صمم عوالمك الافتراضية.. بسهولة

برنامج أميركي لذوي الخبرة القليلة ..لا يتطلب المعرفة بلغات البرمجة

TT

شهدت السنوات الاخيرة انفجارا في المحتويات من كل انواع المعلومات على شبكة الانترنت التي يقوم المستخدمون بانتاجها. لكن هذا الانفجار كان شديدا جدا لان المحتوى كان سهل الانتاج نسبيا. وفي الوقت الذي يدعى فيه مستخدمو الانترنت لتصميم الزهور والاشياء الفنية الاخرى في العوالم الافتراضية مثل «الحياة الثانية»، الا ان نمذجة المحتوى الثلاثي الابعاد لاتزال امرا صعبا بالنسبة الى قليلي الخبرة. ويهدف اسلوب جديد يدعى «اكتشاف فضاء التصميم التعاوني» Collaborative Design-Space Exploration الذي طورته مجموعة العوالم الافتراضية في جامعة ستانفورد الاميركية الى تسهيل الامور بالنسبة الى اي شخص لانتاج تصاميم ثلاثية الابعاد للعوالم الافتراضية. وقامت هذه المجموعة بانتاج النموذج الاولي لواجهة الاستخدام الخاصة بها في برنامج يدعى «دراياد» Dryad الذي يتيح للمستخدمين تصميم الاشجار والتخطيط لاستخدامها مع الانواع الاخرى من الاشياء والاشكال. ويقول فالدين كولتن الاستاذ المساعد في جامعة ستانفورد الذي يرأس المجموعة انه يأمل في تصميم برامج مثل «دراياد» التي ستجعل في يوم من الايام من السهل انتاج محتوى لاستخدامه في العوالم الافتراضية من دون الحاجة الى تعلم لغة النصوص، او كيفية استخدام ادوات وضع النماذج المعقدة الثلاثية الابعاد. وهو يأمل فعلا في تسهيل الامور بالنسبة الى الاكاديميين الذين تنقصهم خبرة علوم الكومبيوتر والذين يصعب عليهم انتاج المحتويات، او المضمون بغية تجميع العوالم الافتراضية معا لاغراض تربوية او اختبارية.

وتتطلب اغلبية عمليات وضع او رسم النماذج من المستخدم، الشروع في تعديل المضلعات ووضعها معا، كما لو انه يجري استخدام كتل من الطين. وعندما ينفتح «دراياد» يرى المستخدم من مشهد علوي مجموعة واسعة من الاشجار التي قد تبدو كما لو انها اختيرت من الغابات، او قمم الجبال، او من تلك التي تكون على ضفاف الجداول والترع، او حتى من كواكب بعيدة. وبمقدور المستخدم ان يتحرك في المساحة هذه ويقوم بتكبيرها او تصغيرها مستخدما واجهة استخدام تفاعلية شبيهة بتلك الموجودة في برامج مثل «خرائط غوغل». وعندما يرى المستخدم شجرة اعجبته، فهو عندما يقوم بتكبيرها يقوم بانتاج خريطة جديدة تحتوي على مجموعة جديدة من الاشجار التي تشابه مواصفاتها الشجرة التي قام المستخدم باختيارها. وكلما قام المستخدم بتكبير الشجرة والاقتراب منها، كانت الاشجار التي في الخريطة مشابهة لبعضها بعضا. وبمقدور المستخدم النقر على واحدة من الاشجار الظاهرة لاختيارها، او النقر على الحيز الفاصل بين الاشجار لزرع شجرة جديدة تحمل الصفات والخصائص ذاتها للاشجار المحيطة. وللمزيد من التحكم الدقيق، يمكن للمستخدم استخدام شرائط خاصة، مع المفاتيح الانزلاقية التي تغطي مجالا متواصلا من القيم، بحيث يمكن تعديل 100 من المواصفات والخصائص المختلفة الخاصة بشجرة واحدة في كل مرة. وعلى الرغم من ان الشرائط هي من الادوات القياسية العادية للتصميم الثلاثي الابعاد، الا ان الخريطة ليست كذلك. والفكرة من وراء ذلك هي انه هناك دائما شيء ما امامك، كما يقول كولتن لمجلة «تكنولوجي ريفيو» التي يصدرها معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، مضيفا ان المستخدمين غير المجربين القليلي الخبرة ترهبهم عادة الشروع من نقطة الصفر. «وواجهة استخدام الخريطة ترشدك الى مناطق الأمكنة التي قد تكون تجاوزتها، كما تدلك على افكار عما تستطيع ان تفعله. كذلك تسمح واجهة الاستخدام هذه للمستخدمين تصميم تشكيلة مختلفة شبه لانهائية من الاشجار» على حد قوله.

وعلى الرغم من ان واجهة الاستخدام تبدو بسيطة، الا ان هناك الكثير من الرياضيات المعقدة الكامنة خلفها. وبغية جعل المستخدم يشعر وكأنه يكتشف مجال تصميمات جديدة توجب على البرنامج ان يمثل 100 مقياس مختلف التي تتحكم كلها في مظهر الاشجار في خريطتين ذاتي ابعاد. وهذه المقاييس المائة تترجم رياضيا الى حيز ذي 100 بعد قياسي. كما يوضح كولتن. ويضيف ان كل خيار يقوم به المستخدم يجعل البرنامج يختار شريحة منحنية ذات بعدين من المجال او الحيز الحقيقي في عملية شبيهة الى تلك المستخدمة في رسم خط يناسب جدا مجموعة من النقاط في مخطط مبعثر. وبالطبع فان بعض المعلومات تفقد اثناء العملية، لكن لكون المنحنيات تتلوى وتنثني عبر الابعاد والمقاييس المتعددة فانها تتيح للمستخدم القيام بالتغييرات الى اكثر من مقياسين فورا.

وقام الباحثون ايضا بتصميم برنامج يقرر بشكل ذكي اي الاشجار التي يمكن عرضها على المستخدمين. «اذ ان عرض مجموعة من التصاميم العشوائية قد يكون امرا غير مستحب»، كما يقول كولتن موضحا ان اختيار قيم عشوائية للمقاييس الـ100 الممكنة، من شأنه ان يؤدي في افضل الاحتمالات الى نوع من الفوضى والحصول على اشجار لا تستقطب الاهتمام. لذلك، لدى التقرير، اي الاشجار التي ستعرض، يجري الاستعانة بتوجيهات مجموعات مختارة من المستخدمين السابقين.

و«دراياد» ليس الاسلوب الوحيد بالنسبة الى المستخدمين لانتاج التصاميم الثلاثية الابعاد. فـ«الحياة الثانية» لديها لغة نصوص يمكنها انتاج اي شيء من الشجرة الى العفريت، لكنها لغة يتوجب على المستخدم ان يتعلمها ويتقنها. و«إنتراكتف دايتا فيجيوليزيشنس سبيد تري» التفاعلي هو اداة معقدة لتصميم الاشجار التي بمقدور ممارسي لعبة «ان ريال تورنمنت3» استخدامها لتصميم الاشجار لبيئات الالعاب التي تصمم حسب الطلب. لكن رئيس الشركة مايكل شيرست يوضح ان الاداة هذه مصممة خصيصا للاعبين الذين لهم هوس خاص في تطوير الالعاب، وهي ليست معدلة لسهولة الاستخدام. ويعتبر بيتر فيليبس المدير الفني لـ«ميليونس اوف اس» وهي وكالة متخصصة في انتاج المحتويات للعوالم الافتراضية «دراياد» اداة واعدة فعلا تتيح للاشخاص الذين يفتقرون الى الخبرة انتاح مضمون شخصي لهم. واضاف «ان واحدا من الاشياء التي تبدو غير طبيعية في «عوالم الشبكة المتعددة اللاعبين» MMOs هو عندما ترى اجساما متشابهة متكررة». وهو يعتقد ان الادوات مثل «دراياد» بمقدورها تذليل المشكلة، عن طريق تسهيل تفصيل الاجسام والاشكال حسب اذواق الناس الشخصية. وعلى الرغم من انه يعتبر ان واجهة الاستخدام الخاصة بالخرائط هي مسعى جيد، الا ان النسخة الحالية من «دراياد» لها بعض نواقصها على صعيد الاداء.

وحاليا يتوفر برنامج «دراياد» لانظمة «ماكنتوش» و«ويندوز»، كما ان مجموعة جامعة «ستانفورد» تعمل الآن على نسخة لنظام «لينوكس». ويلاحظ كولتن ان «دراياد» هو عرض لنوع من واجهات الاستخدام الخاصة بالتصاميم، واضاف ان المجموعة تنوي ان توسع الفكرة لتتيح للمستخدمين تصميم اشكال بشرية، واشكال اخرى موجودة عادة في العوالم الافتراضية.