مجلة وروايات وكتب رقمية.. على «آي باد»

تطورات منتظرة في عالم الكتابة والنشر

TT

في الوقت الذي ينظر الناشرون إلى جهاز «آي باد» من «أبل» كوسيلة لنقل تجربة الطباعة إلى مجال جديد غني من الوسائط المتعددة لم يستخدمه العالم من قبل، يهرع الآخرون إلى الوصول إلى قراء جدد عن طريق المنشورات الرقمية الأساسية.

وفي أحد المساعي الأخيرة الموجهة مباشرة إلى توظيف «آي باد»، أعلن ريتشارد برانسون رئيس إمبراطورية «فيرجن» خططا لإطلاق أول مجلة موجهة للقراء تنشر على جهاز «أبل» اللوحي من دون أن ترافقها نسخة مطبوعة. وتزعم «فيرجن» أن المجلة الجديدة التي ستدعى «مافاريك» Maverick ستتماشى مع أصناف «فيرجن» ومنتجاتها وخدماتها المختلفة، إلا أنها ستتضمن أيضا مقالات حقيقية، بدلا من الترويج لسلع ونشاطات الشركة الأخرى فقط. وذكر أن هولي ابنة برانسون هي التي ستتولى هذا الحقل الجديد، فإذا نجحت في إبرام عقود مع المعلنين، واستثمار إمكانيات الوسط الجديد، من دون تكبد تكلفة الطباعة، فستنطلق «مافاريك» في بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل كواحدة من التطبيقات الخاصة بـ«آي فون» فقط، من دون أي نسخة ورقية، أو خاصة بقارئ «كيندل» من «أمازون»، أو الإنترنت.

و«أمازون كيندل» الذي أطلق عام 2007 تنقصه قدرات الوسائط المتعددة المتوفرة في «آي باد»، المصمم خاصة بنظام لغة «HTML5» التي تؤمن عرض الفيديو، وصوره الملونة، وقدرته على تشغيل تطبيقات تفاعلية معقدة. وإحدى فوائد جهاز «أمازون» لدى تعامله مع النصوص هو أن شاشته لا تعمل كشاشة كومبيوتر وهاجة، بل كمنتج إلكتروني للكتاب الطبيعي. ومثل هذه الصيغ لا تحاول تصدير خبرة القراءة إلى جهاز إلكتروني، بل الاستغلال الكامل لقدرات الهواتف العصرية أيضا، ولا سيما اللوحية منها ذات الشاشات الكبيرة.

وتستمر «آي بود» من «أبل» في احتلال مركزها المتقدم في الوقت الذي تنتظر السوق في أي لحظة ظهور «غوغل أندرويد» والأجهزة اللوحية الأخرى.

مجلة إلكترونية

* ويعتقد ريتشارد برانسون أن مجلته «مافاريك» التي ستعرض على «آي باد» فقط، ستتميز على سائر المنشورات التقليدية الأخرى لدى انطلاقها في الخريف المقبل نظرا إلى غياب النسخة الورقية. فحسب منطق برانسون فإن ناشري المجلات المطبوعة لا يمكنهم فرض أسعار مخفضة على نسخهم الرقمية، لأنهم لا يرغبون أن تنافس النسخ الورقية ذات الأسعار الأعلى كما أوردت مجلة «وايرد» الإلكترونية.

ولكن ليس بالضرورة أن تظل الحالة ذاتها، فمجلة «وايرد» نفسها على سبيل المثال تستمد محتوياتها من كل الإصدارات المتوفرة مجانا على الشبكة، علاوة على بيعها على الورق في أكشاك الصحف، وعن طريق الاشتراكات، وعلى «آي باد» عن طريق مخزن «آي تيونز». وكانت المجلة قد ذكرت مؤخرا أنها ستختصر في بعض محتوياتها التي تنشرها على الشبكة كجزء من الاستراتيجية الرقمية التي تركز عليها «آي باد».

ويقول برانسون إنه يأمل في تخفيض سعر المطبوعات الأخرى، لأن توزيع المحتويات رقميا بأي شكل من الأشكال من شأنه إحراز توفير كبير مقارنة بالمطبوعات العادية. فإذا استطاع برانسون بيع مجلته إلى زبائنه، لا سيما أولئك الذين يستقلون طائراته، والكثير منهم يحملون معهم أجهزة «آي باد»، فإنه بذلك يكون قد أمن قناة عملية للمبيعات.

كتب رقمية مباشرة

* ومن البوادر الأخرى الممكنة التي تلوح في أفق هذه الصناعة ما يخطط له الكاتب الياباني المعروف رايو موركامي. وهو إطلاق كتابه المقبل «الحوت الذي يغني» عن طريق مخزن «آي بوك» التابع لـ«أبل» في «رزمة واحدة رقمية» يجري تطويرها مع شركة للبرمجيات التي ستشمل فيديو وموسيقى، إضافة إلى النصوص طبعا. ويبحث ناشر موركامي معه إمكانية نشر نسخة ورقية أيضا، لكن حتى الآن يبدو أن خططه تقتصر على النسخة الرقمية فقط التي من شأنها زرع الخوف في قلوب الناشرين. وهناك كتاب آخرون، بمن فيهم ستيفن كينغ، الذين اعتمدوا فقط الأسلوب الرقمي. لكن «آي باد» وسعت مجال هذه الإمكانيات مثل إمكانية التحول بين النص والنسخة الصوتية أو المسموعة لدى التنقل، أو حتى مشاهدة المؤلف يسرد النص بصوته إذا كان المزاج مؤاتيا.

وعلاوة على فتح مجال هذه الخيارات الرقمية، تقوم «آي باد» بجعل نشر المجلات في متناول الكثيرين.، فخدمات «ماغ كلاود» من «إتش بي» مثلا التي أطلقت أصلا عام 2008 كخدمة للطباعة الورقية عند الطلب، وسعت خدماتها هذه مؤخرا لتقديم نشر مباشر على «آي باد» الذي يتيح لأي شخص ذي طموحات لإصدار مجلة أن يبيع نسخا منها إلى مستخدمي «آي باد» الذين ركبوا فيها تطبيق «إتش بي» المجاني. وعلى غرار «إتش بي» قامت «أدوبي» من جهتها التي ساعدت «وايرد» في إنتاج تطبيقها الشعبي في «آي باد»، بالإعلان عن خطط لإتاحة المجال أمام استخدام الأداة ذاتها لإصدار المنشورات على «آي باد».

من جهتها تبدو استراتيجية «أمازون» لتسليم كتب نصية من قبل «كيندل» فعالة، وقد شرعت مؤخرا ببيع المزيد من كتبها الإلكترونية على حساب الورقية. لكن أكثر الأفكار إثارة هو الجيل المقبل من النشر الذي سيخالف الجيل المقبل من التوزيع الذي خرجت به «أمازون»، والذي سينفذ عبر «آي باد»، وربما من قبل أجهزة «أندرويد اللوحية» من «غوغل» متى تظهر للوجود. وقد يعني تقليص دعم «فلاش» لـ«آي باد» في تلك المرحلة عاملا يحد من نشاطاتها، ما لم تستطع الأخيرة الاحتفاظ بسوق نشطة وصحية متغلبة على أجهزة «أندرويد» اللوحية، وبالتالي جعل الناشرين يميلون إلى صيغتها هي. وحتى من دون دعم «فلاش» يبدو أن «آي باد» قد فتحت إمكانيات جديدة أمام الناشرين التي تمتد إلى ما وراء ما يمكن أن تقدمه «كيندل» حاليا.

وهكذا فإن مجلة «مافاريك» من «فيرجن»، والكتب المتعددة الوسائط مثل كتب موركامي، وخدمات «ماغ كلاود» من «إتش بي»، و«ديجتال ببلشينغ سوليوشن» من «أدوبي» ما هي إلا البداية على صعيد الأجهزة اللوحية وتأثيرها على عالم الكتابة والتأليف.