ظهور عصر الحزم العريضة للهاتف الجوال في كوريا

شبكات «واي برو» الأسرع والأرخص تهزم الجيل الثالث للاتصالات

TT

في المرة المقبلة التي تكون فيها على الطريق ولا تستطيع أن تجد نقطة «واي فاي» ساخنة للاتصال بالانترنت، أو عندما يبدو أن زمن تحميل الملف المهم الذي تقوم به طويل جدا لا ينتهي من خلال هاتف «ثري جي» (اتصالات الجيل الثالث) الجوال، تخيل أنك في سيول عاصمة كوريا الجنوبية.. ذلك لوجود شبكة «واي برو» اللاسلكية التي تعتبر جنة لخدمة المسافرين المهنيين. وتعتبر «واي برو» WiBro (من المقطعين الاولين لعبارة (Wireless Broadband نسخة جديدة من «واي ماكس»WiMax 802.16e-2005 القياسية التي تصل إلى الولايات المتحدة. وترسل النسخة الكورية البيانات بسرعة ثلاثة أضعاف شبكات «ثري جي»، حيث تصل سرعتها إلى 6 ميغابايت في الثانية. ويقول أنكو لي مدير قسم التخطيط في واي برو بشركة كوريا للاتصالات: «تقدم واي برو سرعات أعلى بكثير (من ثري جي3G) لمستخدمي الهواتف الجوالة». وبالإضافة إلى كونه موظفا في شركة كورية للاتصالات التي تقدم خدمة واي برو، فإن لي مستخدم منتظم لهذه الخدمة. فهو يقول إنه يستخدمها في البريد الإلكتروني وتصفح الإنترنت وتأليف محتوى للإنترنت، وذلك كله وهو بعيد عن مكتبه بمسافات بعيدة.

* اتصالات جوالة سريعة

* ويقول المدافعون عن «واي برو» و«واي ماكس» انهما يغيران من قواعد اللعبة بالنسبة لمحترفي الهواتف الجوالة. ويقول رون ريسنيك، رئيس بيفرتون، وهو منتدى خاص بـ «واي ماكس» الذي يضم بصورة أساسية مسوقين لـ «واي ماكس» في حديث لمجلة «كومبيوتر وورلد» الالكترونية، انه يمكن لـ «واي برو» تغيير الطريقة التي يعمل بها محترفو الهواتف الجوالة. إنهم ليسوا في حاجة إلى العودة إلى المكتب لتحميل البيانات. إنهم يستطيعون العمل بعيدا عن المكتب ويستطيعون إنجاز الكثير في الوقت نفسه». وعلى الرغم من صعوبات العمل المتعلقة بتجارة الهواتف الجوالة، إلا أن شركة «سبرنت نيكستيل» تفيد بأنها تخطط للبدء في شبكة «واي ماكس» في الولايات المتحدة هذا العام. ولذلك، فإنه بالنظر إلى خبرة كوريا مع «واي برو» يمكن أن نحصل على مؤشر جيد لما يمكن أن نتوقعه قريبا.

* بداية بطيئة على الرغم من التفاؤل بين الجهات التي تدعم «واي ماكس»، فإن الجدل ما زال مستمرا في ما يتعلق بأن تصبح «واي برو» منتشرة على مستوى كوريا كلها. فقد تم توزيعها في أماكن محدودة من كوريا خلال السنتين الماضيتين. وهي الآن متاحة في مناطق بوسان ودايوا وجوانجو وإنشيون وألوسان بالإضافة إلى 17 جامعة كورية. ولم تتم الخدمة بسرعة. وقد قدمتها «اس كيه للاتصالات» SKT و«كيه تي» KT ، ووصل عدد مستخدمي «واي برو» إلى 1000 مستخدم في السنة بعد تقديمها. وقد أفاد ديراك كيرتون مسؤول مجموعة كيرتون وهي شركة استشارية في مجال الاتصالات بأن «النظام ينقصه الأجهزة والتغطية. لقد كان بطيئا للغاية».

ومع ذلك، ففي نهاية عام 2007 وصل عدد المستخدمين إلى 130.000 مستخدم حسب تقرير «اي دي سي كوريا». وحسب تقارير «كيه تي» فإن 60% من مشتركي «واي برو» هم أفراد يعملون في مجال الهواتف الجوالة و25% طلاب جامعات والبقية تنتمي إلى خليط من المستخدمين ذوي الاهتمامات المختلفة. وتفيد شركات البحث السوقي بأن هذه الأعداد المشتركة سوف تزيد بصورة واضحة كلما زادت التغطية وسوف تظهر اجهزة «واي ماكس» جديدة في الأسواق. وبصورة خاصة، فإن «اس كيه تي» و«كيه تي» تخططان لتغطية 80 مدينة كورية بنهاية عام 2008. وكنتيجة لذلك، فإن «آي دي سي كوريا» تتوقع أن يصل عدد مشتركي واي برو إلى ما بين 3.9 و5 ملايين مستخدم بحلول عام 2011.

* خدمة أسرع وأرخص ومن ناحية التسويق والناحية الفنية، فإن واي برو ما زالت تواجه تحديات كبيرة، ولكن من ناحية أخرى فإن لها مستقبلا زاهرا، لا سيما أنها تتميز بأنها أرخص وأسرع من «ثري جي». وحسب كرتون فإن من بين أكبر التحديات أنه مثل كل التقنيات اللاسلكية، فإن «واي ماكس» يمكن أن تعطيك نطاقا واسعا أو سرعة قصوى، ولكن ليس الاثنين في وقت واحد. ومثلما الحال مع «واي فاي» فإنه كلما كنت قريبا من المحول، يكون الاتصال أسرع. ومع «واي ماكس»، إذا كنت بالقرب من محطة رئيسة وأنت المستخدم الوحيد للشبكة، وكافة الظروف الأخرى في أحسن حالاتها، ويكون ذلك نادرا، فإن سرعة التنزيل يمكن أن تصل من الناحية النظرية إلى 60 ميغابت/ثانية. وفي الواقع فإن السرعة المعتادة هي 3 إلى 10 ميغابت/ثانية، وحسب قول لي من «كيه تي»، فإن الشائع هو سرعة 6 ميغابيت/ ثانية في كوريا الجنوبية. وعلى الرغم من أن ذلك أضعف عشر مرات من السرعة النظرية القصوى، إلا أنها ما زالت أسرع من الجيل الحالي لـ «ثري جي»، الذي يوفر سرعة تصل إلى 1 ميغابت / ثانية حسب الظروف المحيطة. والميزة الأخرى في «واي برو» و«واي ماكس» على «ثري جي» هي السعر. فنطاق «واي برو» يستغرق نحو 25 برجا ليغطي 50 ميلا مربعا، وهو نصف العدد المطلوب لتقنيات الاتصالات عبر شبكات «ثري جي»، وذلك حسب قول ريسنيك من منتدى واي ماكس. وبعبارة أخرى، فإن الأجهزة تحتاج إلى محطات أقل لتغطية المساحة نفسها. وتتم ترجمة ذلك إلى أسعار أقل للمستخدم النهائي. وتتكلف خدمة «كيه تي» لـ «واي برو» نحو 24 دولارا شهريا وتقدم خدمات لا محدودة. وفي المقابل، تتكلف خدمة «ثري جي» في كوريا 45 دولارا شهريا وتبلغ طاقة التنزيل فيها 4 غيغابايت، وبعد ذلك تتكلف 12 سنتا لكل ميغابايت. ولم يعرف تسعير خدمات سبرنت، ولكنها قالت إن خدمة «واي ماكس» والتي سوف تسمى «زوم» سوف تكون اقل تكلفة ومحدودية من «ثري جي». وتتكلف خدمات «ثري جي» في الولايات المتحدة 60 دولارا شهريا مع وجود حد للتنزيل. فخدمة فيريزون على سبيل المثال لها حدود تبلغ نحو 5 جيجابايت شهريا.

* «الهجرة إلى أميركا»

* وبجانب كوريا، يتم اختبار تقنية واي ماكس في إيطاليا وباكستان وفنزويلا وتايوان والبرازيل واليابان وبالطبع في الولايات المتحدة، اضافة الى بعض الدول العربية. وهنا، التزمت «سبرنت نكستيل» باستخدام شبكات واسعة في نطاق 2.5 غيغاهرتز الخاص بشبكات العمل. وتجتاز شبكة «سبرنت» الآن الاختبارات النهائية في شيكاغو وواشنطن وبالتيمور. وبالإضافة إلى ذلك، قالت الشركة إنها سوف تبدأ قريبا بناء شبكة عامة في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يستمر البناء خلال عام 2009. وقد أوضح بيتر كانيسترا نائب رئيس التطوير المشترك لزوم «أن هذه هي تقنية «فور جي» 4G الخاصة بنا».

وعلى خلاف كوريا، حيث كانت أجهزة محدودة متاحة في بداية الأمر، فإن، سبرنت@ تقول إنها سوف تستخدم مجموعة كبيرة من الأجهزة عندما يتم بدء الخدمة على نطاق أوسع. وتعمل الشركة مع «موتورولا» و«سامسونغ» و«نوكيا» بالإضافة إلى شركات أخرى لبدء تشغيل الأجهزة المزودة بخدمات «واي ماكسر». وهذه الشركات الثلاث متحمسة لبدء تشغيل الأجهزة المزودة بخدمات واي ماكس لأنها تقدم كذلك معدات البنية التحتية التي تستخدمها سبرنت لبناء شبكة العمل. يقول ريك سفينسون، مدير مبيعات أنظمة واي ماكس في «سامسونغ» للاتصالات بأميركا: «سوف يكون لدينا هواتف فيديو ولوحات إنترنت وبطاقات نوتبوك من البداية. إن واي ماكس يوفر لنا عرض الحزم اللازم لعمل أشياء رائعة».

وبالإضافة إلى ذلك، تضيف شركة «لينوفو» شرائح «واي ماكس» إلى كومبيوتر «ثنك باد اكس 300». ومع ذلك ما زال هناك مسوقون حذرون بشأن «واي ماكس»، على الرغم من التقدم الكبير الذي يمكن أن يحدث خلال هذا العام عندما تظهر شرائح «إنتل مونتفينا». ومع الدعم الداخلي لـ «واي ماكس»، يأمل الداعمون أن تفعل «مونتفينا لـ «واي ماكس» ما فعلته «سنترينو» لـ «واي فاي»، حيث جعلتها منتشرة. وعلى الرغم من استمرار الجدل في كوريا، يعتقد المؤيدون أن خدمات «واي ماكس» يمكن ان تكون عاملا مغيرا للعبة في الولايات المتحدة. ويرجع ذلك إلى كونها رخيصة وسريعة عن «ثري جي»، كما أفادت «سبرنت» أنها سوف تستغني عن العقود طويلة الاجل التي تطلب من معظم المشتركين في خدمات الهاتف الجوال. يقول كانيسترا: «إننا نبحث عن اشتراكات وليس تعاقدات. فالأمر لا يماثل شراء هاتف. وبعبارة أخرى، أفادت «سبرنت» بأنها منفتحة على مقترحات مثل المعدل اليومي والقدرة على استخدام أجهزة مختلفة بحساب واحد. ومع ذلك، فإن من الواضح أن توجه «سبرنت»: لن يكون بدعم أسعار أجهزة المستخدمين، وهو الشيء الذي نتج عنه طوفان من انخفاض أسعار أجهزة الهاتف الجوال في الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، سوف تكون الأجهزة المستخدمة في شبكة عمل «واي ماكس» أكثر تكلفة مما اعتاد عليه المستخدمون، على الرغم من أن نقص الدعم يمنح المستخدمين المزيد من المرونة. ويعتقد بعض المراقبين أن مشكلات أسعار الأجهزة يمكن أن تبطئ من استخدام واي ماكس. وبالإضافة إلى ذلك، فلكي تكون سبرنت ناجحة، فإن عليها أن تنهض وتبدأ سريعا، حسبما أفاد كرتون. فهو يقول: «لديهم فرصة محدودة للنجاح». ويتوقع أن تحتاج زوم إلى إكمال العمليات بحلول عام 2009 لتنجح. وسوف يوفر هذا للشركة تقدما على مدى عامين على منافسيها، الذين ربما لن يبدأوا الجيل الجديد من الحزم العريضة اللاسلكية قبل 2011. ويرجع ذلك إلى أن تقنية «فيريزون» اللاسلكية التي سوف تتبناها «ايه تي أند تي»، لن تكون جاهزة قبل نهاية العام الحالي. وعلى العكس، فإن واي ماكس جاهزة الآن. وعلى الرغم من أن «سبرنت» قد قالت إنها تتوقع اكتمال شبكة العمل بصورة كاملة بنهاية عام 2009. وحتى مع استخدام أبراج نقل سبرنت الحالية لمعدات «واي ماكس»، فسوف يستغرق الأمر على الأقل نحو 18 شهرا لإكمال شبكة العمل على مستوى البلاد وسوف تتكلف ما يقرب من 5 مليارات دولار، حسب رأي المراقبين. ومن العوائق المحتملة أن «سبرنت» كانت تفقد أرباحا ومشتركين من خدمات هاتفها الجوال تحت ضغط المستثمرين وول ستريت لاستثمار 5 مليارات دولار لإنشاء شبكة واي ماكس على مستوى البلاد. ونتيجة لذلك، قامت سبرنت بتجديد محادثات الشراكة مع شركة «واي ماكس» أخرى صغيرة، وهي شركة كلير واير. كما كانت هناك تقارير تفيد بأنها تعقد محادثات مع شركات أخرى عملاقة مثل كومكاتس وتايم ورنر كابل حول حصول هذه الشركات على حصة من أعمال زوم. وأفاد كرتون بقوله: «يمكن أن يكون ذلك معقولا. لقد كانت شركات الكابلات تبحث عن شبكة عمل لا سلكية يمكن أن تتوافق مع خدمات الكابلات الخاصة بهم. وسوف يكون ذلك استثمارا استراتيجيا بالنسبة لهم».