عالم لاسلكي.. بتقنيات متنافسة

نظم جديدة لنقل البيانات لاسلكيا تضاهي شبكات «واي ـ فاي» وتتغلب عليها

(كي آر تي)
TT

ابتداء من البتّات (البت اصغر وحدة لقياس المعلومات) القليلة من المعلومات التي تبث عبر مليمترات قليلة، الى الغيغابايتات (البايت تعادل 8 بت) التي ترسل عبر الاثير الى مسافة كيلومترات، فاننا نعيش اليوم في عالم لاسلكي متنام. وعلى الرغم من ان العالم قد لا يكون مغطى بعد في شبكة لاسلكية كاملة متكاملة، الا ان العمارات والابنية قد شرعت في ذلك فعلا.

ويبدو ان العالم اللاسلكي بات يتطور الى ثلاثة انواع من الشبكات: شبكة المنطقة الشخصية Pan التي تغطي محيطك المباشر القريب، وشبكة المنطقة المحلية Lan لتغطية المنزل، او النقطة الساخنة، وشبكة المنطقة الواسعة Wan التي يمكنها تغطية منطقة جغرافية واسعة.

ومن التقنيات الجديدة التي عرضت في معرض لاس فيغاس الاخير للاجهزة الالكترونية الاستهلاكية بداية العام الخاصة بالشبكات الشخصية ما تدعى بتقنية «ترانسفير جيت» transfer Jet من شركة «سوني»، وهي نظام لنقل او تحويل دفقات من المعلومات بين الاجهزة في منطقة متجاورة جدا.

ويمكن لهذا النظام تحويل المعلومات بسرعات تصل الى 480 ميغابت في الثانية مما يجعلها اسرع من «بلوتوث» وموازية لتقنية «يو إس بي اللاسلكية» التي شرعت تلاقي اقبالا كبيرا من قبل الصناعة الالكترونية. كما انها اسرع بكثير من اتصالات المجال القريب Near Field Communications(NFC) وهي تقنية مشابهة من «نوكيا».

وعرضت «سوني» كاميرا رقمية ترسل صورا الى كومبيوتر «بي سي» فقط عن طريق وضعها فوق الكومبيوتر. ولتفادي التداخل مع العدد المتزايد من التقنيات اللاسلكية الاخرى التي تستخدم في المنزل تستخدم تقنية «ترانسفير جيت» الحث الكهربائي لبث المعلومات بدلا من هوائيات البث التي تستخدم نموذجيا على نطاق واسع في الاجهزة اللاسلكية. والحث الكهربائي هي تقنية تقوم مثلا بشحن فرش الاسنان الكهربائية غير الموصولة بأسلاك.

* تنافس التقنيات

* وتبحث «سوني» عن شركاء لتطوير «ترانسفير جيت» هذه آملة في اطلاق منتجات مستخدمة «لهذه التقنية في العام المقبل. وهي في سعيها هذا تواجه منافسة حامية من تقنية النطاق العريض جدا التي تدعى تقنية «يو إس بي اللاسلكية» التي تسعى الى استثمار النجاح الكبير لـ«يو إس بي»، التي لها بدورها عدد كبير من المناصرين بما فيها «إنتل» و«مايكروسوفت».

وكانت الاجهزة الاولى من «يو إس بي اللاسلكية» قد طرحت في الاسواق في العام الماضي، موصلة اجهزة «يو إس بي» الحالية السلكية الى جهاز «يو إس بي» رئيسي لاسلكي عن طريق مهايئ dongle مقبوس بالكومبيوتر.

وكانت «ديل» و«لينيفو» قد اعلنتا دعمهما للتقنية هذه في اجهزة اللابتوب التابعة لهما مما يساعد في دفعها الى الامام.

وبمقدور هذه التقنية بث المعلومات الى مسافة 3 الى 10 امتار. وفي الشهور المقبلة هناك مجموعة من الاجهزة التي تراوح بين الطابعات والكاميرات المجهزة بـ «يو إس بي» لاسلكي كجهاز قياسي.

وعلى المدى الطويل تسعى التقنية لكي تندمج اكثر مع التقنيات الرقمية لصالة الجلوس المنزلية وزيادة سرعات المعلومات حتى تصل الى 960 ميغابت في الثانية. وعلى الرغم من ان هذه التقنية وصفت بانها قاتلة الـ«بلوتوث»، في الوقت الذي تتداخل فيه التقنيتان الا انهما تستطيعان ان تكملا بعضهما البعض.

وتستخدم «بلوتوث» في نقل المعلومات ذات المعدلات المنخفضة، وهذا ما سيدوم بعض الوقت، خاصة ان انواع المعدات التي تستخدم «بلوتوث» لا تحتاج الى السرعات التي تقدمها «يو إس بي اللاسلكية». لكن «يو إس بي اللاسلكي» قد تأخذ من حصة «واي-فاي» في السوق في ما يتعلق بالمنتجات الموصولة في المنزل.

والمستهلكون لا يعرفون كيفية تركيب شبكة «واي-فاي»، من هنا فان الناس يرغبون في بساطة نظام «يو إس بي اللاسلكية» هذا. لذلك ليس من المستغرب ابدا ان يعتقد مايك فولي رئيس مجموعة الاهتمامات الخاصة في «بلوتوث» SIG التي تشرف على تطورات تقنية «بلوتوث» ان للتقنية الجديدة مستقبلا كبيرا.

* تطبيقات مختلفة

* ويقول فولي «يصادف هذا العام الذكرى العاشرة لـ«بلوتوث»، كما انه في العام الماضي جرى شحن 800 مليون جهاز مزود بها. لقد اصبحت موجودة في كل مكان». نقل عنه موقع هيئة الاذاعة البريطانية الالكتروني انه جرى ادخال تقنية «بلوتوث» في العديد من التطبيقات المختلفة والاجهزة والسيناريوهات. واضاف «يستخدم الاطباء الاميركيون اليوم السماعات الطبية العاملة بـ«بلوتوث» للاصغاء على ضربات قلوب المرضى وارسال المعلومات الى الكومبيوتر بغية تسجيلها مع اصواتها في سماعات الاذن المركبة على رؤوس الاطباء».

وتعمل مجموعة SIG على نسخة منخفضة الطاقة جدا من «بلوتوث» التي يمكن استخدامها في معدات الاستشعار، وزيادة سرعة الترددات بغية تنفيذها في الكاميرات واجهزة الوسائط. وتأمل «بلوتوث» في ان تدفع السرعات الى 100 ميغابت في الثانية حتى مسافة 10 امتار، مما يجعلها منافسة الى «يو إس بي اللاسلكي».

ولكن بدلا من المنافسة بين التقنيتين تأمل «بلوتوث» في ان يجري التعاون بينهما، «فنحن ننظر في كيفية استغلال النطاق العريض جدا (يو إس بي اللاسلكي) لبث كميات كبيرة من المعلومات مستخدمين «بلوتوث» لمسح الاجهزة، وبالتالي تركيب العلاقة الامنية بينهما» على حد قول فولي.

وتنظر مجموعة SIG إلى استخدام «واي-فاي» في نقل المعلومات لدى «مزاوجة» جهازين. واكثر التقنيات شخصية في التقنيات الشاملة هي تقنية NFC التي باتت تتحول بسرعة الى اسلوب بسيط لوصل الاجهزة وتسديد المدفوعات المالية غير النقدية. وتتيح هذه التقنية البعيدة عن الاتصال المباشر بث كمية صغيرة من المعلومات بسرعة عبر مسافة قصيرة. ويستخدم هذا الاسلوب سلفا في انظمة تسديد المدفوعات في وسائط النقل العامة في لندن وفيينا وفي تقنيات اخرى مثل اطارات الصور الرقمية بحيث يمكن للكاميرا ارسال الصورة بمجرد لمس الاطار. لكن التقنية يمكن استخدامها ايضا في تسهيل استخدام التقنيات اللاسلكية الاخرى مثل الـ«بلوتوث» و«يو إس بي اللاسلكي».

* مزاوجة فورية

* ويوضح غيرهارد رومين من «نوكيا» ونائب رئيس منتدى NFC بالقول «اذا رغبت في بث الموسيقى من جهازي الهاتفي الى مكبرات الصوت عن طريق استخدام «بلوتوث» يتوجب علي مزاوجة الاجهزة عن طريق البحث عنها عن طريق الـ«بلوتوث» في جهازي الهاتفي». «ولكن عن طريق NFC بمقدوري فقط ان اجعل جهازي الهاتفي يلمس مكبرات الصوت ليتم التزاوج فوريا، وبالتالي الشروع بتشغيل الموسيقى عبر «بلوتوث».

والامر ذاته يمكن تطبيقه في اجهزة «يو إس بي اللاسلكية» لتسهيل وصلها في ما بينها، كالوصل بين الكومبيوتر والطابعة مثلا. و«واي-فاي» هي واحدة من اكثر التقنيات استخداما وانتشارا، وما تزال تنمو بسرعة كبيرة. وهنالك اكثر من 350 مليون جهاز في العالم مزود بمثل هذه التقنية.

ولكن هل هذه التقنية هي في خطر حشرها وحصارها من قبل التقنيات الاخرى التي شرعت تبرز حديثا مثل «يو بي إس اللاسلكي» و«واي ماكس» التي هي شبكة المستقبل اللاسلكية؟ على ذلك ترد مديرة «واي-فاي اليانس» كارين هينلي بالقول انها (واي-فاي) تملك المرونة الكافية للاستمرار. واضافت «ان بمقدور «واي-فاي» ان تغطي منزلك برمته موصلة الاجهزة بعضها ببعض، او يمكن استخدامها لاجراء مكالمات هاتفية في المناطق الساخنة، اذ لا توجد تقنية اخرى تملك المميزات والفوائد مثلها، فضلا عن قاعدة مستخدميها الواسعة وادراكهم لها».

وفي عام 2011 يتوقع «واي-فاي اليانس» شحن نحو 1.2 مليار جهاز مجهز بها في العام الواحد. كما انه بالرغم من التأخير الذي حصل في انهاء رسم المواصفات والمقاييس بالنسبة الى النموذج السريع من «واي-فاي» الذي يدعى 802.11n فان الاجهزة المزودة به قد نزلت الاسواق.

* «واي ماكس»

* وعلى الصعيد العالمي الاوسع يبدو ان «واي ماكس» تلقت دعما من «انتيل» خلال معرض لاس فيغاس الاخير. وهذا هو بروتوكول لاسلكي يمكنه بث المعلومات بسرعات عالية جدا الى مسافات تتعدى عشرات الكيلومترات. وتتوقع الشركة انه في حلول نهاية العام الحالي سيكون هناك نحو 150 مليون شخص موصولين الى شبكات «واي ماكس» في جميع ارجاء العالم. «اذ نحن في حاجة ماسة الى بنية لاسلكية عريضة النطاق موجودة في كل مكان، بحيث اننا في نهاية المطاف سنغطي العالم كله بالنطاقات العريضة اللاسلكية» كما يقول بول اوتوليني المدير التنفيذي لـ«انتيل».

واشار الى ان شركته اعتمدت «واي ماكس» نظرا الى كونها تقنية عالية توفر سرعات تحميل وتنزيل عالية لايجاد خبرة اكثر ديناميكية عبر الانترنت.

وتقوم «انتل» بتشييد وحدة «واي ماكس» لاسلكية تركب في كومبيوترها اللابتوب هذا العام أملا في اعطاء التقنية الدعم ذاته الذي حظيت به «واي-فاي» عندما تحولت الى مزية قياسية عادية في اجهزة الكومبيوتر.

ويقول مولي ايدن رئيس القسم الجوال في «انتل» ان «واي ماكس» سيتحول الى «واي-فاي» في القرن الحادي والعشرين، اذ ان الخبرة ذاتها التي تحظى بها في المنزل نود ان تحظى بها في اي مكان في العالم، من دون الحاجة الى البقاء قريبا من النقاط الساخنة». واضاف ان الهدف الاخير بالنسبة الى التقنيات اللاسلكية هو العيش في تجانس تام وجعل الاجهزة تتعاطى في ما بينها من دون اي تدخل من قبلنا، ومن دون الحاجة الى القلق بشأن «واي ماكس»، او «واي-فاي»، او الشبكة الخليوية، او شيء ما مثل «بلوتوث». وعلى الاجهزة ان تكون ذكية بما فيه الكفاية، لكي تعرف اوتوماتيكيا كيف تصلك مع الاجهزة الاخرى وانت تتجول في ما بينها. وحالما يحصل ذلك يمكننا القول اخيرا ان العالم بات مغطى بشبكة لاسلكية تربط بين الاجهزة القريبة من بعضها بعضا، كما تربط تلك الواقعة في اقاصي المعمورة.