الشبكات الاجتماعية.. ضرورية جدا لترويج أعمال الشركات

انضمام الموظفين إليها يعزز الإنتاجية ولا يخل بأمن المعلومات

(كي آر تي)
TT

اصحاب الاعمال الذين يمنعون موظفيهم من استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية في مواقع العمل، غالبا ما يقومون بذلك للاغراض الامنية والانتاجية. لكن اذا ما جرى التعامل مع هذه المواقع بشكل صحيح فانها قد تقدم فرصا تجارية كبيرة في ما يتعلق بتدريب الموظفين وتعليمهم، كما يقول روجر مانديل المدير التنفيذي في «يوديوتيو» في مقال كتبه حديثا، تطرق فيه الى هذه المسألة.

استنادا الى روبرت أندرسون كبير الباحثين في مؤسسة «غارتنر» فإننا نعيش اليوم في زمن مثير. فاذا اتحدت الجالية الافتراضية جميعها في موقع «ماي سبايس» فإنها ستؤلف سكان ثامن أكبر دولة في العالم. فلم يحدث قط في التاريخ ان استطاع العالم تأسيس مثل هذه الجاليات الكبيرة والتواصل بين افرادها بسهولة وسرعة، كما يحدث اليوم، كل ذلك بفضل بيئة الشبكات الاجتماعية. فتقنيات الشبكة الجديدة 2.0 تقوم بتغيير مسار التاريخ، وبالتأكيد فانها تقوم بتغيير الاسلوب الذي نعمل فيه ونلهو.

الاطفال وزملاء العمل من الشباب يعشقون الشبكات الاجتماعية كـ «فايسبوك» مثلا. فهم هناك يتواصلون على الشبكة، ويعلمون ويتعلمون ويتعاطفون ويشجعون ويرفهون عن بعضهم بعضا. وحتى كبار السن يعشقون «فايسبوك» نظرا لانهم يستطيعون بنظرة سريعة ان يعلموا ما الذي يحصل لعائلاتهم المنتشرة في جميع ارجاء العالم، من دون الحاجة الى تحرير رسالة لهم، او الاتصال بهم هاتفيا.

* ملايين المشتركين

* وفي الشهر الماضي فقط افاد موقع «فايسبوك» انه يضم 80 مليون مستخدم مشترك فيه، وستة ملايين مجموعة من المستخدمين النشيطين، وما يزيد على 55 الف شبكة خاصة بالاعمال والكليات والمناطق المحلية. كما اشار الى ان اكثر الجماعات الديموغرافية السريعة النمو لديه هم الشباب من سن الخامسة والعشرين وما فوق، مما يعني اعدادا كبيرة من الموظفين الموجودين في أماكن العمل.

والقادمون الى عالم التجارة والاعمال اليوم الملتزمون بالشبكات الاجتماعية لهم سلوكهم المختلف حاليا في ما يتعلق بالعمل، عن الاجيال السابقة. فبالنسبة اليهم يتوجب على العمل ان يتوازن مع مطامحهم وبقية الامور الاخرى في حياتهم. ومكان العمل عليه تقديم فرصة للتعلم والنمو فضلا عن العناية والاهتمام بحاجاتهم الاجتماعية، وتقديرهم ونظرتهم الشخصية لانفسهم. وهم يستخدمون ادوات الاتصالات في يومنا هذا للدمج بين جميع هذه الاولويات في حياتهم العملية، مما يجعلهم اكثر انتاجية.

ومع ذلك يتساءل الكثير من اصحاب ومديري العمل ما اذا كان استخدام الموظفين لبرمجيات الشبكات الاجتماعية وأدوات الاتصالات على الشبكة هو امر جيد او سيئ. ويتساءل روجر مانديل الذي يدير شركة تقنية ولديه موظفون اغلبيتهم دون سن الاربعين ما اذا كان عليه تجاهل ذلك، او منعه، او تشجيعه. وفي نهاية المطاف فقد توصل الى استنتاج وهو ضرورة تشجيع ذلك. وتبرز اليوم ادوات وعدد تمكن الشركات والاعمال من استخدام تأثير الشبكات الاجتماعية لاغراض التدريب والتعليم على الانترنت، وبالتالي اعطاء الشركات اسلوبا يفرض استقدام الشبكات الاجتماعية الى مكان العمل.

ويقول انه دخل في نقاش مثير مع احد الزبائن المحتملين، الذي كان عبارة عن مؤسسة مالية متواضعة الحجم التي كانت مهتمة بتدريب الموظفين الجدد عبر الشبكة. واقترح عليها استخدام «فايسبوك» كنظام موثوق به، وأداة للتعليم، خاصة مع جميع امكانياتها الضمنية والداخلية التي تقدمها. وكان جواب مدير الشركة الفوري والمباشر: «لا نرغب مطلقا ان يضيع مستخدمونا اوقات عملهم على «فايسبوك»، وهو جواب يدل على المنظور المشترك لعالم الاعمال في يومنا هذا.

ويضيف مانديل انه وبعد قيامنا بقليل من الابحاث تبين لنا ان موظفي الشركة هذه قد شكلوا سلفا مجموعة في «فايسبوك»، وان 1100 من موظفيهم من اصل 1600 هم اعضاء فيها. وتبين ايضا ان الفريق الاداري في الشركة لم يجر استثناؤهم فحسب من هذه المجموعة، بل انه لم يكن على معرفة بتاتا بان مثل هذه المجموعة موجودة اصلا. وغالبا ما تقوم شركات مثل هذه بانفاق ثروة كبيرة على برامج في محاولة لارغام موظفيها للحصول على تعليم يتعلق بـ «ثقافة الشركة» التي لا تروق عادة لرغبات هؤلاء.

* فوائد الشبكات الاجتماعية

* وقد اظهرت خبرتي ان الشبكات الاجتماعية تقوم بتقديم محتوياتها وفوائدها بأساليب متعددة. فهي اولا تقوم بجعل اكثر الموظفين ذكاء وعطاء سعيدين في اعمالهم، لانهم يكونون قادرين على القيام بمهام مختلفة، وبالتالي ادارة حياتهم واستشارة نظرائهم والشعور نوعا ما انهم احرار في الوقت الذي يقضون فيه ساعات جالسين على مكاتبهم. ثانيا، تقوم الشبكات الاجتماعية بتسهيل «التعليم غير الرسمي» الذي هو من الاهمية بمكان في اي بيئة للاعمال والتجارة، لا سيما في عالم التقنيات العالية. أما الاضافة الاخرى فهي ان خبراء المواضيع ليسوا محدودين على الاشخاص الذين هم قيد الحضور او الاستدعاء فورا، بل قد تجدهم في اي مكان في العالم وبسرعة، وغالبا هم كذلك.

والآن يمكنك ان ترى سبب انحيازي نحو هذه الامور التي هي سهلة، كما يقول مانديل، والتي تجعل الاعمال والتجارة اكثر منطقية بالنسبة الى الشركات لكي تنضم الى الشبكات الاجتماعية بدلا من مقاومتها. لكن يبقى هناك القلق في ما يتعلق بمسائل الامن والانتاجية المفقودة التي من الجدير معالجتها.

لكن هل تجعل الشبكات الاجتماعية التجارة والاعمال اقل امانا؟ هناك بعض المديرين التنفيذيين القلقين من ان الشبكات الاجتماعية قد تجعل المعلومات الخاصة بصاحب العمل تختفي تحت مظهر كاذب. الا ان هذا يعتبر سببا آخر يدعو الشركات ان تدرك اهمية الشبكات للتعرف على الموظفين المنخرطين في جماعات منها. واذا كان هؤلاء الموظفون يدركون انك اصبحت جزءا من الشبكة ذاتها، فهم قد لا يخاطرون في انتهاك سياسة الشركة.

ولكن لنكن صريحين، فاليوم هناك مئات الاساليب للقيام بالخروقات الامنية عن طريق وسائط التخزين النقالة. فالواقع اذن ان ادوات مثل «فايسبوك» هي اكثر أمانا وسهولة بكثير، للتحكم بها من غالبية البيئات البرمجية الخاصة بالشركات. فاحتمالات الامن هي افضل بالنسبة الى مثل هذه المواقع، واحتمالات اساءة الاستخدام قد جرت معالجتها هناك بشكل اكثر جدية. والقلق من فقدان العوامل الامنية ينبع من موظفي قسم المعلومات والمديرين الذين لا يألفون الشبكات الاجتماعية، ولا يثقون بالامور التي لا يعرفونها.

ولكن هل تجعل الشبكات الاجتماعية الموظفين في شركتي اقل انتاجية؟ يقول مانديل لمجلة «تك نيوز» الالكترونية، انه بناء على خبرته فإن العكس هو الصحيح، لانه يجعل الناس في تماس دائم مع العالم برمته، بما في ذلك العائلة، والاصدقاء، والاساتذة، والموجهون، وزملاء العمل، كما انه يتيح لهم التعامل مع المسائل الحياتية والعملية كلما برزت وظهرت، وبالتالي المحافظة على التركيز على الاعمال التي هي في متناول اليد، بدلا من التفكير في الامور التي ينبغي التعامل معها «في حينها» والتي قد تصرف الانتباه.

* تعزيز الإنتاج

* ان فرص التعليم غير الرسمي التي تقدمها الشبكات الاجتماعية هي كبيرة جدا ويمكنها تعزيز الانتاج. واذا رغبنا في زيادة تركيز وانتباه قوة العمل المتعددة المهام في يومنا هذا لكي تكون دوما منتجة خلال ساعات الدوام الرسمي، وبالتالي توقع قيامهم بالاستجابة الى حالات الطوارئ بعد ساعات العمل اليومي الرسمي، فإنه ينبغي علينا التخفيف من الاسلوب القديم في الادارة، وتسليح الاشخاص لكي يقوموا بالمبادرات، وتنفيذ الاولويات بأنفسهم. فاتاحة الوصول الى الشبكات الاجتماعية تمنحهم شعورا قويا بانهم احرار مسيطرون على حياتهم. والسؤال المقلق هنا هو ما اذا كانوا سيستخدمون مسؤولية الحرية هذه. ووفقا الى التجربة فإن الوجود معهم على الشبكة والتشارك عليها يضمن قيامهم بإغناء هذه العلاقة.

واخيرا علينا ان نسأل أنفسنا ما اذا كانوا سيستغلون هذا المد فعلا حتى ولو كان هذا ما نفضله. وما زلت اتذكر الشركات التي كانت تعتقد ان الكومبيوترات الشخصية هي امر سيئ لا ينبغي ادخاله الى امكنة العمل. كذلك كان الحال بالنسبة الى البريد الالكتروني، والتراسل الفوري، والهواتف الجوالة. لكن كل هذه الامور باتت مندمجة في حياتنا العملية في المكاتب، وتمكنا من التأقلم، خاصة ان اولئك الذين اعتمدوا هذه التقنيات باتوا اكثر انتاجية. لقد اصبحت الشبكات الاجتماعية حقيقة واقعة علينا التعايش معها. وأنا اكرر هنا انه من الافضل ان اكون منضما الى هذه الشبكات، والمشاركة في تأثيراتها واتجاهاتها واستغلالها في التعلم والاتصالات الرسمية وغير الرسمية واستخدامها لكي اكون فاعلا في العالم الحقيقي الذي يعيش ويعمل فيه الموظفون.