الرياضة التفاعلية تبلغ ذروتها في المعرض الدولي للألعاب الإلكترونية

تقنية «كينيكت» من «مايكروسوفت» تطابق حركة الإنسان مع حركة الشكل الافتراضي

العاب حركية «تمارس في شتى الاوضاع» («الشرق الاوسط»)
TT

من يتجول في شوارع مدينة كولون الألمانية هذه الأيام يشعر أنه يعيش فترات تاريخية متعددة، الفترة العصيبة التي عاشتها المدينة في أواخر أيام الحرب العالمية الثانية، فها هو القائد النازي هملر يفجر جسر المحطة العظيم الذي يسير عليه 1200 قطار يوميا الآن. وها هي سيارات سباق الفورميولا1 تتسابق، تتصادم، وتنفجر قرب كاتدرائية المدينة (الدوم)، والغواصات النووية تتحرك تحت سطح نهر الراين، تستهدف قوات الغزاة المقبلين من كوكب بعيد.

* آلاف الألعاب الجديدة

* ليست الألعاب المذكورة سوى «عينة» صغيرة من آلاف الألعاب، ونحو 200 ألف لعبة جديدة تعرضها 505 شركات، من 33 بلدا، في المعرض الدولي للألعاب الإلكترونية «غيمزكوم» الذي انطلق الخميس الماضي، وانتهى أول من أمس. فالمعرض يتوسع مع توسع تجارة ومبيعات قطاع الألعاب الإلكترونية، ويمتد من ساحة المعرض على ضفة الراين اليمنى إلى كل شوارع وساحات المدينة. إذ وضعت الشركات الكبرى، بالتعاون مع بلدية المدينة، آلاف الأجهزة والألعاب تحت تصرف الجمهور الكبير في المدينة.

والألعاب التي تجري أحداثها في شوارع وساحات كولون خصصها الكثير من الشركات الكبرى، وخاصة «مايكروسوفت»، التي تتخذ من كولون مقرا لها، لأهالي المدينة بغية إثارة انتباه أكبر جمهور ممكن. وهو ما فعلته شركات كبرى أخرى تتخذ من المدينة، منها «نينتندو» و«سوني» أيضا، مقرا أوروبيا لها كي تكون دائما على قرب من قاعات المعرض.

وبحديثنا عن تمدد المعرض ورواج المبيعات، فإننا نتحدث عن أول وأهم نزعة في عالم «غيمزكوم» لعام 2010. فقطاع إنتاج الألعاب الإلكترونية يسير على خطى قطاعي الهواتف الجوالة والتلفزيونات ذات الشاشات المسطحة، ويحقق الأرباح على الرغم من الأزمة العامة التي تصيب قطاع الكومبيوتر والأجهزة الإلكترونية ككل، وتراجع عدد الشركات المساهمة في معرض الكومبيوتر الدولي «سيبت»، وتراجع أرباح معظم الشركات المساهمة فيه.

* ألعاب حركية

* النزعة الثانية المهمة في المعرض، التي تلاحق نزوع بشر اليوم للرياضة واللياقة البدنية والرشاقة، هي ازدياد ترابط الألعاب الإلكترونية بحركة الجسم. فهناك رواج ملحوظ للألعاب الرياضية، وخاصة الجماعية منها، التي توفر المتعة الجماعية للعائلة، وتسهم في تخليصهم من كيلوغرامات الشحم الزائد. وأجرى موقع «الرقابة الذاتية على سوفت وير الألعاب» (USK) دراسة على 3100 لعبة، من أكثر ألعاب الفيديو والكومبيوتر رواجا في العالم، ومنح نحو نصفها تقريبا 48.6% صفة الصلاحية للأطفال والشباب والعائلة. ومنحت نسبة 6.6% فقط صفة عدم الصلاحية للأطفال والمراهقين، أو درجة عدم الصلاحية أساسا للعب. وتعبر هذه النسبة بشكل واضح عن تحسن سمعة ألعاب الكومبيوتر المتهمة بتخريب حياة الشباب والأطفال، والتسبب بالبدانة وتنمية ميولهم نحو العنف.

التوجه الثالث، وهو جيل ألعاب المستقبل، وهو النزوع نحو الألعاب المجسمة (الثلاثية الأبعاد) التي تتخلى عن النظارات الخاصة بمشاهدة هذه الأفلام. وواقع الحال أن تقنية التجسيم دخلت عالم الألعاب الإلكترونية قبل طغيان موجة الأفلام التي بدأها فلم «أفاتار»، لكن قطاع الألعاب الكومبيوترية يحاول الآن تجاوز هذه الفجوة بالتعاون مع خط إنتاج التلفزيونات المجسمة.

قدم عمالقة الألعاب، وهي «سوني» و«مايكروسوفت» و«ننتيندو»، ما هو جديد في المعرض الحالي، لكن «سوني» و«مايكروسوفت» قدمتا تقنيات جديدة، في حين اكتفى رائد القطاع (ننتيندو) بتقديم ألعاب جديدة.

* صندوق «مايكروسوفت»

* «مايكروسوفت» تحدثت عن ثورة في عالم الألعاب من خلال صندوق «كينيكت» الذي نجح لأول مرة تقريبا في منح الرياضة التفاعلية بعدا جديدا من خلال مطابقة حركة اللاعب مع حركة الشكل الافتراضي على الشاشة أثناء ممارسة الرياضة. كما أنه جرد اللاعب من المضارب وأجهزة التحكم عن بعد، وما إلى ذلك.

واستخدمت «مايكروسوفت» في هذه التقنية كاميرا تصور حركة جسم اللاعب بثلاثة أبعاد، ونظاما للتعرف على الصوت يربطان على جهاز XBox 360. وطبيعي فهناك عدة أنماط من «كينيكت»، مثل «كينيكت سبورت» و«كينيكت ألعاب»...إلخ. وذكر كودو سوندا، مدير «مايكروسوفت - ألمانيا»، أن صندوق «كينيكت» أفضل تقنية لمراقبة الحركة وتقليدها يمكن للإنسان أن يخترعها، وكمثل يمكن في الرياضة لراكض الحواجز 110 أمتار أن يرى الحواجز الافتراضية وكأنها داخل غرفته، ويقفز عليها كما لو أنها حقيقية. وتفوقت «مايكروسوفت» على الآخرين من خلال توقيت تسويق «كينيكت» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي قبل أعياد الميلاد وضمنت بذلك سوقا كبيرة (السعر 150 يورو).

* «حركية سوني»

* «سوني» طرحت تقنية مماثلة باسم «بلاي ستيشن موف» التي تستخدم جهازا لرصد الحركة وصورة مجسمة لتحريك الإنسان مع صورته على الشاشة. وهناك كاميرا (عين) ترصد الحركة وتقيس أبعادها وقوتها وتحرك على أساسها الكرات والأشياء. وهناك عدة ألعاب طرحتها «بلاي ستيشن» لتلائم اللعب بتقنية «موف» منها، ديوك (ملاكمة)، موف بارتي (التسابق مع لاعب فوضوي لا يمكن حساب ردود أفعاله وخطواته)، سبورتس تشامبيونز (أبطال العالم في الرياضة ضد صاحب اللعبة) وسلايدر ( كونغ فو). وعلى من يريد العين وجهاز التحكم الجديد لممارسة الألعاب الجديدة أن يدفع 140 يورو إضافية.

«نينتندو» ركزت هذا العام على الألعاب الثلاثية الأبعاد (المجسمة)، ولم تغير تصاميم وتقنيات أجهزتها، لكنها مكنت اللاعب من رؤية الصور الثلاثية الأبعاد من دون الحاجة لنظارات خاصة. والصور التي تظهر في «نينتندو» تشبه الهولوغرام، وكان «سوبر ماريو» يكاد يقفز من الشاشة وهو يتجول في الفضاء. (تنزل الأسواق في مارس (آذار) 2011) وما يجري على الشاشة حاكته شركة «سيمفورس» الألمانية الصغيرة على سيارة محاكاة سباقات السيارات السريعة، إذ زودت الشركة نموذج سيارة من «مرسيدس ماكليرن» بنظام يحاكي حركة واهتزاز السيارة تماما، واعتبرته تحديا حقيقيا لكل من يرغب بالتمرن لمواجهة أبطال العالم في اللعبة. عدا ذلك يمكن لقائد السيارة أن يلبس خوذة تصور له افتراضيا متسابقين ينافسونه أيضا.

ويبدو أن الشاشة الفضية والألعاب ستلاحق الناس، بعد أن احتلت صالات الاستقبال ومكاتبهم، إلى الحمام وغرفة النوم. هذا في الأقل ما يمكن للزائر تجربته في القاعة 8 حيث تتوفر الشاشات المثبتة في السقف وأمام البانيو، ويستطيع اللاعب أن ينام في حوض الاستحمام ويلعب ضد الآخرين على الإنترنت. كما يمكن للزوجين النوم على السرير ولعب الجمناستك أمام الشاشة المثبتة في السقف.

* لعبة «مافيا 2»

* وقف المراهقون بالدور، أحيانا لمدة ساعتين، كي يجربوا لعبة مافيا2 (من 2ك) في القاعة 6، فهذه اللعبة من أكثر الألعاب التي شدت الجمهور. ولعبة غوتيك4 تصور هذه المرة بطلا يشبه روبن هود يناضل ضد الأباطرة والطغاة على خلفية جميلة من المدن والمشاهد الطبيعية.

جمهور أكبر رافق مسابقات شركة «بليزارد إنترتينمن» لاختيار بطل ألمانيا والمعرض في لعبة ووركرافت 3 التي تعتبر من الألعاب الجديدة المطورة في المعرض. وفاز بالجائزة طالب اقتصاد من كولون، اسمه دينيس شنايدر (22 سنة) وتوفرت له الفرصة، بهذا الفوز، الآن لتمويل دراسته من دون الحاجة للعمل في المطاعم لأن مبلغ الجائزة غير قليل (130 ألف يورو). يذكر أن النسخة الأولى من ووركرافت تم تطويرها عام 1994.

وستار كرافت 2 ( شركة بليزارد) هذا العام عبارة عن ثلاثة، اسمها «ونغز أوف ليبرتي» وتصور حروب مجرات ضد بعضها من أجل احتكار المواد الخام النادرة. أما جون ماترسون من «تيك2» فهو خارج سابق على القانون في زمن الكاوبوي، تزوج الآن واعتزل المغامرات، لكن الحكومة الاتحادية تختطف زوجته وابنه وتطالبه، مقابل الإفراج عنهما، بتحطيم عصابته السابقة وتسليم رئيسها حيا.

* ألعاب جديدة

* الجميل في لعبة باترسير4 الألمانية أنها لعبة اقتصادية، تذكر بمونوبولي، وتعتبر تحديا لأي تاجر. وتصور اللعبة تاجرا من شمال ألمانيا تبحر سفنه في بحر الشمال ويخوض حروبا ضد اللصوص والقراصنة. ويزور التاجر عشرات المدن في طريقه، وتظهر اللعبة تفاصيل 30 مدينة في القرون الوسطى تمتد ما بين باريس والبندقية وجنوا، وبثلاثة أبعاد.

والنسخة الجديدة من سبايدر مان دايمنشن تظهر البطل العنكبوتي وهو يمد خيوطه بين مباني نيويورك في عام 2099، في مواجهة أعداء تقنيين (روبوتات) ووحوش فضائية تحاول الهيمنة على كوكب الأرض.

عدا ذلك هناك لعبة «رونز أوف ماجيك» ( من رون وورك إنترتينمنت)، بنسختها الجديدة في القاعة 9 حيث يلعب أكثر من 20 طفلا ومراهقا مرة واحدة عليها. فاللعبة المخصصة لجمهور «أونلاين» تتيح لـ36 لاعبا اللعب مرة واحدة، وتقول مصادر الشركة أن 3.5 مليون لاعب سجل اسمه لديها كلاعب ثابت.

ويمكن لمن يتعب من أزيز الرصاص والمغامرات أن يريح أعصابه بعض الشيء بلعب «ميكي إيبيك»، أو تجربة «جيتار هيرو» والغناء معه على أنغام البوب، أو اختيار مغامرات سوبر ماريو عبر الأدغال.

يبقى أن قطاع الألعاب الإلكترونية يحاول كسب فئات جديدة من الناس إلى شاشات الكومبيوتر وألعاب الفيديو. وهكذا طرحت ننتيندو لعبة خاصة اسمها ننتيندو دي إس تستخدم الأرقام والحزورات لتنشيط ذاكرة الناس الذين يعانون من النسيان، وهو توجه قد يجد الطب مجالا فيه لعلاج حالات الزهايمر أو النسيان النسبي بسبب تقدم السن. وتحدثت الشركة عن توجهات لنشر الألعاب الإلكترونية بين المكفوفين باستخدام تقنيات خاصة.

في معرض هذا العام كان لمشاهير نجوم السينما والرياضة مكانهم إلى جانب نجوم الألعاب الإلكترونية مثل سبايدر مان وسوبر ماريو. إذ حضر هاري بوتر( دانييل ريدكليف) شخصيا إلى المعرض، إلى جانب متسابق الفورميولا1 أدريان سونيل، مدرب المنتخب الألماني لكرة القدم يواخيم لوف، عارضة الأزياء العالمية جينا ليزا، بطل أوروبا السابق، ومدرب حماة الهدف السابق أندرياس كوبكة، إلى جانب بطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل الأوكراني فلاديمير كليتشكو ولاعب كرة القدم الدولي لوكاس بودولسكي.