فنادق تقنية.. ومكاتب عمل صحية

تجهز بالكومبيوترات والألعاب والكتب الرقمية والكاميرات وآلات الرياضة

صالة فندق شيراتون في مدينة فينيكس الاميركية («نيويورك تايمز»)
TT

يشهد العالم انتقالا نوعيا في ربط احدث تقنيات الاتصالات الالكترونية واجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة مع مكاتب العمل المتنقلة وداخل السيارات.. ناهيك عن توظيف أهم عناصر تقنيات العالم الرقمي داخل الفنادق لتأمين الخدمات لرجال الاعمال اضافة الى التسلية. كما يتوقع ان تتنامى سوق تقنيات المنازل الذكية.

محطات العمل الكومبيوترية المجهزة بآلة التمرين على المشي، او الدواسة الكهربائية (تريدميل)، وغرف الاجتماعات المتنقلة المتواصلة الكترونيا، أضحت بعضا من التطورات التي ستصبح شائعة في مكاتب المستقبل.

وكانت تقنيات أمكنة العمل قد تغيرت جذريا في السنوات الاخيرة، واصبحت المكاتب التي نعمل فيها جاهزة اخيرا للحاق بهذا الركب. كما ان قدوم كومبيوترات اللابتوب، وشبكات الـ «واي-فاي» اللاسلكية، وهواتف «بلاك بيري» تعني ان العاملين من ذوي التقنيات العالية لم يعودوا مرتبطين بمكاتبهم، لان مكتب المستقبل سيكون مصمما لجعل الموظفين يتجولون هنا وهناك.

* مكاتب المستقبل

* وكان المصمم الهولندي ميشيل فان دير كلاي قد خرج بابتكار يدعى «غلوباس» Globus، وهو عبارة عن شكل كروي أنيق يبدو كقطعة فنية رائعة، لكنه في الحقيقة محطة عمل متنقلة. وكل ما يتطلبه الامر فتحها واحتلال مقعد فيها وتشغيل كومبيوتر اللابتوب والانطلاق في العمل. واذا احتاج المرء مقابلة زميل له، فما عليه سوى اصطحاب كومبيوتره معه والتحدث اليه على «سكوتر ديسك»، الذي هو عبارة عن محطة عمل صغيرة جدا يمكن نقلها بسهولة قامت بتصميمها مؤسسة التصميم البلجيكية «يوتيليا».

وتتوقع شركة بلجيكية اخرى هي «ليفينغ تومورو» ان ازدياد قدرتنا على العمل من المنزل سوف تحول المكاتب وامكنة العمل في غالبية الاوقات الى مواقع فارغة غير مشغولة. ويقول خبراء الشركة ان المرونة ستكون المسألة الجوهرية في اشغال هذه الامكنة غير المستخدمة التي تعني انه الى جانب محطات العمل المتنقلة، سنرى المزيد من غرف الاجتماعات المتنقلة.

وكان مركز «الاداء والتشخيص البنائي» CBPD في جامعة «كارنيغي ميلون» في مدينة بتسبيرغ قد شيد محلا ذكيا للعمل تحت اسم «روبيرت إل. بريجر»، وهو محل عمل عملي جدا، الى جانب كونه «مختبرا حيا» لاغراض البحث في تصميم المكاتب.

وفي مسعى لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة، فإن غالبية الحرارة في مكان العمل الذكي تأتي من الطاقة الشمسية، ومن الحرارة التي يجري اعادة حصرها من مولدات الطاقة.

وتعني المستشعرات الخاصة بضوء النهار، وتلك التي تستشعر وجود الموظفين، عدم استخدام الاضاءة لدى انتفاء الحاجة اليها، لكن يجري توفير قدر كبير من قدرة التحكم والسيطرة للموظفين في ما يتعلق ببيئتهم، وكيف يفضلونها، خاصة في ما يخص تنظيم درجة حرارة الهواء وتدفقه، ومستويات الاضاءة واتجاهها، كل ذلك انطلاقا من محطات عملهم. والهدف من كل ذلك كما يقول مركز CBPD هو اظهار ان بالامكان تحسين نوعية الحياة وجودتها في اماكن العمل، في الوقت الذي يجري فيه تخفيض انبعاثات الغازات المضرة بالدفيئة الزجاجية.

وفي الوقت الذي ادركت فيه الشركات ان افضل الافكار هي التي تكون وليدة النقاشات العرضية والعفوية، فإن شركات التصميم من امثال «بيركنز أند ويل»، شرعت بتضمين الاماكن الخاصة غير الرسمية الخاصة بفرق ومجموعات الموظفين، في بيئات المكاتب، لتشجيع الاجتماعات العرضية غير المخطط لها او السريعة بينهم.

هذا واصبحت البدانة من المواضيع الساخنة بسبب حياة الجلوس والخمول. وأحد الحلول كما يراها الدكتور جيمس ليفاين من «مايو كلينيك» في مدينة مينابوليس، هو ضرورة حرق المزيد من السعرات الحرارية في العمل، كما نقلت عنه قناة «سي ان ان» الانجليزية الاخبارية. ولهذا الغرض قام فريق من الباحثين في المؤسسة بتطوير مكتب الدواسة الكهربائية لتمارين المشي الذي يتيح المشي مع العمل، الذي خضع سلفا للتجارب والاختبارات في أماكن العمل.

* فنادق تقنية

* وتتجه الفنادق التي تظل دوما تحت ضغط شديد لمواكبة رغبات نزلائها المهووسين بالتقنيات، الى تطعيم مرافقها بشتى انواعها. فقد وحدت «فنادق شيراتون» جهودها مع «مايكروسوفت» لتأسيس صالات تدعى «لينك آت شيراتون» كجزء من تجديد هذه الفنادق التي تشمل تخصيص اماكن في قاعات الاستقبال والردهات، حيث يستخدم النزلاء الكومبيوترات العمومية هناك للكشف على بريدهم الالكتروني، وطباعة بطاقات الدخول الى الطائرات، وتسجيل التحيات والأمنيات عن طريق الفيديو لارسالها الى الاهل والاصدقاء.

وقامت «ويستن» من جهتها بالاتفاق مع «نينتيندو» لتجهيز بعض مراكز الرياضة لديها بألعاب «ووي» التي تحافظ على اللياقة البدنية مثل «ووي فيت» التي تستخدم لوحة موازنة لتوجيه اللاعبين وارشادهم عن طريق التمارين، وحركات الـ «يوغا».

وحتى الفنادق الصغيرة شرعت تتحول ايضا الى الواجهة في ميدان ادخال التقنيات لتجهيز ردهاتها العامة وصالات الضيوف بآخر انواع الالكترونيات. وتعمل مجموعة «غانسيفورت هوتيل غروب» مع «سوني» لتطوير صالة في مبانيها في ميامي بيتش. والهدف هو تغيير موقع مركزها التجاري التقليدي ونقله الى قرب الباحة ذات النسق الاجتماعي. وستحتوي الصالة على كومبيوترات «سوني» واجهزة العاب «بلاي ستيشن 3»، فضلا عن أجهزة قراءة الكتب الرقمية وكاميرات.

«ان الذي نحاول ان نفعله هنا هو منح الفرصة للناس لكي يختبروا مباشرة آخر الصيحات التقنية»، كما يوضح إيلون كينشينغتون كبير موظفي العمليات في «غانسيفورت» في حديث لسوزان ستيلن المحررة في صحيفة «نيويورك تايمز». واضاف ان اختيار التقنية الصحيحة المناسبة بات من الامور الضرورية، مثل سائر العناصر الاخرى التي تتعلق بتصميم الفندق. واضاف انه جزء لا يتجزأ ليس من نجاح العملية فحسب، بل ما يجعل احدى الماركات افضل من الاخرى ايضا، او اكثر استقطابا للمسافرين.

كذلك فإن تأسيس علاقة عمل مع الشركات التقنية يجعل من السهل على الفنادق مواكبة الاتجاهات والمنتجات الجديدة، و«احدى هذه التحديات بالنسبة الى الفنادق هو شراء معدات يرغب الجميع فيها اليوم، وان كانت لا تبقى فريدة من نوعها بعد 18 شهرا من اقتنائها، على حد قول كينشينغتون. وعن طريق الاجتماع بشكل منتظم مع «سوني»، كما يقول، «تكون هذه المنتجات الجديدة ضمن نموذجنا التجاري، بحيث لا ننتظر لكي يسألوننا لماذا لم تحصلوا عليها بعد».

وبالمقابل يكون لشركات التقنيات الفرصة لكي تعرض منتجاتها لزبائنها المتوقعين، او المفضلين لديها. «كما ان رواد الفنادق الذين يدخلون الى باحة الفنادق وردهاتها هم المستهلكون اياهم الذين تطاردهم «مايكروسوفت»، كما تقول ساندرا أندروز مديرة الضيافة والحلول الصناعية في «مايكروسوفت».

* تحيات عائلية

* وعلاوة على تشغيل برمجيات «ويندوز»، فإن اجهزة الكومبيوتر في صالات «شيراتون» مزودة بكاميرات انترنت (ويبكام) وتطبيقات «مايكروسوفت» التي تجعل نزلاء الفندق يقومون بتسجيل الفيديوهات وارسالها الى اهلهم واصدقائهم. والهدف من ذلك كله هو تشجيع الناس على محاولة تجربة عمليات قد يجدون من الصعوبة تجربتها بأنفسهم لو كانوا في حالهم، ومثال على ذلك جعل نزلاء الفندق يستخدمون هذه الكاميرات لالقاء تحية المساء على اطفالهم قبل خلودهم الى النوم، كما تقول أندروز.

وأحد التحديات التي تواجها الفنادق، هو التأكد من ان نزلاءها مرتاحون لدى استخدامهم التقنيات، وغير مرغمين على «المصارعة» مع المنتجات التي هي في غاية التعقيد. وهذه هي الحالة بشكل خاص مع اسباب الراحة المتوفرة في غرف الضيوف، لكون الزبائن الذين ينزلون لليلة واحدة، او ليلتين لا يملكون الوقت الكافي، او الصبر، لكي يستوعبوا العمليات الصعبة، او المعقدة للقيام بعملية بسيطة مثل العثور على قناة تلفزيونية معينة.

«فاذا كنت من النوع الذي يحتاج الى ابن الجيران لمساعدتك في كيفية القيام بعمل ما»، كما يقول هنري هارتيفيلد محلل شؤون السفر في مؤسسة «فوريستر ريسيرتش» للأبحاث، «فانه يعني ان الامر معقد جدا لكي يقوم الفندق باعتماد ذلك».

* غرف نوم ذكية

* وهذا هو السبب الذي يحدو فندق «جيمس» في شيكاغو ان يقضي الشهور القليلة الاخيرة في اختبار احدى التقنيات التي صنعتها شركة «كونترول4» المعروفة بانظمتها الاوتوماتيكية الخاصة بالمنازل. ولدى تجربة هذه التقنية في إحدى غرف الفندق أتاحت لنزيلها تشغيل الانوار والستائر وضابط الحرارة «ثرموستات» والتلفزيون عن طريق استخدام جهاز واحد للتحكم عن بعد. وهو يمكن استخدامه ايضا لايقاظ النزيل بالطريقة التي يرغبها، ومثال على ذلك قيام التلفزيون بتشغيل ذاته في الساعة المحددة للايقاظ، وبالتالي رفع صوته تدريجيا حتى يستيقظ شاغل الغرفة. «وتبدأ كل الاشياء في الغرفة بالاستيقاظ ايضا»، على حد قول باتريك هايتون مدير عام فندق «جيمس» مضيفا ان الفندق يأخذ وقته الكافي لتلقي ردود الفعل في ما يتعلق بتقنية «كونترول4» هذه، للتأكد من ان الابتكارات لا تسبب اي صداع لمستخدميها. واضاف «ان أهم الامور بالنسبة الينا التأكد من ان التقنية سهلة الاستخدام».

ومن الشركات الاخرى التي تعمل مع «كونترول4» مجموعة فنادق «مندرين أورينتال هوتيل غروب» التي تخطط لاستخدام النظام لايجاد نوع من خبرة الترحيب للنزلاء القاصدين فندقها في لاس فيغاس المقرر فتحه في اواخر العام المقبل. وسيجري الترحيب بالضيوف الذين يصلون الى غرفهم بعد انجازهم الاجراءات الروتينية مع موظف الاستقبال، عن طريق فتح الستائر اوتوماتيكيا، واضاءة الانوار، وقيام التلفزيون بعرض رسالة خاصة بالنزيل مع اسمه.

«وعندما تفتح الباب فان هذا هو الامر الذي يستقبلك، بدلا من غرفة مظلمة تقوم فيها بالبحث عبثا عن مفتاح الانارة»، كما تقول مونيكا نيرجر نائبة الرئيس لشؤون التقنيات في مجموعة «ماندرين» في اميركا.

وتقول مونيكا ان التحدي التقني الرئيسي بالنسبة الى الفنادق هو زيادة نطاقاتها الانترنتية العريضة لتلبية احتياجات الزبائن الذين يقومون بنشاطات مركزة على الملفات عبر الانترنت. لذلك سيقوم فرع لاس فيغاس بتقديم نطاق بعرض 400 ميغابايت، اي اكثر من ضعفي الـ 160 ميغابايت المتوفر حاليا في «ماندرين أورينتال» في مدينة بوسطن. وعلى ضوء المناخ الاقتصادي الحالي يحذر هارتيفيلد من ان على الفنادق ان تركز على قدرة الدخول الى الانترنت وغيرها من التقنيات الاساسية التي من شأنها ان تبرر اسعار الغرف العالية، او لغرض جلب الزبائن واستقطابهم.

* منازل ذكية

* وتشير توقعات الخبراء الى ازدياد تطعيم المنازل بالتقنيات الرقمية. وتتوقع مؤسسة «فروست أند سوليفان»، ان تنمو سوق تقنيات «المنزل الذكي» عالميا الى نحو 10 مليارات دولار بحلول عام 2010. وتقدر قيمة هذه السوق حالياً بمبلغ 1.3 مليار دولار.

وطرحت شركة «نت غير» NETGEAR التي توفر الحلول التكنولوجية والتجهيزات الشبكية، الاسبوع الماضي في منطقة الشرق الاوسط التي تشهد نموا عقاريا، خصوصا في الخليج، أحدث «محولات باورلاين» Powerline Adapters)، التي تتيح تحويل منافذ الطاقة الكهربائية إلى وصلات الشبكة المنزلية وشبكة الإنترنت عالية السرعة. وتوفر أنظمة «عدة محول إثرنت باورلاين للصوت والصورة» (Powerline AV Ethernet Adapter Kit) (إكس. أيه. في. بي 101(XAVB101 وصلات الشبكة المنزلية وشبكة الإنترنت عالية السرعة الموثوقة بسعة 200 «ميغابايت في الثانية إلى الشبكة المنزلية التي تستخدم منافذ الطاقة الكهربائية القائمة، وذلك إلى الأجهزة مثل أجهزة استقبال الوسائط الرقمية و«صناديق سيت - توب» (Set-Top Boxes) و«منصة الألعاب» (Game Consoles) وأجهزة الكمبيوتر الشخصي وأنظمة التخزين المتصلة بالشبكة. وتستطيع أجهزة «باورلاين» عالية السرعة دعم الطلب المتنامي واسع النطاق بينما توفر إنترنت الحزمة العريضة عالية الجودة إلى الأماكن التي تعاني من متاعب في الشبكة اللاسلكية في المنزل. وتظهر الفرصة الأكبر للتوسع في استخدام تقنية «المنزل الذكي» في إضافتها إلى المجموعة الناشئة من الإلكرونيات الاستهلاكية، لا سيما أنظمة الترفيه المنزلي والاتصالات الشخصية، بالإضافة إلى الطلب الأولي من أصحاب المنازل المعتمِدين الأوائل والمطلعين بشكلٍ أكبر على التكنولوجيا.