دردشة على الإنترنت.. مستوحاة من الدردشة الواقعية

غرف إنترنتية مجسمة للحوار تقرب المشاركين من تجربة التواصل الاجتماعي الواقعي

تصاميم ابداعية لغرف دردشة متميزة.. صورة ارشيفية لمؤسسي «ميبو» ايلين ويري وساندي جين وسيث ستينبرغ في مقر الشركة في كاليفورنيا، التقطت في نوفمبر 2006 (خدمة صور «نيويورك تايمز»)
TT

مقارنة بالأشكال الأخرى للتفاعل الإنساني، لا تعد الشبكات الاجتماعية على الإنترنت وسيلة للتواصل الاجتماعي الحقيقي. ويقوم افراد الجمهور الآن بزيارة مواقع «ماي سبيس» و«فيس بوك» (في أوقات مختلفة من اليوم) من أجل إرسال الرسائل والبريد الإلكتروني. ويشبه الأمر حفلة متواصلة يظهر فيها كل شخص في وقت مختلف ويضع ورقة لاصقة صفراء على باب الثلاجة. والآن تهدف موجة جديدة تعد لها شركات «سيليكون فالي»، الى إعادة التواصل الاجتماعي الحي، وذلك عن طريق وسيلة يقول خبراء التكنولوجيا إنها انتشرت بشكل لا تزامني أكثر مما ينبغي.

* دردشة بالابعاد الثلاثية وحاليا، تقوم «فيفاتي»، وهي شركة صغيرة ناشئة في منلو بارك بكاليفورنيا، بإنشاء غرف دردشة واقعية ثلاثية الأبعاد، والتي يستطيع الأشخاص أن يضيفوها إلى صفحات الإنترنت أو إلى الملفات الشخصية الملحقة بالشبكات الاجتماعية للمواقع التي يقضون فيها معظم أوقاتهم على الإنترنت. وظلت الشركة تعمل لمدة ثلاث سنوات على تطوير هذه التكنولوجيا، وبدأت فترة اختبار خاصة على موقع «فيس بوك» في الأسبوع الماضي وذلك قبل طرحها الواسع للخدمة في الصيف القادم. ومن بين الشركات التي تقوم بدعم هذه التكنولوجيا شركات رأس مال المخاطر من الدرجة الأولى، من أمثال «كلينر»، «بركينز كوفيلد أند بايرز» و«مور دافيدو فينتشرز». وتعمل «فيفاتي» على تحويل صفحات الملفات الشخصية المسطحة (ذات البعدين) إلى غرف دردشة حية ثلاثية الأبعاد، يتمكن من خلالها المستخدمون من اختيار صور شخصيات تمثلهم من قائمة تحتوي على شخصيات خارقة للطبيعة وحسنة المظهر، وهو شرط أساسي في مثل هذا النوع من الخدمات. ثم يقوم المستخدمون بالاختيار من بين العشرات من الخلفيات التي تعكس طابعاً مدنياً قوطياً أو تلك التي تصور فيلا على شاطىء البحر، وذلك على سبيل المثال. وتتميزهذه الخدمة بدقة عالية مثل التي توفرها ألعاب الفيديو غيم، بحيث تمكن المستخدمين من التنقل في الفضاء الواقعي، والذي قد يحتوي على صورهم الموجودة على الفيس بوك وملفات فيديو في موقع «يو تيوب» معروضة على شاشات تلفزيونية عريضة. كما يستطيع 15 آخرون أن يختاروا الصور الشخصية التي يرغبون فيها والدخول إلى الغرفة نفسها في آن واحد من أجل التواصل الاجتماعي الحي المعتمد على الدردشة الكتابية. وحول هذه الخدمة، قال كيث ماكردي، وهو مدير تنفيذي بشركة «فيفاتي» ونائب سابق لرئيس شركة «أرتس» الكبيرة لصناعة الألعاب: «اننا نرغب في أن نحول كل محتوياتك على الشبكة إلى تجربة فورية تمتاز بقدر أعلى من المؤثرات البصرية».

* بيئة واقعية وقد وجدت خدمات أخرى مشابهة على شبكة الإنترنت، مثل «سكند لايف» (الحياة الثانية)، وألعاب مثل «وورلد أوف وور كرافت»، منذ سنوات عديدة. ولا يمكن الوصول إلى هذه الخدمات عن طريق متصفح الويب، بل يجب على المستخدم أن يحمل برامج كبيرة وثقيلة وأن يملك نطاقا عريضا كبيرا من أجل أن يستمتع بتجربة فورية بشكل مرض. وعلى الجانب الآخر، ستنتشر غرف الدردشة التي تقدمها «فيفاتي» عبر شبكة المعلومات الدولية. وسوف يتمكن المستخدم من وضع بيئة واقعية لفيفاتي أو عمل بيئة فريدة، حيثما يستطيع استخدام لغة النصوص النشطة HTML. وتخطط الشركة لجني الأموال عن طريق السماح للشركات بإنشاء غرفهم الواقعية على مواقعهم الخاصة، بحيث تتمكن الشركات من التحكم في الديكور ورسائل التسويق الخاصة بها.

وقد تكون التكنولوجيا التي تقدمها «فيفاتي» فريدة من نوعها، إلا أن هدفها العام ليس كذلك. ويقول المتعهدون والمستثمرون في شركات «لايف ويب» إن التواصل الاجتماعي المتقطع الذي توفره معظم المواقع يتجاهل الغريزة الإنسانية الأساسية، التي دفعت الناس من قبل إلى الالتقاء وجهاً لوجه، وها هي الآن تجذبهم إلى مجموعات اجتماعية من العالم الحقيقي لمشاهدة «السوبر باول» أو أحدث حلقات «باتل ستار جالاكتيكا». وقال رولوف بوثا، وهو شريك في شركة رأس مال المخاطر «سكويا كابيتال»: «لقد ضاع جزء كبير من الحاجة الإنسانية الأساسية إلى التواصل الاجتماعي في هذا العصر الذي يسود فيه التواصل الفردي. ففي نهاية الأمر، نحن جنس اجتماعي». وبوثا، ووهو أحد المشاركين الماليين الأوائل في «يوتيوب»، وأحد المسؤولين أيضا عن ظهور شركات الويب، من أمثال «توك بوكس»، وهي شركة ناشئة تمكن المستخدمين من إجراء محادثة تلفزيونية وجهاً لوجه على الإنترنت، و«ميبو»، وهي شركة عمرها عامان تعمل في تقديم خدمات الرسائل عبر الإنترنت وقدمت جيلاً جديداً من غرف الدردشة المتصلة من خلال شبكة في العام الماضي.

* دردشة حية وكانت غرف الدردشة جزءاً متمماً لتجربة مستخدمي الخدمات الأولية، مثل «كومبيو سيرف» و«أميركا أون لاين». وتميزت هذه الغرف بأسماء على شاكلة «أعزب ويبحث عن شريك» مما دفع بالأمر إلى حالة من الفوضى المزعجة. وساعدت الموجة الأولى من تكنولوجيا الويب على اختفاء مثل هذا النوع من المحادثات التي يصعب التحكم فيها. ولم تتح الصفحات الساكنة على الشبكة للمستخدمين الحصول على اتصال سريع وحي. وتم إحالة الدردشة الحية إلى برامج منفصلة، مثل برامج الماسنجر للدردشة الفورية. وتوفر الإصدارات الحديثة من برامج الويب مرونة في عمليات التحديث داخل صفحات الويب. ولكن توجد مشكلة جديدة الآن: فمستخدمو الإنترنت ينتشرون عبر ملايين المواقع، ومنها مواقع التدوين، علاوة على العديد من الشبكات الاجتماعية. وفي العام الماضي، قدم المدير التنفيذي لشركة «ميبو» سيث ستيرنبرغ، وهو مراهق كان يعمل مراقباً على غرف الدردشة في «أميركا أون لاين»، غرف «ميبو» لأول مرة، وهي عبارة عن إصدار ثنائي الأبعاد من موقع «كارتون سكيب» لشركة «فيفاتي». وتتمكن غرف «ميبو» من استضافة مستخدمين من أكثر من موقع إلكتروني. فعلى سبيل المثال، تجد قرابة 100 شخص يتحدثون في أية لحظة في غرفة ميبو لبرنامج الشوتايم «بيغ برازد أفتر دارك». وقد يظهر نصف هؤلاء على موقع «الشوتايم»، بينما قد يشترك النصف الآخر في المحادثة عن طريق مواقع المعجبين على موقع «ماي سبيس». إلا أن الجميع يشترك في محادثة واحدة حية. ويؤكد ستيرنبرغ خلو المحادثات في الغرف الحديثة للدردشة الحية من الكثير من الألفاظ الخارجة التي وجدت في غرف دردشة أميركا أون لاين، والتي كان يقوم بمراقبتها. وأضاف ستيرنبرغ «إن وجود سياق للحديث في غرف الدردشة ورغبة الجميع في مناقشة الموضوع يجعلان المحادثة جيدة». وتظهر خدمات حية أخرى فجأة وعلى نحو سريع. ففي الشهر الجاري، أعلن موقع «فيس بوك» أنه سوف يقدم خدمة دردشة حية، في الوقت الذي تزداد فيه خدمات الفيديو الحية، والتي يقدمها كل من «ياهو» وشركات صغيرة أخرى، مثل «كايت» و«يو ستريم تي في» و«جاستين تي في». وأوضح ماك كردي من «فيفاتي» أنه لم يتوقع أن تجتاز هذه الخدمات الحية الحد الفاصل بين الأجيال. وطبقاً له، فإن الأجيال الصغيرة المستخدمة لألعاب الفيديو جيم «أكثر رغبة في الاتصال. فهي تستخدم أجهزة الكومبيوتر من أجل الحصول على تجارب عاطفية. وألعاب الفيديو جيم توفر لهم تجربة أكثر عاطفية من النظر إلى صفحات الفيس بوك ذات اللونين الأزرق والأبيض».

* خدمة «نيويورك تايمز»