جهاز جوال بسيط.. لتلقي وإرسال البريد الإلكتروني

مجرد من كل الإضافات التقنية.. ويوجه للأفراد العاديين

جهاز «بيك» الجوال البسيط الجديد للبريد الإلكتروني (خدمة صور نيويورك تايمز)
TT

هناك نوعان من البشر في العالم، اولئك الذين يقسمون الناس الى شكلين، واولئك الذين يرفضون ذلك. بيد ان الكليشة القديمة هي الاكثر صدقا من اي وقت مضى، فهناك بلاد الشرق وبلاد الغرب.. وهناك ايضا «ماك» و«ويندوز».

اما في ما يتعلق بالتقنيات الاستهلاكية فهناك من يرغب في المميزات، ومن يرغب في الاناقة والشكل الجميل فقط.

ويقوم محبو المميزات الكثيرة بالحكم على المنتج عن طريق معيار واحد وهو عدد المزايا التي يملكها بغض النظر عن شكله القبيح، او تصميمه السيئ. فالمشغل الموسيقي المزود براديو «إف إم» ينبغي ان يكون افضل من الآخر غير المزود به. والهاتف القادر على تنزيل الموسيقى هو افضل من الذي لا يستطيع ذلك. كما ان كاميرا الهاتف الجوال ذات الميغابيكسلات الكثيرة هي افضل من كاميرا الميغابيكسلات القليلة. إذن، هل استوعبت الفكرة؟

اما اولئك الذين يقدرون الاناقة والشكل الجميل من الناحية الاخرى، فانهم يفضلون الشيء الذي يقوم بالاقل، لكنه يقوم به بشكل افضل. ومن حسن الحظ ان عدد هذه المجموعة في ازدياد خاصة في الفترة الاخيرة. فجهاز الـ«آي بود» تمكن من تحقيق هيمنة عالمية على الرغم من انه يفتقر الى راديو مشيد داخله، او شبكة «واي-فاي». في حين ان كاميرا ومسجل الفيديو الذي يمتلك ثلاثة ازرار فقط من دون عدسة تقريب وتكبير (زوم) يسيطر الآن على 13 في المائة من سوق هذه الاجهزة.

* جهاز للرسائل الالكترونية

* ولنتحدث ايضا عن جهاز صغير آخر بحجم الجيب يدعى «بيك» Peek الذي يقوم بارسال واستقبال البريد الالكتروني الذي طرح في اسواق الولايات المتحدة منتصف شهر سبتمبر الماضي. فهو وان كان يتبع النمط البسيط الانيق من المنتجات التقنية، الا انه سيلاقي اعتراضا عالميا من قبل محبي المميزات والصفات الكثيرة الذين يتصفحون الانترنت، لكنه سيلاقي ايضا قبولا هادئا تدريجيا من قبل الاشخاص العاديين، مع ارتباك وحيرة، وربما تساؤلات من قبل محبي المميزات الكثيرة الذين لا يزالون غير متقبلين ان هناك نوعين من البشر في العالم. في البداية قد لا تستطيع ملاحظة كيف ان «بيك» هو مختلف عن جهاز «بلاك بيري». فهو عبارة عن بلاطة بلاستيكية قياس 4×2.7×2.7×0.4 بوصة متوفر بالالوان الرمادي الغامق، والازرق الخفيف، والاحمر القاني، مع شاشة ولوحة مفاتيح تعمل بالابهام على احد وجهيه. وهناك على الحافة اليمنى عجلة صغيرة تدار بالابهام ايضا لاختيار الاوامر والمهام من القائمة (مانيو). وهناك في اسفل العجلة زر للاعادة/ والالغاء. اما في الاعلى فهناك زر الطاقة.

ومهمة «بيك» بأي حال هي مهمة مختلفة كلية. فهو غير مصمم لكي يستخدم من قبل موظفي الشركات الكبيرة، او الاشخاص الذين يحملون في جيوبهم هواتف ذكية. بل الهدف منه انه موجه الى الافراد غير التقنيين.

والفكرة كلها تدور حول التخلص من النفقات الزائدة، ومن التعقيدات الاخرى عن طريق ازالة كل شيء سوى البريد الالكتروني. ولان «بيك» ليس هاتفا، فهو قادر على التخلص من الازرار الخاصة بالميكروفون ومكبر الصوت وبضعة ازرار اخرى، ومن دون ان نذكر ايضا النفقات والتكاليف الاخرى التي تترتب على العقد الموقع من الشركة التي تقدم الخدمة، فضلا عن الضرائب والرسوم المختلفة. وهو يكلف 100 دولار، مع 20 دولارا شهريا لكمية غير محدودة من خدمة البريد الالكتروني التي تؤمنها شركة «تي-موبايل» للشبكات الخليوية. وهذا فرق كبير عن الستين، او السبعين دولارا التي يتوجب دفعها لقاء الهاتف الذكي شهريا، ومع ذلك فالكلفة لا تزال اعلى بنحو 5 دولارات. ولكون «بيك» ليس متصفحا للشبكة، فقد تخلص من جميع تعقيدات الدخول الى الشبكة وترتيب لائحة الافضليات وعمليات التنزيل وما الى ذلك.

ومع ان «بيك» ليس اداة عمل، فانه قادر على القيام بمهامه من دون تقويم، او ساعة تنبيه، او العاب، او «بلوتوث»، او «واي-فاي»، او اي شيء آخر الذي قد يجعله معقدا. فهناك فقط ثلاث شاشات، واحدة للائحة الرسائل، واخرى لمقدمة الرسالة قبل فتحها، وثالثة لصفحة الافضليات.

* كشف دوري للرسائل

* ولدى فتح الجهاز يسألك عن عنوانك البريدي الالكتروني وكلمة المرور. واذا كان حسابك البريدي مقره الشبكة مثل «هوتمايل»، او «جي مايل»، او «أيه أو إل»، فهذا كل ما تحتاجه. ويقوم «بيك» اوتوماتيكيا بالكشف عن الرسائل الجديدة كل خمس الى 15 دقيقة ليبلغك بذلك عن طريق رنة جرس قصيرة، مع ارتجاج خفيف وومضات ضوء ازرق في الزاوية.

اما اذا كان لك حساب بريدي تقليدي كالذي توفره شركة الانترنت التي تتعامل معها، فان الترتيب يتطلب عادة الاتصال بقسم الدعم الفني لـ«بيك»، لانه لا يمكن ان ترتب هذا الامر مع مزود الخدمة المختص بذلك بنفسك. وبمقدور هذا الجهاز التسجيل مع ثلاثة حسابات بريدية معا كحد اقصى.

والشاشة الملونة (240×320 بيكسل) هي براقة وواضحة حتى تحت ضوء الشمس. وتعمل لوحة المفاتيح عن طريق الابهام بشكل مرض عادة، كما ان المفاتيح مضاءة بشكل براق. والجهاز لا يزن اكثر من 3.8 اونصة.

والشحنة الواحدة للبطارية، التي يمكن نزعها من مكانها، تبقى لمدة يومين الى خمسة ايام، وفقا الى البريد الالكتروني الذي بحوزتك والذي تتعامل معه. وينتهي سلك تغذية الطاقة بوصلة «يو. إس. بي.» صغيرة، ولكن لا يمكن اعادة شحن الجهاز من الكومبيوتر، كما يحصل عادة مع جهاز «بلاك بيري»، او «آي بود»، فنحن لم نصل بعد الى عصر التلاؤم والتطابق الشامل لجميع اسلاك الطاقة الخاصة بالشحن، بحيت لا نحتاج الى شاحن اسود مختلف يشبه البلاطة خاص بكل جهاز.

وكانت الشركة الصانعة قد تأكدت من ان اجهزتها التي لا يمكن تغييرها بعد البيع بسهولة، قد صنعت بشكل جيد، لكن ثمة فسحة في البرنامج الخاص بها لاغراض التحسين. ومثال على ذلك لا يقوم «بيك» بعرض اي صيغة من الصيغ كالغرافيكس، او القرطاسية، ولا حتى الحروف السوداء، او المختلفة النمط. غير ان الفقرات قد تتكسر احيانا بشكل طريف في بعض الاماكن. وجميع ملحقات الرسائل باستثناء ملفات الصور JPEG هي عارية ومنزوعة من كل شيء. وحتى هذه قد تتطلب بضع نقرات كي تفتح.

* جهاز للأميركيين البسطاء

* ولا يوجد هناك كاشف لاخطاء الاملاء، او عمليات اختصار ذكية، كما هو حاصل مع «بلاك بيري»، مثل حرف «ج» للجواب، او النقر مرتين على الفسح الخالية بنهاية الجملة لوضع نقطة، وبالتالي الابتداء بالحرف الكبير مع الكلمة التالية. كما لا يمكنك التحول من رسالة الى اخرى الا عن طريق صندوق البريد الوارد مما يقلل من السرعة.

كذلك لا يمكن تنظيم ملفات لحفظ بريدك وترتيبه، وكل ما هو موجود هو «صندوق البريد الوارد»، و«المسودات»، وملفات سلة المهملات. ولا توجد حتى عمليات تزامن، كأن ترسل جوابا من «بيك» لتجده فورا في ملف «البريد المرسل» كما هو الحال مع كومبيوتر «بي سي»، لكن هذا على الاقل لا يمنع من ان تنزيل البريد على جهاز «بيك»، يعوق جهازك الكومبيوتري من تنزيل الرسائل ذاتها في وقت لاحق. (إذ لا يوجد اسوأ من مشكلة وجود صندوقي بريد، بحيث لا تستطيع ان تتكهن اي من الجهازين يحتوي على رسالة معينة).

امر آخر فهذا الجهاز لا يعمل حاليا سوى في الولايات المتحدة، ولكن هل تمكنت من استيعاب الفكرة وهي ان «بيك» هو جهاز بسيط جدا مصمم لغرض واحد فقط؟

لكن من حسن الحظ فان الشركة الصانعة تنوي مواجهة محدودية هذا الجهاز عن طريق تحديثات برمجية مجانية لاضافة خيارات اخرى مثل الملاحة وتحديد المواقع، وامكانية العمل والتواصل خارج الولايات المتحدة (رومينغ)، والتطابق مع «ويندوز إكسشاينج» و«لوتس نوتس»، وربما القدرة على تصفح «ورد» وملحقات «بي دي إف»، وبعض المهام الاخرى المتعلقة بترتيب الرسائل مع غيرها من الاضافات. وهكذا ليس الجميع بحاجة، او يرغبون في هاتف ذكي، لكون العديد من الافراد يرغبون بدلا من كل ذلك في التحدث والتواصل عن طريق هاتف جوال بسيط، بدلا من حمل علبة مليئة بكل هذه الاضافات. من هنا فان امتلاك جهاز «بيك» الجميل النحيف في الجيب، او المحفظة لاغراض البريد الالكتروني فقط، هو كل المطلوب. * خدمة «نيويورك تايمز»