول على أنظمة ذكية لإعداد التقارير الدورية حول دورة العمل (Workflow) داخل مؤسسة ما، وتنظيم دورة العمل نفسها أيضا. وجرت العادة في الأساليب التقليدية لإدارة المؤسسات أن يتم الحصول على التقارير الحيوية ذات العلاقة بأداء المؤسسة وإمكاناتها وعلاقتها بالبيئة المحيطة بها وما إلى ذلك، بشكل دوري شهري في الغالب، أو أسبوعي في أفضل الأحوال. هذا الأمر لا ينفع في الواقع في بيئة الأعمال شديدة التنافسية التي تعيشها مؤسسة اليوم، إذ أن المؤسسة بحاجة للمعلومات لا شهريا ولا أسبوعيا ولا يوميا. بل تحتاجها في الواقع «لحظيا» في هذا العصر المعلوماتي الجديد. من هنا، كان لزاما على المؤسسات أن تعتمد على أنظمة معلوماتية غاية في التطور تتيح لها الحصول على التقارير الشاملة والمفصلة لمختلف عمليات المؤسسة، من حسابات، ومبيعات، وجرد موجودات، وموظفين، وعملاء، ومنافسين، وأسواق، وغيرها من المعلومات، في الزمن الفعلي (Real Time). وهذا تماما ما تقوم به برمجيات إدارة الأعمال.

* ولكن متى بدأت المؤسسات في العالم باعتماد أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية؟ ـ بدأت المؤسسات باعتماد أنظمة إدارة الأعمال إلكترونيا في الثمانينات من القرن الماضي، وبخاصة وقت استخدام بيئة نظام التشغيل «دوس». وكان كل ما تستطيع تلك الأنظمة تقديمه في تلك الفترة منصبا على تطبيقات تساعد في تحديد عمليات البيع والشراء في المؤسسة والعمل على جعل هذه التطبيقات قابلة للتكامل مع النظام الداخلي للمؤسسة. ولم يتسن تحقيق هذا التكامل إلا في أواخر فترة الثمانينات. وفي بداية التسعينات وأواسطها، بدأت أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية تتطور وتزداد تطورا بحيث صارت تشتمل على الكثير من جوانب عمل المؤسسة، وليس مجرد تطبيقيات البيع والشراء. ومن الجوانب الجديدة التي دخلت إلى هذه الأنظمة في التسعينات: دورة التصنيع (في المؤسسات الصناعية) بكل تفاصيلها، وعلاقات العملاء بما أصبح يعرف اليوم بالأحرف CRM (إدارة علاقات العملاء)، وحسابات الموظفين مع الملف الكامل لكل منهم، وغيرها من التفاصيل الخاصة بعمل المؤسسة، كلها ضمن بيئة إلكترونية موحدة ومتكاملة ومتوافقة مع النظام الداخلي للمؤسسة. واليوم نرى أن أنظمة الإدارة الإلكترونية للأعمال أصبحت من التطور والذكاء بمكان بأنها قادرة على احتواء كل تفاصيل العملية الإدارية داخل المؤسسة وتقديم شتى أنواع التطبيقات التي وإن اختلفت بيئاتها التشغيلية، قادرة على التوافق تماما من دون أي مشاكل مع بيئة النظام المعتمد داخل المؤسسة بصرف النظر عن نوعه. أما مستقبلا، فستتجه الصناعة نحو التوحيد والقدرة على التوافق مع شتى بيئات أنظمة التشغيل المختلفة، وهو الأمر الذي باشرت به مايكروسوفت بالفعل من خلال إطلاقها لبيئة Net القادرة على توفير حرية كبيرة للأنظمة في التكامل مع بعضها البعض. وأعتقد أننا سنتمكن من رؤية ذلك فعليا في السنوات الخمس القليلة المقبلة.

* أين الشرق الأوسط من هذا كله؟ ـ قبل بضعة سنوات من الآن، وبالتحديد قبل العام 1996، كانت المنطقة بعيدة في الواقع عن مجريات تطور برمجيات إدارة الأعمال واستخداماتها. إلا أن العامين الأخيرين شهدا تغيرا كبيرا في ذلك الأمر، إذ بدأنا نرى إقبالا منقطع النظير في الواقع من قبل مؤسسات المنطقة على تقنيات وتطبيقات الإدارة الإلكترونية للأعمال لما لمسته هذه المؤسسات من فوائد كبيرة لهذه التطبيقات في الارتقاء بدورة العمل وتحسين الإنتاجية والارتفاع بمستوى الكفاءة العام. ولأجيبك عن السؤال بدقة، أستطيع القول الآن ان قطاع المؤسسات في الشرق الأوسط يعتمد الآن على استخدام أحدث البرمجيات والأنظمة المتوفرة في العالم في إدارة أعماله إلكترونيا. والسبب في ذلك كما أسلفت يعود إلى أن المنطقة قد شهدت تطورا كبيرا في العامين الماضيين، مما ساهم في قطعها لأشواط كبيرة تكاد أشبه ما تكون بالقفزات مقارنة بغيرها من المناطق الأخرى في العالم.

* كلنا يعلم أن «غريت بلينز» قد اندمجت مع مايكروسوفت وأصبحت كما تعرف اليوم بشركة «مايكروسوفت غريت بلينز» هل لك أن تبين لنا بشكل موجز إن كان لهذا الاندماج أي فوائد لأنظمتكم في منطقة الشرق الأوسط؟ ـ الاندماج مع مايكروسوفت كان نتيجة طبيعية لتطور علاقة وطيدة بين الشركتين امتدت لفترة طويلة من الزمن. والفوائد التي ستترتب على هذا الاندماج كبيرة بالفعل. إذ يتسنى لنا الآن استخدام طيف واسع من الخدمات التقنية المتنوعة والكبيرة التي تقدمها مايكروسوفت بطريقة أفضل، هذا بالإضافة إلى الحلول المقدمة من قبل «مايكروسوفت غريت بلينز» طبعا. علاوة على ذلك، ستشهد منتجاتنا زيادة في مستويات الجودة والكفاءة نتيجة لتخصيص قدر كبير من الاستثمارات في ميدان البحث والتطوير من قبل مايكروسوفت.

* أين ترون استخدام أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية في العالم العربي أكثر، في القطاع العام أم الخاص؟ ـ في الواقع، ومن خلال عملياتنا في المنطقة، أستطيع أن أقول لك ان القطاع العام الحكومي هو الأكثر إقبالا على استخدام أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية، والأسرع اعتمادا لها من القطاع الخاص. ولو نظرت إلى الخليج العربي مثلا، في بلدان كالمملكة العربية السعودية والإمارات، لوجدت أن غالبية مؤسساتها الحكومية تعتمد على أرقى أنظمة إدارة الأعمال إلكترونيا. وكذلك الحال أيضا في جمهورية مصر العربية. على أن هذا لا يعني أن مؤسسات القطاع الخاص لا تعتمد على أنظمة إدارة الأعمال الإلكترونية، بل كل ما هنالك أنها لا تتجه لاستخدام هذه الأنظمة بذات الزخم الموجود في القطاع العام.

* ما هي طبيعة المؤسسات التي تعتمد على حلول وأنظمة إدارة الأعمال التي تطورونها في الشرق الأوسط؟ ـ هنالك الكثير من المؤسسات والشركات الكبرى العاملة في مختلف القطاعات الحيوية في الشرق الأوسط تعتمد على حلولنا وأنظمتنا في إدارة الأعمال إلكترونيا. وتشتمل هذه القطاعات على الغاز والنفط، والتجارة، والبنوك والصيرفة، وشركات الاتصالات، وشركات الطيران، والشركات الخدمية، والمؤسسات الحكومية، وغيرها. وتنتشر هذه المؤسسات في العديد من الدول العربي، مثل الإمارات، والسعودية، والكويت، والأردن ومصر.

* ما هو نموذج العمل الذي تعتمده «مايكروسوفت غريت بلينز» في المنطقة، وكيف تعالجون احتياجات قطاع الأعمال في الشرق الأوسط لحلول إدارة الأعمال الإلكترونية؟ ـ نعمل في الشرق الأوسط عبر قناة توزيعية شاملة تضم شركات تقنية معلومات محلية هي الأفضل في البلدان المعنية. إذ لا نقوم ببيع حلولنا بشكل مباشر، بل نعتمد على تقديم هذه الحلول عبر الشركاء الذين ننتقيهم بعناية بالغة. ويمتد نشاط شركات تقنية المعلومات الحليفة لنا ليغطي طيفا واسعا من الأسواق العمودية المختلفة، وهو الأمر الذي يتيح لنا تقديم الأنظمة والحلول التقنية المناسبة لمختلف المؤسسات العاملة في شتى القطاعات المتنوعة. إذ نمتلك حلا مركزيا يمكن تخصيصه وتنفيذ تطبيقاته لمواءمة شتى أنواع المؤسسات والشركات، وبصرف النظر عن أحجام هذه الشركات، إن كانت صغيرة، ومتوسطة، أم كبيرة.