مناقشات حول تأثيرات استخدام الطلاب لأجهزة «آي فون» و«آي بود»

جدال في الجامعات الأميركية عن مشاكلها في تحويل الانتباه عن شروح الأساتذة

طلاب الجامعات يوظفون الخبرة الالكترونية في دراساتهم (خدمة صور «نيويورك تايمز»)
TT

في خطوة اعتبرها بعض الأساتذة غير مثمرة كثيرا، يقوم بعض الجامعات بالتصدق على طلابها بأجهزة «آي فون» من «أبل»، و«آي بود» التي تدعم الانترنت.

ومما لا شك فيه ان الاجهزة الموصولة دائما بالانترنت تثير بعض الامكانات الجديدة والمستحدثة مثل تعقب اماكن تجمع الطلاب، كما ان بامكان الكليات ارسال رسائل تتعلق بالمحاضرات، او الفعاليات الطلابية التي جرى الغاؤها، والازمات والاضطرابات التي قد تنشب بين الطلاب، او مجرد ارسال لوائح الطعام الخاصة بالكافتيريات.

وعلى الرغم من ان المدارس تؤكد على فائدة هذه الاجهزة في عمليات البحث التي تجري على الشبكة خلال حضور الصفوف، والقدرة على اجراء الاستطلاعات الفورية على سبيل المثال هي جزء من الشعبية الواسعة التي يحظى بها جهاز «آي فون» بين الطلاب. كما ان استغلال عصر المنتجات التي تمثل آخر صيحة في عالم التقنيات، من شأنه مساعدة الجامعة في الحصول على سمعة، او شهرة كبيرة.

وتحاول «أبل» من جهتها الفوز واستغلال الوضع عن طريق استقطاب المزيد من المستهلكين الشباب لشراء مثل هذه الاجهزة المتطورة لدى عقود طويلة مقبلة. اما الخاسرون الوحيدون فهم، كما يخشى البعض، الأساتذة وحدهم.

مشاكل الأجهزة

* والطلاب طبعا مجهزون حاليا سلفا بأجهزة اللابتوب والهواتف الجوالة، لكن الاجهزة الجديدة يمكن ان ترفع من مستوى الالهاء وعدم التركيز والانتباه الى مستويات جديدة. فهي تقوم فعليا باستقطاب المستخدم لتجاهل الأستاذ الذي يعاني كثيرا في تمرير حكمته وتجاربه الطويلة التي جمعها على مر السنين، من مقدمة القاعة الى الطلاب الجالسين في المؤخرة، وهو امر يجده مجحفا بحقه، في حين تجده الطلبة امرا محتوما لا يمكن تجاهله ابدا.

وتعترف نعومي باف الطالبة في السنة الخامسة بجامعة «فريد ـ هيندرسون» في ولاية تينسي «انه عندما تصبح الامور مملة قليلا اقوم بسحب هاتفي الجديد «آي بود» الذي يعمل باللمس، ويتصل بالانترنت عبر شبكة الجامعة اللاسلكية». وهي تتكهن ان بمقدور الأساتذة بذل جهد اكبر لجعل الصفوف اكثر جاذبية، اذا ما تمكنوا من منافسة مثل هذه الاجهزة.

ويرى الخبراء اتجاها نحو استخدام التقنيات الجوالة في التعليم، على الرغم من انهم يحلمون كأساتذة بتدبير تطبيقات مفيدة ونافعة. حيث ان تأمين اجهزة قوية تحمل باليد من شأنه فعلا اثارة مناقشات قوية حول دور التقنيات في التعليم العالي.

ويقول الدكتور كايل ديكسون المدير المشارك للابحاث وبادرة التعليم الجوال في جامعة «أبيلين كريستيان» في ولاية تكساس التي قامت بشراء اكثر من 600 هاتف «آي فون»، و300 «آي بود»، لخدمة طلابها الجدد الذين سيلتحقون بها هذا الخريف «نحن نعتقد انه هو الاسلوب الذي يحدد ملامح المستقبل». ويتابع ديكسون قائلا: انه على الرغم من ان العديد من الطلاب يصحبون اجهزتهم اللابتوب الى الصفوف، الا انهم لا يأخذونها الى كل مكان ويفضلون عليها اجهزة اخف وزنا وأقل حجما. لذلك استقر رأي هذه الجامعة على اجهزة «آي فون» و«آي بود» بعد استطلاع أجرته مع الطلبة فوجدت انهم لا يفضلون اصطحاب «اللابتوب» معهم الى كل الامكنة، لكنهم يحملون معهم دائما هاتفا جوالا.

وليس واضحا عدد الكليات التي تنوي منح اجهزة «آي فون» و«آي بود» الى طلابها هذا الخريف. والمسؤولون في «أبل» متكتمون على المسألة ويقولون انهم غير راغبين في تسريب اي خطط خاصة بالمؤسسات التعليمية.

وعلى ذلك يعلق غريك جوزوييك نائب رئيس قسم التسويق لاجهزة «آي بود» و«آي فون» في «أبل» بقوله:«لا نستطيع الاعلان عن الاخبار الخاصة بالآخرين، ولا البحث في التخفيضات الخاصة الممنوحة للجامعات لقاء شراء كميات كبيرة من هذه الاجهزة».

وهناك على الاقل اربع جامعات هي «جامعة ميريلاند» و«اكلاهوما كريستيان» و«أبيلين كريستيان»، اضافة الى جامعة «فريد ـ هيندرسون» المذكورة التي اعلنت عن نيتها منح بعض او جميع طلابها مثل هذه الاجهزة هذا الخريف.

جامعات توفر الأجهزة

* وتقوم جامعات اخرى بالتحري عن خيارات اخرى. فجامعة «ستانفورد» مثلا قامت باستئجار شركة لاستطلاع آراء الطلاب حول تصميم تطبيقات خاصة مثل خريطة حرم الجامعة ودليلها لاستخدامهما في هاتف «آي فون». كما انها تدرس ما اذا كان يتوجب عليها اصدار هواتف «آي فون» لطلابها أم لا، مع ملاحظة تسجيل اكثر من 700 هاتف من هذا النوع في شبكة الجامعة في العام الفائت.

وفي «معهد ماساشوسيتس للتقنية» (إم آي تي) كان سيتسنى لهواتف «آي فون» ان تكون في كل مكان، لو كانت شبكة «إيه تي اند تي» اللاسلكية التي تقدم خدمات «آي فون» في الولايات المتحدة اكثر تعويلا عليها، على حد قول أندرو جاي. يو مدير مشاريع منصات الاجهزة الجوالة في المعهد المذكور، الذي اضاف «ولربما قد تجاوزنا ذلك العدد بكثير مع توزيع اكثر من الف جهاز «آي فون» على الطلاب».

اما كلية «كوليدج بارك» التابعة لجامعة ماريلاند فهي تخطو خطوات حذرة في هذا المجال عن طريق اجهزة «آي فون» او «آي بود» التي تعمل باللمس الى 150 تلميذا، كما يقول جيفري هسكاب نائب رئيس الجامعة وكبير موظفي المعلومات فيها الذي قال:«انه لا يملك جميع الاجوبة، واضاف انه عن طريق كيفية استخدام الطلاب لهذه الاجهزة «نحاول الحصول على الاجوبة من الطلاب».

ويتوجب على جميع طلاب الكليات الذين يختارون الحصول على «آي فون» تسديد خدمات الهاتف الجوال. ويشمل عقد ذلك الحصول على كمية غير محدودة من البيانات والمعلومات. كما يمكن لجميع اجهزة «آي فون» و«اي بود توش» التي تعمل باللمس الاتصال بالانترنت عن طريق الشبكة اللاسلكية الخاصة بالجامعة. ولكن مع «آي فون» فإن مثل هذه الشبكات قد تقدم اتصالات اسرع، وحياة اطول للبطارية من شبكة «إي تي اند تي» الخاصة بالبيانات. والكثير من الهواتف الجوالة تتيح لمستخدميها تصفح الشبكة، لكن القليل منها يملك قدرات «واي ـ فاي».

ويقول المسؤولون في الجامعة انهم لا يملكون اي خطط لتعقب طلبتها (تقول «أبل» ان ذلك غير ممكن ما لم يسمح الطلبة بذلك). ويضيفون انهم وصلوا الى امكانية استخدام تطبيقات تسمح بالتعلم خارج الصفوف على الرغم من ان مثل خطط التعليم هذه لم تبرز وتظهر بعد.

نشاطات تفاعلية

* ويقول كريستفور ديد استاذ تقنيات التعليم في جامعة هارفارد انه يدرس مع رفاقه امرا يدعى «الواقع المتنامي». و«الاتصال مع الغرباء» على سبيل المثال، هو تمرين طوره طلبة الصفوف المتوسطة بالكليات الذي يستخدم الاجهزة المحمولة باليد لتقرير موقعها. وهم اثناء تجوالهم في جميع انحاء الملعب، او في اي مكان اخر تبرز على اجهزتهم نصوص، او فيديوهات، او ارشادات صوتية في نقاط مختلفة تساعدهم على تحري وجود اي غرباء مشبوهين في الملاعب.

ويمكن على هذه الوتيرة تطبيق انواع مشابهة من النشاطات التفاعلية، وفقا لمعالم تاريخية كتعقب «طريق الحرية» في مدينة بوسطن مثلا، على حد قول ديد، الذي تابع قائلا:«انه من المهم البحث في اننا نعرف ان مثل هذه الامور تعمل جيدا».

مناقشات الخبراء

* والاسراع في توزيع مثل هذه الاجهزة يقلق بعض الاساتذة الذين يقولون ان الطلاب يكونون اقل احتمالا في المشاركة في نشاطات صفوفهم، اذا كانوا متعددي المهام. وتقول الين ميلسيندر الاستاذة المشاركة في علم الكلاسيكيات في كلية «ريد» في بورتلند في ولاية اوريغون:«أنا لست من الاشخاص المناهضين للتقنيات، لكنني دائما قلقة من ان تصبح التقنية نهاية بحد ذاتها وتحل محل التعليم ذاته». وأضافت انها تأمل شراء هاتف «آي فون» لنفسها حالما تهبط اسعاره.

لكن روبرت سمرس الذي يعلِّم في كلية القانون في جامعة كورنيل منذ 40 سنة اعلن قبل فترة وجيزة جدا في مذكرة مفصلة انه يحظر استخدام اجهزة اللابتوب في صفوفه التي تعلم مادة القانون التعاقدي. وأضاف انه سيحظر ايضا استخدام اجهزة «آي فون» بعدما جرى شرح امكاناته له. واوضح قائلا:«ان الذي ارغب في تشجيعه في طلابي هو الخبرة الفكرية النشطة التي يطورون بموجبها مجموعة واسعة من الامكانات المنطقية المعقدة التي يتطلبها المحامون الجيدون».

اما تجربة جامعة «ديوك» فمختلفة بعض الشيء وتخفف قليلا من الشكوك حول هذا الامر. فقد قامت منذ سنوات بمنح اجهزة «آي بود» الى طلابها لاستخدامها في تسجيل المحاضرات (القديمة منها لا تدعم الانترنت)، «وذلك على افتراض ان الهدف منها هو هضم المحتوى واستهلاكه»، كما تقول ترايسي فيوثي نائبة رئيس تقنية المعلومات في الجامعة المذكورة. لكن هذا ليس كل الذي فعله الطلاب. فقد شرعوا في استخدام هذه الاجهزة لانتاج محتوياتهم الخاصة بهم عن طريق صنع تسجيلاتهم الصوتية بأنفسهم، وبالتالي تقديمها، وبذلك حول الطلبة، ما قد يكون اداة تفاعلية صامتة، الى اداة نشيطة على حد قول فيوثي. خدمة «نيويورك تايمز»