الثورة المقبلة.. في عالم شاشات العرض

ستتحول إلى هولوغرافية ثلاثية الأبعاد تغطي جدرانا برمتها

شاشة نصبت أثناء حفل تنصيب الرئيس باراك أوباما (إم سي تي)
TT

عندما يفكر الناس بالشاشات فإنهم يفكرون فيها على صعيد البيكسلات (عناصر أو نقاط الصورة) ومقاساتها. ولكنهم في القريب المنظور سيستخدمون قاموسا ومعايير مختلفة لوصفها. فالشاشات التلفزيونية المسطحة لم تعد شيئا غبيا، بل أصبحت أجهزة كومبيوتر قوية تستطيع بقدرتها الخاصة، معالجة كميات كبيرة من المعطيات، وبالتالي التأقلم بسرعة كافية لتحسين نوعية الصورة وجودتها إلى أقصى الحدود. وعلاوة على أنها باتت أكبر وأسرع، وذات كفاءة عالية على صعيد التوفير بالطاقة، شرعت أيضا بإضافة عمق جديد. من هنا أخذت الشاشات الثلاثية الأبعاد تشق طريقها سلفا إلى المعارض التجارية الصناعية، ولكن ما سيتبع ذلك، وإلى أين سينتهي ذلك، سيكون أكثر مدعاة للاهتمام.

* شاشات هولوغرافية

* وكانت الشاشات الهولوغرافية (الثلاثية الأبعاد) تعتبر في الماضي من الخيال العلمي، لكنها باتت اليوم تعتبر من عدد وأدوات التسويق الغالية الثمن. وخلال سنوات ستبدأ في الدخول إلى السوق الاستهلاكية، خاصة في عالم التسلية والألعاب. ويأتي هذا نتيجة اعتماد نظم الذكاء الصناعي وتوفير معالجات تتيح معالجة كميات هائلة من الحسابات، مقرونة بكميات مساوية من الذاكرة التي هي من الرخص اليوم بحيث يمكن وضع ما يوازي الكومبيوتر المتفوق في التسعينيات داخل جهاز لابتوب في يومنا هذا. ولدى اقتران ذلك بما تحقق من مكاسب كبيرة على صعيد النطاقات العريضة، فإن ذلك يعني تذليل أكبر العقبات التقنية والفنية.

والهولوغرامات (الصورة الهولوغرافية)، التي يمكن السير حولها ورؤيتها من منظورات مختلفة تتطلب العديد من الكاميرات، بقدر عدد المشاهد التي تحتويها، أو النماذج الكومبيوترية البيانية الثلاثية الأبعاد. وهذا يعني الكثير من المعطيات والبيانات والمعلومات. وفي الماضي كان التفكير ينصب في أن العرض، أو الشاشة، تتحول إلى عنق زجاجة نظرا إلى وجود كمية هائلة من البيانات والمعلومات في الهولوغرام. لكن التفكير الحالي ينصب في توزيع عملية المعالجة بين المركز الرئيسي للعمليات الحسابية وشاشة العرض، لأن ذلك أسرع بكثير لدى إرسال مشهد متغير، أو نموذج مختصر ثلاثي الأبعاد لتقوم الوسائل الإلكترونية في الشاشة بتركيب الهولوغرام صناعيا.

«لقد بات عرض المشهد في الزمن الحقيقي أمرا ممكنا» وفقا إلى في. مايكل بوف الصغير، مدير مختبر الإلكترونيات الاستهلاكية في معهد «إم آي تي» في الولايات المتحدة، الذي نقلت عنه مجلة «فوربس» أن «هناك الكثير من المحتويات المركبة لأمور تتعلق بالألعاب مثلا».

والتحدي الآخر هو جعل العروض الهولوغرافية كبيرة بما فيها الكفاية، وهي الناحية التي تقضي مجموعة بوف غالبية وقتها في معالجتها هذه الأيام. «لكن الأخبار السيئة» كما يقول بوف «هي أن علم فيزياء الضوئيات يتطلب بيكسلات في حجم الموجات الضوئية، مما يعني أنك بحاجة إلى مليوني بيكسل لخط المسح في المتر الواحد». «وفي مثل هذه الحالة تحصل على شاشة بحجم البطاقة البريدية». لذلك يعتبر التركيب الشبيه بمد قطع الآجر (البلاط) أحد الأساليب لصنع شاشة عرض فيديو هولوغرام كبيرة.

* تركيب الشاشات

* وعملية مد الآجر باتت تستخدم اليوم في بعض أكبر شاشات البلور السائل (إل سي دي). وكانت «سامسونغ» قد طرحت نسخة واحدة قياس 102 بوصة في العام الماضي التي أحدثت عددا من المشاكل بقدر عدد ما تغلبت عليه. والمسعى الأفضل هو في إيجاد قطع من الآجر التي يمكن أن تتناسب مع بعضها بعضا، من دون أي أخطاء، أو عيوب، لتركيب شاشة عرض واحدة عن طريق استخدام بعض الوصلات المتبادلة السريعة، وعملية معالجة قوية.

ويقول سكوت برنبوم نائب رئيس قسم أعمال الشاشات البلورية في «سامسونغ» «لقد كان هناك نوع من السباق لتشييد أكبر شاشات العرض، لكننا واجهنا مشاكل في كيفية شحنها وتركيبها. لكن التركيز تحول إلى الشاشات التي يمكن مد وتركيب قطعها عن طريق وضعها في أماكنها الضيقة جدا، بحيث نجعل حافتها، أو حدودها رقيقة قدر الإمكان، وهذا ما يتيح إنتاج شاشات عرض كبيرة جدا قياس 100 قدم مثلا».

وفي خطوة لتثبيت كل ذلك في موضعه، هناك زر يجري الكبس عليه لجعل القطع (الآجر) هذه أكثر فعالية. وبدلا من استخدام إضاءة خلفية متجانسة، تعمل «سامسونغ» على تقنية لإقفال الأقسام المعتمة من الشاشة وجعلها أكثر سوادا وإضافة المزيد من الطاقة على الأجزاء المضاءة، كل ذلك يجري بأسرع من قدرة العين البشرية على استيعاب ذلك. ويقول برنبوم إن ذلك يوفر نسبة 50 إلى 70% من الطاقة. وعلاوة على ذلك، فإنه بدلا من مجرد البيكسلات الفرعية الثانوية التي هي حمراء وخضراء وزرقاء فقط، التي إن اتحدت تحولت إلى بيضاء، تقوم «سامسونغ» بإضافة بيكسلات فرعية التي من شأنها أن تخفض الطاقة نسبة أخرى مقدارها 50% أيضا.

ومثل هذه التوفير في الطاقة مهم للغاية، كلما كبر حجم الشاشات التي باتت تغطي جدرانا بكاملها التي تستخدمها حاليا الوكالات الحكومية لوضع خرائط الطقس والحالة الجوية. لكن برنبوم يقول إن الخطوة التالية هو تحويلها للاستخدام التجاري. وهو يتوقع اليوم الذي يرى فيه بائعي التجزئة يستخدمون جدرانا بأكملها من الشاشات التي تظهر عارضات الأزياء وهن يعرضن آخر موضات الملابس. أو قد تستخدم في ملاعب كرة القدم. ففي مركز ملعب «دالاس كاوبويز» في الولايات المتحدة هناك شاشة عالية الوضوح التي تقف على ارتفاع 72 قدما بعرض 160 قدما التي شيدت من لوحات «ميتسوبيشي» مربعة قياس قدمين. ويستخدم الملعب أيضا كاميرات ثابتة ومجموعة من الكاميرات الروبوتية، فضلا عن أجهزة تحكم وضبط عالية السرعة، بغية تغيير المشاهد لحظيا وتوفير مشاهد وصور متعددة في وقت واحد.

«والهدف من ذلك كله هنا هو التأكد من أن الأشخاص لا يشعرون بأنهم يحصلون على مقعد أفضل للرؤية جالسين قبالة شاشات تلفزيوناتهم الكبيرة في المنزل»، استنادا إلى سكوت بيورسيل مدير الإذاعة في فريق الـ«كاوبويز». وأضاف «في المنزل لا يوجد مقعد مكانه سيء، ولكننا نستطيع مجاراة ذلك أيضا، وعرض رسوم بيانية في الملعب كذلك، كما في المنزل». وتابع أن الفرق الموسيقية التي تعزف في الملعب تندهش من الصور المعروضة على الشاشة المركزية الكبيرة، وهذه بداية التقنية هذه، «ولدينا الكثير الذي هو قيد التطوير حاليا، ولسنا مستعدين للحديث عنه بعد». وهو يعني الفيديو الثلاثي الأبعاد وشاشات العرض الهولوغرافية.