«الألعاب السحابية».. جيل الألعاب المقبل

عروض تبث عبر متصفح الإنترنت في ثوان من دون الحاجة إلى كومبيوترات متطورة

«أونلايف» جهاز الخدمة الاختياري وأداة التحكم اللاسلكية بعد وصلهما بالتلفزيون
TT

يبدو أن شعبية الحوسبة السحابية Cloud Computing آخذة بالإزدياد، حيث أعلنت «غوغل» في وقت سابق عن تحضيرها لطرح نظام تشغيل سحابي اسمه «كروم أو إس» Chrome OS، وتحضر «مايكروسوفت» لطرح خدمات «آزور» Azure السحابية، بينما توجد مئات الخدمات الحالية التي تسمح للمستخدم حفظ صوره وملفاته ووثائقه على الإنترنت وتحريرها، وغيرها من الخدمات الأخرى. كما يبدو أن مجال الترفيه سيدخل إلى هذا العالم أيضا، حيث تستعد بعض الشركات لطرح خدمات ستسمح للمستخدمين باللعب بأحدث الألعاب الإلكترونية من دون تشغيلها على أجهزتهم، حيث ستعمل تلك الألعاب على أجهزة كومبيوتر خادمة مركزية، وتبث المعلومات إلى المستخدمين على شكل عروض فيديو تفاعلية. ولا يلزم المستخدم في هذه الحال سوى متصفح إنترنت من أي جهاز، واتصال متوسط السرعة للحصول على تجربة تماثل تلك التي تتطلب إنفاق آلاف الدولارات على قطع إلكترونية متطورة تتطلبها الألعاب. وأخذت بعض الشركات الأمور إلى أكثر من ذلك، حيث إنها ستطرح أجهزة صغيرة تتصل بالتلفزيون والإنترنت، ويمكن وصل فأرة ولوحة مفاتيح بها، ليستطيع اللاعبون الاستمتاع بالألعاب على شاشات التلفزيون الكبيرة، حتى لو لم يكن لديهم جهاز كومبيوتر. وستؤجر بعض الشركات أجهزتها للشركات المبرمجة للألعاب للإعلان عن ألعابها، حيث سيلعب اللاعبون تلك الألعاب الكاملة بشكل مجاني لفترة مسبقة التحديد، لتصبح الخدمة عبارة عن منصة إعلانية تجذب اللاعبين لتجربة الألعاب قبل شرائها.

* «الحوسبة السحابية»

* قبل البدء في شرح هذه الخدمات، سنعرف «الحوسبة السحابية»، التي هي عبارة عن نقل عملية المعالجة من جهاز المستخدم إلى أجهزة خادمة عبر الإنترنت، وحفظ ملفات المستخدم هناك، ليستطيع المستخدم الوصول إليها من أي مكان وأي جهاز، ولتصبح البرامج مجرد خدمات، وليصبح كومبيوتر المستخدم مجرد واجهة أو نافذة رقمية. وغالبا ما تستخدم الأجهزة الخادمة تقنيات الأوساط الافتراضية للسماح لعدة مستخدمين استخدام الخدمة ذاتها. وحصل هذا المصطلح على كلمة «السحابة» من الرسومات التقنية التي تعبر عن التفاعل مع الإنترنت (أو مجموعة كبيرة من الأجهزة المتصلة ببعضها بعضا) على شكل رسمة سحابة. وبالنسبة للمستخدم، فالخدمة تعني أنه لا يجب عليه الاكتراث بما يدور داخل تلك «السحابة»، حيث إنها مسؤولة بطريقة ما عن تقديم ما يريده بشكل كامل.

ومن مزايا هذا الجيل الجديد من الحوسبة أنه يباع أو يؤجر للمستخدمين بشكل مرن (بالدقائق أو الساعات أو الأيام، أو غير ذلك، وفق الاتفاق بين المستخدم والشركة المقدمة لهذه الخدمات)، وأن الشركة المقدمة للخدمة هي المسؤولة عن صيانة الأجهزة وتطويرها وتحديث التعريفات والبرامج اللازمة لعملها، بالإضافة إلى تقديم مستويات أمن متطورة تحمي المستخدم من القراصنة والفيروسات والبرامج الضارة. ولن يحتاج المستخدم إلا إلى جهاز متصل بالإنترنت (مثل الكومبيوتر المكتبي، أو المحمول، أو الهواتف الجوالة، أو مشغلات الموسيقى والوسائط المتعددة) ليستطيع استخدام ما يريد.

وعلى ذلك، فإن البرامج التي كانت حصرية لنظام تشغيل معين، أصبحت متوفرة على أي نظام تشغيل، حيث يمكن مثلا تشغيل برنامج «فوتوشوب» لتحرير الرسومات على هاتفك الجوال وتحرير الصور التي تلتقطها بكل سهولة، وذلك بمجرد الاتصال بموقع الخدمة على الإنترنت، وتحميل الصورة وتعديلها، ومن ثم حفظها على هاتفك وإرسالها إلى الآخرين، أو تحميلها إلى مواقع الشبكات الاجتماعية، الأمر الذي كان مستحيلا من الناحية التقنية (بسبب تدني المواصفات التقنية للهواتف الجوالة مقارنة بالكومبيوترات) ومن الناحية التجارية (بسبب عدم دعم الشركات المصنعة للبرامج لنظم التشغيل كافة، خاصة الهواتف الجوالة).

* «أونلايف»

* ومن خدمات «الألعاب السحابية» خدمة «أونلايف» OnLive التي استغرق تطويرها 7 سنوات. ويكفي وصل جهاز صغير بالتلفزيون والإنترنت، ليستطيع اللاعب الاستمتاع بما يريد من الألعاب، حيث تستقبل الأجهزة الخادمة أوامر اللاعب من الجهاز وكأنه يجلس أمام الكومبيوتر الذي يشغل اللعبة، وترسل إليه الصوت والصورة على شكل عروض فيديو مضغوطة يمكنه التفاعل معها، وهكذا. ويمكن تشبيه هذه الخدمة بالعروض الموجودة على موقع «يوتيوب» التي تبدأ البث بعد ثوان من الضغط عليها، ولكن هذه العروض ستكون تفاعلية وعالية الوضوح. ويرجع السر في استخدام تقنيات متطورة جدا لضغط الصوت والصورة وإرسالها إلى المستخدم، إلى وجود أعداد ضخمة من الأجهزة الخادمة التي تعمل على تحويل اللعبة إلى عرض فيديو في أجزاء من الثانية (بدعم من شركة «إن فيديا» nVidia لصناعة البطاقات المتطورة للرسومات). وتعد الشركة بتحديث مواصفات أجهزتها مجانا ومن دون أن يدفع المستخدم أي مبلغ، وبغض النظر عن تاريخ اشتراكه بالخدمة.

وعند اختيار اللاعب للعبة ما من القائمة، سيحوله النظام إلى شبكة كومبيوترات متخصصة بتشغيل تلك اللعبة فقط، يستخدم بعضها 16 قرصا صلبا لتشغيلها وحفظ معلومات المستخدمين، الأمر الذي يعني أن الزمن اللازم لبدء اللعبة سيصبح بضع ثوان فقط، مقارنة بعشرات الثواني في الكومبيوترات العادية. ويريد مؤسس ومدير الشركة «ستيف بيرلمان» أن يزيل شاشات الانتظار من حياة اللاعبين.

الأمر المثير في هذه الخدمة أن سرعة الإنترنت المطلوبة لعملها متواضعة، وبمقدور غالبية اللاعبين الحصول عليها، حيث إنها تبلغ 1.5 ميغابت في الثانية (نحو 192 كيلوبايت في الثانية) للألعاب ذات الدقة المتوسطة (480x720 بيكسل)، أو 5 ميغابت في الثانية (640 كيلوبايت في الثانية) للعب بدقة مرتفعة (720x1280 بيكسل). وتقدر الشركة أن نحو 71% من منازل الولايات المتحدة تستطيع استخدام الخدمة بالدقة المتوسطة، و26% تستطيع استخدامها بالدقة المرتفعة.

هذا، ويجب فحص جودة الإنترنت بين اللاعب وأجهزة الخدمة قبل الاشتراك بها، وذلك للتأكد من صلاحية وجودة اشتراك الإنترنت لدى المستخدم، ذلك أن تجربة اللعب على الكومبيوتر الشخصي لا تحتوي على المشكلات الموجودة في هذا النظام الجديد. ومن أهم العقبات التأخير في تبادل المعلومات، حيث إن الزمن اللازم لانتقال المعلومة لحظة ضغط المستخدم على زر القفز مثلا إلى النظام وتحليلها والبدء بتنفيذها تتمثل في انتقالها من لوحة المفاتيح عبر سلك قصير إلى كومبيوتر المستخدم، ومن ثم التعرف عليها وتنفيذ الأمر وعرض أثره على الشاشة. إلا أن هذا الأمر يختلف تماما في اللعب عبر الإنترنت، حيث إن المعلومة ستنتقل من زر المستخدم إلى مزود خدمة الإنترنت، ثم عبر عدة أجهزة خادمة في الإنترنت، ثم إلى الشركة المقدمة لخدمة الألعاب، التي بدورها ستتعرف على الأمر وتحلله وتنفذه على أجهزتها، ومن ثم تضغط الصورة بسرعة كبيرة وترسلها عبر كثير من الأجهزة الخادمة في الإنترنت إلى منزل المستخدم. ولكن خدمة «أونلايف» طورت بتصميم مميز لا يتطلب سوى 80 مليثانية، وهو الزمن الذي أثبتت دراسات أن الدماغ يحتاجه لملاحظة أي تأخير، ولن يشعر المستخدم بأي تأخير إن كان الزمن أقل من 80 مليثانية، خاصة في ألعاب السباقات التي تتطلب ردات فعل سريعة. وتستخدم الشركة حاليا 5 مراكز معلومات موزعة في الولايات المتحدة الأميركية لتقديم أفضل مستوى خدمات ممكن.

* ألعاب تلفزيونية

* ويمكن استخدام الجهاز الخاص بهذه الخدمة ووصله بالتلفزيون عبر مأخذ «إتش دي إم آي» HDMI، ووصله بالإنترنت عبر مأخذ الشبكات، وهو يدعم تقنيات «بلوتوث» اللاسلكية لوصله بالسماعات الرأسية وأداة التحكم اللاسلكية. ويمكن أيضا وصل لوحة المفاتيح والفأرة به عبر مآخذ «يو إس بي». وتحتوي أداة التحكم اللاسلكية على مجموعة من أزرار التسجيل والمشاهدة الخاصة باللاعب، حيث يمكنه تسجيل أي جزء من اللعبة على شكل ملف فيديو في الأجهزة المركزية، ومن ثم مشاهدته ومشاركته مع الآخرين للتباهي أو لتعليمهم كيفية إتمام جزء من اللعبة. ويمكن أيضا اللعب على الكومبيوتر من دون الحاجة إلى الجهاز، ولكن يجب تحميل إضافة «Plug ـ in» إلى المتصفح يبلغ حجمها 1 ميغابايت، ويجب أن يكون لدى المستخدم معالج من طراز «إنتل» (أي إن كومبيوترات «ماك» ستدعم هذه الخدمة).

ومن المزايا الجميلة الأخرى القدرة على مشاهدة الآخرين وهم يلعبون ألعابهم بشكل حي ومباشر، نظرا لأن النظام يحول عملة اللعب إلى فيديو ويرسله إلى اللاعب. وبناء على ذلك، فإنه لا يوجد تقنيا ما يمنع مشاهدة الآخرين ذلك العرض، أو آلاف العروض التي يتم اللعب بها في تلك اللحظة. وتدعم الخدمة أيضا ميزة الشبكات الاجتماعية، حيث يمكن إضافة الأصدقاء وإرسال العروض إليهم ودعوتهم للعب الجماعي، وغيرها، لتمثل الخدمة شبكة ألعاب اجتماعية. ومن المتوقع أن تتطور هذه الخدمة لتشمل أفلام الفيديو والحفلات الموسيقية، خاصة أن استوديوهات «وورنر براذرز» هي أحد الممولين الرئيسيين لهذه الخدمة. وليس من المستبعد أن تدعم الخدمة أيضا عقد المؤتمرات المرئية. ومن المتوقع أن تطرح الخدمة في شتاء 2009، خصوصا بعد الاتفاق مع كبرى شركات برمجة الألعاب، مثل Electronic Arts EA وEidos Interactive وTHQ وAtari وEpic Games وRockstar وUBISoft وTake ـ Two وCodemasters و2D Boy.

وستؤثر هذه التقنية الحديثة على شركات برمجة الألعاب، حيث إن الشركات لن تعود مضطرة إلى الحد من إبداعاتها لدواع تقنية أو لعدم قدرة غالبية اللاعبين على شراء الأجهزة المتطورة اللازمة لعمل ألعابهم، حيث إن الشركات التي تقدم خدمات «الألعاب السحابية» ستطور أجهزتها لجذب اللاعبين إلى الاشتراك بخدماتها. هذا، وستلغي هذه الخدمات التعديلات «Mod» التي يقوم بها بعض اللاعبين بشكل غير رسمي، مثل تغيير المراحل وملابس الشخصيات والأصوات، ذلك أن اللاعب لن يكون بمقدوره الوصول إلى ملفات اللعبة وتعديلها، بل مجرد اللعب بها. وسترحب الشركات المبرمجة بهذا الأمر بشكل كبير، ذلك أنها طالما حاربت التعديلات غير الرسمية. وإن نجحت هذه التقنية في الانتشار بين المستخدمين، فإن مستويات القرصنة ستنخفض بشكل ملحوظ، ذلك أن اللاعب أصبح يستأجر أو يشتري اللعبة، ولكنه لن يستخدمها على جهازه، بل على الأجهزة المركزية، وبالتالي فإنه لن يكون بمقدوره نسخها أو تعديل ملفات الحماية.

ومن المؤكد أن هيمنة شركات صناعة أجهزة الألعاب (مثل «سوني» و«مايكروسوفت» و«نينتندو») ستتأثر بشكل كبير، ذلك أن اللاعب لم يعد مضطرا إلى شراء جهاز خاص كل بضع سنوات، بل يمكنه استخدام أي كومبيوتر أو متصفح للعب بأفضل وأحدث الألعاب. ولم تعلق أي من الشركات المذكورة على هذه الخدمات، ولكن الشتاء المقبل سيكون ساخنا جدا في حال نجاح خدمة «أونلايف». وتجدر الإشارة إلى أن شركة «سوني» سجلت العلامة التجارية «سحابة بي إس» PS Cloud في اليوم التالي للإعلان عن «أونلايف»، ولكن من دون ذكر أي تفاصيل.

* «غايكاي»

* وأعلن المبرمج المشهور «ديفيد بيري» David Perry عن تحضير شركته لإطلاق خدمة «غايكاي» GaiKai التي لم يكن يريد أن يعلن عنها إلى حين اكتمالها، ولكن الإعلان عن خدمة «أونلايف» أجبره على ذلك. الخدمة مشابهة لمفهوم «أونلايف»، ولكنها تختلف في أن المستخدم لن يدفع شيئا لقاء الاستخدام، حيث إنها مجانية للجميع. وستدفع الشركات الناشرة والموزعة التكاليف اللازمة، وذلك في محاولة للوصول إلى لاعبين جدد، عوضا عن دفع مبالغ كبيرة لقاء إعلانات مطبوعة أو رقمية، وانتظار إعجاب أحد بها. ويمكن للشركات مثلا تقديم مراحل تجريبية مجانية للاعبين لتجربة اللعبة قبل شرائها، مع عدم الحاجة إلى دفع مبالغ كبيرة لمزودي الإنترنت لقاء تحميل المستخدمين للملفات اللازمة من أجهزة الشركة، وعدم حاجة المستخدمين إلى الانتظار إلى حين تحميل اللعبة، ومن ثم تثبيتها. ويمكن تطبيق الأمر نفسه بالنسبة لمجلات الألعاب والصحف التي تقيم الألعاب بشكل دوري، حيث يمكن للمستخدم تجربة اللعبة أثناء قراءة التقييم. ويمكن للشركات أيضا السماح للجميع باللعب بلعبة جديدة بشكل مجاني لفترة مؤقتة. هذا، وتتغير تقنية ضغط الصورة وفق سرعة إنترنت المستخدم، حيث تنخفض جودة الصورة بانخفاض سرعة الإنترنت، وتزداد بازديادها، وبشكل ديناميكي.

هذا وتقدم خدمة «غايكاي» للمستخدم القدرة على استخدام البرامج بالإضافة إلى الألعاب، حيث يمكن للمستخدم تشغيل البرامج على أجهزة الشركة بسرعات كبيرة جدا لإتمام أعماله بسرعة، كما يمكنه تحميل الملفات اللازمة (مثل الصور والعروض التي يراد تحريرها) من كومبيوتره إلى أجهزة الخدمة لأداء الأعمال عليها.

مواقع الخدمات http://www.onlive.com http://www.gaikai.com