إعلانات «غوغل».. ترفع جودة المواقع العربية

أدوات مرنة وحملات إعلانية تساعد الشركات الصغيرة على الوصول إلى المستهلك

TT

تغيرت مفاهيم الأعمال بعد انتشار الإنترنت، حيث أصبحت الشبكة الدولية للمعلومات امتدادا للخدمات التي تقدمها الشركات، وأصبحت ضرورية للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة. ولكن إخبار المستخدمين عن هذه الخدمات هو أمر ليس بالسهل عند استخدام وسائل الإعلان الكلاسيكية المطبوعة أو عبر التلفزيون والراديو، وهي مكلفة للغاية. وبسبب ذلك، فقد نشأت خدمات متخصصة للإعلان الرقمي، منها إعلانات «غوغل» التي تصل المعلن بالمستخدم في البلد الذي يريده المعلن عند بحثه عن جملة مرتبطة بالإعلان في موقع «غوغل»، وإعلانات أخرى توضع في مواقع ذات محتوى وخدمات مرتبطة بالخدمات التي تقدمها الشركة المعلنة.

* نظرة «غوغل»

* وقابلت «الشرق الأوسط» عبر الهاتف وائل غنيم، مدير تسويق المنتجات الإقليمية في «غوغل»، الذي تحدث عن أن دراسات الشركة تشير إلى أن قطاع الأعمال يستخدم إعلانات «غوغل» بشكل متزايد، خاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وأضاف أن إعلانات «غوغل» مهمة لهذا القطاع، نظرا لأنها تقدم الوسيلة المباشرة للوصول إلى المستهلك. وترى «غوغل» أن التسويق عبر الإنترنت هو امتداد للأعمال من العالم الحقيقي إلى الافتراضي، الأمر الذي يرفع جودة الخدمات العربية التي تقدمها الشركات عبر الإنترنت، وبالتالي فإن المستهلك سيستفيد، حيث سيستطيع معرفة أسعار المنتجات المتشابهة التي تقدمها الشركات المختلفة، ومقارنة المواصفات والأسعار، واختيار الأنسب له.

وكمالك عمل خاص، فإنك تريد أن توجد في المكان الصحيح. وتقدم الإنترنت ونظام إعلانات «غوغل» وسيلة تناسب هذا المطلب، حيث إن برامج إعلانات «غوغل» تحتوي على خوارزميات (الخوارزمية هي فكرة وآلية عمل برنامج كومبيوتري) معقدة، تمسح المواقع لدراستها ومعرفة فئة المحتوى الموجودة فيها باستخدام كلمات رئيسية، وتربط الإعلان بالموقع الأنسب له. ويمكن اعتبار أن دور «غوغل» هو الوسيط الذي يربط بين هذه الأطراف، حيث إن عرض إعلان لآلات الخياطة سيكون ذا قيمة أكبر في موقع يبيع الأقمشة أو آلات كهربائية متنوعة، عوضا عن وضعه في موقع يعرض نتائج مباريات كرة المضرب، مثلا، الأمر الذي سيفيد صاحب العمل، وصاحب الموقع، والمستهلك في الوقت نفسه.

وتقدم «غوغل» آليات مختلفة لعرض الإعلانات؛ الأولى هي «آد ووردس» Adwords (http://adwords.google.com) التي تعرض الإعلان مباشرة عند البحث عن كلمة ما في محرك البحث الخاص بالشركة، لتظهر النتائج مباشرة في القمة وملونة بلون مختلف عن غيرها، ليعثر الباحث على النتيجة التي يريدها فورا، ويعثر صاحب العمل عن الزبون الذي يبحث عن منتجه بسرعة.

* خدمة عربية

* الخدمة هذه متوفرة في المنطقة العربية، ويستخدمها كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وحتى المؤسسات الضخمة. وكمثال على ذلك، يمكن لصاحب فندق صغير في مدينة الرياض أن يقدم رابطا يأخذ من يبحث عن فنادق في السعودية أو في مدينة الرياض إلى موقعه مباشرة، ولكن هذا الإعلان لن يظهر لمن يبحث عن الفنادق في مصر أو في مدينة باريس. ويمكن للمعلن أن يختار أي حجم للميزانية التي يريدها لإعلانه، مثل 10 دولارات في الشهر، أو 200 دولار، أو أي رقم يناسبه، حيث لن تأخذ «غوغل» مالا إلا بعد نقر المستخدم على الإعلان. وتجدر الإشارة إلى أن المعلن هو من يختار القيمة التي سيدفعها للشركة في حال النقر على إعلانه، ويرتب نظام «غوغل» أولوية الإعلان وفقا لعوامل كثيرة، منها تكلفة النقر.

الآلية الثانية التي توفرها الشركة هي إعلانات «آد سينس» Adsense (https://www.google.com/adsense)، التي تعرض الإعلانات في مواقع ذات محتوى مرتبط به، حيث يدفع المعلن للشركة مبلغا معينا، ويسمح صاحب الموقع لـ«غوغل» باستخدام مساحة في موقعه لقاء أجور عند ضغط المستخدم على الإعلان، أو عند عرضه على الصفحة. وتتولى أجهزة مركزية مسؤولية تغيير الإعلان نفسه وفقا للميزانية الموضوعة له، وشدة ارتباط محتوى الموقع بالإعلان، ومن دون أي تدخل يدوي على الإطلاق. ويمكن لصاحب الموقع اختيار شكل الإعلان ولونه ليلائم تصميم الموقع، وأدوات هذه الخدمة سهلة الاستخدام. وتربط هذه الخدمة المعلنين بالمواقع، وتغير «غوغل» الإعلانات حسب درجة شهرة الموقع، الأمر الذي سيريح صاحب الموقع من عناء مجاراة المعلنين ومتابعتهم، حيث يمكنه التركيز على تطوير محتوى موقعه فقط.

وقابلت «الشرق الأوسط» مازن صباغ، مدير حساب «آد ووردس»، حيث أفاد بأن هذا النوع من الإعلانات سيعود بأفضل نسبة ربح ممكنة لقطاع الأعمال، وسيرفع من جودة الخدمات التي تقدمها المواقع، حيث إن المنافسة لن تكون سهلة، وستعتمد النتيجة النهائية على جودة المحتوى والخدمات المقدمة، وسيستفيد المستهلك بعدم تعرضه لوابل من الإعلانات غير المرتبطة باهتمامه أثناء البحث، بل ستشد انتباهه تلك الإعلانات المرتبطة التي ستظهر فور البحث عن موضوع ما.

ويضيف مازن صباغ أن «آد سينس» ستسهم أيضا في رفع جودة محتوى المواقع العربية، حيث إن صاحب الموقع سيرى نتائج مالية مجزية جراء تقديم محتوى ذي جودة مرتفعة، نظرا لأن الإعلانات المرتبطة ستظهر بشكل أفضل في موقعه مقارنة بالمواقع التي لا تحدث محتواها بشكل دائم، أو تلك التي تعتبر منخفضة الجودة. ويمكن للمعلن أن يضع إعلانات نصية، أو عروض فيديو، أو صورا، أو في أي شكل آخر.

* أدوات مرنة

* هذا، وتقدم الشركة مجموعة من الأدوات المجانية المتطورة التي تعرض للمعلن معلومات قيمة عن وضع حملته الإعلانية، ومرونة كبيرة في تعديل الحملة نفسها في أي وقت يريده المستخدم، وهي سهلة الاستخدام ولا تتطلب معرفة تقنية. ويمكن لهذه الأدوات إرسال بريد إلكتروني دوري حسب اختيار المستخدم، يحتوي على المعلومات التي تهمه. ويمكن للمعلن اختيار ظهور إعلانه عند البحث عبر الهواتف الجوالة، ولكن هذه الخدمة اختيارية. ويمكن بواسطة هذه الأدوات معرفة أي المواقع لا تجذب انتباه المستخدمين، وأيها يجلب للمعلن زبائن أكثر. ويمكن أيضا توجيه الإعلان نحو مناطق جغرافية محددة، مثل مدينة المستخدم، أو البلدان المجاورة لبلده، أو تلك الموجودة في قارته، أو أي تخصيص آخر حسب الرغبة.

وتجدر الإشارة إلى أن «ياهو» و«غوغل» كانتا قد اتفقتا في شهر يونيو (حزيران) الماضي على دخولهما في شراكة غير حصرية للإعلانات عبر الإنترنت، وسيبدأ تنفيذ الاتفاق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث تسمح الاتفاقية لـ«ياهو» بأن تبث إعلانات «غوغل» على محركاتها للبحث، وبعض مواقعها على الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية وكندا. هذا، ولم تنجح محاولات شركة «مايكروسوفت» في إبرام صفقة اندماج بينها وبين «ياهو»، التي بلغت قيمتها 47.5 مليار دولار أوائل شهر مايو (أيار) الماضي، بسبب رفض إدارة «ياهو» العرض باعتباره أقل من القيمة الحقيقية للشركة.

* شركات عربية

* ومن الشركات العربية التي تستخدم إعلانات «غوغل» شركة «الميل الأزرق» Blumeel (http://www.bluemeel.com) المتخصصة في استضافة وتطوير المواقع في السعودية، التي تستخدم إعلانات «غوغل» و«آد ووردس» و«آد سينس» منذ 2003. وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مالك الشركة محمد فارس، الذي يعتبر إعلانات «غوغل» أداة ممتازة، وأن مردودها أفضل مقارنة بالإعلانات الكلاسيكية المطبوعة، وأن خدمة الإعلانات المقدمة ممتازة. وشهدت شركة «بلوميل» عدد زيارات أكبر لموقعها بعد استخدام إعلانات «غوغل»، وأكد أنه لم يتصل مع قسم الدعم الفني لـ«غوغل» إلا مرة واحدة في 6 سنوات، وذلك لأسباب تقنية استثنائية، الأمر الذي يؤكد جودة الخدمة المقدمة. وأضاف أن شكل وترتيب الصفحة الأولى التي يصلها المستخدم بعد الضغط على الإعلان (اسم هذه الصفحة في عالم الإعلانات هو «لاندنغ بيج» Landing Page) هو أمر في غاية الأهمية، إذ من الممكن أن تقنع المتصفح أن يستمر في تصفح الموقع والاشتراك في خدماته أو شراء منتجاته، أو الابتعاد عنه فورا. ونبه إلى أنه لا يكفي للشركة أن تبدأ حملتها من دون اتخاذ قرارات تسويقية ذكية في تفاصيل تلك الحملة، حيث يمكن لشركتين أن تختارا قيمة معينة لكل ضغطة على إعلانها لقاء المبلغ نفسه، إلا أن شركة ما قد تحصل على زوار أكثر من غيرها، نظرا لاختيارها كلمات ارتباطية وتعرفها على نمطية بحث المتصفحين في البلدان المختلفة بشكل أفضل من الشركة الثانية. وينصح بقراءة المعلومات وطرق الاستخدام التي تقدمها هذه الخدمات قبل استخدامها، وذلك للتعرف عليها بشكل صحيح. وأضاف أيضا أن «غوغل» تقدم شهادات لبعض الشركات تؤكد أن مستخدمي خدماتها مؤهلون لإدارة حملات إعلامية لغيرهم، الأمر الذي تقدمه «بلوميل» لعملائها عبر موقع «مربع الأعمال» (http://a3mal.murabba.com/?p=10). وتحدثت «الشرق الأوسط» أيضا إلى توني عاصي، الشريك الإداري لشركة «موزاييك ماربل» Mosaic Marble (http://www.mosaicmarble.com) المتخصصة في تصميم ديكورات الفسيفساء في لبنان، وقال إن شركته تستخدم إعلانات «آد ووردس» منذ عام 2003، وأن استخدام هذا الوسط الإعلاني سهل جدا، والتقارير التي تقدمها الخدمة وافية للغاية، وأن «غوغل» قد ساعدت شركته بشكل كبير على رفع كفاءة الإعلانات، وأن واجهة استخدامها سلسة، على خلاف بعض شركات الإعلانات الكبيرة الأخرى التي لا تقدم المعلومات التي يبحث عنها المستخدم. وأضاف أن شركته نمت بفضل إعلانات «غوغل»، بل واستطاعت إنشاء فروع لها في بلدان مختلفة، وتشغيل تلك الفروع عبر إعلانات «غوغل» التي تسهل تحديد البلدان التي ستظهر فيها الإعلانات، واستطاعت الشركة تحقيق مبيعات تجاوزت مليون دولار أميركي. ولكن «توني» علق بأن تكلفة الضغط على الإعلان في ارتفاع متزايد، حيث كانت نحو 20 سنتا قبل عامين فقط، لتصبح 10 دولارات حاليا، الأمر الذي يفرض ثقلا على قطاع الأعمال في الظروف الاقتصادية الراهنة.

وتستخدم شركة «عزة فهمي» (http://www.azzafahmy.com) لصناعة المجوهرات في مصر خدمات إعلانات «غوغل»، وتحدثت «الشرق الأوسط» مع حسين الشيخ، الشريك الإداري لشركة «بروسيد» الاستشارية التي تقدم خدماتها لشركة «عزة فهمي»، وقال إن قطاع الأعمال في العالم العربي يتجه نحو العالم الرقمي، وإن الأزمة المالية الراهنة تجبر الشركات على رفع عائد مصروفاتها، وإن إعلانات «غوغل» تصل الشركات بالمستهلك مباشرة. وأضاف أن طبيعة عمل شركة «عزة فهمي» تتطلب استراتيجيات تختلف عن قطاعات الأعمال الأخرى، حيث إنها تستهدف المستهلك الذي يبحث عن الرفاهية، الأمر الذي يتطلب فكرا إعلانيا يختلف عن غيره. وساعدت إعلانات «غوغل» على توجيه إعلانات الشركة إلى المتصفحين الذين تستهدفهم الشركة في بلدان مختلفة، وبسهولة كبيرة، وكانت نتائج الحملات الإعلانية مرضية للشركة، والتقارير المقدمة وافية.

هذا، ويستخدم فندق ومتجر «كيمبينسكي» Kempinski (http://www.kempinski.com) في دبي في الإمارات العربية المتحدة إعلانات «غوغل» لرفع نسبة الحجوزات فيه. وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بـ«سيباستيان شفيته»، مدير التسويق والمبيعات الإقليمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكن تعذر إجراء الحوار نظرا لضيق وقته.