مدن أميركية.. بشبكات «واي ماكس» السريعة

النطاقات العريضة الجوالة تجربة جديدة لسكان مدينة بالتيمور

TT

كومبيوتر لابتوب يستقبل بثا حيا لفيلم «إتاليان جوب» أحد افلام هوليوود المليئة بالحركة، وهو من بطولة تشارليز ثيرون، وذلك بسرعة 3 ميغابت في الثانية الواحدة. ان الذي يجعل هذه التجربة غير عادية، هو ان بث الفيلم يجري بنسخ ثلاثي الى اللابتوب هذا الموجود في شاحنة (مينيفان) خفيفة تابعة لشركة «سبرينت» تجوب وسط مدينة بالتيمور في اميركا. «وهذا افضل بكثير مما يتلقاه اغلبية الناس في بيوتهم» كما يقول لي ميلون الذي يعمل فنيا في شركة «سبرينت»، وهو يشير الى البث الفيديوي الثلاثي الهوليودي. والسؤال هنا: هل سيهتم احدهم بهذا الامر؟ من هنا توجب على «سبرينت» العثور على الجواب.

* مدينة «واي ماكس»

* لقد اختيرت مدينة بالتيمور اخيرا لتكون المدينة الاولى في الولايات المتحدة لتجهيزها بشبكة «واي ماكس» WiMax التي تعني اختصارا «العمليات المتبادلة عالميا الخاصة بالموجات القصيرة جدا (ميكروويف)» Worldwide Interoperability for Microwave Access وهي الجيل الرابع (4 جي) من تقنيات الاتصالات اللاسلكية التي بمقدورها تحويل مدينة كاملة الى نقطة ساخنة واحدة كبيرة للاتصال. لكن «سبرينت» لها رؤية اوسع من ذلك بكثير، فهي راغبة في تحويل الولايات المتحدة برمتها الى منطقة للتصفح الجوال، والابحار في الفضاء المعلوماتي.

ومثل هذه الشبكة الجوالة للمعلومات والبيانات مصممة لتلبية احتياجات مستخدمي اللابتوب الجوال، وليس الهواتف الجوالة مقابل رسم معين. ونظرا الى ان السرعة عالية جدا، 10 ميغابت او اكثر، فهذا يعني انه يمكن استخدامها كبديل لتقنيات الاشتراكات الهاتفية الرقمية (دي إس إل)، او خدمات الكابل العصرية، سواء في المنزل او المكتب.

وتقوم «سبرينت» بنشر شبكة «واي ماكس» منذ شهور في هذه المدينة على اساس النظرية القائلة انه حال تذوق الناس نكهة من هذه السرعة الكبيرة، يرفضون العودة الى الشبكات الجوالة التقليدية.

وشريك «سبرينت» في هذا المضمار هي شركة «كليرواير» CLWR، وهي شركة صغيرة للخدمات مقرها سياتل التي طالما نقبت عن فضائل وحسنات «واي ماكس». ويعود الفضل في ذلك جزئيا الى رئيس هذه الشركة الرائد في تقنيات الخليويات، كريغ مكاو. ويبدو ان شركتي «سبرينت» و«كليرواير» شرعتا في دمج خبراتهما في تقنيات «واي ماكس» لتأسيس شركة جديدة مكرسة لتقنية «4جي». وستدعى الشركة الجديدة هذه ايضا «كليرواير» بدعم تمويلي من «غوغل» و«إنتيل» و«كومكاست».

ويقول «بين وولف المدير التنفيذي لـ «كليرواير» الذي سيرأس الشركة المتحدة الجديدة ايضا، ان شبكة «واي ماكس» نافعة جدا للمستهلكين». «فنحن على اعتاب مرحلة منح الناس خبرة انترنتية جديدة» عن طريق توفير النطاقات العريضة الجوالة «لكون «واي ماكس» هو الجيل المقبل من الانترنت».

* انترنت جوالة سريعة

* واذا كان الذي يقوله وولف صحيحا فان شبكة «واي ماكس» ستمهد الطريق الى عصر جديد من النطاقات العريضة الجوالة التي يمكن وصفها بالاداء الكامل الخالي من الاخطاء، وبالتالي الابحار في الانترنت بسرعة عالية. وهذا قد يكون له تأثيره الكبير في توقعات المستهلكين المستخدمين للانترنت، مما يضع ضغطا كبيرا على الشركات المتنافسة الكبيرة لتحسين خدماتها في هذا المجال.

اما اذا كان وولف مخطئا فان شبكة «واي ماكس» ستتحول الى مثال آخر حول صعوبة تغيير الوضع القائم في التجارة والاعمال التي تسيطر عليها كبريات الشركات، لا سيما عندما يتعلق الامر باعمال مكلفة ماليا للغاية كالشبكات اللاسلكية.

وفي الوقت الذي تقوم الشركات المنافسة بمراقبة ما يجري في بالتيمور عن كثب، تمضي «سبرينت» و«كليرواير» قدما في اعمالهما هناك، كما ان شبكات «واي ماكس» ستعم ست اسواق، او مدن اميركية في اوائل العام المقبل، كما يقول وولف، وهي شيكاغو، وبورتلاند، واور، وفيلاديلفيا، وواشنطن، ودالاس/فورتوورث. وفي نهاية العام المقبل كما يتوقع وولف ستكون هذه الشبكة متوفرة لـ 60 الى 80 مليون مستهلك، وفي عام 2010 لـ140 مليونا، وفي عام 2011 لاكثر من 200 مليون.

لكن كل العمليات بدأت من بالتيمور، حيث يجري تسويق هذه الخدمة تحت اسم «كزوم» Xohm وهو الاسم التجاري لشبكة «واي ماكس» الخاصة بـ«سبرينت». وربما قد يتغير هذا الاسم بعد اتمام الدمج بين الشركتين «سبرينت» و«كليرواير».

ولاستخدام «كزوم» ستحتاج الى بطاقة «واي ماكس» خاصة، او مودم بكلفة 45 دولارا او جواز استخدام، بكلفة 10 دولارات يوميا صالحة لمدة 24 ساعة من الاستخدام غير المحدود. اما الخدمة الشهرية، فتبدأ بسعر 30 دولارا. ولا يتطلب الامر هنا ابرام اي عقود غير متوفرة في الواقع.

والعامل الحاسم هنا هو السرعة التي تتراوح بين 2 الى 4 ميغابايت، كما تتعهد «سبرينت»، على الرغم من ان سرعة التصفح قد تصل الى 10 ميغابايت، او حتى اكثر. والتقنية ذاتها قادرة على تحقيق سرعات اعلى.

في هذا الوقت ليس صحيحا ان كلا من شركة «ايه تي أند تي» و«فيريزون» لا تحرك ساكنا، بل اعلنتا في الواقع عن خطط لتحديث شبكاتها «3جي» الى تقنية «4جي» المعروفة بـ «التطور الطويل الأمد» LTE، وهي كلمة مختصرة لعبارة Long Term Evolution التي هي على شاكلة «واي ماكس» تقدم اداء افضل بكثير.

والانتقال الى تقنية LTE سيكون مكلفا ومستهلكا للوقت. ولهذا السبب، فإن الخدمات التي اساسها هذه التقنية لن تطرح في الاسواق قبل عام 2012 على افضل احتمال، كما يتوقع جين زويغ المدير التنفيذي لمجموعة «شوزتيك» التي تراقب عادة الصناعة اللاسلكية.

ويقول شاهد خان الشريك الرئيسي في «آي بي بي كونسلتينغ» للاستشارات في برينستون في ولاية نيوجيرسي إن المستهلكين هم أكثر المستفيدين من المنافسة المقبلة بين «واي ماكس» و LTE.

* خدمات أفضل

* «وعلى الامد البعيد قد يكون المستهلكون هم الفائزون في النهاية لانهم سيحصلون على خدمات واجهزة واسعار افضل» على حد قوله. ومع ذلك يعتقد خان ان امام «سبرينت» و«كليرواير» طريقا شاقة ينبغي خوضها. فإطلاق هذه الخدمة في بالتيمور ما هو الا بداية المعركة فقط، اذ ينبغي على الشركتين تسويق الخدمة الجديدة الى المستهلكين واقناعهم بجدواها، وانها افضل من عروض «3جي» التي هي وان كانت ليست بالسرعة ذاتها كسرعة «واي ماكس»، الا انها ما تزال تقدم اداء جيدا. وهذه عقبة ينبغي تخطيها. ويقول روجر إتنر نائب رئيس «نيلسين جاي أيه جي» ان احدى العقبات هو عدم الوجود، او الحضور في جميع الامكنة. فبعد سنتين من قضم وتقليص الاعمال والنشاطات لم يكن بوسع «سبرينت» الا تحديث نحو 1300 من اصل مواقع خلاياها البالغة 65 الفا المنتشرة في جميع انحاء البلاد. وقبل ان تستطيع خدمة «واي ماكس» الزعم بانها في وضع تغطي البلاد كلها، عليها تحديث 34 الف خلية، او ما يقارب ذلك. وهذا قد يستغرق سنتين على الاقل. وهذا يعني فترة حياة كاملة بالنسبة الى الاعمال والمشاريع اللاسلكية، كما يقول إتنر. هذا وتعمل «إنتل» الشركة العملاقة الصانعة للشرائح الالكترونية مع عدد من منتجي الاجهزة والمعدات لتطوير اجهزة تدعم «واي ماكس» والنتيجة الان اكثر من 100 جهاز يدعم هذه الشبكة، فضلا عن البطاقات الهوائية واجهزة كومبيوتر «بي سي» واجهزة موديم خاصة بالاماكن السكنية التي هي الآن في المراحل النهائية للحصول على الرخص والاذونات المتعلقة بالانتاج. وعلى مدى الزمن، يقول وولف، إن الخطة تقضي بتشييد «واي ماكس» في كومبيوترات اللابتوب وال «بي سي»، فضلا عن المنتجات الاستهلاكية الاخرى، مثل الكاميرات وحتى السيارات. وأضاف فكروا ايضا بامكانية بث الفيديو الحي الى السيارات المتنقلة على الطرقات.

* خدمة «يو اس ايه توداي» خاص بـ «الشرق الاوسط»