تقنية «واي ماكس».. تجاهد لنشر شبكاتها اللاسلكية

تنافس عالمي لتطوير خدمات جوالة عالية السرعة بعيدة المدى

TT

في نهاية العام المقبل سيكون بمقدور مستخدمي الكومبيوتر في 80 مدينة أميركية التخلص من أجهزة موديم الكابلات وخطوط الاشتراك الهاتفية الرقمية (دي إس إل) وغيرها من التركيبات.. مع وصلات النقل «واي ـ فاي» التي ترافقها، لتحل محلها التقنية اللاسلكية العريضة النطاق عن طريق شبكات «واي ماكس». وكانت الوعود بأن تظهر شبكات «واي ماكس» كما قيل «قريبا جدا» تنهال منذ سنوات من دون أي نتيجة، لأن شركات تسويق هذه التقنية مثل شركة «كليرواير كوميونيكيشنس إل إل سي» قد عانت من تأخيرات في تقديم خدماتها، وهي لا تزال لم تنهض من كبوتها الحالية، في وقت تظهر فيه تقنية منافسة تدعى «لونغ ـ تيرم إيفوليوشن» LTE. يرى كريغ ماثياس، المحلل الرئيسي في «فاربوينت غروب» والمعلق في مجلة «كومبيوتر وورلد»، أن «واي ماكس» شرعت تحظى بحظوظ متدنية في مستقبل النطاقات اللاسلكية العريضة، لأن LTE ستتحول في النهاية إلى حل بالنطاق العريض للصوت/البيانات، لأنه سيكون بإمكانها القيام بكل الأدوار التي تقوم بها شبكة «واي ماكس» بل وأكثر. ويعتقد ماثياس أن LTE ستحوز على نحو 80 في المائة من السوق العالمية في مضمار المرافق الخليوية المستقبلية. «وهذا ما يترك (واي ماكس) بحصة محتملة في السوق لا تتعدى 20 في المائة، وهذا لا يزال يشكل رقما كبيرا، إذا اعتبرنا وجود نحو أربعة مليارات مستخدم في عام 2020 وما بعده».

* وعود «واي ماكس»

* وترغب «كليرواير» وشركاؤها من أمثال «إنتل» و«كومكاست» و«تايم ورنر كايبل» و«سيسكو» في تغيير الميل (أو الكيلومتر) الأخير من الشبكة بالأسلوب ذاته الذي غيرت فيه «واي ـ فاي» المائة قدم الأخيرة من شبكتها، وذلك عن طريق إكمال هذا الميل الأخير من الشبكة أو استبداله بتقنية «واي ماكس».

وبمقدور «واي ـ ماكس» تغطية نحو 31 ميلا مربعا (80 كلم مربع تقريبا) بدلا من مئات الأقدام المربعة التي تحيط بكل نقطة دخول التي تؤمنها تقنيات «واي ـ فاي» حاليا من نوع المواصفات المألوفة 802.11g و802.11n، ونظريا يمكن لـ «واي ماكس» نقل بيانات بسرعة تزيد على 75 ميغابايت في الثانية. ولكن عمليا فهي لا تملك مثل هذه القيمة من السرعة. وتصل السرعات الفعلية لها إلى 9 ميغابايت في الثانية، التي هي سرعة الشبكة الاعتيادية 802.11g، إلا أنها تقدم مدى، أي مسافة، أكبر من أي تقنية «واي ـ فاي» أخرى.

ويعتقد آرثر غيفتاكس، نائب رئيس قسم الهندسة في شركة «تاورينغستريم» التي تؤمن خدمة شبكات «واي ماكس» الوطنية للشركات والأعمال، أن هذه الشبكات ستؤمن خدمات جوالة عالية السرعة التي يتطلبها قطاع الأعمال والمستهلكون على السواء أكثر فأكثر. أي أن تكون هناك قدرة على مشاهدة الأحداث الرياضية على جهاز لابتوب على متن قطار أو تنزيل التطبيقات على جهاز يدوي. «إذ ستمكنك «واي ماكس» من القيام بأعمال أسرع بكثير من التقنيات السابقة على حد قوله».

ويلاحظ جويل باين، نائب رئيس قسم الهندسة والعمليات في شركة «سباربلاك» التي تؤمن خدمة الإنترنت لأسواق العمل، أن «واي ماكس» تتضمن خاصية خدمة التقنيات التي تركز على الحركة في الشبكات، التي هي مهمة بالنسبة إلى الصوت عبر بروتوكول الإنترنت وعمليات الفيديو. في حين أن نقاط الدخول إلى شبكات «واي ـ فاي» يمكن أن تزدحم بالعديد من الزبائن الراغبين في الدخول إليها. «وسيكون بروتوكول «واي ماكس» مهما جدا للتطبيقات التي تتطلب الكثير من البيانات التي يتوجب بثها في حينها، مع تقليص كمية الخسارة في الرزم المعلوماتية والتأخير الزمني» كما يقول.

ويتفق جيسي جونس، صاحب «ماتانوسكا وايرليس»، وهي شركة للاتصالات خاصة بالبيانات والمعلومات في ولاية ألاسكا مع هذا الرأي، ذاكرا التلفزيون العامل على بروتوكول الإنترنت الذي يمكنه الاستفادة كثيرا من جودة الخدمة المحسنة. وقال «إن خدمة تلفزيونية كهذه عبر (واي ماكس) هي من التطورات المثيرة فعلا».

* سرعة «واي ماكس»

* ولكن ما هي سرعة «واي ماكس»؟ الجواب: يعتمد ذلك على عوامل متعددة مثل التردد اللاسلكي وطبيعة الأرض وارتفاع الأبراج والصواري اللاسلكية، وفقا لما يوضحه جونس الذي يقول: «إن أي هاو في الاتصالات اللاسلكية، أو مهندس كهربائي يعلم أن خواص الانتشار اللاسلكي تختلف بشكل كبير، وفقا للتردد». أي بعبارة أخرى أن نشر التردد 700 ميغاهيرتز له مفعوله المغاير في التغطية مقارنة بتردد 2.3 غيغاهيرتز أو 3.65 غيغاهيرتز».

وأضاف «إن سهول ولاية كنساس سترى تغطية مختلفة على تردد 3.65 غيغاهيرنز من التغطية في ألاسكا مثلا، حيث الوديان العميقة المحاطة بالجبال. كما أن محطة مركزية تقبع على برج ارتفاعه 40 قدما يكون مداها أقل من المحطة القابعة على ارتفاع 80 قدما مثلا».

وأفادت «كليرواير» أن مستخدمي «واي ماكس» يختبرون حاليا سرعات معدلها أربعة إلى ستة ميغابايت في الثانية، مع طفرات تزيد على 15 ميغابايت في الثانية، وهي المعدلات ذاتها التي تؤمنها خدمات «دي إس إل». وعلى الرغم من أن «واي ماكس» لا تقدم أفضلية كبيرة على صعيد السرعات مقارنة بتقنيات اليوم، فإن السعر قد يشكل عاملا حاسما. وتقدم «كليرواير» خدمة تتراوح بين 10 دولارات يوميا و50 دولارا لمدة شهر.

* أجهزة «واي ماكس» جوالة

* وللدخول إلى شبكة «واي ماكس» تتوفر أمامك تشكيلة واسعة من الخيارات في ما يخص الأجهزة، بما في ذلك دفاتر الملاحظات، و«نتبوك»، وأجهزة الإنترنت، التي تحمل باليد براديو «واي ماكس» المبيت داخلها، استنادا إلى جولي كوبرنول مديرة تسويق «واي ماكس» في «إنتل» التي أكدت توافر العديد من أجهزة لابتوب التي تعتمد على معالج «سنترينو 2». وأضافت أن الموديمات العاملة بـ «يو إس بي» ستجلب «واي ماكس» إلى منزلك، أو مكتبك لتحل محل وصلات الإنترنت السلكية.

ولكن ليس من الضرورة أن تحل «واي ماكس» محل «واي ـ فاي». إذ باستطاعة مترجمات «واي ماكس/واي ـ فاي» مثل وصلة النقل «كلير سبوت» من «كراديلبوينت» أن تؤسس لشبكة «واي ـ فاي» محلية من إشارة «واي ماكس». وجهاز «كراديلبوينت» Cradlepoint الذي يتوفر حاليا يتيح لأي جهاز «واي ـ فاي» موجود حاليا في المحلات التواصل مع شبكة «واي ماكس» من «كليرواير» كما تقول كوبرنول. إذ تقوم «كلير سبوت» بإيجاد نقطة ساخنة شخصية من «واي ـ فاي» التي تسافر مع المسافر إلى أي مكان يكون فيها ضمن نطاق خدمة «واي ماكس» الجوالة من «كليرواير». وباستخدامها يمكن للأشخاص تفادي النقاط الساخنة «واي ـ فاي» المحلية ذات الرسوم. ونظرا لاستمرارية «واي ماكس» في البث يمكن التقاط هذه الخدمة في المناطق التي لا توجد فيها نقطة «واي ـ فاي» ساخنة.

وتقوم شركات أخرى بردم الهوة بين «واي ماكس 802.16»، و«واي ـ فاي برتوكول 802.11»، إذ تنوي «سيكو سيستمس» مثلا إنزال أجهزة بمثل هذه القدرات تحت علامة «لينكسيس» Linksys خلال الشهور الستة المقبلة.

في أي حال يرى إدغار فيغيورا المدير التنفيذي لتحالف «واي ـ فاي» أن الشبكتين تعملان سوية بدلا من أن تحل الواحدة محل الأخرى، «ففي الوقت التي تؤمن «واي ماكس» مدى ممتازا، فإن أداء «واي ـ فاي» هو الملائم للمناطق المحلية. وتتوفر خدمة «واي ماكس» من «كليرواير» Clearwire المعروفة بـ«كلير» Clear في أربع مدن أميركية كبيرة حاليا، وعشر مدن صغيرة في ثلاث ولايات. وستتوفر أيضا هذا العام في المزيد من المدن الأميركية، والحبل على الجرار.

* المنافس الآخر

* وفي الوقت الذي تأخرت فيه «واي ماكس» في تأكيد حضورها على الساحة كانت «لونغ ـ تيرم إيفوليوشن» LTE تحاول اللحاق بالركب وبسرعة. وهي مثل «واي ماكس» تقنية من الجيل الرابع (4 جي) لنقل البيانات لاسلكيا التي تعد بمدى وأداء مشابهين. وخلافا إلى «واي ماكس» التي ترتكز على مواصفات AEEE فإن وراء LTE مجموعة غير متماسكة من شركات الاتصالات التي تقوم بدعم النظام العالمي الحالي الخاص بمواصفات الاتصالات الجوالة «جي إس إم».

وشركات بيع خدمات «جي إس إم» تسيطر على نحو 80 في المائة من سوق الخدمات الجوالة عالميا، استنادا إلى «أي بي آي ريسيرتش» للأبحاث. وترى شركات البيع هذه LTE كنمو إضافي لتقنية «جي إس إم» التي صممت لتكون الخطوة التالية في عالم شبكاتها. «وهي التحديث المنطقي لكل من «جي إس إم» و«النظام العالمي الشامل للاتصالات الجوالة» UMTS، ولخدمات البيانات العريضة النطاق مثل «الدخول العالي السرعة لرزم المعلومات» HSPA» وحتى شركة «فيريزون وايرليس»، تقزم بدعم LTE.

ومما لا شك فيه أن شركات الخدمات الخليوية هي في طريقها إلى اعتماد LTE، لكن من الصعب تقرير متى ستصبح هذه التقنية من المنافسين المهمين، ولها تأثيرها الكبير على اعتماد الآخرين على «واي ماكس»، كما يقول بيتر ستانفورث كبير التقنيين والمؤسس المشارك لـ«سبكتريوم بريدج». ففي الوقت الذي باتت «واي ماكس» تكسب حجما أكبرن لا تزال LTE تخطو خطواتها الأولى. فشركة «إيه تي أند تي» على سبيل المثال تتوقع أن تجعل خدمة LTE متوفرة تجاريا في عام 2011. لكن «فيرزون» لها جدولها الزمني الأسرع في نشر الشبكة هذه في 25 إلى 30 مدينة أميركية في العام المقبل. وتتوقع «إيه بي آي» أنه سيكون هنالك على الأقل 34 مليون مستخدم LTE في عام 2011 مع وجود ضعف هذا العدد الذي يستخدم «واي ماكس». وعلى الرغم من أن LTE لا تزال تلهث وراء «واي ماكس» حاليا، وقد تظل كذلك خلال السنوات القليلة المقبلة، فإنه من غير المؤكد ما إذا كانت «واي ماكس» ستكسب المعركة على المدى الطويل، خاصة أن بداية «واي ماكس» التي سبقت LTE شرعت تقصر، خاصة أن الأخيرة تحظى بدعم أغلبية الشركات الكبيرة العاملة في مجال الحركية.

وما لم تتمكن «واي ماكس» من تسريع انتشارها، فإن LTE ستكون المسيطرة على شبكة نقل المعلومات والبيانات «جي 4» كما تتوقع مؤسسة «أي بي آي» للأبحاث. ويرى لوري سيلفيا نائب رئيس «ريد بيند سوفتواير» للتسويق التي تصنع برمجيات إدارة أجهزة «واي ماكس» أنه يتوجب تخفيض كلفة خدمات هذه الشبكة ونفقات بنياتها الأساسية لكي يتسنى لها منافسة خدمات «دي إس إل» والكابلات، مع مجاراة سرعتها أيضا.