تطبيقات الواقع المعزز الجوالة.. ترصد هوية الغرباء

تتيح التقاط صورة بالهاتف الجوال والبحث في الشبكات الاجتماعية للتعرف على اسمه

TT

ينظر الخبراء إلى تطبيق إلكتروني واعد يوضع داخل هاتف ذكي، يتيح للمستخدمين توجيه الهاتف المزود بكاميرا إلى وجوه الغرباء.. للتعرف عليهم فورا! وكان هذا التطبيق قد عرض في مؤتمر التقنيات الجوالة في برشلونة في فبراير (شباط) الماضي بإسبانيا، ويتوقع أن يطرح قريبا. ويجمع هذا البرنامج الذي أشرفت على تطويره شركة «ذي أستونيشينغ ترايب» (تات) السويدية المتخصصة في التصميم والبرمجيات الجوالة، بين نظم المرئيات الكومبيوترية، والعمليات السحابية، وتقنيات التعرف على الوجوه، والتجوال في الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى نظم الواقع المعزز.

وكانت تقنيات الواقع المعزز قد طورت على يد مجموعات من الباحثين والخبراء منذ نحو عقد من السنين. وهي تتوجه إلى فرض لقطات أو صور الأشخاص والمعلومات الافتراضية، على المشاهد الموجودة فعلا في العالم الواقعي المحيط.

ويقول دان غاردنفورس رئيس قسم أبحاث خبرات الاستخدام في الشركة السويدية أنه «يأخذ الشبكات الاجتماعية إلى مستوى جديد»، ويضيف: «لقد فكرنا في جمع أو توليف الأساليب التي يجتمع الناس بموجبها في العالم الحقيقي، مع الأساليب الجديدة التي ترتكز عليها تجمعات مستخدمي الإنترنت».

* رصد هوية الغرباء

* وكانت «تات» قد قدمت عروضها للواقع المعزز، بهدف التعرف على الهويات خصوصا هويات الغرباء. وقد أطلقت عليه اسم «ريكوغنايزر» Recognizr )النظام الذي يتعرف على..) ليعمل على هاتف مزود بكاميرا بقدرة 5 ميغابيكسل، وعلى نظام تشغيل «أندرويد». ويقوم المستخدم بفتح هذا التطبيق وتوجيه كاميرا الهاتف إلى شخص قريب منه، ليقوم البرنامج الذي شيدته شركة المرئيات الكومبيوترية السويدية «بولر روز» بتحري وجه هذا الشخص، وبالتالي إيجاد «بصمة» فريدة له عن طريق الجمع بين القياسات الخاصة بخصائص أو ملامح الوجه، وتشييد نموذج ثلاثي الأبعاد. ويجري إرسال هذه «البصمة» الشخصية إلى كومبيوتر خادم، حيث تجري مقارنتها مع البصمات الأخرى المخزنة في قاعدة المعلومات.

وإذا كان هذا الشخص قد اختار الدخول في هذه الخدمة، وقام بتحميل صورة له مع سيرة ذاتية، يقوم الخادم عند ذاك بإرسال اسم الشخص مع الروابط التي تقود إلى السيرة الذاتية الموجودة على كثير من مواقع الشبكات الاجتماعية، بما فيها «تويتر» أو «فيس بوك». ويقوم برنامج «بولر روز» أيضا بتحري موقع رأس الشخص لتستخدم «تات» هذه المعلومة لعرض اسمه، مع أيقونات لروابط الشبكة على شاشة الهاتف من دون حجب وجهه.

وهذا أسلوب قوي جدا، للتعرف على الوجوه، وأفضل بكثير مما شاهدناه سابقا، كما يقول أندرو تيل نائب رئيس الحلول التسويقية في «تيليكا»، وهي شركة للاستشارات الخاصة بالبرمجيات الجوالة في المملكة المتحدة.

ويضيف تيل في حديث مجلة «تكنولوجي ريفيو» أن تطبيق الصورة والتعرف على الوجوه وفقا للاتجاه الحالي لنشر الصور في المواقع الاجتماعية، من شأنه فتح إمكانيات جديدة مثيرة للاهتمام. «وبذلك نبدأ في الانتقال إلى أساليب خلاقة جدا لجمع كثير من الخدمات بأسلوب مفيد للاستخدامات الشخصية، والتجارية، وبالتالي الشروع في الدخول في مجالات لم نكن نستطيع فعلها سابقا»، على حد قوله.

وبمقدور حسابات «بولر روز» الكومبيوترية، أن تعمل على هاتف «آي فون»، وعلى هواتف «أندرويد» الجديدة، كما يقول جان إيريك سوليم كبير التقنيين في الشركة ومؤسسها. ويستخدم تطبيق التعرف المعزز على الهويات، خادما سحابيا للقيام بالتعرف على الوجوه، نظرا إلى أن الكثير من الأشخاص يكونون غير معروفين من قبل المستخدم، ولا توجد صورة لهم في هواتفهم على سبيل المقارنة، ولكي يجري بالتالي تسريع هذه العمليات، لأن الهاتف لا يملك قدرة معالجة كبيرة.

* تطبيقات الواقع المعزز

* وحتى العام الماضي كانت جميع هذه التطبيقات النموذجية الأولية للواقع المعزز تتطلب معدات للرأس كبيرة الحجم، إضافة إلى كومبيوترات لابتوب. ولكن ظهور المزيد من المستشعرات القوية، والكاميرات، والمعالجات الصغيرة الدقيقة المشيدة داخل الهواتف الجوالة، أدى إلى دخول تطبيقات الواقع المعزز إلى صلب الأحداث. وشرعت الكثير من التطبيقات أيضا تستفيد من شرائح «جي بي إس» الملاحية، والبوصلات التي تتوفر في الهواتف الذكية الجديدة. ومثال على ذلك فقد شرع تطبيق «مترو باريس» من «بريس لايت»، و«نيريست تيوب» من «أكروس إير» بتزويد مستخدمي «آي فون» بالاتجاهات إلى أقرب محطات قطارات الأنفاق.

غير أن غاردنفورس يصف مثل هذه التطبيقات بأنها تطبيقات «خام» نسبيا. لأنها غالبا ما تحجب الأشخاص بالأسماء والعناوين، كما أنها أحيانا محدودة، لأن المعلومات الخاصة بالموقع قد لا تكون متوفرة. وهو يعتقد أن الكثير من خدمات الواقع المعزز بمقدورها الاستفادة من عناصر مرئيات (ما يراه) الكومبيوتر لجعل استرجاع المعلومات وتسمية المواقع أكثر دقة. «وهذا قد يعمل أيضا بالنسبة إلى الأنواع الأخرى من الأمور، وأعتقد أننا سنرى ذلك قريبا»، على حد قوله.

لكنه يلاحظ أن استخدام مرئيات الكومبيوتر للتعرف على الأبنية والعمارات والأشياء الأخرى، تحمل في طياتها تحديات لم يتمكنوا من مواجهتها لدى تطوير التطبيق المعزز للتعرف على الهويات. «فمع التعرف على الوجوه، فإنه من الواضح معرفة ما الذي ترغب في البحث عنه، ولكن مع الأشياء الأخرى، فإنه قد يكون من الصعب معرفة أي بند على الشاشة تود التعرف عليه».

ويقول غاردنفورس إن «تات» قد أخذت مسألة المحافظة على الخصوصيات بالنسبة إلى هذه التقنية محمل الجد منذ البداية. «فالتعرف على الوجوه قد يكون أمرا مرعبا، وقد يستخدم للكثير من الأغراض». ولهذا السبب فقد صممت الشركة «ريكوغنايزر» كخدمة اختيارية. «إذ يتوجب على الأشخاص تحميل الصور وسيرهم الذاتية وربط ذلك مع الشبكات الاجتماعية المختلفة، قبل أن يستطيع أحدهم استخدام الخدمة للتعرف عليهم. من هنا يتوجب أن تكون قادرا على البحث عن الأشخاص الذين انضموا إلى هذه الخدمة فقط»، حسب قوله.

وكان فيديو من نوع تطبيق التعرف المعزز على الهويات الشخصية الذي قامت «تات» بنشره على «يو تيوب» في الصيف الماضي قد جذب الكثير من الاهتمام. ويقول غاردنفورس إن شركته كثيرا ما تلجأ إلى مثل هذا الأسلوب لتقرير الأفكار التي تبرر المضي في تطويرها. كما أن العروض الحية تجلب الكثير من الاهتمام خلال المؤتمرات. «ومن المحتمل أن نعقد شراكة مع بعض الشركات للدخول إلى المرحلة التالية، وبالتالي إنتاج أحد التطبيقات». وفي الوقت الذي يتطلب مثل هذا الأمر شراكة مع صانع للجهاز، وشركة أخرى لتقديم الخدمة، ومع خدمات الشبكات الاجتماعية، يبدو أن التقنية باتت من النضوج بحيث إن تطبيقا قد يكون جاهزا خلال شهر أو شهرين، على حد قوله.