خلايا اتصال صغيرة لتسريع الاتصالات الهاتفية داخل المنازل

«الفيمتوسيل» تحل محل أبراج الاتصالات الجوالة

TT

لتلبية الطلب المتزايد على البيانات اللاسلكية، لجأت الكثير من شركات الهواتف الجوالة إلى الجيل الرابع من الشبكات. ولكن كي تحقق سرعة عالية خصوصا داخل المنازل، وفي المناطق المزدحمة، أنتجت بعض الشركات أجهزة تشغيل جوالة داخل المنازل تحتاج إلى قدر ضئيل من الطاقة يطلق عليها الخلية المتناهية في الصغر «الفيمتوسيل» (femtocell) (خلية الفيمتو. والفيمتو هو وحدة قياس يبلغ 1 من الكواردليون، أي 1 من الألف من التريليون، أو 1/10 قوة 15).

وفي السابق كان الانتقال من النظام التناظري للبث والاستقبال نحو النظام الرقمي، ثم إلى شبكات «الجيل الثالث»، هو مجرد تطوير أو ترقية للتقنية المستخدمة بالفعل في أبراج الهواتف الجوالة. أما الآن فإن النمو المتسارع للهواتف الذكية فرض على الشركات البحث عن طرق جديدة لتعزيز معدل نقل البيانات. ومن السبل التي لجأت إليها الشركات لتعزيز سرعة نقل البيانات داخل المباني، التي تكون معدلات عرقلة البث والاستقبال فيها مرتفعة للغاية، استخدام بعض المحطات الجوالة الصغيرة (بحجم جهاز راوتر الواي فاي) لتنظيم حركة البيانات على شبكة الإنترنت.

* سرعات بث عالية

* وقد بدأت بالفعل الشركات الأميركية «إيه تي آند تي» و«فيريزون»، و«سبرينت» بيع أجهزة «الفيمتوسيل» التي يمكن استخدامها داخل المنازل لتعزيز استقبال البيانات اللاسلكية. كما تبحث بعض الشركات الأخرى إمكانية استخدام «الفيمتوسيل» كوسيلة لرفع أداء شبكاتها، خاصة أن أجهزة الإرسال صغيرة بما يكفي لوضعها في أي مكان بدءا من خطوط الطاقة وحتى مصابيح الشارع وأكشاك الهاتف.

ويقول وو جون كيم، نائب رئيس القسم التكنولوجي، في مصنع «إيرفانا» لإنتاج الفيمتوسيل، إنه من الممكن تحقيق سرعات أكبر بنحو عشر مرات من التي توفرها شبكات الجيل الثالث باستخدام البنية التحتية الحالية للشبكات. لكنه أضاف «إذا كنت تريد رفع السرعة أكثر من ذلك بكثير، فسوف تحتاج إلى ما يعرف باسم «إعادة الاستخدام في الفضاء المجاور» (Spatial reuse) الذي يستغل قرب المستخدمين من بعضهم لكي يضعهم معا في محطات رئيسية، وذلك حيث يشترك عدد أقل من المستخدمين في كل «نقطة اتصال» دون أن تتأثر الطاقات الاستيعابية لـ«نقاط الاتصال» الفردية.

وفي الماضي، كانت «الفيمتوسيل» باهظة التكلفة، مما عرقل انتشارها على نطاق واسع، لكن شركة «أبيكويسي» لإنتاج «الفيمتوسيل» أنتجت أخيرا وحدات تصل قيمتها إلى 100 دولار أميركي. كما أعلنت «إيه تي آند تي» عن إنتاج وحدات تبلغ سعر الواحدة منها 150 دولارا أميركيا.

ومن جهته، يقول ريك كير، الرئيس التنفيذي لـ«بابليك وايرليس» التي تقوم بتركيب البنية التحتية لـ«الفيمتوسيل» وتؤجرها، إن تقسيم منطقة واسعة من التغطية اللاسلكية إلى منطقتين أصغر باستخدام أجهزة الفيمتوسيل يزيد من الطاقة الاستيعابية اللاسلكية بنحو 85%.

وقال كيم في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو» إن «الفيمتوسيل» تتمتع بعدد من المزايا يفوق ما تقدمه تقنية «واي فاي»؛ وذلك حيث إن المستخدمين ليسوا بحاجة إلى استخدام برمجيات معينة مثل «سكايبي» لكي يستطيعوا استخدامها. كما توفر تلك الأجهزة نطاقا أوسع من التغطية (يصل إلى كيلومترين إذا ما تم استخدامها خارج المنزل)، وهي مصممة أيضا لتجنب التداخل مع أجهزة البث الجوالة الأخرى من خلال الاتصال بالكومبيوترات المركزية للشركة وتعديل قوة الإشارة وفقا لذلك. كما تستطيع «الفيمتوسيل» أن تنقل البيانات والأصوات لنقاط اتصال أخرى أثناء حركة المستخدم أو أثناء قيادته السيارة في منطقة تتمتع بتغطية «الفيمتوسيل».

* أبراج صغيرة

* وتجدر الإشارة إلى أن «بابليك وايرليس» أصبحت قادرة على نشر الخدمات الجوالة في المناطق التي كان من المستحيل الحصول على تصريح بوضع أبراج كبرى فيها، وفقا لكير. فعلى سبيل المثال، طلبت «تي موبايل» من «بابليك وايرليس» أن تمد التغطية إلى منطقة «دياموندهيد» التي تقع بالقرب من فوهة بركان على مقربة من ساحل ويكيكي في هونولولو بهاواي. يقول كير «لقد أنفق كل واحد منهم ملايين الدولارات في محاولة للحصول على برج جوال في ذلك المكان. ولكننا استطعنا توفير تغطية في أقل من يوم، وتعمل هذه الوحدة منذ تسعة أشهر».

ومن جهة أخرى، تستطيع أجهزة «الفيمتوسيل» أن توفر حلا لإحدى المشكلات التي تظهر أثناء الانتقال من شبكات الجيل الثاني إلى شبكات الجيل الثالث. فحاليا عندما تقوم الأبراج بتنفيذ عملية الانتقال، فإن مساحة التغطية الحقيقية التي تقدمها تتقلص بنحو 20%، مما يترك ثغرات في المناطق التي كانت تتم تغطيتها قبل ذلك. ويقول كير إن هذه الثغرات من المستحيل معالجتها من خلال أي نوع آخر من التكنولوجيا.

ويعتقد كيم أنها مسألة وقت قبل أن تنتشر «الفيمتوسيل» سواء داخل المنازل أو في المناطق المدنية المكتظة بالسكان «فعندما تثق الشركات في تلك الأجهزة، سوف تنتشر في كل مكان. ونحن نتوقع أن يؤدي إنتاج (إيه تي آند تي) لتلك التقنية إلى تزايد التغطية الصحافية في المستقبل لـ(الفيمتوسيل)».

وتقدر شركة أبحاث السوق «يسوبلي» أن ترتفع معدلات بيع «الفيمتوسيل» التي كانت تبلغ 600 ألف خلال العام الحالي إلى نحو 40 مليونا في 2013.

ومن جهة أخرى، هناك عدد من المثالب في «الفيمتوسيل» مقارنة بالبنية التحتية الموجودة حاليا. فأولا، تعتمد «الفيمتوسيل» المنزلية على أن يكون لدى المستخدم بالفعل اتصال واسع النطاق بالإنترنت. كما لا تلائم «الفيمتوسيل» المستخدمين الذين يسافرون بالسيارة أو بالقطار لأنه في هذه الحالة سيتم نقل المكالمة بين نقاط اتصال كثيرة. ومن جهة أخرى، ما زالت «الفيمتوسيل» غير قادرة على منافسة الأبراج المرتفعة إلى 120 قدما (نحو 40 مترا) عتيقة الطراز التي توفر تغطية تصل لخمسة أميال في كل اتجاه والمنتشرة في المناطق الريفية.