مؤتمرات الفيديو عبر الإنترنت.. أداة فعالة لعقد الاجتماعات حول العالم

تغني عن سفر الموظفين وساعات الطيران المرهقة وتوفر الملايين على الشركات

جيل سمارت تتحاور مع زملائها في بريطانيا والولايات المتحدة عبر مؤتمرات الفيديو (خدمة صور نيويورك تايمز)
TT

جيل سمارت المديرة في شركة «أكسينشور» كانت كثيرة التردد والشكوك عندما دخلت لاول مرة الى غرفة المؤتمرات الفيديوية الجديدة في شركتها في شيكاغو لعقد اجتماع مع مجموعة من زملائها في لندن. بيد ان تقنية مؤتمرات الفيديو هذه التي تعرف بـ «تيليبرزينز» Telepresence قدمت تجربة قريبة جدا من الواقع، كما تتذكر سمارت، بحيث انها بعد عشر دقائق من عقد الاجتماع نسيت انها ليست موجودة في الغرفة ذاتها مع الآخرين.

وكانت «أكسينشور» وهي شركة استشارات تقنية قد قامت بتركيب 13 من «غرف عقد المؤتمرات الفيديوية» في مكاتبها حول العالم، وهي تنوي ان تضيف اليها 22 غرفة اخرى قبل نهاية العام الحالي.

وتحسب «أكسينشور» ان مستشاريها استخدموا الاجتماعات الافتراضية هذه لتفادي 240 رحلة عالمية و120 رحلة داخلية في شهر مايو الماضي وحده، موفرين على الشركة ملايين الدولارات، وساعات طويلة من السفر المتعب بالنسبة الى موظفيها.

* مقابلات عبر الإنترنت

* ان تكاليف السفر المرتفعة وقيام شركات الطيران بتقليص رحلاتها وخدماتها قد ارغمت الشركات الكبيرة والصغيرة على اعادة التفكير في كيفية اجراء المقابلات الشخصية وجها لوجه وفي ما يتعلق برحلات العمل ايضا. وفي هذا الوقت ايضا نضجت هذه التقنية الى درجة بات معها من العملي، والممكن جدا، فضلا عن الانتاجية الكبيرة، الانتقال الى المقابلات الرقمية بدلا من المقابلات الفعلية.

وهذا الاتجاه الجديد يمتد الى اكثر من ردود الفعل بالنسبة الى ارتفاع تكاليف السفر وضعف الاقتصاد كما يقول المحللون. «فالاساليب التقنية الجديدة هذه من شأنها تغيير الاسلوب الذي تفكر به الشركات في ما يتعلق بالسفر والعمل على المدى الطويل»، استنادا الى كلير شولي المحللة في شركة «فوريستر ريسيرتش».

والتوقعات الماضية حول ان التقنية بمقدورها ان تحل محل السفر كانت كثيرة وغير ناضجة. اما الفرق الرئيسي اليوم، على حد قول المحللين، فهو انها، اي التقنية هذه، باتت على المستوى الموعود، اذ لا يوجد اي اختراق يوضح هذا التقدم الكبير، بل سلسلة من التطورات التي حصلت خطوة خطوة، فضلا عن الاستثمار الثابت والمستمر في شبكات الاتصالات وبرمجياتها، وعمليات المعالجة الكومبيوترية.

ويمكن رؤية النتيجة ليس في انظمة «تيليبرزينز» الجديدة الغالية الكلفة فحسب، التي تأتي من انظمة «سيسكو» او «هيوليت- باكرد» (إتش. بي.)، بل ايضا من التقنيات الاساسية التي تمت بصلة اليها، والمؤتمرات التي تعقد على الشبكة، والمشاركة بالمستندات على الشبكة، و«ويكيز»، وهاتف الانترنت. كما ان العروض السمعية، وعلى سطح المكتب، في الاجتماعات التي اساسها الشبكة على سبيل المثال، باتت اليوم اكثر احتمالا لان تكون متزامنة ومتفاعلة مع بعضها بعضا.

وشرعت الشركات من جميع الاحجام بالتحول الى الاجتماعات التي اساسها الشبكة لاغراض عروض التدريب والمبيعات، فقط خلال السنتين الاخيرتين تقدمت التقنية بشكل بات من الممكن معها استخدامها، على حد قول الان مينتون نائب الرئيس لعمليات التسويق في «كورنرستون انفورميشون سيستمز»، وهي شركة برمجيات مؤلفة من 60 شخصا في بلومينغتون في ولاية انديانا.

* اقتصاد في النفقات

* ومع قيام طاقم موظفيه للمبيعات بإجراء عروض عديدة للمنتجات على الشبكة، يقدر مينتون ان تكاليف سفر مجموعته انخفضت بنسبة 60 في المائة، في حين ان معدل الوقت لانهاء اي صفقة مبيعات قد انخفض بنسبة 30 في المائة.

ولا يزعم احد ان الاجتماعات وجها لوجه باتت من حكم الماضي او باطلة، او ان الوقت قد حان لإلقاء نظرة الوداع على المسافرين من رجال الاعمال. بل شرعت الشركات تتحدث عن الادوات الرقمية لجعل السفر لاغراض العمل اكثر انتقائية وانتاجية.

ومع ذلك فان امكانية حلول الرقميات محل السفر لاغراض العمل باتت امرا مهما. فقد اشار تقرير صدر بداية الصيف عن «غلوبال ئي ـ سستينابلتي انيشياتف»، وهي هيئة بيئية من مجموعة من الشركات التقنية مع مجموعة «كلايمت غروب»، الى ان تقنية المؤتمرات والندوات بالفيديو يمكنها ان تحل محل نحو 20 في المائة من الاسفار العالمية لاغراض العمل والتجارة. وغالبية المسافرين من رجال الاعمال هم من المستشارين في شؤون الادارة والمصرفيين والمستثمرين والمحاسبين والمحامين ومستشاري الخدمات التقنية. وغالبية اعمالهم تنحصر في اجتماعهم شخصيا مع الزبائن. لكن هؤلاء المحترفين باتوا حاليا يميلون اكثر الى استخدام وسائل الشبكة للقيام باعمالهم داخل مؤسساتهم.

ويقول مايكل ليتلجون الخبير في شؤون العمل والتقنيات في وحدة الخدمات العالمية في شركة «آي. بي. إم.» انه كان يمضي نحو 13 الى 15 يوما على الطرقات كل شهر. لكنه اليوم قلص هذه المدة الى 8 او 10 ايام، لكن الوقت الذي اقضيه مع الزبائن لم يتغير، كما يقول. واردف في الواقع لكي تستوعب مشكلة الزبون، او لانهاء اي صفقة، فأنت بحاجة الى الاجتماع اليه وجها لوجه.

والتدريب والتعليم الذي تجريه الشركات لموظفيها بات اليوم يجري على الشبكة بغية تخفيض تكاليف السفر. وكانت داريل درايبر المديرة في قسم خدمات تدريب الزبائن في شركة سيارات «سوبارو» في اميركا تسافر مدة اربعة ايام كل اسبوع لمدة تسعة اشهر متوالية كل سنة لتقديم البرامج التعليمية لوكلاء «سوبارو» في الولايات المتحدة. لكنها اليوم قلما تسافر ، لان غالبية اعمالها التدريبية حاليا تجري على الشبكة.

وفي السابق كانت درايبر تقدر انها تصل الى نحو 220 شخصا كل ستة اشهر بكلفة قدرها 300 دولار للشخص الواحد. اما حاليا فانها تصل الى 2500 شخص كل ستة اشهر بكلفة 75 سنتا للشخص الواحد.

وتقوم مجموعة من الشركات بتقديم خدمات اساسية للاتصالات على الشبكة مع عدد وادوات للتعاون والتشارك، بما فيها شركة «ويب إيكس»، و«سايتريكس»، و«آي. بي. إم». وغيرها. لكن افضل العروض تهذيبا هو المؤتمرات الفيديوية «تيليبرزينز». وهو اليوم منتج للنخبة تقدمه شركات قليلة بما فيها «سيسكو» و«إتش. بي» و«بوليكوم».

وغرف مؤتمرات «تيليبرزينز» تضم عادة ثلاث شاشات محدودبة (مع شاشة رابعة فوق للاعمال المشتركة)، مع اضاءة حسب الطلب وسمعيات. وهي تكلف نحو 350 ألف دولار نزولا من 500 ألف دولار عندما قامت «إتش. بي». ببيع نظامها الاول في اوائل 2006.

* نظم عقد المؤتمرات

* ودرجة الوضوح والتحديد على شاشات «تيليبرزينز» هي اكثر وضوحا من اكثر التلفزيونات العالية التحديد، كما يمكن تكبير الصور لاغراض فحص المنتجات. ويقوم المهندسون في مختبرات «أدفانسد مايكرو ديفايسيس» على سبيل المثال بتفحص الدارات الدقيقة في تصاميم الشرائح الجديدة مستخدمين انظمة «تيليبرزينز» في الشركة. كما ان صور الاشخاص على الشاشة هي بالحجم الحقيقي.

وتعتقد شركة «سيسكو» التي تملك اكثر من 200 غرفة «تيليبرزينز» انها توفر 100 مليون دولار من تكاليف السفر السنوية، وبالتالي تخفض من انبعاثات غازات التسخين الحراري التي سببها النقل الجوي بنسبة 10 في المائة. وتقول «إتش. بي» انه مع وجود غرف المؤتمرات «تيليبرزينز» فقد انخفض السفر الجوي لديها بنسبة 25 في المائة.

ويقدر المحللون انه لدى استخدام الغرف هذه بشكل منتظم فانها تسدد قيمتها خلال سنة. وتقدر شركة الابحاث «آي دي سي» ان مبيعات «تيليبرزينز» ستتضاعف اكثر من مرتين خلال العام الحالي لتصل الى 627 وحدة، ولتصل الى اكثر من 8000 وحدة في حلول عام 2012. وفي الواقع هناك نوع من التناقض في ما يتعلق بـ«تيليبرزينز» لكونها تمثل اغنى اشكال التفاعل الانساني بحيث نرى الاشخاص يتحدثون الى بعضهم بعضا، ووجها لوجه.

لكن سمارت رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة «أكسينشور»، والتي لا تزال تسافر 10 أيام في الشهر الواحد، تقول ان «تيليبرزينز» ليس بديلا كاملا. فأنت لا تتعلم شيئا عن ثقافات الآخرين عن طريق «تيليبرزينز»، فالذي تحصل عليه عبر هذا النظام يمكنك الحصول عليه اثناء تناول طعام الفطور، او العشاء، اما تشييد العلاقات الشخصية فيتطلب الاجتماع وجها لوجه، على حد قولها.

* خدمة «نيويورك تايمز»