العالم العربي يدخل عصر تقنية العروض المجسمة

تلفزيونات وكاميرات وكومبيوترات وأجهزة ألعاب لمشاهدتها

TT

لن تسافر صيف هذا العام إلى أي مكان إن كنت من محبي تقنيات العروض المجسمة، بل ستبقى على الأغلب في منزلك تصور وتشاهد أحدث العروض المجسمة، حيث إن شركات صناعة التلفزيون والتقنيات الترفيهية تستعد للتنافس في صيف عام 2010 لإدخال أجهزتها المجسمة إلى منازل المستخدمين. ومن أولى الشركات التي ستطرح أجهزتها في المنطقة العربية، والسعودية على وجه التحديد، شركة «سوني» التي أعلنت الثلاثاء الماضي عن تحضيرها لطرح تلفزيونات، وكاميرات رقمية، وكومبيوترات محمولة، ومشغلات أقراص ليزرية، وأجهزة ألعاب تجسيمية في المنطقة العربية. ولا يمكن تصور جمال مشاهدة عروض هذه التقنية، خاصة عند عرضها باستخدام الدقة العالية، الأمر الذي يشبه رسم سيمفونية ما، ويجب مشاهدتها في صالات العرض الخاصة بشركات بيع التلفزيونات.

* تقنيات التجسيم العربية

* وأعلنت «الشركة الإلكترونية الحديثة المحدودة»، وكيلة شركة «سوني» في السعودية، عن عزمها طرح تقنيات مجسمة في المملكة في الصيف المقبل، تزامنا مع حلول مباريات كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا التي تصورها الشركة حصريا بكاميراتها التجسيمية الخاصة. واستعرضت «سوني» منتجاتها التجسيمية، وأكدت أنها ستطرح كاميرات رقمية تلتقط الصور المجسمة، وتلفزيونات عالية الدقة تعرض العروض العادية والمجسمة وتنتقل بينها بضغطة زر واحدة، بالإضافة إلى مشغلات «بلو - راي» خاصة وكومبيوترات «فايو» المحمولة بشاشات تدعم التجسيم. هذا، وستطرح الشركة تحديثا برمجيا مجانيا لجهاز «بلاي ستيشن3» عبر الإنترنت، يسمح له بتشغيل الأفلام والألعاب المجسمة في الفترة نفسها.

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع الأمير محمد بن خالد العبد الله الفيصل، الرئيس وكبير المديرين التنفيذيين لـ«مجموعة الفيصلية» المالكة لـ«الشركة الإلكترونية الحديثة المحدودة»، فقال إن «سوني» ستطرح منتجات ترفيهية تجسيمية في عام 2010 تسمح للمستخدمين بمشاهدة وتسجيل المحتوى المجسم، مثل عروض الأفلام، والألعاب، والرياضة، والبرامج الوثائقية، بالإضافة إلى الكاميرات الرقمية. وأضاف أن الشركة ستطرح في البداية شاشات مجسمة بأحجام تتراوح بين 40 و60 بوصة، وأن الأسعار ستبدأ من 10 آلاف ريال سعودي، وأن المشتري سيحصل على نظارتين مجانا مع كل جهاز، تسمحان له بمشاهدة العروض المجسمة، مع توفير نظارات إضافية في المتاجر، إن أراد المزيد.

وبالنسبة لمن يتخوف من عدم انتشار هذه التقنية في البداية، قال أوسامو ميورا العضو المنتدب لشركة «سوني الخليج»، إنه لدى 30 مليون مستخدم في العالم مشغلات تجسيمية من دون أن يعرفوا بذلك، هي أجهزة «بلاي ستيشن3» للألعاب، التي وصل عدد مستخدميها في السعودية إلى 300 ألف مستخدم، ونصف مليون في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيكون بإمكانهم تحديث أجهزتهم بتحميل ملف واحد مجاني عبر الإنترنت، ليصبح لديهم مشغلات «بلو - راي» وأجهزة ألعاب تجسيمية.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات، مثل «سامسونغ» و«باناسونيك»، قد بدأت في بيع تلفزيونات تجسيمية في الولايات المتحدة الأميركية في شهر مارس (آذار) الماضي، وستطرح شركات «إل جي» و«توشيبا» و«فيزيو» أجهزتها في صيف هذا العام أيضا.

* تقنيات متعددة

* يعمل نظام العرض المجسم بشكل شبيه بفكرة البث العادي، ولكنه يحاول خداع كل عين لترى صورة مختلفة قليلا من حيث زاوية التصوير. وتصور العروض باستخدام كاميرتين كل منهما إلى جوار الأخرى، مع وجود مسافة تفصل بينهما تساوي معدل المسافة بين بؤبؤ عيني المشاهد (نحو 7 سنتيمترات).

وتنقسم تقنيات التلفزيونات المجسمة إلى 4 أنواع؛ الأول هو العروض التي تستخدم أكثر من لون لإيحاء التجسيم Anaglyphic، وتعتمد هذه التقنية على استخدام نظارات زرقاء وحمراء، وهي تقنية باتت قديمة بعض الشيء. التقنية الثانية تعتمد على مبدأ الاستقطاب Polarization، وهي تستخدم نظارات خاصة مستقطبة. التقنية الثالثة هي عرض الفيلم بصور متباينة وسريعة للغاية Alternate - frame Sequencing، وهي التقنية التي من المتوقع أن تسود أسواق التلفزيونات المجسمة، وهي تحتاج إلى استخدام نظارة خاصة يرسل إليها مجس لاسلكي خاص متصل بالتلفزيون معلومات تطلب منها تغيير ترتيب بلورات العدسة اليمنى أو اليسرى بسرعة محددة، ومن دون أن يشعر المستخدم بذلك. التقنية الرابعة والأخيرة هي تقنية التجسيم الآلي Autostereoscopic التي لا تحتاج إلى استخدام النظارات الإضافية، نظرا لأن الشاشة مصنوعة من عدسات وحواجز خاصة تعيد توزيع الصورة بزوايا مختلفة لتوهم عين المشاهد بأن المشهد مجسم، وهي تقنية مكلفة جدا حتى الآن، ومن المتوقع أن تنتشر في الشاشات الصغيرة (مثل الهواتف الجوالة الجديدة والكومبيوترات الشخصية المتطورة).

ويحتاج كل جهاز لأن يدعم سرعة العرض 120 هيرتز على الأقل (60 هيرتز لكل عين، أي 60 صورة في الثانية الواحدة)، مع تفضيل الخبراء الأجهزة التي تدعم سرعة العرض 240 هرتز (120 لكل عين) للحصول على عروض في غاية السلاسة والجمال. وإن أردت مشاهدة عروض مجسمة عالية الدقة، فيجب استخدام جهاز بث أو استقبال (مثل مشغل أقراص ليزرية، أو جهاز استقبال بث الأقمار الصناعية) يدعم تقنية «إتش دي إم آي 1.4» HDMI 1.4.

* تحديات وعقبات

* يجب تذكر أن تقنيات التجسيم المنزلية لا تزال في مهدها، وستشهد تطويرات كبيرة مقبلة. ومن التحديات الحالية التي تواجه هذه التقنية أن النظارات الخاصة لشركة ما لن تعمل غالبا عند استخدامها مع تلفزيونات شركات أخرى، ويجب شراء نظارات أخرى قد يصل سعر بعضها إلى 150 دولارا للواحدة. ولن تناسب هذه النظارات الأطفال على الأغلب، نظرا لأن المسافة بين أعينهم أقل من تلك لدى البالغين، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم شعورهم بالتجسيم بشكل صحيح. وتطور حاليا تقنية قد تلغي الحاجة إلى استخدام هذه النظارات، وتستبدل بها أخرى يبلغ سعرها دولارا واحدا، ولكن سعر التلفزيون سيكون مرتفعا.

ووفقا لآراء بعض الأطباء، مثل مايكل روزنبرغ الطبيب في كلية فايوبيرغ للطب في جامعة نورثويسترن الأميركية، فإن تقنيات التجسيم قد تؤثر على من لديهم بعض المشكلات في عيونهم، خاصة لدى مشاهدة العروض التي تحتوي على بعض العيوب في إيجاد شعور التجسيم، حيث قد يشعر المشاهدون بتعب في عيونهم، أو بالصداع.

ولدى سؤاله حول موضوع الصداع والمشكلات البصرية التي قد تحدث للمشاهدين، قال تارو كيومرا، مدير عام المبيعات والتسويق في «الشركة الإلكترونية الحديثة» بالسعودية، لـ«الشرق الأوسط» إن من السهل إنتاج عروض مجسمة، ولكن من الصعب إنتاج عروض مجسمة متقنة، ذلك أن العروض المجسمة العادية قد تسبب صداعا أو دوارا لدى المستخدمين الذين يعانون من مشكلات بصرية، ولكن تقنيات «سوني» في التصوير والإنتاج والعرض لن تسبب ذلك إن استخدمت بالطريقة الصحيحة. وأضاف أن «سوني» افتتحت مركزا متخصصا في الولايات المتحدة الأميركية للتدريب على تصوير وإنتاج الأفلام المجسمة بالطرق السليمة للمشاهدين، لضمان أفضل تجربة مشاهدة ممكنة.

* عروض مجسمة

* ونظرا لأن المحتوى المجسم هو العامل الأهم الذي سيدفع المستخدمين إلى شراء الأجهزة الجديدة، فإن استوديوهات هوليوود تعيد إنتاج كثير من الأفلام لتصبح مجسمة، حيث يوجد حاليا نحو 450 فيلما سينمائيا مجسما تمتد من عام 1903 إلى العام الحالي، وتتراوح بين أفلام الدراما والتشويق والكوميديا والخيال العلمي والرسوم المتحركة، وغيرها. وتبث كثير من المحطات التلفزيونية برامج مجسمة، بالإضافة إلى بدء شبكة «إي إس بي إن» ESPN الرياضية بث مباريات مجسمة في 11 يونيو (حزيران) القادم، وبث شبكة «سكاي يو كيه 3 دي» Sky UK 3D برامج مجسمة في شهر أبريل (نيسان) الحالي، مع تقديم كثير من المحطات الأخرى كثيرا من المسلسلات المجسمة المختلفة.

هذا، وتدرس بعض المحطات التلفزيونية العربية، مثل «رؤية الإمارات إي - فيجين»، و«أوربت شوتايم»، ومجموعات البث لقنوات «الجزيرة»، تحديث باقات قنواتها لتوفير البث المجسم في منازل الشرق الأوسط في العام الحالي. وتؤكد شركة «كومكاست» للبث التلفزيوني أنه لا توجد حاجة إلى استخدام نطاق بث أكبر بالنسبة للعروض المجسمة، حيث يكفي ترقية أجهزة استقبال وتلفزيون المستخدمين.

ولمعرفة مزيد عن الأفلام والتلفزيونات والكاميرات وأجهزة البث المجسمة، يمكن زيارة موقع http://www.3dmovielist.com الذي يقدم تفاصيل أكثر حول هذه العروض والأجهزة.