متصفح «كروم» من «غوغل».. جودة وسرعة ومزايا أمنية متطورة

يقدم تجربة أفضل للمستخدمين رغم المخاوف من تهديده لخصوصية المستخدمين

TT

طرحت شركة «غوغل» الأسبوع الماضي متصفحا جديدا مجانيا للكومبيوترات الشخصية تحت اسم «كروم» Chrome يتميز بأنه متصفح مفتوح المصدر يمكن لأي مبرمج تطويره وتعديله وإضافة ما يريد إليه أو أخذ نصوص برمجية منه فورا. ويعتمد المتصفح التجريبي (بيتا) مبدأ البساطة، وهو متوفر في 43 لغة، ويُعتبر ثمرة عامين من البرمجة والتطوير. ويدعم المتصفح الجديد منصة متعددة العمليات تساعد على زيادة ثباته وأمنه. وعززت «غوغل» المتصفح بمحرك نصوص «جافا سكريبت» مدمج (الإصدار رقم 8) يُسرع تطبيقات الإنترنت ويفتح المجال أمام فئة جديدة متكاملة من التطبيقات التي لا تدعمها المتصفحات الأخرى.

ويجمع المتصفح عناصر من متصفحات «فايرفوكس» و«سافاري»، ويصنع منها منتجا جديدا يستحق الإعجاب. وسيشعر المستخدم بالفرق الجوهري بعد استخدام المتصفح لبضع ساعات، حيث انه لا يكترث للقوائم العديدة وواجهات التفاعل المختلفة، ويركز على جوهر عملية التصفح: الجودة والسرعة والتوافق مع المعايير والمقاييس لصفحات الإنترنت. واستطاعت «غوغل» الوصول إلى ذلك عن طريق تجريد المتصفح من جميع الإضافات غير المباشرة، الأمر الذي يجعله أنيقا ببساطته.

* مزايا رائعة

* وسيشاهد المستخدم أولى المزايا الجديدة فور تشغيل المتصفح لأول مرة، حيث سيسأل المتصفح المستخدم إن كان يسمح لـ«كروم» بنسخ المواقع المفضلة وكلمات السر من المتصفحات الأخرى الموجودة في جهازه أو لا، الأمر الذي سيوفر الكثير من الوقت والجهد على المستخدم. ولن يعثر المستخدم في هذا الإصدار من المتصفح على نظام لإدارة المواقع المفضلة، أو قارئ لأخبار «آر إس إس» RSS، أو حتى القدرة على تغيير شكل واجهة التفاعل ومحتواها، لكنه سيعثر على عناصر غير موجودة في الكثير من المتصفحات الأخرى، مثل سرعة التصفح، وعدم حجز الذاكرة بشكل يبطئ عمل الجهاز، ومزايا أمنية متطورة، مثل منع النوافذ التي تظهر من تلقاء نفسها، وميزة التصفح بأمان ومن دون ترك آثار تصفح المستخدم وراءه (مثل عند استخدام الكومبيوترات العامة في مقاهي الإنترنت أو عند الأصدقاء).

ولن يسمح المتصفح للمواقع الضارة بتحميل ملفات بالخفاء وتشغيلها من دون علم المستخدم، وبالتالي رفع مستوى الامان بشكل كبير جدا، نظرا لأن المواقع المشبوهة لن تستطيع سرقة رقم بطاقة ائتمان المستخدم أثناء كتابته. هذا ويُحمل المتصفح قوائم بالمواقع الضارة والبرامج المشبوهة بشكل آلي ودوري. هذا وسيشغّل المتصفح كل صفحة كنسخة منفصلة من المتصفح في نظام التشغيل، الأمر الذي يعني بأنه لو توقفت صفحة عن العمل لأي سبب كان، فإن تلك الصفحة وحدها ستتوقف عن العمل، ويمكن للمستخدم إغلاقها وإعادة فتحها مرة أخرى من دون أن تتأثر الصفحات الأخرى، الأمر غير الموجود في المتصفحات الأخرى المنافسة. هذا ويستخدم المتصفح الأنوية المتعددة الموجودة في المعالجات الحديثة لتسريع عمله بشكل كبير.

ومن المزايا الرائعة فيه تبسيطه للبحث، حيث يمكن للمستخدم كتابة العنوان الذي يريد الذهاب إليه في شريط العناوين (اسمه «الشريط الشامل» Omnibar)، أو كتابة الكلمة التي يريد البحث عنها في محرك البحث «غوغل» (أو غيره من المحركات التي يمكن إضافتها بسهولة)، أو في تاريخ الصفحات التي زارها من قبل، ليفهم المتصفح ذلك ويأخذ المستخدم إلى المكان الصحيح دائما. هذا ويمكن للشريط الشامل تذكر ما هي الصفحات التي تحتوي على صندوق بحث خاص بها، ليعرض للمستخدم خيار البحث في تلك الصفحة عوضا عن طريق محرك «غوغل»، الأمر الذي يزيد من سرعة التصفح بشكل كبير. هذا ويمكن للمستخدم جر أي لسان يريده إلى خارج نافذة المتصفح، ليعرضه المتصفح في نافذة جديدة كليا، أو يمكن للمستخدم جر اللسان من نافذة إلى أخرى، ليندمج بها ويصبح جزءا منها. هذا ويسمح المتصفح أيضا بفتح الألسنة التي كانت مفتوحة في المرة الأخيرة التي شغل فيها المستخدم المتصفح.

ولعل أكثر المزايا التي نالت إعجابنا، هي ميزة تذكر المتصفح للصفحات التي يزورها المستخدم بشكل متكرر، وعرضها فورا على الصفحة الرئيسية عند تشغيله، الأمر الذي يريح المستخدم بشكل كبير. هذا وسيعرض المتصفح الملفات بشكل منفصل بعد تحميلها، الأمر الذي يسهل على المستخدم الوصول إليها عوضا عن البحث عنها في المجلدات المختلفة، وهي ميزة تسمح للمستخدم بنسخ الملف من صفحة الملفات في المتصفح إلى أي مكان يريده فورا. هذا وسيُظل المتصفح العنوان الأساسي للصفحات التي يزورها المستخدم، ويترك العناوين الفرعية اللاحقة بلون باهت، وذلك حتى يتعرف المستخدم على العنوان الرئيسي للموقع بسهولة، ومن دون البحث في العناوين الطويلة.

* فحص المتصفح

* وأجرت «الشرق الأوسط» سلاسل من الفحوص الأولية على متصفح «كروم»، وقارنته بالمتصفحات الأخرى لمعرفة درجة تطوره والفوائد التي يمكن للمستخدم لمسها. وللموضوعية، فقد قارنا المتصفح بالإصدارات التجريبية لمتصفحات «فايرفوكس 3.1» و«إنترنت إكسبلورر 8 بيتا 2»، ذلك أنه ليس من العدل تقييم متصفح تجريبي بآخر موثق رسميا من الشركة المبرمجة على أنه مستقر ولا يسبب المشاكل. وقارنا زمن بدء المتصفح لعمله (تحميل المعلومات اللازمة لعمله إلى الذاكرة في الخفاء)، وزمن عرض الصفحات بشكل كامل، وسرعة عمل المواقع التي تستخدم نصوص جافا بشكل كبير، وأداء الصفحات التي تستخدم ميزة «سي إس إس» Cascading Style Sheets، وقمنا بقياس حجم استخدام الذاكرة عند البدء بالعمل، وعند عرض العديد من الصفحات في آن واحد.

وثبتنا المتصفحات من الملفات الأصلية ولم نضف أي إضافات إليها، مع ترك جميع الخصائص على تلك التي اختارتها الشركات المبرمجة من دون تدخل المستخدم، وعلى نظام التشغيل «فيستا التيميت». وبالنسبة لمواصفات الجهاز المستخدم، فهي معالج «إنتل كور 2 ديو» ثنائي النواة يعمل بسرعة 2.4 غيغاهيرتز، ويحتوي على 2 غيغابايت من الذاكرة، واستخدمنا برنامجا خاصا لقياس الوقت، وأخذنا القياسات 6 مرات وحسبنا معدلها. ولن ندخل في قياسات تقنية دقيقة، ذلك أن المستخدم العادي يريد معرفة تجربة النقر وانتظار عرض الصفحة، مع عدم توقف البرامج الأخرى عن عملها.

الفحص الأول متعلق بزمن بدء المتصفح لعمله، حيث شغلنا المتصفح بعد إعادة تشغيل الكومبيوتر، وأجرينا فحصا آخر بعد إقفال المتصفح وتشغيله مرة أخرى (غالبا ما تبقى بعض المعلومات المرتبطة بالبرامج موجودة في الذاكرة بعد إقفالها، الأمر الذي يخفض من زمن تشغيلها في المرات اللاحقة). واستخدمنا صفحة «غوغل» الرئيسية للبحث كالصفحة الأساسية التي يشغلها المتصفح فور بدئه العمل، وذلك بسبب بساطتها وعدم وجود صور أو عروض أو خلفيات فيها قد تبطئ من زمن القياس (هذه الطريقة تخفض من تأثير عامل سرعة الاتصال بالإنترنت في النتائج). وكانت نتائج التشغيل الأول للمتصفحات كالتالي: «فايرفوكس» 3.6 ثانية، «إنترنت إكسبلورر» 4 ثوان، «كروم» 4.4 ثانية. النتائج متقاربة جدا، على الرغم من فوز «فايرفوكس» بفارق أقل من ثانية، أي أن متصفح «غوغل» ذا الإصدار التجريبي الأول استطاع مقاربة نتائج متصفح «فايرفوكس» الثالث، والإصدار الثامن لمتصفح «مايكروسوفت»، الأمر الذي يبشر بمستقبل واعد. أما عند تشغيل المتصفحات للمرة الثانية بعد إغلاقها، فإن النتائج اختلفت، حيث ان متصفح «كروم» قاد المجموعة بزمن 0.8 ثانية، ومن ثم «إنترنت إكسبلورر» بثانية واحدة، و«فايرفوكس» بثانية واحدة أيضا. وعلى الرغم من تقارب النتائج، إلا أن تفوق متصفح جديد على المتصفحات المخضرمة الأخرى هو أمر يستحق التقدير والإعجاب.

* زمن تحميل الصفحات

* الفحص الثاني يقارن زمن تحميل صفحات متعددة بشكل كامل، حيث جربنا 8 مواقع مختلفة في المحتوى، مثل مواقع «مايكروسوفت» و«يوتوب» و«فايرفوكس» و«غوغل كروم» وغيرها من المواقع المختلفة. واستطاع متصفح «كروم» الانتهاء من عرض الصفحات بزمن 8 ثوان، وعرضها متصفح «إنترنت إكسبلورر» بالزمن نفسه، إلا أن متصفح «فايرفوكس» تأخر عن منافسيه، حيث وصل الزمن اللازم إلى 12 ثانية.

الفحص الثالث هو فحص تقني، حيث جرّبنا عرض صفحات «جافا سكريبت» (غالبا ما تكون نصوص «جافا سكريبت» العثرة الأكبر في السرعة). واستطاع «فايرفوكس» التفوق على غيره بسرعة 0.2 ثانية، بينما استغرق «كروم» 0.3 ثانية، وتأخر «إنترنت إكسبلورر» بزمن قدره 0.7 ثانية، الأمر الذي يبرهن على أن مستقبل «كروم» واعد جدا. وجربنا بعد ذلك صفحات «سي إس إس»، حيث تفوق فيها «كروم» بزمن قدره 0.1 ثانية، بينما استغرق «فايرفوكس» 0.2 ثانية، وتأخر «إنترنت إكسبلورر» بزمن وصل إلى 0.5 ثانية.

أما بالنسبة للفحص الأكثر أهمية بالنسبة للمستخدم، فإن حجم الذاكرة الذي يشغله كل متصفح عند الإقلاع وبعد تحميل 8 صفحات كان كالتالي (وفق مقياس نظام «إدارة المهمات» Task Manager في نظام التشغيل): «فايرفوكس» يتطلب 12 ميغابايت من الذاكرة لبدء عمله، وحوالي 85 ميغابايت لعرض 8 صفحات في آن واحد، بينما يحتاج «كروم» إلى 15 ميغابايت لبدء عمله، وحوالي 120 ميغابايت لعرض عدد الصفحات نفسه، ويحتاج «إنترنت إكسبلورر» إلى 9 ميغابايت لبدء العمل، ولكنه يتطلب 150 ميغابايت لعرض عدد الصفحات المذكور.

وعند تجربة عرض الصفحات التي نزورها بشكل يومي (39 صفحة موزعة بين صفحات البريد الإلكتروني والأخبار التقنية المختلفة والشبكات الاجتماعية)، لاحظنا سرعة أكبر في عرض الصفحة، خصوصا في الزيارات اللاحقة للمواقع، ذلك أن المتصفح يُخزن الصور والخلفيات التي يتكرر الذهاب إلى صفحاتها، ويعرضها من الكومبيوتر مباشرة في الزيارات اللاحقة عوضا عن تحميلها كل مرة من الإنترنت. وبالفعل، فإن الشعور بالتصفح الأسرع حتما موجود في متصفح «كروم»، إن كان يوجد لدى المستخدم سرعة اتصال بالإنترنت مقبولة، وسيكون بالتأكيد متصفحا يخطف الأبصار في الإصدارات المقبلة.

* مخاوف وتكهنات

* وهناك مخاوف من بعض المستخدمين تتعلق بالخصوصية، حيث انهم يعتقدون بأنهم يمنحون «غوغل» حجما كبيرا من المعلومات الخاصة بهم وعادات تصفحهم والمواقع التي يزورونها في كل يوم، الأمر الذي يمنح «غوغل» فكرة عن نزعات التصفح للمستخدمين، وبالتالي تطوير نظم إعلانية جديدة خاصة بكل مستخدم وعاداته في التصفح. هذا ويتخوف البعض الآخر من مستويات الأمن في المتصفح، خصوصا أنه لا يزال في المراحل التجريبية وأنه مفتوح المصدر، الأمر الذي سيسمح للمبرمجين الخبراء بقراءة النص البرمجي له ومعرفة الثغرات الأمنية الموجودة فيه، وتطوير برامج وفيروسات تستغل نقاط الضعف تلك.

ويظن البعض بأن هذا المتصفح هو الخطوة الأولى نحو سيطرة الشركة على معلومات المستخدم، وذلك عن طريق طرح نظام تشغيل يعمل عبر الإنترنت، يكون «كروم» هو واجهة الربط بين كومبيوتر المستخدم والنظام، خصوصا أن المتصفح الجديد يُخفي القوائم ويريد للمستخدم أن يشعر بأنه لا يتصفح الإنترنت، بل يعمل على صفحات موجودة في سطح مكتبه، وبالتالي تحول «غوغل» إلى «مايكروسوفت» جديدة. ويمكن القول بأن متصفح الإنترنت قد يكون هو نظام التشغيل الخاص بـ«غوغل» والذي تستطيع عبره البحث في ملفات المستخدم وتشغيلها في داخله، وحتى السماح للبرامج بتثبيت نفسها فيه والعمل عبره من دون أن يحتاج المستخدم إلى الدخول إلى نظام التشغيل الخاص به على الإطلاق. ويعتقد سيرغي برين، المؤسس الشريك لـ«غوغل»، بأن «كروم» سيكون متوفرا في الهواتف الجوالة في نظام التشغيل «آندرويد» الذي تطوره الشركة للهواتف الجوالة، والذي من المتوقع أن تطرحه قبل نهاية هذا العام، وقد تغير الشركة من اسم المتصفح الخاص بالاجهزة المحمولة عند طرحه، أو تطرحه في إصدار مقبل من النظام.

* إصدارات المتصفح

* المتصفح متوفر حاليا على نظام التشغيل «ويندوز» فقط، إلا أن الشركة تعد بطرحه على أنظمة التشغيل «ماك أو إس» و«لينوكس» خلال الأشهر القليلة المقبلة. وطرحت الشركة المتصفح باللغات التالية: العربية، الإنجليزية (البريطانية والإميركية)، الصينية (التقليدية والمبسطة)، الهولندية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، اليابانية، الكورية، البرتغالية (التقليدية والبرازيلية)، الروسية، الإسبانية (التقليدية وجنوب الأميركية)، التركية، التشيكية، الدنماركية، العبرية، الهندية، النرويجية، البولندية، السويدية، الإندونيسية، الأوكرانية، البلغارية، الكاتالانية، الكرواتية، الفلبينية، الفنلندية، اليونانية، الهنغارية (المجرية)، اللاتفية، الليثوانية، الرومانية، الصربية، السلوفاكية، السلوفانية، التايلاندية، الفيتنامية والإستونية. ويمكن تحميل المتصفح مجانا من موقع http://www.google.com/chrome، ويمكن الذهاب إلى موقع http://blogoscoped.com/google-chrome لمشاهدة رسومات معبرة لفكرة تطوير المتصفح.