شبكة الجيل الرابع للاتصالات الجوالة.. نجاحات وعقبات

تؤمن متطلبات الزيادة الهائلة في تبادل المعلومات بين الهواتف الذكية

الأجهزة الجوالة الحديثة بحاجة الى شبكات اتصالات سريعة (ام سي تي)
TT

على الرغم من مزاعم الشركات التي تقدم خدمات الهواتف الجوالة حول سرعة جيل شبكة الاتصالات المقبل، فإن شبكة «4 جي» (الرابعة) لن تكون أسرع من الجيل الحالي (الثالث) «3 جي» سوى بنسبة ضئيلة جدا، على الأقل في البداية. فالكلفة العالية، وطلبات المستهلك المتزايدة للحصول على البيانات والمعلومات، والكابوس المرتبط بعمليات تركيب عشرات الآلاف من المواقع الخليوية الجديدة، ستحول دون بلوغ تقنية «4 جي» السرعات الموعود بها لسنوات من الآن، استنادا إلى خبراء الاتصالات اللاسلكية وشركات الخدمات.

* الجيل الرابع

* التقنية الصحيحة لـ«4 جي» ينبغي أن تتمتع بمواصفات نقل المعلومات بسرعة 100 ميغابت في الثانية على الأقل، وفقا إلى الاتحاد الدولي للاتصالات. وحاليا تقدم تقنية «3 جي» سرعات تصل إلى 2 ميغابت في الثانية، في حين يقدم النطاق العريض للاتصالات 5 ميغابت في الثانية للمنزل الأميركي العادي.

والأسرع أفضل طبعا، ولكن الطريق للوصول إلى هناك وعرة. فلكي يجري نشر شبكة «4 جي» يتوجب على بعض شركات الخدمة تركيب نحو 10 آلاف موقع خليوي، التي تكلف مئات الآلاف من الدولارات للواحد منها، استنادا إلى المحللة أكشاي شارما من مؤسسة «غارتنر».

وكانت اثنتان من كبرى الشركات الأميركية وهما «فيريزون وايرليس»، و«إيه تي آند تي» قد أعلنتا عن خطط لتشغيل شبكات «4 جي» خلال العامين المقبلين اعتمادا على تقنية جديدة تدعى «لونغ تيرم إفليوشن» (إل تي إي LTE) Long Term Evolution، أي شبكة «التطور الطويل الأمد».

وذكرت «فيريزون» أنها ستطلق شبكتها في 25 إلى 30 سوقا في العام الحالي، لتصل إلى 100 مليون شخص. أما «أيه تي آند تي» فتخطط لنشر تقنيتها في العام المقبل 2011.

وتزعم شركة الخدمات اللاسلكية «سبرينت نيكستيل» التي تأتي في المرتبة الثالثة بعد الشركتين المذكورتين آنفا، أن شبكتها «4 جي» موجودة الآن، وتعتمد على تقنية مختلفة تدعى «واي ماكس» WiMax، التي هي في الواقع تقنية «3 جي» معززة. ومع وجود أكثر من 50 شركة عالمية تعهدت بتشغيل شبكات LTE تكهن بعض المحللين بأنه من المحتمل أن تلتزم «سبرنت» بتشييد شبكتها هي أيضا في المستقبل القريب.

وستكلف شبكات LTE 8 مليارات دولار لتشييدها خلال فترة السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، مما سيزيد من نفقات التشغيل بالنسبة إلى شركات الخدمات بنحو 30 في المائة، استنادا إلى دراسة قامت بها شركة الاستشارات الخاصة بالشبكات الجوالة «إيركوم إنترناشنال». وهذا لا يشمل النفقات المخفية مثل الـ9 مليارات دولار التي أنفقتها «فيريزون» في المزاد الحكومي عام 2007 للحصول على الطيف اللاسلكي الذي ستنشر الشبكة عليه.

* شبكات عاملة

* أصبح لشركات الخدمات هامش ضيق سلفا بعدما أنفقت مليارات الدولارات في تشييد شبكات «3 جي»، وبالتالي موازنة الأرباح مع الحاجة إلى البقاء في المقدمة لتنفيذ طلبات الزبائن المتزايدة باستمرار. لذلك ستستمر شبكات «3 جي» و«2 جي» في الخدمة لبعض الوقت. ويقول مارك سيغيل الناطق الرسمي بلسان «إيه تي آند تي»، إن الأمر قد يتطلب بضع سنوات لتشييد شبكات «4 جي». وسيجري توقيت تنفيذنا لشبكات LTE مع موعد تشييد البنية الأساسية بكاملها، لذلك سنستمر في الاستثمار في شبكات «3 جي»، وفقا لقناة «سي إن إن» الإخبارية.

واستنادا إلى ذلك تقول «إيه تي آند تي» إنها ستستمر في الاستثمار في شبكة «3 جي». ويضيف سيغيل أن التحسينات في الشركة من شأنها مضاعفة سرعة «3 جي» إلى 7 ميغابت في الثانية بالنسبة إلى هواتف الشركة هذه وأجهزتها التي سيجري دعمها لتعمل على مثل هذه السرعات العالية.

وذكر ناطق بلسان شركة «فيريزون» أن سرعات «3 جي» من «إيه تي أند تي» هي الأقصى التي جرى تحقيقها على الصعيد النظري في المختبرات، لكن شبكة LTE الخاصة بها ستتمكن من تحقيق سرعات فعلية تصل إلى 5 و12 ميغابت في الثانية عندما تشرع في عملها المقبل. ولاحظت «فيريزون» أن معدل التنزيل الفعلي لا يمكن تحديده إلى أن يجري إطلاق شبكة «4 جي».

* حذر الخبراء

* ويقول كيم بيرديكيو المدير العام لمجموعة منتجات البنى الأساسية في شركة «جانيبار» إن التحول من «3 جي» إلى «4 جي» لا يتم بكبسة زر. فبعد خمس سنوات من الآن سيكون هناك استخدام لشبكة «3 جي» أكثر من «4 جي». وهذا يعني أنه يتوجب على أجهزة «4 جي» التواصل مع شبكات «2 جي» و«3 جي» للحصول على الخدمة عندما لا تكون «4 جي» متوفرة بعد في غالبية الأماكن. وقد تكون LTE متوفرة في مراكز المدن وشوارعها الرئيسية مبدئيا، «وهذا قد يستغرق وقتا أيضا» كما تقول شارما.

وستكون شبكة «4 جي» محصورة مبدئيا ببطاقات المعلومات وشرائح «يو إس بي» التي قد تبدو مشابهة لأقراص فلاش التي ستؤمن التواصل اللاسلكي. وثمة تكهنات بأن «سيرينت» ستقدم هاتف «واي ماكس» في العام الحالي، لكن «فيريزون» و«إيه تي آند تي» لا تتوقعان الكشف عن الأجهزة اليدوية التي تعمل على «4 جي» قبل أوائل عام 2011.

وعندما تصبح شبكات «4 جي» قيد العمل تماما، فإنه سيجري اقتطاع نسبة كبيرة من السعة بسبب الزيادة الكبيرة في طلب خدمات المعلومات. وتشكل الهواتف الذكية القطاع الأسرع نموا في الإلكترونيات الاستهلاكية. وقد لاحظت «إيه تي آند تي» زيادة قدرها 5000 في حركة تبادل المعلومات منذ طرح «آي فون» في الأسواق.

ومع وجود مثل هذه النفقات والكلفة العالية، والسرعات التي ما تزال قيد التساؤل، وحاجة شركات الخدمات للحفاظ على شبكات متعددة عاملة في الوقت ذاته، لا تبدو شبكة «4 جي» استثمارا جديرا بالنظر، ليس على الأمد القصير على الأقل. و«السؤال هنا ما إذا كانت المنافع التي تؤمنها LTE ستكون جديرة فعلا»، وفقا إلى دان هايز الشريك في شركة «بي آر تي إم».

ويبدو أن الشركات المقدمة للخدمات هذه ليست متفائلة جدا، استنادا إلى دراسة أخيرة تناولت 200 شركة عالمية مشغلة للخدمات اللاسلكية، إذ تقول الدراسة إن هناك نموا سيحصل في تصفح الشبكة، والبريد الإلكتروني، خلال السنوات الخمس المقبلة، وإن مثل هذه الخدمات يجري تقديمها بشكل مقبول جدا حاليا بسرعات «3 جي».

لكن في نهاية المطاف إذا ما تحققت السرعات الممكنة لشبكات «4 جي»، كما جاء في هذه الدراسة، فإن الاستثمار فيها سيكون له مردوده وأرباحه. إذ يعتقد 60 في المائة من الذين تناولهم الإحصاء المذكور أن تطبيقات «4 جي» التي ستتيح مثلا تعزيز الدردشة بالفيديو، ستمكن مزودي الخدمات بيع الإعلانات وجني الأرباح.

ويقول براين هيغينز رئيس مختبر LTE في «فيريزون»: «إن ألعاب الفيديو، وأي أمر آخر يتطلب نطاقا عريضا، يتطلب أيضا اتصالات متينة». ومع ذلك فإن هايز وشارما لا يزالان يجادلان بأن «فيريزون» و«سبرينت» لا خيارات كثيرة لهما في ما يتعلق بالتحديث، لكون شبكتهما «3 جي» تعملان دائما بأقصى سرعتهما.

أما «تي - موبايل» و«إيه تي آند تي» فيشغلان شبكتيهما «3 جي» وفقا لمستويات مختلفة، يقول الخبراء عنها إن سرعتها القصوى تصل إلى 21 ميغابت في الثانية، أي أسرع من سرعة LTE التي من المحتمل أن تقدمها حاليا. ونتيجة لكل ذلك يعتقد بعض المحللين أن «إي تي آند تي» ستؤخر تاريخ إطلاق شبكتها LTE لأنها تعمل حاليا على تعزيز شبكتها «3 جي». أما «تي - موبايل» فلم تعلن حتى الآن عن أي خطط تتعلق بـ«4 جي».