برمجيات.. تتعرف على الوجوه فورا

تقوم بفرز الصور حسب أشخاصها من دون الحاجة إلى بطاقات تعريف

تطبيقات للتعرف على الوجه (خدمة صور نيوزكوم)
TT

يرى العقل البشري ملايين الصور والمشاهد يوميا، وبالتالي يمكنه التعرف اليها لحظيا، فلماذا لا تستطيع البرمجيات ان تفعل ذلك ايضا؟

ان تحويل ذلك الى حقيقة واقعة كان هدفا منذ زمن طويل للفيزيائي الالماني المولد هارتموت نيفين، الذي قامت شركة «غوغل» في العام 2006 بابتياع مؤسسته الخاصة ببرمجيات التعرف على الوجوه، بهدف تطبيق رؤيته هذه على التصوير الفوتوغرافي الرقمي. فبدلا من التنقيب والتمحيص عبر آلاف من اسماء الملفات الكومبيوترية وملفات الصور المعنونة بشكل سيئ، فماذا لو تمكنا من تنظيم الصور عن طريق الوجوه، بحيث يجري جمع جميع صورنا الخاصة بالأب والأم وبقية افراد العائلة معاً.

وكان نيفين هذا قد وحد جهوده مع فريق «بيكاسا» لتحرير الصور وبرمجيات الادارة التابع لـ«غوغل» بحيث قضى سنتين لتطوير اداة يمكن معها وضع نظام للتعرف على وجوه الصور في خدمة الجماهير. والآن وقد اصبح البرنامج موجودا وجاهزا، و«غوغل» تكسب اطراء بعد الآخر في ما يتعلق بدقتها في البحث والتنقيب، الا ان هذا البرنامج ليس كاملا بعد، كما يشير مهندسو هذه المؤسسة الكبيرة، وان كان يشكل خطوة كبيرة الى الامام.

ويعلق نيفين الذي بات يعمل الان في «غوغل» ككبير للاداريين الفنيين على ذلك بقوله: «اجد من المثير استيعاب كيف يعمل العقل البشري، وكيف انه مؤهل وقادر على التعلم، وان افضل طريقة لتعليم النظرية الخاصة بالمهام العقلية هي كتابة برنامج شبيه بذلك».

ويكمن نظام التعرف على الوجوه في ألبومات موقع «بيكاسا» على الشبكة المسماة Picasa Web Albums التي هي خدمة للمشاركة بالصور على الشبكة تابعة لـ «غوغل». وكان للالبومات هذه حصة 3.4 في المائة من سوق الصور على الشبكة في اغسطس الماضي، استنادا الى مؤسسة البحث هيتوايز، أي انها جاءت في المرتبة الخامسة، في حين تحتل المرتبة الاولى «فوتوباكيت» التي تملك حصة 34.7 في المائة.

وكانت «غوغل» قد قامت اخيرا بتحديث تطبيق «بيكاسا» لتحرير الصور عن طريق عدد وأدوات تحميل سريعة. وتحدث عملية التعرف على الوجوه في اي حال على الشبكة. فبعد تحميل الصور على Web Albums قم فقط بالنقر على «أضف بطاقة الاسم» add name tag لتقوم مجموعة من 200 صورة التي التقطتها خلال العطلة العائلية على سبيل المثال، بالتفرع الى مجموعات تعتمد على الوجوه: 60 صورة للوالد، و40 صورة للوالدة، وهكذا دواليك.

مواءمة الاسماء مع الوجوه ومهمتك في الواقع هي مواءمة الاسماء مع الوجوه عن طريق طباعة اسمائها. والفكرة من وراء ذلك هو انه بعد التعرف على كل وجه، وبالتالي تنظيم بطاقة خاصة له، يمكن استخدام هذه المعلومات لدعوة او جلب مجموعة من الصور للاخ والام معا، او صورك انت مع مجموعة محددة من الاصدقاء لعرضها آنيا كسلايدات.

«اننا نأخذ القياسات» كما يقول مايك هورويتز مدير الانتاج في «غوغل»، الذي يشرف على «بيكاسا»، والذي اضاف: «ثم ننظر الى عناصر خاصة في الوجه حيث العينين والانف على سبيل المثال، محاولين وضع توقع، او تنبؤ ما». ويقول كريس شوت المحلل في مؤسسة «آي دي سي» للابحاث «ان التعرف على الوجوه هو امر سيجعل المستخدمين يتعلقون به لكونه سيحل معضلات كثيرة متزايدة». واضاف «اننا نلتقط المزيد من الصور الان، لاننا بتنا قادرين على ذلك، وان امكانية تنظيمها عائدة للمستخدم وحده. ولكن لكون العديد من الافراد لا يرغبون في اضاعة الوقت، فإن اي شيء يسهل عليهم ذلك، هو من الامور المرحب بها».

المحافظة على الخصوصية تطبيقات التعرف على الوجوه هي ظاهرة متنامية. وتقوم السلطات في المانيا وانجلترا باختبار اسلوب التعرف على الوجوه بواسطة الكومبيوتر سوية مع جوازات السفر الجديدة التي تعمل بالقياسات الحيوية. فالركاب في يومنا هذا يجتازون النقاط الامنية ويتعاملون مع الكومبيوتر بدلا من البشر.

ولكن هل يمكن الوثوق باجهزة الكومبيوتر؟ والى اي مدى نرغب في ان تعرف عنا؟ ففي فيلم توم كروز «ماينورتي ريبورت» يقوم الكومبيوتر باطلاق سيل من الاعلانات موجهة بشكل خاص الى شخصية الفيلم حيثما توجه. لقد كانت «غوغل» هدفا للعديد من الانتقادات المتعلقة بقضايا الخصوصية، كما قام اصحاب المدونات من التقنيين بمعايرة الفشل في النظام الجديد لربط الوجوه بالبطاقات. وفي هذا الصدد يعلق روب ويليامز الذي يدون في موقع «تيكغايج» بقوله «ان «غوغل» تعرف كل الامور التي اقوم بالبحث عنها، كما تعرف اين اسكن، وكم من الوقت الذي اقضيه على الشبكة. والان تعرف ايضا شكل اصدقائي ووجوههم. هذا امر يتعدى الحدود».

ويقول هورويتز ان مزية وضع البطاقات هي من الخيارات، بحيث ان الاشخاص الراغبين بذلك يمكنهم ان يفعلوا ذلك. «ولكن اذا اقفلت عملية ربط البطاقات، اختفت جميع المعلومات والبيانات».

وبالنسبة الى عالم مثل نيفين لا يوجد هناك ما يسمى الكثير من المعلومات. فقبل انضمامه الى «غوغل» كان يدرس علوم الكومبيوتر في جامعة «ساذرن كاليفورنيا» قبل ان يؤسس شركته الخاصة التي اصبحت تدعى «نيفين فيجن».

«وكانت شركة جديدة على اول الطريق» كما يقول، «وكان علينا ان نجني بعض المال، لذلك تحولنا الى اوروبا حيث كانت الهواتف الجوالة اكثر تقدما من الولايات المتحدة، لنعمل مع مسوقي العلامات التجارية». وكان هدفه استخدام البرمجيات للتعرف على لوحات الاعلانات والاشياء الاخرى. وعمل باتجاه الحصول على لقطات من كاميرات الهواتف الجوالة لجمع معلومات خاصة بالمنتجات يقوم بارسالها الى ذوي الشأن. وفي احدى حملات الترويج الاوروبية لمشروب الكوكاكولا طلب من الاشخاص الحاضرين التقاط لقطات سريعة من هواتفهم الجوالة لعلبة الكوكاكولا بغية تسجيلها فورا في سوق للاسهم.

ويرمي نيفين في «غوغل» ان يتطور برنامجه هذا الى درجة بحيث يقضي على المهام الشاقة للتحميل التي يتكبدها عادة حاليا هواة الكاميرات. ومثالا على ذلك حالما يتأقلم التطبيق مع الوجوه التي تقوم بتصويرها بانتظام (كصورة اولادك، او اصدقائك) فانك لن تحتاج بعد ذلك ان تضع يدويا بطاقات تعريف لدى نقل هذه الصور من كاميرتك الى جهاز الكومبيوتر، لان البرنامج هو الذي سيتولى هذا الامر عنك.

ويقطع نيفين وعدا بقوله «سنحاول ان يجري ذلك اوتوماتيكيا من دون اي ثغرات او عثرات، واذا كان هذا لم يحصل بعد، فانه سيحصل حتما».

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»