السينما والفيديو عبر الإنترنت.. نحو التلفزيون

من دون الحاجة الى بث البرامج من المحطات التلفزيونية المحلية

نظام «برافيا» من سوني يوصل التلفزيون بالانترنت (خدمة «صور نيويورك تايمز»)
TT

أفراد الجمهور الذين يقومون هذا العام بشراء احدث التلفزيونات قد يلاحظون مزية جديدة، ألا وهي وجود مرفق صغير معه يقوم بوصل الجهاز مباشرة الى الانترنت. لكن القدرات حاليا متواضعة بعض الشيء، فالمشاهدون لا يستطيعون تصفح الشبكة كما هو حالهم في الكومبيوتر، لكنهم قادرون على استخدام اجهزة التحكم عن بعد للحصول على توقعات حالة الطقس بشكل آني، فضلا عن اسعار البورصة، وبعض البرامج التلفزيونية مثل برنامج «سي إس آي: كرايم سين افيستيغيشن» (مسلسل كشف الجرائم) الشهير، وآلاف من فيديوهات «يو تيوب».

لكن مثل هذه الوصلات الى الشبكة، قد تقلب في نهاية المطاف الاسلوب المتبع في توزيع البرامج الكومبيوترية منذ عقود. والهدف من ذلك هو استبدال جميع الاجهزة التي تقبع هنا وهناك، كأجهزة التواصل مع الكابلات، والتلفزيونات التفاعلية، وكومبيوترات مركز الوسائط المتعددة، والستيريوات وأجهزة الالعاب، فيكون كل ما تحتاجه هو جهاز تلفزيوني واحد يقوم بجميع هذه الاعمال عبر الانترنت. وكلما اصبح النطاق العريض اكثر سرعة، اصبحت اجهزة التلفزيون اكثر قوة، كان بامكان شركات التسلية والترفيه وضع المزيد من المحتويات على الشبكة، وبذلك قد يستطيع المشاهدون استحضار اي برنامج، او فيلم سينمائي، او اغنية او فيديو للهواة في اي وقت، من دون الحاجة الى المحطات التلفزيونية المحلية او الاشتراكات بالكابل.

* تلفزيون تفاعلي «والوصل بالانترنت من شأنه اعطاء المستهلكين الفرصة لتحديد التجربة التي يرغبونها على اجهزتهم التلفزيونية كما يقول راندي واينيك كبير نواب رئيس قسم التسويق في «سوني اليكترونيكس» الذي قام بتوقيع عقود لاستجلاب المحتويات من شبكة «سي بي إس» التلفزيونية التفاعلية، و«ياهو» و«سبورتس إلستريتد» وغيرها الى اجهزتها من نوع «برافيا» التي تدعم الانترنت. «انه تلفزيون يخضع لجدولك انت» كما يقول.

واذا بدا مثل هذا السيناريو شيئا قريبا من المستقبل، فهو كذلك. اذ يتوجب ان يتغير الكثير قبل ان يحصل المشاهدون على ما يريدون في الوقت الذي يريدون. واحد الاسباب هو ان الانترنت ليست «متينة» بما فيه الكفاية لتجهيز الفيديوهات العالية الوضوح الى اجهزة التلفزيون العملاقة. والسبب الآخر هو ان اجهزة التلفزيون هذه لا تملك القوة الكومبيوترية لمعالجة البث الفيديوي العالي الكثافة.

المسألة الاخرى المهمة ايضا هي تفهم نظام «الملاحة» اي تجوال المشاهدين في قوائم الطلبات، وكيفية جعل المشاهدين يجدون ما يرغبونه من الانترنت. اذ يبدو ان لوحات المفاتيح اللاسلكية التي تتيح لنزلاء الفنادق الابحار في الشبكة على اجهزتهم التلفزيونية لم تلق بعد تجاوبا كبيرا.

ويقول دان فاوسيت رئيس «فوكس ديجتال ميديا» «لا اعتقد ان هناك بديلاً للجلوس على الاريكة وبيدك جهاز التحكم عن بعد لمشاهدة التلفزيون العادي». والشركات المنتجة للاجهزة التلفزيونية مثل «سوني» و«شارب الكترونيكس» و«باناسونيك كونسيومر إلكترونيكس» ترى الوصل بالشبكة مجالا للمنافسة.

وعملية الاتصال بالانترنت هي ايضا موطئ قدم في المستقبل، اذ يخطط الملايين من الاميركيين لشراء اجهزة جديدة قبل حلول موعد التحول الوطني الى البث الرقمي الكامل في فبراير المقبل في عام 2009 عندما تقوم المحطات التلفزيونية بالتخلي عن تردداتها التناظرية القديمة. والمنازل التي لا تزال تشاهد البث التلفزيوني المجاني عبر الاثير ستحتاج الى جهاز تلفزيوني جديد، او علبة تحويل رقمية لمشاهدة البرامج.

«والانترنت هي الشيء الجديد»، كما يقول بول ليو كبير الموظفين التقنيين في شركة باناسونيك، «ففي البداية كانت هناك الاذاعات عبر الاثير. ثم جاءت الكابلات وبعد ذلك البث الفضائي من الاقمار الاصطناعية. والآن الالياف الضوئية التي شرعت تجلب البرامج الى جهاز التلفزيون».

والشركات الصانعة لاجهزة التلفزيون تواجه حاليا منافسة من قبل شركات «أبل» و«مايكروسوفت» وشركة TiVo التي هي من بين شركات متعددة تحاول ان تصل جهاز الكومبيوتر الى التلفزيون.

ويبدو ان القليل من المستهلكين قد احتضنوا هذه المحاولات لكون الاشخاص غير راغبين بشراء علبة (جهاز) اخرى لوصل اجهزتهم التلفزيونية استنادا الى جورج كليافكوف كبير موظفي قسم التقنيات الرقمية في «إن بي سي يونيفيرسال». وهذا ما ابطل ثلاثة اجهزة مهمة في الساحة، وهي العلب التي توضع فوق الاجهزة التلفزيونية لتلقي البث عبر الكابلات او الاقمار الاصطناعية، واجهزة العاب الفيديو، واجهزة التلفزيون ذاتها، كما يقول. واضاف «لا ادري من سيكون الفائز في النهاية. لكن اعتقد انهم سيكونون الاشخاص الوحيدين الذين يملكون فرصة للنجاح لانهم سيتمكنون من امتلاك قدرة غير محدودة من القنوات، والقنوات ذات الطابع الشخصي. ان الامر سيكون اشبه بعلبة «جوكبوكس» موسيقية (التي تعرض الاسطوانات والتسجيلات) الموسيقية تبث من الاعالي».

ولكن اضافة الى العراقيل الفنية هناك مشكلة عملية وهي الحصول على مساحات اوسع في المخازن. والبائعون هناك جنوا الكثير من الارباح في بيع اقراص «دي في دي»، مما قد يصدهم عن بيع التلفزيونات الموصولة الى الشبكات التي قد تقلص من بيع الافلام السينمائية الى المنازل، كما يقول كيرف شيرف كبير المحللين في «بارك اسوشيتس» في مدينة دالاس.

* تحديات تلفزيون الكابلات ويملك صانعو الالكترونيات حليفين قويين: الشبكات التلفزيونية وشركات الانترنت مثل «غوغل». وبالنسبة الى الاولى، فان تأمين العروض والبرامج عبر الانترنت من شأنه توسيع قاعدة المشاهدين المحتملين وايجاد فرص للاعلانات المتفاعلة. وتبحث «غوغل» ايضا عن صيغ اعلانية جديدة، لا سيما الفيديو. وفي يناير الماضي اعلنت عن صفقة لجعل فيديوهات «يو تيوب» متوفرة على اجهزة «باناسونيك» الموصولة الى الانترنت.

ويقول دايفيد ليون نائب رئيس «غوغل» في شراكات المحتوى «اننا نصنع منصة فيديوية تمنح شعورا بالاختيار الذي لا نهاية له، وجعل المحتويات في متناول اكبر عدد ممكن من المشاهدين». وهذا خبر سيئ بالنسبة الى محطات التلفزيون المحلية التي قامت طوال عقود بجمع المال لتوزيعها برامج الشبكة، فهذه المحطات المحلية لا تزال تحتفظ بالحق الوحيد لتشغيل هذه العروض في الاوقات الرئيسية للمشاهدة، كما ان هذه الشبكات تحاول ايضا الحفاظ على علاقات جيدة مع المتعاونين معها متيحة لهم تقديم برامجهم على مواقعها. يبقى القول ان «الكابلات لا تزال التقنية الاولى المتفوقة عندما يتعلق الامر بالقدرة على مشاهدة ما ترغبه في الوقت الذي ترغبه على جهازك التلفزيوني» على حد قول كيفن ليدي كبير نواب رئيس مجموعة التقنيات المتطورة في شركة «تايم ورنر كايبل» للكابلات. كما ان مسجلات الفيديو الرقمي الخاص بها تتيح للمشاهدين تسجيل العروض ومشاهدتها في اوقات فراغهم. كما انها تروج لخدمات «الفيديو عند الطلب» الخاصة بها. كما ستقدم في اواخر العام الحالي مزية اخرى تتيح للمشاهدين مشاهدة عرض، او برنامج يكون قد مضى على بثه 48 ساعة. وهكذا يبدو ان هناك الكثير من اللاعبين الذين يتبارون للفوز مما يزيد من حيرة المستهلكين وارتباكهم. وهؤلاء بالطبع سيستفيدون عندما يكون هناك مجال للاختيار والمنافسة والتقنية الافضل. والمشكلة ان جميع هؤلاء يقدمون هذه الامور بصورة ممتازة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الاوسط»