كتب ناطقة للعميان بذاكرات فلاش رقمية

يقرأها 700 ألف ضرير في الولايات المتحدة وحدها

TT

جودث ام ديكسون (55 سنة)، طبيبة في علم النفس ومحترفة تقنيات معقدة كهواية، تخلت عن التعليم الجامعي قبل 27 سنة للانضمام الى خدمات المكتبة الوطنية الخاصة بالعميان والمعاقين جسديا. وهي عضوة مهمة في الفريق الذي عمل قرابة عقد كامل لإنتاج كتب صوتية للمكتبة التي يقصدها نحو 700 الف ضرير ومعاق.

وهدفها هو جعل الصيغة الرقمية، العمود الفقري لبرنامج «الكتاب الناطق» في المكتبة عن طريق تحويل 60 ألف كتاب الى أقراص فلاش رقمية، التي لا تملك المكتبة تسجيلات صوتية لها، مع توفير آلات جديدة لها للاستماع إليها.

وتقول ديكسون التي فقدت نعمة البصر، والتي تتجول وتشق طريقها بمساعدة كلب خاص مدرب لخدمة العميان، إن «البرنامج يوفر تواصلا للأشخاص مع المكتبة، الذي من دونه لم تكن لهم أي فرصة في ذلك».

وبموجب هذا البرنامج، فإن بإمكان العميان والمعاقين الحصول على الكتب الصوتية عن طريق البريد الالكتروني من أي مكتبات إقليمية وهي التي يبلغ عددها 130 موزعة في أرجاء البلاد. ولا توجد أي رسوم بالنسبة إلى استخدام المكتبة وآلات التشغيل، لكن للحفاظ على الأخيرة، يتوجب على مستخدميها الخروج بكتاب واحد سنويا. وتنوي المكتبة إطلاق آلات جديدة وكتب رقمية في نهاية العام الحالي.

وبمقدور الخرطوشة الرقمية الجديدة الواحدة استيعاب 46 ساعة من التسجيلات الصوتية للكتب. وفي المقابل، يحتوي شريط الكاسيت الواحد على ما مدته ست ساعات، فقط إذا ما جرى تسجيله بنصف السرعة، وعلى المسالك الأربعة. ولكون مدة أي كتاب عادي نموذجي هي 15 ساعة، فالصيغة الجديدة تعني ان جميع الكتب باستثناء الطويلة منها، يمكن جمعها في خرطوشة واحدة، على حد قول ديكسون. ومثل هذا التحول فرضته الضرورة أيضا، إذ ان شريط الكاسيت ينتمي الى جيل من التقنية مضى ولن يعود. ومع تعطل آلات تشغيل الكاسيتات التي يستمع إليها العميان، والممنوحة الى المكتبات، فإن العثور على قطع غيار بات من الأمور الصعبة يوما بعد يوم.

وكانت مكتبة الكونغرس الأميركية ومستخدموها، قد مروا قبلا عبر هذه الثورة التقنية. وكانت هذه المكتبة قد شرعت في تقديم مثل هذه الكتب الصوتية على اسطوانات كبيرة طويلة التشغيل منذ عام 1934. وحولت الكتب الى كاسيتات في أواخر الستينات، التي دامت حتى الثمانينات.

«ومثل هذا التحول سيحدث بشكل أسرع نظرا إلى أن الكاسيتات لن تكون متوفرة لفترة طويلة».. على حد قول ديكسون، التي تعمل كموظفة حاليا في المكتبة لعلاقات المستهلكين.

والمشغلات الجديدة تشبه آلات الكاسيت القديمة التي هي بحجم القاموس المسطح، والمزودة بزرين كبيرين ومكبر صوت واحد مبيت داخلها. اما الخرطوشة الرقمية فهي بحجم شريط الكاسيت، لكنها موصولة الى المشغل عبر فتحة «يو إس بي» بدلا من تركيبها على وتدين دوارين.

وتقول ديكسون ومناصرو قضايا العميان، إن الاعتماد على الكتب التجارية المتوفرة حاليا على أقراص صغيرة مدمجة، او على صيغة «إم بي 3»، ليس خيارا جيدا، لكون العديد من المستخدمين العميان يجدون مشقة في تشغيل الأزرار الصغيرة لمشغلات «إم بي 3»، كما ان جردة الكتب المتوفرة محصورة عادة بالكتب الرائجة تجاريا.

وكان الكونغرس الأميركي قد اقر مساعدة قدرها 21.5 مليون دولار سنويا لمدى أربع سنوات لمساعدة برنامج الرقميات هذا، اي اقل بـ 19.1 مليون دولار من المبلغ الذي طلبته المكتبة. وهذا يعني أنها ستكون قادرة على إنتاج 3.5 مليون نسخة من الكتب الصوتية على مدى أربع سنوات، بدلا من 4.8 مليون على حد قول المسؤولين. «ويبدو ان المشغلات القديمة شرعت تتداعى وتتعطل، بينما المشغلات الجديدة لن تكون متوفرة بعد، مما يعني حصول توقف في الخدمة»، استنادا الى كريس دانيسيلسن، الناطق بلسان الاتحاد الوطني للعميان. وبرنامج الكتاب الناطق هو المصدر الرئيسي للقراءة بالنسبة الى أغلبية العميان. فقط تذكر إذا جاء احدهم يوما إليك وأبلغك: «هل تعلم انك لن تستطيع ان تقرأ شيئا لفترة من الزمن»، ماذا سيكون موقفك؟.

* خدمة «واشنطن بوست»