تقنيات ونظم ثورية لمستقبل رقمي باهر

شرائح إلكترونية تخزن نصف مليون أغنية وآلاف الأفلام وشاشات لاسلكية صغيرة

شاشات صغيرة جدا.. وتقنية عالية («الشرق الاوسط»)
TT

يطور مصممو شركة «آي بي إم» العملاقة للكومبيوترات شرائح إلكترونية تتيح لمشغلات الموسيقى تخزين مئات الأضعاف من المقطوعات الممكنة حاليا. ويستطيع النوع الجديد من الشرائح التخزينية حفظ نصف مليون أغنية (حوالي 99 يوما من الاستماع إلى الموسيقى بشكل متواصل ومن دون تكرار أي أغنية)، أو خزن 3500 فيلم كامل، وبتكاليف أقل بكثير من تكاليف التصنيع الحالية. وتستهلك هذه الشرائح طاقة كهربائية أقل بشكل ملحوظ، وتحفظ المعلومات لعشرات السنين، وهي تعمل بسرعات أكبر بكثير من السرعات الحالية. وتعمل هذه التقنية باستخدام دوران الإلكترونات حول النواة في ما يُعرف باسم «حلبة السباق» Racetrack.

* سعات هائلة

* وعلى صعيد آخر، تطوّر شركة جديدة أقراصا صلبة تستطيع تخزين ما مقداره 1 تيرابايت (1024 غيغابايت)، من المعلومات في البوصة المربعة الواحدة (مقارنة بـ25 غيغابايت للبوصة المربعة حاليا، أي أن التقنية الجديدة تقدم سعات أكبر بـ41 ضعفا من السعات الحالية). وتعمل هذه التقنية باستخدام تقنيات الـ«نانو» التي تخزن المعلومات بقطر 17 نانومترا وبشكل مجسم ثلاثي الأبعاد، ومن المتوقع أن تُطرح هذه الأقراص في النصف الأول من العام المقبل.

ومن المتوقع أيضا طرح تقنيات جديدة لذاكرة الفلاش في عام 2010 تستطيع تخزين أكثر من 100 غيغابايت في الشريحة الواحدة (قد تحتوي وحدة الذاكرة على أكثر من شريحة داخلية)، والوصول إلى 1 تيرابايت (1024 غيغابايت)، للشريحة الواحدة خلال 10 أعوام. وتعرف هذه التقنية باسم «آراي ميموري» Array Memory، ومن الممكن لها أن تستبدل الأقراص الصلبة في الأجهزة المحمولة نظرا لصغر حجمها وخفة وزنها وقلة استهلاكها للكهرباء، بالإضافة إلى عمرها الطويل.

واستطاع باحثون آخرون تطوير تقنية جديدة للأقراص الليزرية تسمح لها بالوصول إلى سعات تخزين تبلغ 1 بيتابايت (1024 تيرا بايت، أو مليون غيغابايت)، وذلك باستخدام تقنيات الـ«نانو». وتستطيع هذه الأقراص تخزين حوالي 200 ألف قرص «دي في دي». وتستخدم التقنيات الحالية لتسجيل المعلومات على الأقراص حوالي 0.1% من القدرة الممكن تخزينها، لكن هذه التقنية ستستغل طبقات أكبر (حوالي 52 طبقة تخزينية، يمكن رفعها إلى 300 طبقة)، باستخدام ترددات الـ«نانو»، وعبر 3 أبعاد لتخزين المعلومات في الموقع نفسه من دون أن تتداخل المعلومات ببعضها بعضا. ومن المتوقع أن نشهد طرح هذه الأقراص خلال الـ 5 أعوام المقبلة.

ومن التقنيات اللافتة للنظر أقراص «دي في دي» تُتلف نفسها بعد استخدامها، الأمر الشبيه بمسلسل وأفلام «المهمة المستحيلة»، تحت اسم «دي في دي ـ دي» DVD-D، حيث تبدأ الأقراص بإتلاف نفسها بعد دورانها في السوّاقات. ويمكن استخدام هذه الأقراص لتأجير الأفلام أو لتجربة البرامج والألعاب الإلكترونية، وغيرها من الأمور التقنية المرتبطة بالزمن. وتوجد إصدارات مختلفة من هذه الأقراص، بعضها يعمل لـ8 ساعات بعد استخدامه لأول مرة، بينما يصل عمر البعض الآخر إلى 48 ساعة، بالإضافة إلى وجود إصدار يعمل لمرة واحدة فقط.

ويمكن التسجيل على هذه الأقراص بسرعة 1.2 ميغابايت في الثانية، ويمكن إعادة تصنيعها بسهولة، ويبلغ سعرها ثُلث أسعار الأقراص العادية الفارغة، وهي متوفرة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا والدول الإسكندينافية. تجدر الإشارة إلى أن أقراصا شبيهة بهذه الأقراص قد طُرحت في السابق تحت اسم «إيزي ـ دي» EZ-D، إلا أنها لم تلق رواجا في الأسواق نظرا لأنها كانت تحتوي على طبقة كيميائية خاصة تتفاعل مع الأوكسجين فور فتح علبتها المفرغة من الهواء، لكنها لا تزال تُستخدم في اليابان، لكن بشكل محدود جدا.

* شاشات صغيرة

* ومن التقنيات الغريبة الأخرى عدسات لاصقة تعرض معلومات حول البيئة المحيطة بمستخدمها، وتنقل المعلومات بشكل لاسلكي إلى مركز خاص لتحليلها، وتعرض المعلومات من ذلك المركز أمام عين المستخدم، تماما مثل المعلومات التي تُعرض على شاشات الألعاب الإلكترونية. هذا وطُوّر نموذج أولي يستمد طاقته من موجات الراديو التي تُبثّ في تردد محدد. ومن الممكن استخدام هذه العدسات لأغراض عسكرية، الأمر الذي أثار اهتمام وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية «داربا» DARPA وبعض الباحثين في جامعة واشنطن الأميركية.

وتطوّر شركة «براذر» Brother اليابانية جهازا خاصا يعلق على نظارات المستخدمين ويعرض لهم صورا ومعلومات ترسلها أجهزة متخصصة وكأنها موجودة أمام أعين مرتديها. ويبلغ حجم هذه الوحدات حجم سماعات «بلوتوث» الحالية، ويبلغ وزنها 25 غراما فقط، ويمكن بواسطتها مشاهدة الوثائق والصور وعروض الفيديو من أي مكان. ويعمل الجهاز كآلة عرض للصورة Projector تستخدم عين الإنسان كشاشة للعرض. ويمكن مشاهدة الأجسام الموجودة أمام المستخدم وعرض الصورة التي يبثها الجهاز فوق تلك الأجسام. وتقوم الشركة حاليا بتصغير حجم الجهاز الرئيسي، ليصبح بحجم القرص الصلب المحمول، وليمكن وضعه في جيب المستخدم. ومن المتوقع طرح هذه التقنية في عام 2010.

هذا وعرضت شركة «سوني» تلفزيونات جديدة من طراز «إكس إي إل ـ1» XEL-1، التي تعمل بتقنية الدايودات العضوية المشعة للضوء Organic Light Emitting Diodes OLED وتبلغ سماكة الشاشة فيها خُمس مليمتر. وبسبب قلة السماكة، فإن هذه الشاشات تستطيع عرض الصور بوضوح غير مسبوق وألوان دقيقة من جميع زوايا المشاهدة (الألوان السوداء تبدو شديدة السواد، وأفضل من جميع شاشات البلازما والشاشات التقليدية)، بالإضافة إلى خفض استهلاكها للطاقة الكهربائية.

ومن المتوقع أن تستبدل الشاشات التي تعمل بهذه التقنية شاشات «إل سي دي» الحالية، التي من السهل اعتبارها على أنها من العصور الحجرية عند مقارنتها بهذه الشاشات. ومن الممكن تطير شاشات زجاجية تعمل بهذه التقنية، أو بلاستيكية مرنة لاستخدامات مختلفة. ويبلغ سعر الإصدارات الأولى من هذه الشاشات 2500 دولار أميركي لقطر 11 بوصة، لكن هذا الرقم سينخفض مع مرور الزمن ليصبح متوفرا بأسعار في متناول الجميع. تجدر الإشارة إلى أن شركتي «سوني» و«سامسونغ» قد عرضتا نماذج تجريبية لهذه الشاشات بقطر 27 و31 بوصة.

* شرائح مرنة

* ومن التقنيات الجديدة تطوير شرائح سيليكونية مرنة يمكن ثنيها في أي جهة يريدها المستخدم، الأمر الذي يسمح بزراعتها في دماغ الإنسان أو في جسده لمراقبة صحته، أو حتى استخدامها في الملابس الذكية. وتستخدم هذه التقنية طبقات معقدة التراكيب من الألياف السيليكونية بالغة الدقة، وهي ذات أداء شبيه بأداء الأجهزة الإلكترونية التي تستخدم الشرائح السيليكونية الصلبة الحالية.

وستفتح هذه الشرائح الجديدة آفاقا جديدة في جميع المجالات، وذلك بعد التحرر من صلابة وسهولة كسر الشرائح التقليدية. وتبلغ سماكة هذه الألياف 1.5 ميكرون (الميكرون واحد على مليون من المتر)، أي أنها أقل سماكة بمئات المرات من الشرائح الحالية. ويمكن لف هذه الشرائح على الأسطح المكورة أو ذات الزوايا وكأنها قطعة لاصقة يمكن التحكم بشكلها بسهولة. ومن التطبيقات التي يتم تطويرها والتي تستخدم هذه التقنيات قفاز مطاطي ذكي يستطيع قياس ضغط الدم ونسبة الأوكسجين فيه بمجرد لمس الجراح للشريان، وعرض تلك المعلومات على شاشة صغيرة مدمجة أو إرسالها بشكل لاسلكي إلى ملف المريض الإلكتروني. هذا ويمكن تطوير طبقة رقيقة جدا ووضعها على الرأس لقياس نشاط الدماغ وموجاته لمرضى الصرع، ومن دون أن يشعر المريض بوزنها أو يراها على الإطلاق، بالإضافة إلى هوائيات صغيرة للطائرات ونظم مراقبة تغطي 360 درجة.

* نظم تفاعل جديدة

* وسيصبح بالإمكان في نهاية هذا العام اللعب بالألعاب الإلكترونية بواسطة الدماغ مباشرة، ومن دون الحاجة إلى استخدام الأيدي، حيث إن جهاز «إي بوك» Epoc يلتقط النشاطات الكهربائية في الدماغ ويحللها ويفهمها ويرسل إشارات لاسلكية إلى الكومبيوتر تعبر عن أوامر المستخدم، وتترجم على شاشة اللعب مباشرة. وتتميز هذه الأداة التي توضع على الرأس بأنها لا تحتاج إلى وجود أجهزة ضخمة بالقرب منها ولا أقطاب كهربائية توضع على الدماغ، ولا تكلف عشرات الآلاف من الدولارات.

هذا ويمكن للجهاز التقاط مشاعر اللاعب وتمريرها إلى اللعبة، لتنعكس حالته النفسية على شخصية اللعب، مثل ضحكه عند الفوز أو شعوره بالقلق عند وصوله إلى باب مقفل. ويمكن للجهاز معرفة درجة ميلان رأس المستخدم وعكس ذلك على الشاشة، بالإضافة إلى قدرته على الاتصال بالكومبيوتر بشكل لاسلكي (عن طريق وصل جهاز صغير بالكومبيوتر عبر مأخذ «يو إس بي» لاستقبال الإشارات اللاسلكية)، ويبلغ سعر الأداة 299 دولارا أميركيا. ويرى «بول ليداك» Paul Ledak، نائب المدير العام لشركة «آي بي إم ديجيتال كونفيرجنس» IBM Digital Convergence، أنه يمكن الاستفادة من هذه الآلة بأشكال عدة، مثل تصفح الإنترنت بشكل مجسم ثلاثي الأبعاد والتفاعل مع أسواق الأعمال والعوالم والاتصالات الافتراضية.

هذا وتطور شركة «ريآكتريس» تقنيات جديدة اسمها «ويفيسكيب» WAVEscape، تسمح للأجهزة بمعرفة حركات أيدي المستخدمين من مسافات قريبة أو بعيدة تصل إلى 5 أمتار، وتُترجم تلك الحركات على الشاشة. وتستخدم هذه التقنية كاميرات ومجسّات تعمل بالأشعة تحت الحمراء لمعرفة بُعد المستخدم عنها والتعرف على يديه بدقة كبيرة. ويمكن لهذه التقنية عرض إعلان ما لتظهر وكأنها شاشة عادية. وعند اقتراب شخص منها، فإنها سترسم صورة تقلد حركات الشخص للفت انتباهه.

ويمكن للمستخدم عندها التفاعل مع الشاشة وتحريك الأجسام التي تظهر عليها بيديه في الهواء (أسلوب مناسب للإعلانات الجديدة)، أو مشاهدة الخرائط وتفحص المنتجات والتفاعل مع القوائم، وحتى اللعب بألعاب إلكترونية جماعية مع مَن يقف بجانب المستخدم. هذا ووقعت الشركة اتفاقية مع سلسلة فنادق ومنتجعات «هيلتون» العالمية لطرح 115 نظاما بحلول صيف هذا العام، بالإضافة إلى عزمها طرح هذه الأنظمة في المراكز التجارية والأسواق المختلفة.

ومن المتوقع أن يتكامل الإنسان والآلة في السنوات المقبلة، حيث ستصبح الكومبيوترات قادرة على توقع ما نريده منها، الأمر الذي سيغير من طريقة تفاعلنا معها واعتمادنا عليها بشكل كبير جدا. وسيصبح بالإمكان قراءة الصحيفة المصنوعة من الورق الرقمي التي تتجدد فيها المعلومات بشكل تلقائي، تماما كشريط الأخبار في المحطات التلفزيونية، أو لتجدد في ورقة أخرى معلومات صفحة الشبكة الاجتماعية الخاصة بالمستخدم، مثل إضافة صور جديدة أو ورود رسائل مختلفة من الأهل والأصدقاء.

* معالجات متطورة

* وطرحت شركة «إنتل» سلسلة معالجات «الذرّة» Atom التي تتميز باستهلاك أقل للطاقة الكهربائية والمصممة خصيصا لأجهزة الإنترنت الجوالة، التي تتميز بتصميم جديد كليا للمعالج مع توافقها مع المعالجات ثنائية النواة Core 2 Duo الموجودة حاليا في الأسواق. ويحتوي كل معالج من هذه المعالجات على 47 مليون ترانزستور، وهي تعمل بتقنية 45 نانومترا التي تخفض استهلاك الكهرباء بشكل كبير (بين 0.65 إلى 2.5 واط، مقارنة بـ35 واط للمعالجات ثنائية النواة الحالية)، ليبدأ عصر الملليواط. وتدعم هذه المعالجات تقنيات المعالجة المتعددة Hyper-Threading. ومن المتوقع أن يُستخدم هذا المعالج بكثافة في الأجهزة الجوالة والكومبيوترات الجيبية والكفية التي ستطرح في نهاية هذا العام، وذلك نظرا للأداء العالي الذي تقدمه هذه المعالجات مع زيادة فترة استخدام الكومبيوتر عبر البطارية المدمجة.

ويتوقع محللون تقنيون أن تُطرح معالجات تحتوي على 64 نواة بحلول عام 2009 للأجهزة الخادمة، و2012 للأجهزة المكتبية، ذلك أن السباق الحالي بين المعالجات ليس سباق سرعة، بل سباق تعدد النواة. لكن العامل الذي يحدّ من فائدة هذه المعالجات هو البرامج نفسها، ذلك أن استخدام برنامج مصمم ليتعامل مع نواة واحدة فقط سيكون أبطأ بكثير من برنامج يوزع العمل على أي نواة متفرغة للعمل. هذا ويتم الحوار حاليا بين شركات صناعة المعالجات متعددة النواة والجامعات لتدريس طرق برمجة جديدة لإنشاء وتجهيز جيل جديد من المبرمجين ذوي خبرة في مبادئ تعددية النواة.

وطرحت شركة «آي بي إم» أسرع معالج على الأرض (لغاية الآن) يستطيع معالجة 5 مليارات عملية حسابية في الثانية الواحدة وبسرعة 6 غيغاهيرتز في الثانية، متفوقا بذلك على معالجات شركات «إنتل» و«سان» Sun. وسمت الشركة هذا المعالج «باور 6» Power6، وهو موجه للشركات الضخمة ومراكز الأبحاث.

تجدر الإشارة إلى أن إصدارات مصغرة من المعالج موجودة بأسعار تجارية في أجهزة الألعاب الإلكترونية الحالية، لكن بسرعات أقل بكثير من سرعة معالج «باور6».