تقنيات مستقبلية للواقع المعزز والبث السريع للأفلام المجسمة

نظم رقمية جديدة ستغير من أساليبنا التقليدية

تقنيات الواقع المعزز تتيح عرض شتى المعلومات عن المواقع التي يزورها المستخدم
TT

من التقنيات التي سترى النور في المستقبل القريب، النقر على جهاز لوحي موصول لاسلكيا، بهدف التقاط الأفلام السينمائية المجسمة الثلاثية الأبعاد وعرضها على جهاز تلفزيون عالي الوضوح رقيق برقة موسى الحلاقة معلق على الجدار. وهنا، يقوم خادم للوسائط المتعددة ببث الفيلم عبر وصلة «يو إس بي» فائقة السرعة إلى جهاز لاسلكي عالي الوضوح، الذي يقوم بدوره ببثه إلى جهاز التلفزيون.

ولكن من هو ذلك البطل الذي يظهر في الفيلم؟ العدستان المصممتان بتقنيات الواقع المعزز الملتصقتان على عيني المشاهد، تلتقطان حركات العينين الفريدة عندما يحاول صاحبهما طلب أي أمر، ثم يقوم المشاهد بتسجيل هذا الأمر في لوحة مفاتيح افتراضية تظهر في المساحة التي أمامه. وفجأة تقوم صفحة شبكة الانترنت بتغطية مجال رؤيته، وهي تعرض لائحة بالأفلام التي اضطلع بأدوارها هذا الممثل، إضافة إلى بعض اللقطات الفيديوية المتعلقة بها.

وهكذا وبهذه التقنيات، ستكون المحتويات، وغالبيتها من الفيديو، متوفرة دائما وبسرعة في الأجهزة الجوالة والمكتبية، ونظم التسلية المنزلية. وستتطلب الأساليب الجديدة لاستخدام الفيديو، بما في ذلك إضافة الأبعاد الثلاثية والمشاهد الصناعية، المزيد من السرعة والتخزين والقوة الحسابية الكومبيوترية. وفي سياق هذه التقنيات الجديدة ألقت مجلة «بي سي وورلد» الإلكترونية نظرة على نظام «يو إس بي 3.0» و802.11ac، و802.11ad لنقل الوسائط المتعددة، لاسيما الفيديو، بسرعة إلى أجهزتنا، بأسلوب الواقع المعزز لنرى كيف أن العالم الرقمي سيصل إلى عالمنا الحقيقي عن طريق تغطيته بالبيانات والنصوص، إضافة إلى التلفزيون الثلاثي الأبعاد.

* «يو إس بي» مطورة

* ولعل «يو إس بي» هو من أهم التقنيات التي شيدت في كومبيوترات اليوم والخدمات الجوالة، لأنها تضاعف السرعة عشر مرات، وكذلك لأنها تستغني عن أسلوب ضغط الفيديوهات والمعلومات لدى نقلها. من هنا فإن نقل المعلومات بين جهاز الكومبيوتر وأي جهاز طرفي لأغراض المسح، أو الطباعة، أو نقل الملفات وغيرها، سيكون أسرع عن طريق «يو إس بي 3.0». وفي كثير من الحالات يتم العمل هذا قبل أن تدرك أنك بدأت به. فسرعته هي نحو 3.2 غيغابايت في الثانية، أي أسرع بخمسة أضعاف من مواصفات ومقاييس الأجهزة الطرفية المكتبية العادية. وبإمكان شريحة «يو إس بي 3.0» أن تحل محل جميع فتحات الوصل الخاصة بـ«يو إس بي 2.0» العادية، أو «فاي واير 400»، أو «800»، أو غيرها، باستثناء تلك الخاصة بـ«الإيثرنيت» الموجودة عادة في الكومبيوتر العادي، خاصة مع قدوم أقراص ذاكرة سريعة جدا من نوع «فلاش». ويرى العديد من الخبراء أنه نظرا لسرعتها، فإنها ستكون بديلا حتى لوصلة HDMI التي تأتي مع مشغلات أقراص «بلو ـ راي» الحالية. وهكذا فإن «يو إس بي» الجديدة هذه ستحول الكومبيوترات إلى محطات شحن سريعة جدا. ومع تحول الهواتف الجوالة إلى دعم «يو إس بي» لأغراض الشحن، فإن القدرة العالية لـ«يو إس بي 3.0» قد تتيح شحنها بالتيار المتناوب من جميع المقابس الكهربائية التقليدية الموضوعة على الجدار. كما أن السرعة العالية لـ 3.0 ستسرع نقل البيانات لتصل إلى سرعة 20 غيغابايت في الدقيقة مما يسهل عمليات التنزيل، أو الدعم للمجموعات والملفات الكبيرة من الصور والأفلام السينمائية وغيرها، حتى لدى التوقف في المخازن التي تبيع أفلاما كهذه. وعمليات التنزيل هذه تستغرق حاليا 15 دقيقة للعملية الواحدة. وتنتظر الشركات المنتجة بلهف استغلال هذه التقنية، إذ من المتوقع تبنيها بكثافة من قبل جميع الكومبيوترات خلال عامين. وستكون رائجة وشعبية جدا في الأجهزة الجوالة والالكترونيات الاستهلاكية أيضا، خاصة أن المنتجين يبيعون اليوم أكثر من 2 مليار جهاز سنويا مجهزا بـ«يو إس بي».

* البث الفيديوي السريع

* تمكنت شبكة «إيثرنيت» السلكية دائما من تحقيق سرعات نقل أعلى بكثير من شبكة «واي ـ فاي»، لكن مجموعات المواصفات اللاسلكية تحاول دائما اكتشاف أساليب لمساعدة الشبكة الأخيرة لكي تحقق سرعة أكبر. وفي عام 2012 سيكون هناك بروتوكولان جديدان هما 802.11ac، و802.11ad للتحكم ببث البيانات عبر الأجواء بسرعة غيغابايت واحد في الثانية، أو أسرع. ونتيجة لذلك سيمكن للمستخدمين في المستقبل الحصول على بث متعدد عالي الوضوح، فضلا عن الألعاب، في المنزل، أو الغرفة الواحدة. إذ سيكون بمقدور الخوادم المركزية الخاصة بالوسائط ومشغلات «بلو ـ راي» أن تبث المحتويات من مواضعها في المنازل إلى الأجهزة الطرفية الموجودة في أي اتجاه، من دون الحاجة إلى كوابل غالية الثمن. أي سيكون من الممكن وضع قرص فلاش الذي يتضمن الفيلم السينمائي الثلاثي الأبعاد في اللاب توب لنقل محتوياته إلى خادم الشبكة عبر وصلة «واي ـ فاي» بسرعة غيغابايت، تمهيدا لعرض الفيلم بعد دقيقتين عبر وصلة لاسلكية 60 غيغاهيرتز على تلفزيون جداري عالي الوضوح. وسيحتوي أي من البروتوكولين هذين حمل بث فيديوي مضغوط متعدد، عبر قناة واحدة في الوقت ذاته.

ولكن عندما يتطلب الأمر بثا فيديويا غير مضغوط بسرعة تفوق الغيغابايت الواحد ينبغي استخدام نمط آخر أسرع. وهنا يأتي دور 802.11ad الذي تخلى عن النطاقين 2.4 غيغاهيرتز و5 غيغاهيرتز من الطيف الكهرومغناطيسي لترددات الأمواج، لصالح الطيف الجديد 60 غيغاهيرتز. ولكون هذا يتضمن محيطا واسعا من الترددات اللاسلكية في غالبية الأقطار، بما في ذلك الولايات المتحدة، سيكون بالمقدور استخدام قنوات متعددة متميزة لتنقل كل منها أكثر من غيغابايت واحد من الفيديو غير المضغوط. ولكن لسوء الحظ فإن هذه الموجات اللاسلكية التي يبلغ طول كل منها مليمترا واحدا تخترق الجدران والأثاث بصعوبة، كما أن أوكسجين الجو يمتص أكثرية الطاقة. لذلك كان دور 802.11ad الأفضل هو لتحريك المعلومات عبر المسافات القصيرة بين الأجهزة في الغرفة ذاتها بسرعة تقارب سرعة «يو إس بي 3.0»، أي أسرع من «بلوتوث 2» بألف مرة.

وستتيح مجموعة تجمع بين 802.11ad و 802.11ac مقرونة بـ«يو إس بي 3.0» وضع مجموعات من المعدات الكومبيوترية، وأغراض التسلية حولك في المنزل، إضافة إلى تسهيل عمل الـ«إيثرنيت» لوصل أجهزة واقعة على مكتب، أو داخل خزانة، في الغرفة ذاتها أيضا.

* التلفزيون الثلاثي الأبعاد

* يبدو أن تقنية وصناعة الأفلام الثلاثية الأبعاد قد تحسنت. وشرعت هوليوود في تشييد مكتبة لا تزال صغيرة من الأفلام المعززة العمق. وهي تجربة تختلف تماما عما اختبرناها في السابق. وهي تنطوي على الصعيد التجاري على فرض ألوان استقطابية متميزة على كل صورة مع جعل المشاهدين يضعون نظارات قابلة للتأثيرات الخارجية التي تكشف عن صور مختلفة بالنسبة إلى كل عين. ويقوم الدماغ بتركيب الصورتين في مشهد عام مقنع أكثر عمقا.

لكن خلافا إلى ذلك تعتمد المشاهد الثلاثية الأبعاد في المنزل على تبديل المشاهد المتلاحقة بالنسبة إلى العين اليمنى واليسرى. وتعمل التلفزيونات العالية الوضوح في غالبيتها على 120 هيرتز، أي 120 دورة تجديد وانتعاش في الثانية الواحدة، وبذلك تكون القدرة على تبديل الصور أمام العين اليمنى واليسرى أسرع من قدرة العين البشرية على ملاحقتها.

ورؤية المشاهد الثلاثية الأبعاد تتطلب نظارات «نشطة» التي تستخدم مصراعا سريع العمل لتبديل المناظر أمام كل عين. وهي غالية الثمن، لكنها ستنخفض مع تعميم هذه التقنية وانتشارها. في أي حال فإن المصممين هم الآن في مرحلة تطوير أجهزة تلفزيونية ثلاثية الأبعاد التي لا تتطلب نظارات كهذه. وأعلنت كل من «سوني» و«باناسونيك» عن خطط في هذا المجال. وعرضت الأخيرة جهازا واسع الشاشة من المتوقع طرحه في الأسواق العام المقبل. في هذا الوقت بمقدور أقراص «بلو ـ راي» تخزين المعلومات الخاصة بالأبعاد الثلاثية ومشغلاتها، هي الآن على لوحات الرسم والتطوير. ويجري التركيز حاليا على مسألة التطابق والتوافق، بحيث يمكن للتلفزيونات الثنائية الأبعاد الحالية تشغيل الأقراص الثلاثية الأبعاد.

* الواقع المعزز

* «الواقع المعزز» هو عبارة عن تعبير يصف ما تراه العين بعد تغطيته بمجموعة من البيانات والمعلومات التي تدور في إطار المشاهدة هذه التي يولدها الكومبيوتر. والهدف من هذه التقنية هو تعزيز قدرتنا على التفاعل مع الأشياء التي حولنا عن طريق الحصول على معلومات فورية لها علاقة مباشرة بهذه الأشياء.

وأحد العاملين في هذا المجال باباك بارفيز أستاذ النانوتكنولوجيا (التقنيات المتناهية الصغر) في جامعة واشنطن الذي يعمل على عدسة بيونية (بيولوجية ـ الكترونية) لاصقة بالعين التي من شأنها عرض الصور والمعلومات مباشرة عليها لتعزيز الواقع الذي تراه. فقد تكون راغبا مثلا في مشاهدة فيلم عنوانه مثلا «الغائب» تود عرضه على الشاشة الكبيرة.

لكن المشكلة هي في معرفة مكان الصالة السينمائية التي تعرض الفيلم، والسبيل للوصول إليها في الموعد المحدد. وكل ما تحتاج إليه هو وضع جهاز الهاتف الجوال على لوحة القيادة في السيارة ليقوم بإرسال الاتجاهات والتعليمات المتعلقة بدار السينما وعرضها على الزجاج الأمامي. وحال اقترابك من وجهتك ترى مجموعة من الأبنية الطويلة على هذا الزجاج يحمل أحدها اسم الصالة، واسم الفيلم الذي تقوم بعرضه، وكم من الوقت متبق قبل بدء عرض الفيلم. وبعد ذلك تسمع توجيها صوتيا بالستريو يقول لك «100 متر ثم استدر يمينا»، في الوقت الذي يظهر سهم كبير على الزجاج الأمامي ليوجهك إلى المكان الصحيح لإيقاف سيارتك. ويعمل الواقع المعزز فضلا عن تأمين المعلومات الإضافية في ميادين أخرى، كتعزيز الرؤية، فالكاميرات العاملة بالأشعة ما دون الحمراء المركبة في مقدمة السيارات ستعمل في يوم ما في توضيح مرأى الأجسام البعيدة وغير الواضحة عن طريق عرضها على الزجاج الأمامي أيضا. ويعمل بارفيز هذا وفريقه على أساليب لنقل مثل هذه العروض من الزجاج الأمامي إلى عدسات لاصقة تركب على العين التي تزود واضعها في مجال نظره، بمعلومات مستمرة في ما يدور حوله.

* لغة توصيلات جديدة

* صفحات الشبكة المشيدة بنظام HTML 5 (لغة نصوص التأشير النشطة، النسخة 5) ستظهر بالشكل ذاته على جميع السطوح المكتبية لمتصفحات الأجهزة المكتبية والجوالة على السواء. ففي الماضي كانت بعض صفحات الشبكة تتطلب نظام «إكسبلورر 4»، أو غيره من النظم المحددة بغية تصفحها. لكن برنامج HTML 5 الجديد هذا سيمكن من تصفح جميع صفحات الانترنت على جميع الأجهزة، مهما كانت طبيعتها، خاصة في ما يتعلق بالصوت والفيديو والأمور التفاعلية الأخرى. وهذا ما سيتيح للمصممين تأسيس مواقع على الشبكة تعمل مع جميع المتصفحات، بغض النظر إن كانت في أجهزة مكتبية، أو جوالة، بحيث تؤمن له تجربة غنية ومريحة وسريعة. وهذا تقدم كبير خاصة بالنسبة إلى الأجهزة الجوالة، لكون بعضها محدودا اليوم في قدرته على دعم تصفح بعض الوسائط المتعددة. ومن المتوقع ظهور بوادر هذا الإنجاز خلال عامين من الآن.