مكاتب رقمية رخيصة الكلفة لتلاميذ مدارس مدينة برازيلية

صناعة محلية لكومبيوترات لوحية صغيرة تدمج مع طاولات الدراسة

كومبيوتر "كلاسميت" من "انتل"
TT

مواطنو سيرانا في البرازيل لا ينتظرون شركة «إنتل» ولا نيكولاس نيغروبونتي لتسليم كومبيوترات شخصية «بي سي» رخيصة لاطفال المدارس، بل قاموا بدلا من ذلك بتولي الامور بأنفسهم. ففي نهاية الشهر الماضي بدأ مشروع «المكتب الرقمي في سيرانا» عن طريق تحويل 200 جهاز «بي سي» سطحي Surface PC الى اجهزة «بي سي» مكتبية ووضعها في صفوف المدارس في المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 45 الفا. انها تجربة رائدة جديدة لبرنامج محلي جدا القصد منه توفير اجهزة كومبيوتر في صفوف الفتيان والفتيات الصغار مع محاولة اشراك اكبر عدد ممكن من افراد السكان المحليين في تنفيذ المشروع. وتحدث فيكتور مامانا الذي يرأس فرع العروض في وزارة العلوم والتقنية في الحكومة البرازيلية خلال «مؤتمر العروض ولجنة النقاش الاميركية» عن خبايا هذا المشروع. ويبدو ان اهتمام مامانا في المشروع ينطوي على شقين: الاول انه فيزيائي كما اشترك مع آخرين في انتاج جهاز العرض اللوحي المنخفض الكلفة هذا الذي سيستخدم على المكاتب الرقمية في سيرانا، والثاني انه مشترك ايضا في تقييم وتأثير وفائدة مثل هذه البرامج المنخفضة الكلفة المخصصة للاغراض التعليمية والتثقيفية في البرازيل.

وهو كان يعمل بشكل وثيق مع نيكولاس نيغروبونتي الذي يرأس مبادرة «كومبيوتر لابتوب واحد لطفل واحد»، ومع «إنتل» التي لها بادرتها الخاصة التي دعتها «بي سي زميل الصف» Classmate PC. وتقوم كل من «إنتل» وOLPC بتقديم العطاءات للفوز بعقد تزويد الحكومة الاتحادية البرازيلية بأجهزة لابتوب متهاودة السعر.

* مشروع محلي

* ومشروع سيرانا هو محلي الطابع بالصميم، وذلك عن قصد. وهو ليس من بنات افكار مامانا، بل كان من اقتراح عمدة مدينة سيرانا فاليريو غالانتي، وهو شخص يصفه مامانا على انه متعطش لكل ما يخص التعليم والتثقيف. وتبعد هذه المدينة المتوسطة الحجم نحو ثلاث ساعات عن ساو باولو، وقد رغبت سلطاتها في الخروج بحل موضعي لجلب التقنية ووضعها في متناول 7000 تلميد من تلامذة المدارس، وذلك عن طريق اخراج طاولات التلامذة من الصفوف واعادة تجهيزها بكومبيوترات لوحية مشيدة عليها. والأمر الاساسي هنا انه ستجري عمليات اعادة التجهيز هذه في مدينة سيرانا ذاتها، في حين ان التقنية هي برازيلية الصنع كلية.

«الفكرة من وراء كل ذلك ليست تحويل هذا المشروع الى عملية تجارية مربحة، بل ان تكون عبارة عن تكليف اجتماعي» كما يقول مامانا الذي تابع قائلا «وهذا امر مثير للاهتمام، وهو فكرة تأمين حل موضعي لمشكلة محلية».وعندما قام العمدة غالانتي بالاتصال بمامانا، كان الاول قد اختار سلفا الموقع الذي سيجري اعادة تجهيز الطاولات فيه. وعن طريق توظيف عمال محليين للقيام بمثل هذا العمل، وبالتالي صيانة الكومبيوترات الجديدة، ارادت مدينة سيرانا اظهار ان التعليم لا ينحصر في الصفوف فقط، بل خارجها ايضا عندما يرى التلامذة اولياءهم واعضاء عائلاتهم والمواطنين الآخرين يجهدون للعثور على حلول محلية على حد قول مامانا. وسيكلف صنع الكومبيوتر اللوحي «بي سي» الواحد هذا الذي يحتوي على شاشة من البلور السائل (إل سي دي) قياس 15 بوصة بتقنية النقاط المتعددة (اي ان الشاشة ليست من النوع العامل باللمس، بل إن سطحها قادر على التقاط اكثر من قلم الكتروني في قت واحد) اقل من 30 دولارا فقط، في حين سيكلف دمجها جميعها بالطاولات نحو 550 دولارا تقريبا، مما يعني ان الكومبيوتر الواحد سيكلف بين 100 و200 دولار.

وسيكون لهذه الكومبيوترات الموجودة على سطح الطاولات القدرة على الاتصال بشبكة «واي فاي»، كما ستكون مجهزة بمعالجات «إنتيل سيليرون»، فضلا عن اقراص صغيرة من الحالة الصلبة (من دون اقراص صلبة محلية). وستعمل هذه الاجهزة بنسخة من نظام «لينوكس». وسيكون لكل صف جهازه الخادم الخاص به الذي ستحفظ فيه جميع المعلومات، كما سيكون لكل استاذ، القدرة على الوصول الى نظام ادارة المحتويات التي يجري فيها تلقيم خطط الدرس. كما ستكون هناك سبورات رقمية مركبة في مقدمة الصف موصولة هي الاخرى بالطاولات.

ومشروع سيرانا هذا يختلف تماما عن اجهزة اللابتوب الجيدة التي يجري تقديمها الى الحكومة البرازيلية الاتحادية. والاختلاف الكبير هنا هو ان المكتب الرقمي لا يعتبر من المنتجات الجوالة التي يمكن حملها ونقلها. لكن مامانا الذي قضى سنتين ونصف السنة في التحري عن هذا القطاع من النشاطات الكومبيوترية يقول إنه غير مقتنع بأن الحركية ضرورية في مثل هذه الحالات. وقال «أنا غير متأكد من أهمية الحركية هنا بالنسبة الى اولاد في سن الثامنة الى سن الثانية عشرة». فضلا ان ابقاء الكومبيوتر في الصف، يتيح المزيد من المعرفة في كيفية استخدامه، وبالتالي تخفيض نسبة اساءة استخدامه، وهو الذي يعتبر بالتالي من ممتلكات الدولة، فضلا عن مراقبة النشاطات الخاصة به غير الشرعية كالمواد الاباحية او بيع قطع او اجزاء منه، او حتى كله في السوق السوداء. كما ان الشاشات الكبيرة التي يوفرها مثل هذا الجهاز من شأنه تسهيل الاستخدام. لكن مثل هذه المكاتب الرقمية لا يمكن اعتبارها انها قادرة على العمل في كل المدن، «اذ ينبغي توافر ظروف وشروط معينة»، كما نقل موقع «سي من» الالكتروني عنه، «فمثل هذا مشروع لا يستطيع اداء مهمته في ساو باولو». بعبارة اخرى فإن قضايا مدينة تعدادها 45 الفا يمكن تولجها والتعامل معها خلافا الى مدينة كبيرة تعدادها 17 مليونا. «من هنا لا اعتقد ان هكذا مشروع يصلح لجميع المدن، فهناك 10 آلاف مدينة في البرازيل، فاذا استطاعت 50 منها ان تنتج مثل هذه البادرة الاجتماعية، فإن هذا يشكل انجازا حقيقيا» على حد قوله.