كاميرات الويب.. لخدمة الأعمال أم للتبجح والدعاية؟

المستخدمون يوظفونها للدردشة وقطاعات العمل لمتابعة نشاطاتها

كاميرا في مركز تعليمي اميركي للصغار تنقل صور الابناء الى آبائهم عبر الانترنت (كي آر تي)
TT

كاميرات الويب مفيدة جدا للاتصالات الشخصية وتقريب وجهات النظر، كانت قبل عقد من الزمن مجرد ابتكار ذكي. وواحدة من اولى تلك الكاميرات كانت موجهة الى مبرد للمياه قرب احد مكاتب العمل. وما تزال هذه الكاميرا الاولى تعمل على الشبكة على الموقع www.coolcam.com وهي تبث صورة جديدة كل عشر ثوان! ولكن في العقد الذي اعقب الاول، تطورت كاميرات الويب webcam هذه، من مجرد ابتكار فني الى اسلوب حياتي بالنسبة الى بعض الاشخاص.

اما بالنسبة الى كاميرا مبرد الماء فقد تلقت في حينها العديد من النقرات لكن هذه النقرات لم يزداد عددها بشكل كبير في السنتين الاخيرتين على حد قول ريان ويلسون المدير في إنترأكتيف ماركيت سيستمز الذي هو مقر كاميرا مبرد الماء. وتقدم الشركة هذه التي مقرها ولاية يوتاه في اميركا تحليلات احصائية للبائعين والمسوقين. لكن فردريك نيلسون مدير قسم اميركا الشمالية في «أكسيس كوميونيكيشنس» الشركة السويدية التي تبيع كاميرات «ويبكام» ليس مندهشا ابدا، وعلق في حديث له مع مجلة «كومبيوتر وورلد» الالكترونية، على ذلك: لقد كان من المسلي بث صورة حية لمبرد المياه في لعام 1996. لكن هذا الامر لم يعد مثيرا اليوم، فكل ما تحتاجه الآن هو تطبيق او برنامج عملي للحصول على ابتكار مشابه.

ولاحظ نيلسون انه يوجد في الواقع نوعان من الكاميرات الرقمية التي تستخدم لنشر الصور المتحركة، او الساكنة، على الشبكة. فالكاميرات التي هي من الدرجة الاستهلاكية، أي لعموم الجمهور، التي يجري وصلها الى الكومبيوتر عبر فتحة «يو إس بي» يشار اليها على انها كاميرات «ويبكام». اما الكاميرات ذات الذكاء المتكامل التي يمكن وصلها مباشرة الى الانترنت فتدعى كاميرات الشبكة.

ويمكن بيع كاميرات «ويبكام» بمبلغ 20 دولارا للواحدة منها، في حين يصل سعر الثانية الى اقل من 200 دولار. وأغلبية كاميرات «ويبكام»، ككاميرا مبرد المياه مثلا، تستخدم لالتقاط صور كل بضع ثوان بدلا من فيديو كامل الحركة.

* نوعية أفضل

* ويلاحظ نيلسون ان الجودة والنوعية قد تحسنتا بشكل ثابت منذ ظهور هذه الاجهزة في عام 1996. وبمقدور أغلبية كاميرات «ويبكام» انتاج 30 اطارا مصورا في الثانية الواحدة اذا كان هناك ما يكفي من النطاق العريض. اما معدل الوضوح فهو بين VGA (أي نحو 300 الف بيكسل) و2 ميغابيكسل.

ولاحظ ايضا انه حتى ثلاث سنوات مضت لم نكن نشاهد اكثر من مشاهد بمواصفات VGA. اما بالنسبة الى جودة الالوان فقد كانت الكاميرات اقرب الى الالوان الحقيقية خلال السنتين الاخيرتين. وحساسية الالوان كافية، في حين تتوفر امكانية التصوير ليلا مقابل 500 دولار.

وكان الاتجاه الاهم بين كاميرات الشبكات هو بروز الاسواق الكبيرة كمقاولي البناء والانشاء، ودوائر النقل، والسياحة، كما يلاحظ براين كاري رئيس شركة «إيرث كام» التي تبيع كاميرات الشبكات في هاكينساك في ولاية نيوجيرسي في اميركا.

ويقول كاري ان مقاولي الانشاءات يرغبون في كاميرات يوثقون بموجبها تقدم العمل في ما يتعلق ببناء محدد، بحيث يمكن للمشاركين في هذا البناء الوصول الى الصور عبر الانترنت، كما يقول كاري. وعلى النهج ذاته يرغب مسؤولو السفر والنقليات في هذه الكاميرات، لاغراض ادارة حركة السير، وتوطيد الامن، وبالتالي توثيق العمليات اليومية. اما المسؤولون عن دوائر السياحة فيرغبون فيها بالطبع لاغراض الدعاية والترويج.

وبالنسبة الى دوائر تقنيات المعلومات في الشركات والمؤسسات، فان الاستخدام الرئيسي لها هو استطلاع غرفة الخادم الكومبيوتري. والكاميرا عادة ما تكون موجهة بشكل ثابت عبر قمة رفوفه وادراجه، اي رفوف الخادم، لكن غالبا ما تكون هناك امكانية تحكم لتوسيع مجال الرؤية، او إمالتها، او تقريبها وتكبيرها. وفي مثل هذه الحالة تتلقى الكاميرا التعليمات من اشخاص عديدين عبر الشبكة، ما ينتج عنه تحركها بشكل عشوائي، ولكن هذا من شأنه ايضا تعزيز عامل الامن. واذا لم يوجد اي متطفل، تقوم الكاميرا بتصويره، فانها تفيد للابلاغ بعدم وجود حريق في الغرفة.

وعلى صعيد سوق كاميرات «ويبكام» الاستهلاكية فقد اعلنت «لوغيتيك انترنشنال إس أيه» التي تتزعم السوق حاليا انها باعت نحو 40 مليون وحدة على نطاق العالم كله. وتستخدم اغلبها للاتصالات الفيديوية من شخص الى آخر، بدلا من بث الصور او الفيديو عبر الشبكة، كما يقول اندرو هايمان مدير تسويق الانتاج في «لوغيتيك».

* اتصالات بالفيديو

* اما واقع استخدام كاميرات الـ«ويبكام» في جميع ارجاء العالم، فيكمن في ان الاتجاه المسيطر حاليا هو ان قدامى المستخدمين انتقلوا من الدردشة بالفيديو، الى الاتصالات الكاملة بالفيديو، كما يقول هايمان. فقبل خمس سنوات كانت الثرثرة بواسطة الفيديو مع النص هو الامر الطبيعي، بحيث تتيح كاميرا «ويبكام» للمستخدم ان يرى في اطار نافذة صغيرة الشخص الذي يتحادث معه.

اما اليوم فيجري الاتصال عبر الشاشة برمتها من دون طباعة اي نص على الرغم من ان الدردشة بواسطة الفيديو تبقى شعبية مع المستخدمين الصغار كما يقول هايمان. فعن طريق كاميرا «ويبكام» (بكلفة 100 دولار تقريبا)، وجهاز كومبيوتر «بي سي» ثنائي النواة، وبرنامج اتصالات خاص بـ«سكايب» مركب على كلا طرفي وصلة الاتصال العريضة النطاق، يمكن الحصول على شاشة كاملة الحجم للاتصال بالفيديو بسرعة 30 اطارا في الثانية، اما الخدمات الاخرى التي تجري عن طريق مغاير لـ«سكايب» فتنتج وضوحا اقل، كما يقول.

وعلى صعيد الاجهزة والعتاد فان الاتجاه الكبير بالنسبة الى كاميرات «ويبكام الاستهلاكية» هو ان جميع اجهزة اللابتوب الاستهلاكية التي شرعت تصل الى الاسواق اليوم باتت مجهزة بكاميرا «ويبكام» مبيتة فيها، استنادا الى ستيفن بايكر المحلل في مجموعة «إن بي دي» المتخصصة بابحاث السوق ومقرها بورت واشنطن في ولاية نيوجيرزي. وباتت هذه الكاميرات تظهر ايضا في اجهزة اللابتوب الخاصة بالاعمال والخدمات، ولكن مع التعقيدات التي تنطوي عليها لدى استخدامها ضمن شبكات الشركات، فان هذا الامر اخذ يؤخر اعتمادها وتشغيلها، وفقا الى بايكر. وتسترعي هذه الكاميرات اهتماما كبيرا لدى وضعها في غرف الجلوس، او المكاتب، لتوثيق ما يحصل هناك.

وانتشار عمليات الاتصال اللاسلكية سمحت للذين يهوون اذاعة حياتهم الشخصية ونشرها على الملأ اصطحاب كاميراتهم معهم وتسجيل جميع نشاطاتهم على مدار الساعة. وكان من اول الرواد المعروفين في هذا المجال جوستن كان التي شرع باذاعة حياته الخاصة عبر كاميرا «ويبكام» مركبة على قبعته، وذلك في مارس من عام 2007 لينتهي بعد ذلك لادارة برامج «توك شوز» على التلفزيون. كما قام بعد ذلك بفتح موقعه الالكتروني لكل من يرغب في نشر حياته اليومية واذاعتها على الملأ.

* اذاعات شخصية

* ولكن لماذا نشر قصة الحياة اليومية للافراد على العموم؟ ان جزءا من ذلك يعود الى النرجسية وحب الذات والاعتقاد بان الشخص نفسه مهم للغاية بحيث يهوى الآخرون مراقبة حياته وتصرفاته، كما يوضح مهندس الشبكات دينيس جود الذي يملك كاميرا «ويب كام» في مكتبه منذ ثماني سنوات وحتى الان. ويقول: ولكن موقعي هو نافذة للاتصال مع الآخرين اجتماعيا في اسلوب لا استطيع توفير غيره لانني لا املك لا الوقت الكافي ولا الطاقة للقيام بذلك. كما انني لا استطيع مصادقة جميع الناس المقبلين على موقعي من مختلف ارجاء العالم. وأحد اسباب امتلاك كاميرا «ويبكام» هو للابقاء على المحتويات طازجة وديناميكية بحيث يكون هناك دائما شيء جديد نتطلع اليه.

ومن الشخصيات التي تقوم ببث حياتها اليومية عبر هذه الكاميرات نجم برنامج «نيردمان شو» الذي يملك 15 كاميرا من هذا النوع تتابع حياته الخاصة منذ عام 1997. وهي موزعة بين منزله واماكن اخرى. ولكن اقتصر الامر الان على كاميرا واحدة فقط بعد زواجه وانجابه لولدين، والسبب انه كان من الصعب جدا ان يشرح لهما سبب طلبه عدم الركض والتجوال في بعض انحاء المنزل بملابسهما الداخلية.

تبقى الاشارة الى ان موقع www.coolcam.comتلقى1.3 مليون زيارة منذ فبراير في عام 1997، كما يقول ريان، فهو ابتكار جميل ويساعد في تقريب الناس من بعضهم البعض، ولا يوجد اي سبب اخر يدعو الى تفكيك الموقع، فالكاميرا تقبع هناك من دون الحاجة الى اي عمليات خدمة، او صيانة.