قَطع كابلات الإنترنت البحريّة في الشرق الأوسط أثّر على عشرات الملايين

الكابل الواحد ينقل نحو 150 مليون مكالمة هاتفيّة.. وبدائله الاتصالات الفضائيّة البطيئة

«كي آر تي»
TT

قُطعت 5 كابلات بحرية في الأسبوع الممتد بين نهاية شهر يناير (كانون الثاني) وبداية شهر فبراير (شباط) 2008. ما الذي حدث، وكيف عولج هذا الموضوع؟ كيف يمكن صيانة الكابلات البحريّة في منتصف البحار والمحيطات؟ هل تُعتبر شبكات الاتصالات البحريّة آمنة وتستطيع توفير الاستقرار ويمكن الاعتماد عليها، وما هي البدائل المتوفرة؟ هل من الممكن أن تنهار الإنترنت وتعود الدول إلى عصر رسائل الحمام الزاجل؟ أسئلة كثيرة دارت في بال الملايين من مستخدمي الإنترنت في الدول العربيّة المتضرّرة، خصوصا مع تداول الكثير من المواقع العربيّة والغربيّة نظريات المؤامرات الدوليّة.

* قطع وإصلاح

* قُطعت مجموعة من الكابلات البحريّة التي تصل الكثير من الدول العربيّة ودول جنوب آسيا بالاتحاد الأوروبيّ، والتي تحمل حوالي 70% من المعلومات بين آسيا وأوروبا، وخسرت مصر وباكستان نسبة 70% من قدرتها على الاتصال بالإنترنت. وتأثرت الكويت والسعودية والإمارات العربيّة المتحدة وعُمان والجزائر والسودان وسورية والبحرين وقطر والهند والمالديف وبنغلاديش وهونغ كونغ وإندونيسيا وتايلاند وسريلانكا ونيبال وبوتان بشكل كبير بهذا القطع، بينما عانى البعض في الاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة الأميركيّة ودول شرق آسيا من بطء بسيط. وعانت الأسواق الماليّة من القطع بسبب اعتمادها على عصب الحياة الرقميّة المقطوع، ولكنّ الخسائر لم تكن كبيرة بسبب حدوث القطع في فترة عطلة نهاية الأسبوع. وقالت شركة «رينيسيس» Renesys المتخصّصة بمراقبة أداء شبكة الإنترنت بأنّ القطع قد أثر بشكل سلبيّ كبير على خدمات الإنترنت والهواتف في الشرق الأوسط. وبدأت الشركات المزوّدة لخدمات الكابل بإصلاح الكابلات بالقرب من مصر وبين الإمارات العربية المتحدة وعُمان وقطر، ونجحت في إعادة بعض الاتصالات بشكل كامل لبعض العملاء، وتحويل البعض الآخر إلى مسارات احتياطيّة، وذلك عن طريق استخدام المسار الشرقيّ للوصول عبر شرق آسيا والمحيط الهادئ والولايات المتحدة الأميركيّة ومن ثمّ المحيط الأطلسي للوصول إلى الاتحاد الأوروبيّ. هذا وحوّلت الحكومات اعتمادها من الكابلات البحريّة إلى الأقمار الصناعية الاحتياطيّة. ونجح الخبراء في إرجاع سرعة اتصال تبلغ 10 غيغابت إلى مصر، وستُرفع إلى 13 غيغابت قريبا، الرقم القريب من الحد الأعلى لمصر والبالغ 16 غيغابت.

قطع الكابلات البحريّة ليس أمرا نادر الحدوث، إذ قُطع 50 من الكابلات في المحيط الاطلسي في العام الماضي وحده. ولا يمكن أن تتأثر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حال قطع بضعة كابلات بينها، ذلك أنّ المحيط الذي يفصل بينها مليء بكابلات الألياف الضوئيّة عالية السرعة، والتي تستطيع تمرير المعلومات في كابلات احتياطيّة بشكل شبه فوري في حال قطع أحدها أو بعضها، على خلاف الكابلات الموجودة في البحر المتوسط التي تربط الكثير من البلدان بالاتحاد الأوروبيّ، والتي لا يتجاوز عددها 3 كابلات رئيسيّة فقط (يوجد كابل إضافيّ لم يُقطع، يربط الاتحاد الأوروبيّ بإسرائيل). هذا وتقوم شركة «فلاغ» FLAG Fiber-Optic Link Around the Globe بتمديد كابل جديد أكثر مقاومة يربط بين فرنسا ومصر، ويبتعد عن الطريق الذي قُطعت فيه الكابلات الأخرى.، ويحتاج إعداده إلى عدّة أشهر. وسُمّي بـ«فلاغ ميديتيرانيان» Flag Mediterranean.

وتُعتبر الكابلات البحريّة الوسيلة الأقل كلفة لوصل العالم الإلكترونيّ ببعضه بعضا، ذلك أنّ التمديد البريّ مكلف جدّا وبطيء وهو صعب الصيانة ويحتاج إلى الحصول على موافقات من الحكومات وأصحاب الأراضي التي يمرّ عبرها، بالإضافة إلى اختلاف الطبيعة الجغرافيّة للأرض (الجبال والصحراء والغابات) والاعتماد على الاستقرار السياسيّ للبلدان المجاورة. وتحمل الكابلات البحريّة حوالي 95% من المعلومات والاتصالات الهاتفيّة بين جميع أرجاء العالم، وهي مستخدمة منذ عشرات السنين. ويستطيع كلّ كابل به ألياف ضوئيّة نقل ما يعادل 150 مليون مكالمة هاتفيّة في الوقت نفسه، وهي مدفونة تحت قعر البحر في الكثير من الأحيان. ويقول عثمان عمرو، خبير التقنيات في فرع شركة «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحلول الإلكترونية» في جدة، بأنّ الوضع المثاليّ لأيّ شركة هو وجود حلّ بديل مؤقت في حالات الطوارئ، مثل استخدام الأقمار الصناعية أو كابلات بديلة (مثل الهند التي فقدت 1.4 تيرابت من قدرتها على نقل المعلومات عند حدوث القطع، و20 تيرابت في نهاية عام 2006 بعد الزلزال الذي ضرب تايوان، ولكنّها استطاعت تقديم الخدمات بسبب اشتراك مزودي خدمات الإنترنت فيها مع شركات كابلات أخرى)، ولكنّ الكثير من الشركات لم تتبن هذه السياسات، الأمر الذي أثر سلبا عليها، خصوصا الشركات التي تؤجر الموظفين عبر الإنترنت (او ما يسمى بالتعهيد) Net Outsourcing لأداء أعمال شركات أخرى موجودة في بلدان أو قارات مختلفة (مثل تقديم الدعم الفنيّ الدوليّ لبعض الشركات العالميّة). واستطاعت الشركات التي تملك الكابلات تحويل مسارات الاتصالات لتعمل عبر كابلات بديلة، ولكنّ هذه العملية أخذت وقتا أكثر من المتوقع، الأمر الذي يشكك في كون العالم عبارة عن شبكة رقميّة تسمح بالانتقال عبر مسارات متعدّدة بسهولة. ويعتبر عثمان عمرو أنّ فرضيات حبّ أسماك القرش المفاجئ لمذاق الكابلات ودقة إصابة مراسي السفن لأهدافها هي فرضيات ليست صحيحة، ذلك أنّ التتابع الزمنيّ بين القطع والمناطق الجغرافيّة التي حصل فيها لا يبدو عشوائيّا أو حدث بـ«محض مصادفة»، بل أنّ هناك عوامل أخرى غير معروفة حتى الآن، ولكنّ القطع ليس مصادفة بكلّ تأكيد.

* نظريات التآمر

* تداولت الكثير من المواقع والمدونات والكتّاب العرب وغير العرب، منها صحف بريطانية واميركية بارزة، نظريات مختلفة تفسّر قطع الإنترنت، تتراوح بين الأعمال العسكريّة العدائيّة، وصولا إلى التجارب الاستراتيجيّة والتهديدات الدوليّة. ولامت الكثير من المواقع الولايات المتحدة الأميركيّة وإسرائيل، وحتى تنظيم القاعدة، نظرا لأنّ حدوث قطع لمرّة واحدة وارد ومعقول، وحدوثه مرّتين قد يكون مصادفة، أمّا حدوثه 3 مرّات في فترات وأماكن جغرافيّة متقاربة فهو يُعتبر عملا عدائيّا. وتملك شركة «فلاغ» كابلين من الكابلات المقطوعة، وتُعتبر هذه الكابلات جديدة، إذ إنّها دخلت الخدمة في عام 1997، بينما دخل كابل «سي-مي-وي» الخدمة في عام 1999، أي أنّه يمكن استبعاد عوامل التلف كسبب للقطع. ولم تُرصد زلازل في قاع البحر في فترات القطع. وما زالت الشركات المالكة للكابلات لا تعرف سبب قطع هذه الكابلات، وترفض التعليق حول ما إذا كان القطع مرتبطا ببعضها بعضا أم لا. وقالت وزارة الاتصالات المصريّة بأنّها لم ترصد أيّة سفن بالقرب من مواقع قطع الكابلات في فترة 12 ساعة قبل حدوثه، بالإضافة إلى أنّ المنطقة التي قُطعت فيها الكابلات هي منطقة محظورة على الملاحة التجاريّة والخاصّة، الأمر الذي يستبعد فرضيّة قطع مرساة سفينة للكابلات.

ومن النظريات الأخرى تلك التي تفترض بأنّ بعض العمدان الحديدية التي تستخدمها قوارب صيد الأسماك للحفاظ على الشباك مفتوحة تحت المياه قد تكون السبب في القطع، ذلك أنّ السفن غالبا ما تجرّ هذه العمدان على قعر البحر. وترى بعض النظريات الأخرى بأنّ الحكومة الأميركيّة قطعت الكابلات ووضعت أجهزة تنصت واستخبارات (جديدة) بين أطراف الكابلات المقطوعة لرفع مستويات التنصت على المنطقة، أو على إيران بالتحديد، واتفقت مع الشركات التي تملك الكابلات على عدم الإفصاح عن سبب القطع، وتقديم أيّ سبب مقنع. وتجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركيّة طوّرت في سبعينات القرن الماضي غواصات بهدف التنصت على الكابلات البحرية للاتحاد السوفيتيّ وقطع الاتصالات، ونفذت هذه العمليّات الغواصتان «هاليبوت» Halibut و«بارتشيه» Parche.

ومن النظريات العسكريّة الأخرى تلك التي تفترض بأنّ الولايات المتحدة الاميركيّة تريد الضغط على إيران وعزلها عن العالم بسبب الاحتدادات السياسيّة بين البلدين. ويعرض موقع تقارير سير الإنترنت Internet Traffic Report في العالم بأنّ الإنترنت في إيران مقطوعة تماما منذ 1 فبراير (شباط) 2008 لغاية وقت كتابة هذا الموضوع. ويعتمد أصحاب هذه النظريات على حقيقة أنّ قطع الكابلات متقاربة من الناحية الزمنيّة والجغرافيّة لدرجة تجعل المنهجية العلميّة في التفكير تستبعد نظرية المصادفة، بالإضافة إلى أنّ العراق (القوّات الأميركيّة في العراق بالتحديد) وإسرائيل لم يتأثرا بالقطع، الأمر الذي يدلّ على العناية بحلفاء الولايات المتحدة الأميركيّة في المنطقة. ويُضاف إلى ذلك أنّ قطع الكابلات يحتاج إلى تدريبات متقدمة للتقنيين وإلى معدات غوص متقدمة بسبب العُمق الكبير الذي توجد فيه الكابلات. وقد تكون هذه الحادثة مجرد تجربة لترى الولايات المتحدة الأميركيّة وإسرائيل كيفيّة تعافي (أو انهيار) الدول في حال قطع الإنترنت عنها. ويجب أن يكون هذا الحدث إنذارا لرفع وتطوير مستويات الأمن الرقميّ. وبالنسبة لباكستان، فإنّها الدولة المسلمة الوحيدة التي توجد لديها قدرات نووية، وهي رفضت وجود القوّات الأميركيّة على أراضيها بشكل قاطع.

* صيانة الكابلات البحريّة

* يمكن صيانة الكابلات المقطوعة بسهولة وبسرعة، حيث تحدّد الشركة المسؤولة عن صيانة الكابل المنطقة التي حدث فيها القطع عن طريق إرسال إشارات إلكترونيّة في طرف من أطراف الكابل وقياس الزمن المستغرق بين إرسالها وعودتها لتحديد موقع العطب، وتُرسل سفينة إصلاح إلى الموقع. وتهبط غوّاصة صغيرة آليّة إلى قعر البحر وتقطع المنطقة المتضرّرة وترفع نصف الكابل إلى السفينة، ليصل الطاقم كابلا جديدا سليما بالنصف المتضرر وإبقاء الطرف الآخر من الكابل الجديد على متن السفينة، ومن ثمّ معاودة العمليّة نفسها للنصف الثاني من الكابل. وتتطلب هذه العمليّة حوالي 20 ساعة في الظروف المناخيّة الطبيعيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الإمارات العربيّة المتحدة تملك 3 سفن لتمديد وإصلاح الكابلات المتضرّرة، اسمها «اتصالات» و«أم الانبار» و«نيوه»، وهي ملك لشركة «إي مارين» E Marine.

* بدائل فضائيّة

* الاتصال بالإنترنت عبر الاقمار الصناعية يبتعد عن مشاكل التمديدات البريّة والبحريّة، ولكنّه مكلف وبطيء (بالمقارنة مع الاتصالات السلكيّة)، ويعتمد على حال الطقس (مثل العواصف الرعديّة والأمطار الثلوج وحتى البقع الشمسيّة والأشجار)، بالإضافة إلى أنّ التنصت على المعلومات اللاسلكيّة ليس صعبا لمن توجد لديه المعرفة التقنية الكافية والمعدات اللازمة، وقد تطلب بعض الدول حصول المشترك على موافقات من وزارات الدفاع والاتصالات وحتى من الجيش، أو قد تمنع هذه الوسيلة بشكل مطلق. ويعتمد نظام الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية على معدات مكلفة تحتاج إلى خبراء لتركيبها، بالإضافة إلى أنّها ترسل المعلومات بسرعات أقلّ بكثير من سرعات التحميل، وسرعة الاستجابة تأتي بطيئة في معظم الأحيان، الأمر الذي قد لا يناسب من يستخدم برامج الاجتماعات (أو الدردشة) بالفيديو، أو اللعب بالألعاب الإلكترونيّة مع الأصدقاء، أو مراسلي القنوات الإخباريّة التلفزيونيّة. وإن كان لدى المستخدم شبكة كومبيوترات في المنزل أو العمل ويريد وصل جميع الأجهزة بالإنترنت باستخدام هذه الطريقة، فإنّ الحلّ لن يكون سهلا، خصوصا إن كانت الكومبيوترات تعمل بنظام «ماك أو إس» Mac OS. ولكنّ هذه الطريقة في الاتصال ممتازة لمن لا يستطيع استخدام «دي إس إل» DSL بسبب بعده عن مراكز الاتصالات، أو لمن لا يوجد لديهم إنترنت عالي السرعة (مثل المدن أو القرى الموجودة بين المدن الكبيرة)، أو في حالات الطوارئ.

ويوجد نوعان لإرسال المعلومات من جهاز المستخدم إلى الأقمار الصناعية، إمّا باستخدام وسيلة اتصال أخرى للإنترنت لطلب الصفحات (مثل «دي إس إل») Upload أو استخدام جهاز مباشر لإرسال المعلومات إلى الأقمار الصناعية Multiway. ويُحضّر الاتحاد الأوروبيّ مشروعا اسمه «يونيك» UNIversal satellite home Connection UNIC يهدف إلى تقديم خدمات الإنترنت عالي السرعة والتلفزيون للمنازل عبر الأقمار الصناعية، وبقدرة على استقبال وإرسال المعلومات من وإلى الأقمار الصناعية. وبدأ المشروع في شهر فبراير (شباط) 2006، وسينتهي إعداده في شهر يوليو (تمّوز) 2008. ومن الشركات التي تقدّم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للمستخدمين في المنطقة العربيّة «أوربت» Orbit و«عربسات» Arabsat.

* «نضوج» السعودية «إنترنتيا» حلّ المشكلة

* الرياض: تركي الصهيل

* ساهم «نضوج» تجربة السعودية في ناحية إدارة الأزمات التي اعترضت الانترنت خلال السنوات الماضية، في تغلبها على تأثيرات القطع الذي طال كابلات بحرية في البحر المتوسط أواخر يناير (كانون الثاني) المنصرم.

وبحسب خبير سعودي في مجال تقنية المعلومات، أن بلاده تعتبر من الدول القلائل التي لم تنقطع فيها حركة الانترنت، بانقطاع الكابلات البحرية التي تخدمها. وأرجع هيثم أبو عائشة المدير التنفيذي لشركة صحارى نت، أحد مزودي خدمة الانترنت في السعودية، حسن إدارة بلاده للأزمة الأخيرة لـ«نضوج» تعامل بلاده مع أزمات من هذا النوع.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن موفري خدمة الانترنت «استفادوا من خبرة السنوات الماضية، وهو ما انعكس على أدائهم في تحمل الأزمات وحسن إدارتها». مضيفا أن بلاده لم تشهد مشكلات «عويصة» جراء الانقطاع الأخير، كما أن حركة الاتصالات القادمة إليها لم تتأثر تأثرا جذريا. ويوجد في السعودية 3 شركات تتولى تقديم خدمة البيانات، هي: شركة الاتصالات السعودية، شركة الاتصالات المتكاملة، وشركة البيانات الأولى للاتصالات، وهي الشركات الوحيدة المصرح لها من قبل الحكومة السعودية بتقديم خدمات الولوج للشبكة العالمية.

واختلفت طرق تعامل الشركات الثلاث الموفرة لخدمة الانترنت في السعودية، مع أزمة انقطاع الكابلات البحرية. لكن (أبو عائشة)، أكد أن طرق المعالجة تركزت على توفير خطوط بديلة، تم الاستعاضة بها عن الكابلات التي لحق بها الضرر.

واعتمدت شركة الاتصالات السعودية في خططها التشغيلية التي تليت الأزمة، على وسائل متعددة، ذات مسارات متنوعة، لكيلا تنقطع الحركة بشكل كامل، فيما أعادت غالبية حركة الاتصالات القادمة إلى بلادها، عبر استخدامها لكابل بديل، حيث تمكنت من إعادة الخدمة في التاسعة صباحا من يوم الجمعة قبل الماضية.

وطبقا للخبير أبو عائشة، فإن أي من الشركات المزودة للخدمة، لم تسجل أي شكوى جراء حادثة انقطاع الخطوط البحرية.

ويعتبر الاتصال عبر الأقمار الصناعية، أحد الخيارت المتاحة لمواجهة المشكلات التي تعترض حركة الانترنت القادمة إلى السعودية عبر البحر. لكن خبيرا سعوديا يرى بأن بلاده نادرا ما تعمد إلى اللجوء لاستخدام هذا الخيار، باعتباره مكلف، ولا يملك كفاءة عالية، ككفاءة الخطوط البحرية.

ومن الأسباب التي قد تجعل خيار الاتصال بالأقمار الصناعية آخر الخيارات التي من الممكن أن تلجأ إليها السعودية في مواجهة الانقطاعات، حجم تأخير وصول الاشارات، نتيجة الوقت الذي تستغرقه الإشارة الصاعدة من الأرض للقمر قبل عودتها من جديد، على حد قول أبو عائشة.

* قطع الإنترنت أثر على 1.7 مليون مستخدم في الإمارات العربيّة

* دبي: عصام الشيخ

* أثّر قطع الكابلات بين الإمارات العربيّة المتحدة وعُمان والبحرين، وقطع الكابلين في البحر الأبيض المتوسط على 1.7 مليون مستخدم في الإمارات العربيّة المتحدة. ويقول «ماهيش جايشنكر»، المدير التنفيذي لتطوير الاعمال في شركة «دو» DU للاتصالات الإماراتيّة، انّ أوّل قطع لكابل بحري حدث في 23 يناير في كابل «فالكون» Falcon التابع لشركة «فلاغ تيليكوم»، إلا أنّه لم يتمّ الإبلاغ عن هذا الحادث ولم ينته إصلاحه بعد، وأنّ أسباب القطع لا تزال مجهولة.

وقال خالد طبّارة من الشركة نفسها إنّ القطع الرئيسي الذي أثر على الإمارات حدث في 30 يناير (كانون الثاني) في كابل «سيميوي-4»، وتبعه قطع آخر في 1 فبراير (شباط) في الكابل نفسه (فالكون) وأثر على شبكة «دو» بصورة كبيرة، حيث تضررت الوصلات من الخليج بشدة ترافق محدودية شبكة الاتصال في المنطقة، مشيرا إلى أنّه تمّ إعادة توجيه الشبكة عبر مدينة «الخُبر» شرق السعودية حتى عادت الخدمة الى مستويات جيدة.

وتتميز الكابلات المستخدمة بوجود بطانة خاصّة مكونة من عدة طبقات، كلّ طبقة لها وظيفة خاصة للحفاظ على سلامة الكابل ولنقل المعلومات بشكل سريع من دون حدوث مشاكل. الطبقة الأولى مكوّنة من مادّة «بولي إثيلين»، وهي مادة كيميائيّة مقاومة للماء. الطبقة الثانية عبارة عن مادة بلاستيكية دقيقة اسمها «مايلار»، بينما تتكوّن الطبقة الثالثة من أسلاك فولاذية متراصّة. أمّا الطبقة الرابعة فهي عبارة عن حاجز ألمنيوم مقاوم للماء، وتتكون الطبقة الخامسة من مادة «بولي كاربونيت»، وهي مادة كيميائيّة خاصّة مقاومة للصدمات ودرجات الحرارة العالية. الطبقة السادسة هي حجاز ألمنيوم إضافيّ، وتبقى الطبقة السابعة المكونّة من مادّة «ألبترولاتوم»، وهي مادة كثيفة وصلبة جداً. وتوضع الألياف البصريّة في داخل طبقة الحماية السابعة.

* خبراء مصريون: مطلوب مسارات بديلة

* القاهرة: أشرف شهاب

* اتفق عدد من خبراء الاتصالات على صعوبة اللجوء لحلول بديلة للاتصالات عبر كابلات الألياف الضوئية لتلافي تكرار مشكلة انقطاع كابلي إنترنت على مسافة 8.3 كيلومتر بالبحر المتوسط شمال مدينة الإسكندرية المصرية. وقلل الخبراء من إمكانية الاعتماد على الأقمار الاصطناعية كبديل ناجح، إلا أنهم أكدوا أهميتها كبديل في أوقات الأزمات. وأشار المهندس عقيل بشير رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، وعضو فريق متابعة الأزمة إلى أن كابلات الألياف الضوئية البحرية تعتبر الوسيط الأنسب لنقل البيانات والاتصال بشبكة الإنترنت، وهي تتفوق على الأقمار الاصطناعية من حيث الجودة والسرعة وسعات نقل البيانات، إضافة إلى استقرار الاتصال بالشبكة. وأوضح بشير أن كابلات الألياف الضوئية تتحمل بمفردها 95% من الاتصالات الهاتفية والإنترنت، تاركة لمنافسها (الأقمار الاصطناعية) 5% فقط من حجم الكعكة. وأوضح أن المصرية للاتصالات أدركت أهمية وجود مسارات بديلة، ووقعت الأسبوع الماضي عقدا بقيمة 125 مليون دولار لبناء كابل بحري خاص بها يربط مصر بفرنسا. من جانبه أوضح المهندس عمرو بدوي رئيس الجهاز القومي للاتصالات في مصر ان الكابلين المقطوعين تسببا في تقليل سعة الاتصال بالإنترنت إلى 620 غيغابايت فقط لكل ثانية، بنسبة وصلت إلى 25% من السعة الطبيعية، التي تصل إلى 2480 غيغابايت لكل ثانية (2.4 تيرابايت)، وهي سرعات تتفوق كثيرا على مثيلتها عبر الأقمار الاصطناعية. أشار د. عمرو بدوي الى أن الأزمة الحالية تؤكد أهمية توفير مسارات بديلة لتلافي أي حوادث مشابهة.

من جهة أخرى أوضح د. عبد الرحمن الصاوي نائب رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية أن الكابلات البحرية تعتبر أساس الاتصالات في العالم حاليا، لأن معدلات الأخطاء والأعطال فيها تقل بكثير عن نسبتها في الأقمار الاصطناعية. وقال الصاوي إن مسارات الكابلات البحرية تحت مياه البحر محددة طبقا لدراسات، وتخضع لضوابط علمية، ولها وسائل حماية وتأمين تتعلق بطبيعة المنطقة التي تمر بها، سواء في عمق البحر أو بالقرب من السواحل. واقترح الصاوي قيام شركات الإنترنت المصرية والعربية بالتعاون فيما بينها لإنشاء «سنترالات» إقليمية تربطها ببعضها، الأمر الذي سيتيح لأي شركة تحميل جزء من اتصالاتها على شبكات الشركات الأخرى في حال حدوث أي أزمات.