كومبيوترات لوحية بشاشات تبعد الضجر عن رواد المستشفيات

خدمات لعرض المعلومات الصحية للمرضى وزوارهم وتحقق الأرباح من الإعلانات

TT

بالنسبة الى الكثير من الآباء والأمهات الذين يتوقعون اطفالا، فان فترة الانتظار وما تحمله من توتر واثارة، أمر يصعب السيطرة عليهما. اما بالنسبة الى كايل بيشوكي فقد كان الانتظار مملا فعلا. وبيشوكي، 35 سنة، أب لطفلين اليوم. وهو يعيش حاليا في أويستر باي في ولاية نيويورك. وعلى الرغم من انه كان مبتهجا جدا بقدوم كل طفل من ولديه، لكنه تعب وسئم من فترات الانتظار في عيادات الاطباء. وهذا ما ادى به الى تطوير كومبيوتر لأولئك الذين يجدون انفسهم محشورين في قاعات الانتظار لرؤية الطبيب. وجهازه هذا الرقيق الذي يحمل باليد انضم الى لائحة طويلة من الجهود الرامية الى تحويل ما كانت تعتبر دقائق ضائعة في غرف الانتظار الى وقت منتج بالنسبة الى المرضى، وبالطبع الى المعلنين المروجين لبضائعهم وخدماتهم ايضا على السواء.

ومثل هذه الاجهزة اللوحية ذات الشاشات التي تعمل باللمس تعتمد على وصلات انترنتية لاسلكية لارسال معلومات اساسية حول الحالات الطبية واساليب علاجها وكيفية دخول الانترنت. والاعلان في عيادات الاطباء ليس جديدا بالطبع، ولكن بفضل التقنية بات موجها بصورة متزايدة الى المرضى من الافراد. فالاعتقاد هو ان المرضى الذين اصابهم الضجر، او الذين يملكون حب الاستطلاع سيكونون متشوقين للحصول على بدائل جديدة تبعد عنهم حالة الضجر هذه.

* كومبيوترات خاصة بالعيادات

* ويقول بيشوكي الذي شرع في توزيع اجهزة الكومبيوتر الجديدة هذه عن طريق شركته «إنفوسلايت»، «ان الاشخاص يضجرون ويصابون بالإحباط عند الانتظار. وهم غير راغبين في مطالعة مجلة قديمة». وكانت شركته هذه قد وزعت اكثر من 250 جهازا على عيادات الاطباء في العديد من الولايات الاميركية. ومع نهاية السنة الحالية يتوقع ان يكون هناك اكثر من 800 وحدة من هذه الكومبيوترات اللوحية قيد الاستخدام، كما يتوقع ان يصل الى موازنة الارباح بالتكاليف في اوائل العام المقبل.

والشركات التي لها وجود في غرف الانتظار في العيادات والمستشفيات منذ سنوات باتت تستهدف المرضى المنفردين. وتقوم شركة «هيلثي ادفايس نيتووركس» في ولاية سينسناتي في اميركا بتعليق شاشات رقمية على جدران غرف وقاعات الانتظار، وتستعد قريبا لادخال التقنية الرقمية للاتصال مع المريض على اساس شخص واحد مقابل شخص اخر. وتقول الشركة ان الشاشات الحالية هذه التي تبث مزيجا من المعلومات الصحية والاعلانات، تصل الى نحو 100 مليون مريض سنويا.

والكومبيوترات الصغيرة والرخيصة تجعل من السهل على الشركات الوصول الى المرضى المنفردين. وبيشوكي مقتنع بان المرضى منجذبون الى «إنفوسلايت» ليس فقط لانهم قادرون على استخدام الكومبيوترات لتدوين سجلات التواريخ الطبية والاسئلة الخاصة بالوضع الصحي، بل للكشف على البريد الالكتروني وتصفح الانترنت ايضا. وبمقدور الاطباء كذلك ضبط الاجهزة حسب رغبتهم لتقديم معلومات تتعلق بذاتهم، وسيرتهم الطبية الخاصة، وسياسة عياداتهم.

وفي الوقت الذي قد يكون فيه الاطباء ضجرين من فكرة تحويل غرفة الانتظار الى مقهى صغير بسيط، الا ان شركة «إنفوسلايت» كنظيرتها «هيلثي أدفايس نيتووركس»، لا تقوم بفرض رسوم على الخدمات التي تقدمها، بل تستدر عائداتها وارباحها من الاعلانات. ويقول الدكتور سكوت زيمر رئيس قسم الجراحة الخاصة بالأيادي والاطراف العليا في المستشفى الجامعي في كليفلاند «ان اكثر الشكاوى شيوعا التي اسمعها كطبيب هي القول «انا وقتي ثمين هو الآخر». واضاف ان المرضى يقدرون الحصول على اداة يشعرون معها انهم منتجون في الوقت الذي ينتظرون مقابلة الطبيب.

* معلومات صحية

* والمعلومات التي تتضمنها مثل هذه الاجهزة ليست مصممة للاجابة لتقديم استشارة طبية ثانية فورية للمريض، بل للاجابة عن بعض الاسئلة الاساسية. ويستخدم الاطباء هذا الجهاز لتوجيه الامهات الحوامل عن طريق الفيديو وتلقينهن اصول العناية الصحيحة بالاطفال. واضاف «اعتقد ان الاشخاص يشعرون اننا نحاول ان نرد لهم شيئا». وهو يترأس حاليا لجنة من الاطباء تقوم بتقديم المشورة الى «إنفوسلايت» حول المضمون والمحتويات الطبية. وتشترك الاخيرة بالخدمات التي تقدم المعلومات الطبية الاساسية. وكما هو الحال بالنسبة الى «هيلثي أدفايس نيتووركس»، لا تسمح «إنفوسلايت» للمعلنين ان تكون لهم اي كلمة حول المضمون الطبي هذا. والمرضى الباحثون عن اجوبة يبدو انهم يملكون الوقت الكافي للقيام ببعض الابحاث. وتقدر «إنفوسلايت» ان نحو ربع اولئك الذين ينتظرون لرؤية الطبيب يقضون اكثر من 30 دقيقة مع هذه الاجهزة، في حين يقضي مستخدمو كومبيوترات «إنفوسلايت» ما معدله 20 دقيقة في استخدامها.

ويبحث المعلنون دائما عن وسائل جديدة لاختراق عقول المستهلكين، وهم يكونون عادة اكثر تقبلا لتلقي مثل هذه الرسائل الاعلانية على حد قول دينيس روشيه رئيس «زوم ميديا أند ماركيتينغ» في نيويورك لوكالة «اسيوشيتد بريس» الذي اضاف «عندما تكون ترعى امرا ملزما فإن الزبون في هذه الحالة يسمح لك في ان تشاوره في امر ما».

* إعلانات للمرضى

* وعلى الرغم من ان صانعي الادوية والشركات الطبية الاخرى قد مضى عليها وقت طويل في الاعلان في عيادات الاطباء، فان القدرة على تفصيل الاعلانات حسب المرضى المعينين تجلب معها الفرص والمخاطر معا، كما يقول جيمس كويل استاذ التسويق والوسائط المتفاعلة في «كلية فارمر للاعمال» التابعة الى جامعة ميامي. اذ يتوجب على المعلن ان يدرس خطواته جيدا. «فالناس حساسون جدا في ما يتعلق بالكشف عن اي امر حتى ولو كان امرا تافها». ومع ذلك فان احتمال وجود مريض منتظر بحرص لمقابلة الطبيب، هو امر يجذب المعلنين.

ويعلق بيشوكي بالقول ان اجهزة شركته التي تحمل باليد لا تغرق المستخدمين بالاعلانات كما انها، اي شركته، لا تكشف المعلومات المفصلة الخاصة بالمريض امام المعلنين النهمين. ومع ذلك فقد يكون الاعلان حول موضوع قد يكون المريض يجري حوله بعض عمليات التنقيب والبحث. واضاف معلقا، على المعلنين: «قد يكون بمقدورهم توجيه رسالتهم بشكل اكثر فعالية. ومثال على ذلك فقد تكون عيادة طبيب العظام تملك اعلانات حول عمليات الورك، والعكازات، والاجهزة التي تساعد على المشي، ومعدات التمارين الجسدية».

لكن بيشوكي يقول انه يتفادى اي استغلال مهما كان نوعه. فبعد ان نجا من سرطان الغدة الدرقية في مرحلته الرابعة قبل سبع سنوات، فإنه بات يشعر بنوع من التقارب والألفة مع ضحايا هذا المرض. وكان قد قضى ساعات طويلة منتظرا او خاضعا للعلاجات المختلفة، واي امر يجلب نوعا من الراحة المؤقتة هو امر مرحب به كما يقول. ويضيف «قد تجلب معك كتابا الى المستشفى، وقد يكون هناك جهاز تلفزيوني، لكن هذا الاخير قد لا يتضمن 200 قناة، مما يعني الضجر التام».